الإعلان الأول لحقوق الإنسان



بقلم الدكتور: نظمي خليل أبو العطا

احترنا مع الالتقاطيين ومع المستغربين واختار الالتقاطيون والمستغربون معنا، الالتقاطيون من المسلمين يرفضوا مبدأ حقوق الإنسان جملة وتفصيلاً مصطلحاً ومقصداً وبنوداً مستندين على فهم كبرائهم في هذا الشأن فهم يرددون ما يسمعون دون وعي أو فهم فتشابهوا مع من )اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ( وهؤلاء النفر انكشفت كثير من أخطائهم في الآونة الأخيرة، هؤلاء عجزت أفهامهم عن كل فهم وقراءة عصرية للنصوص، كتب أحدهم يرفض حتى كلمة حقوق الإنسان، المتضمنة لحق الحياة وحق الحرية وحق العدل والعمل والأمن، واحتار المستغربون معنا فكل يوم يأتوننا ببضاعة جيدة من الغرب فنقول لهم هذه بضاعتنا ردت إلينا وقد نكَّرتهَا ولوثتها الحضارة المادية الغربية وصبغتها بصبغتها العلمانية الفاسدة المضادة للفطرة السوية.

ـ ومن المنتجات المهمة التي أحضروها إلينا حقوق الإنسان، وعرضوها علينا ليبهروننا بها ففوجئوا بنا نخرج لهم أصل هذه البضاعة المبثوث والمحفوظ في الحياة العلمية للحضارة الإسلامية.

ـ عرضوا علينا الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان بعدما وضعوه في مقدمة الدستور الفرنسي الصادر عام (1791م) والمتضمن حق الإنسان في الحرية والملكية والأمن ومنع الضرر وغير ذلك من الحقوق الحقيقية الواردة في الإعلان الفرنسي ففوجئوا بنا نقول لهم سبقكم الإسلام إلى ذلك وأوردنا لهم النصوص الدالة على ذلك.

ـ عرضوا علينا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام (1948م) والمتضمن حق العدل والحرية والحق في الحياة وحفظ الكرامة، وحق التملك، والحق في العمل والراحة والتعليم وغير ذلك من الحقوق الحقيقية ففوجئوا بنا نقول لهم سبقكم الإسلام إلى ذلك وأبرزنا لهم النصوص الإسلامية الدالة على ذلك.

ـ أدخلنا الإعلانين السابقين إلى جهاز كشف وبيان الحكمة والأصالة الإسلامي، فتعرَّف معظم الحقوق وأثبت أصالتها الإسلامية وكشف بعض بنور الهوى وأثبت خطورتها، ودق ناقوس الخطر منبهاً على ذلك، وهذا ما بينا بعضه في مقالنا السابق عن الضوابط الأساسية التي يجب أن تلتزم بها جمعيات حقوق الإنسان في ديارنا الإسلامية.

أول إعلان لحقوق الإنسان في الإسلام:

في السطور التالية نبين: أن أول إعلان لحق الإنسان في الحياة والحرية والعدل والكرامة في الإسلام هو قول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( كل إنسان تلده أمه على الفطرة ) رواه البخاري ـ وانظر إلى كلمتي إنسان وفطره، والفطرة تشمل: الحرية، والحق في الحياة الكريمة والعدل وغير ذلك من المعاني التي يدل عليها الإسلام والحديث الشريف، ومن هنا قال الفاروق عمر قولته المشهورة:
( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ).

وقال صلى الله عليه وسلم:
( ثلاثة أنا خصيمهم يوم القيامة ـ وذكر منهم ـ: ورجل باع حراً فأكل ثمنه )
رواه البخاري.

خطة الإسلام لتحرير العبيد وتجفيف منابع العبودية:

جاء الإسلام والعبيد في كل بيت ولو أصدر الإسلام قراراً واحداً بتحرير العبيد لخرج الآلاف منهم إلى الشوارع بلا مأوى أو مال أو حماية أو عمل، ومن هنا وضع الإسلام خطة طويلة الأجل لتحرير العبيد وبشر بالقضاء على العبودية بقوله تعالى:
(وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فديةٌ مسلّمة إلى أهله وتحرير رقبةٍ مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليماً حكيماً )[النساء: 92].

ـ قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ في فتح القدير: ( في قوله تعالى: ) وتحرير رقبة مؤمنة (: أي: فعليه تحرير رقبة أي: عبد مؤمن أو أمة مؤمنة ) فمن لم يجد ( أي: الرقبة أو العبد، وهنا أخبرنا العليم الخبير بأنه سيأتي يوم لا يجد المسلم فيه الرقبة ووضع البديل وهو الصيام شهرين متتابعين.

ـ ومن خطة الإسلام لتحرير العبيد جعله عتق العبد من الفدية، ومن كفارات اليمين، وفي حالة الظهار وغير ذلك من الآيات الواردة في ذلك.

ـ جعل الإسلام لتحرير العبيد نصيباً من الزكاة الواجبة تدفع من بيت مال المسلمين لتحريرهم. قال تعالى:
( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب )
[التوبة: 60]. والرقاب هو تحريرها أي: تحرير العبيد بعتقهم.

ـ كما أوجد الإسلام نظام التدبير وهو أن يَعِدَ السيدُ العبدَ أنه حر بعد موته أي: بعد موت سيده وهذا الوعد ملزم.

ـ كما حرر الإسلام الأمة إذا تزوجها سيدها وولدت له مولوداً وأباح الإسلام للمسلمين الزواج من أمته فجعل ذلك باباً من أبواب تحرير العبيد.

ـ كما أورد الإمام مسلم في صحيحه، عن أبي مسعود البدري قال:
كنت أضرب غلاماً ( أي: عبداً ) لي بالسوط، فسمعت صوتاً من خلفي: اعلم أبا مسعود، فلم أفهم الصوت من الغضب فلما دنا مني، إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول: اعلم أبا مسعود: اعلم أبا مسعود قال: فألقيت السوط من يدي فقال: اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام، فقلت: يا رسول الله! لا أضرب مملوكاً بعده، وقلت: هو حر لوجه الله تعالى فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ أما لو لم تفعل للفحتك النار ـ أو لمستك النار.

ـ الكليات الخمس في الإسلام:

كما حفظت الكليات الخمس في الإسلام مصالح الإنسان، وهي المصالح الضرورية التي تقوم عليها حياة الإنسان الدينية والدنيوية ويتوقف عليها وجوده الإنساني في الدنيا وإذا فقدت هذه الكليات اختل نظام الحياة الإنسانية، وفسدت دنيا الناس وهي حفظت الدين، حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ النسل، وحفظ المال وتسمّى أيضاً بمقاصد الشريعة.

قال الإمام الغزالي ـ رحمه الله ـ في المستصفى: ومقصود الشرع من الخلق خمسة، وهو أن يحفظ عليهم دينهم، ونفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يقوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة.

الإنسان مكرم في شرع الله:

قال تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلاً )[الإسراء: 70 ـ 71].

وجعل الله قتل إنسان واحد بغير حق قتل للبشرية. قال تعالى:
(أنه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً )[المائدة: 91].

ـ حقوق الإنسان بضاعة إسلامية:

من السابق ومن آلاف الأدلة الشرعية نرى أن حقوق الإنسان واجب إسلامي وهي بضاعة إسلامية، وأن حقوق الإنسان لم توضع قط موضع التنفيذ العادل في تاريخ الإنسان إلاّ من حين حكم الإسلام في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام واستمرت منفذة طيلة الحكم القوي العادل في الإسلام، ولا أدل على ذلك من ول الرجل لعمر: حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر
.




( فقد أفتى من قال لا أعلم ) وبهذا نحن فى أشد الحاجة لتجديد فكرنا الدينى والثبات على كتاب الله وسنة نبيه الكريم
فمن حين لآخر يصحو الفكر الإسلامي من إغفاءته ليتحدث البعض عن تجديد الفكر الديني‏ ,‏ بينما يبدي البعض اشمئزازه من هذه البدعة‏.‏ وينسى الطرفان أن التجديد في الفكر الديني واجب شرعي‏,‏ ونحن مأمورون به‏,‏ وملزمون بأدائه‏.‏ ينسى الطرفان حديثا شريفا رواه أبو هريرة يقول‏:‏ إن الله يبعث علي رأس كل مائة سنة لهذه الأمة من يجدد لها أمر دينها‏.‏ ولقد توقف الإمام جلال الدين السيوطي أمام هذا الحديث مؤكدا فضله على الإنسان إذ يدعوه إلى تجديد فكره ورؤيته وأسلوب تفكيره‏,‏ وأصدر حول هذا الحديث وحده كتابا هو التنبئة بمن يبعثه الله على رأس كل مائة ويقول في شرحه المستفيض لهذا الحديث‏:‏ إنه على رأس كل مائة سنة يبعث الله داعية يقوم بالتجديد‏...‏ ويقول‏:‏ إن المائة سنة ليست شرطا فلقد يأتي من يجدد بشكل متلاحق‏,‏ وقد يأتي أكثر من مجدد في زمان واحد‏.‏
ويتوالي المجددون يأتون مع مطلع الفجر برغم دعاة الظلام والظلامية‏,‏ يعملون العقل ويرفضون النقل‏,‏ ويستدعون الجديد في الفكر والعلم ويتطلعون إلى المستقبل فيصدهم عن طريقهم دعاة التقليد والتمسك بالقديم‏.‏ ويدور صراع دائم‏..‏ لكنني أخشى أن أقرر أن زماننا غير المضيء يري تسحب الكثيرين من مجال التجديد خشية الاتهام بالابتداع‏,‏ وينسى الجميع‏..‏ الحديث الشريف‏.‏ وتعاني عملية التجديد في الفكر الديني من أن البعض لم يزل يطل برأسه ليغمسه ويغمس معه رأيه ورؤيته في بئر أفكار قديمة وردت في كتب تراثية هي بمثابة الشوك في ساحة العقل‏..‏ ويتوقف د‏.‏ محمد حسين هيكل أمام هذه الأفكار البالية التي لم تزل تفرض ظلها البغيض على العقل الإسلامي أو على مساحة كبيرة منه ويقول‏:‏ إن البعض قد أضاف إلى دين الله شيئا كثيرا لا يرضاه الله ورسوله‏,‏ واعتبره من صلب الدين واتهم من ينكره بالزندقة‏,‏ فقد أضافت أكثر كتب السيرة ما لا يصدقه العقل ولا حاجة إليه في ثبوت الرسالة‏,‏ ولأن هذه الأقاويل قد اعتبرها البعض من صلب الدين فقد رمي من أنكرها بالإلحاد‏,‏ بل إن العديد من العلماء المسلمين وفي مقدمتهم الشيخ محمد عبده قد اتهموه بالإلحاد والكفر ‏(‏حياة محمد ص‏29).‏
بعض الدارسين في المعاهد الدينية يقول‏:‏ أي شقاء فكري وروحي نجده عندما نرى في بعض الكتب التي يتدارسونها أن نوحا عليه السلام بنى سفينته من عظام حيوان يبلغ طوله مسافة ما بين السماء والأرض‏,‏ ويبلغ عرضه مسيرة عام كامل‏,‏ ويتساءل‏:‏ أي عقل عاقل يتقبل ذلك؟ ثم يمضي قائلا‏:‏ إن كتابا آخر يتدارسونه يقول عن الشيخ إن نعليه يطيران ويضربان رأس الفاسق حتى يموت‏.‏ وإن تابع الشيخ ـ وليس الشيخ نفسه ـ يمشي على الهواء والشمس تسلم عليه‏,‏ وإن الشيخ وهو في المهد رضيع كان يمنع نفسه عن ثدي أمه في رمضان من الفجر إلى الغروب لأنه صائم‏,‏ وإن أهل بغداد رأوه رأي العين يقف على ماء نهر دجلة والأسماك تأتي فوجا بعد فوج تسلم عليه وتقبل يديه ورجليه ‏(الهلال عدد‏11‏ ـ‏1967‏ ـ مقال‏:‏ محنة الفكر التقدمي‏).‏
وما من حل سوى إعمال عقل عاقل ومتعقل ينقي تراثنا القديم‏,‏ ويستبعد منه الشوك المنافي للعقل‏,‏ ذلك أن مجرد استقرار مفاهيم كهذه لدى إنسان تجعل منه آلة تتلقى ما هو مكتوب وتردده ثم تتمسك به‏,‏ وربما تقاتل من أجله دون أية محاولة لوزن الكلمات بميزان العقل‏.‏ ومع اختفاء قدرات العقل تسود الأفكار السوداء‏,‏ وينعق يوم التطرف‏,‏ وتظهر على الفضائيات أحاديث وفتاوى تفرض البكاء على كل من تهمه مصلحة الدين ويهتم بالوطن وتقدمه والناس وتحقيق آمالهم وطموحاتهم‏.‏ ولكن‏,‏ برغم تمسك البعض بالنظر المتخلف‏,‏ لا يزال فجر العقل يطل من حين لآخر بمفكرين قادرين على إنصاف العقل في مواجهة النقل الأعمى وعلى التطلع لفهم واع يسير بالفكر الديني في طريق التقدم والحرية والعلم وحرية الإبداع العقلي‏.‏
والأسماء كثيرة‏.‏ رفاعة الطهطاوي ـ الأفغاني ـ محمد عبده‏,‏ ومن تلاهم من مفكرين مبدعين عقلانيين ومستنيرين‏.‏ وقد أكد الإمام محمد عبده أنه دون استخدام العقل سوف يتعذر على المسلمين إحراز أي تقدم أو تطور‏,‏ ووفق هذا الفهم مضى الأستاذ الإمام وكان مفتيا للديار المصرية في إصدار فتاوى فتحت أمام مصر أبواب اللحاق بروح العصر مثل التعامل مع المصارف وشركات التأمين وتأسيس الشركات المساهمة ومسائل أخرى قد تبدو بسيطة لكنها تلح على المسلم في أبواب حياته مثل‏:‏ هل التصوير الفوتوغرافي حلال أم حرام؟‏..‏ وهل استخدام مستحدثات العصر والعلم حلال أم حرام؟‏..‏ وهل ثمة زي محدد يتعين على المسلم ارتداؤه؟‏.‏ ومضى الأستاذ الإمام بعقل مستنير وصدر رحب في التعامل مع مقتضيات العصر فاتحا بفتاواه أبواب التقدم أمام وطن بأكمله‏..‏
ولم يسلم الأستاذ الإمام من هجوم المعارضين وافتراءات دعاة التخلف‏,‏ لكنه لم يتراجع‏,‏ مانحا من أتوا بعده من مفكرين مستنيرين القدوة والمثل‏.‏
ويفتح الشيخ أمين الخولي أبواب العقل بأفكار جديدة تتلاءم مع روح العصر‏,‏ موضحا ما يقصده بتجديد الفكر الديني إذا كان المجدد متطورا مع الحياة‏,‏ فمعنى ذلك أنه يتفهم تغيرها في سيرها إلى غدها‏,‏ ويعمل على جعل الدين مسايرا لها في السير‏,‏ موائما لحاجتها فيه‏,‏ فالتجديد تطور إلي الأمام وليس إعادة قديم كان‏,‏ وهو بالتحديد الاهتداء إلى جديد لم يكن بعد‏.‏ ويقول إن العلم هو معيار التقدم وإذا كان العلم يجد في الميادين الطبيعية تطورا فإن الإسلام يدعه يمضي في ذلك إلى أقصى ما يصل إليه من مقررات مادية وعملية وفلسفية‏.‏ وراحة الإسلام هي في ألا يتورط في التفاصيل ويدع العلم يخبو في طريقه معلنا مقدما أنه مستعد لتقبل كل ما يجيء به العلم‏ (‏الشيخ أمين الخولي ـ المجددون في الإسلام ـ ص‏10).‏
وعلى الدرب نفسه يقول د‏.‏ محمد الدسوقي إن التجديد لا يتحقق بالخيال والأماني‏,‏ وإنما يقوم على الجهد والعلم‏,‏ ومن يستقرئ تاريخ الاجتهاد في حياة الأمة يلاحظ أن هناك علاقة عضوية بين ازدهار الاجتهاد الفقهي وتقدم الأمة وقوتها‏..‏ وما دام الاجتهاد مناط التجديد‏,‏ والتجديد مناط القوة للأمة فإن التجديد يصبح فريضة‏ (‏د‏.‏ محمد الدسوقي ـ التجديد في الفقه الإسلامي ـ ص‏50).‏
ويفتح د‏.‏ محمود حمدي زقزوق أبوابا للتفكير العقلي مستدعيا فقها جديدا متجددا يبحث في أمور مثل نقل الأعضاء والاستنساخ وأطفال الأنابيب والكثير من المعاملات المالية الحديثة خاصة بعد استخدام الإنترنت على نطاق واسع ومدى شرعية وحجية استعمال هذه الوسيلة الحديثة في وقوع الزواج والطلاق والوصية وغير ذلك من معاملات‏ (‏د‏.‏ محمود حمدي زقزوق ـ مقاصد الشريعة الإسلامية وضرورات التجديد ـ ص‏29).‏
‏..‏ ويأتي مجددون وسيأتي آخرون فموج الفكر المستنير لا ينتهي لكنني أكاد أقرر أن موج الجمود والتمسك بالقديم ورفض أي إعمال للعقل والعلم لم يزل عاتيا‏,‏ ولم يزل قادرا على مواجهة أي دعوة تجديدية ربما لأن المؤسسة الدينية لم تزل على ترددها إزاء خوض معركة التجديد‏..‏ أعيد العبارة لأؤكدها خوض معركة التجديد‏,‏ فالتجديد لن يكون ولن يأتي بمجرد الهمس بأفكار مترددة وغير حاسمة‏.‏ فنظل كما نحن محلك سر يقول البعض منا ولا يفعل‏,‏ ونترك الفعل والصوت العالي لدعاة التخلف‏.‏
هل تريدون مثالا بسيطا وساذجا؟‏..‏ مسألة توحيد الأذان وكيف طرحت وكيف هوجمت ثم ترددت وخفت صوت الدعوة إليها رغم أنها مسألة إجرائية وإنسانية‏..‏ ولعلي بهذه المناسبة أسأل أصحاب الفضيلة المسئولين عن الإفتاء‏..‏ ما قولكم في مربع سكني صغير تنطلق فيه ميكروفونات خمس بالأذان؟ ولأن التوقيت قد يختلف فإن البعض يبدأ وبعدها يلحق به البعض فتتداخل الكلمات أو بالدقة الصيحات التي تعوزها ملاءمة الصوت‏..‏ تتداخل الكلمات فلا يفهم المتلقي منها شيئا ولا يتابع منها سوى ضجيج ينافس بعضه بعضا‏..‏ أسأل هل هذا أذان صحيح؟ وهل هو مقبول؟
‏..‏ وكان هذا مجرد مثال يؤكد لنا أن التجديد لا يكون ولن يكون بغير توحد كل القوى التجديدية المستنيرة‏..‏ توحدها على طريق العقل والعلم والتقدم‏..‏ وعبر معركة جادة في مواجهة قوى التخلف والجمود‏..‏
فالأمر ليس مجرد رفاهية‏,‏ أو تمتع باستقراء فكر جديد‏,‏ وإنما هو فريضة شرعية وهو فوق هذا واجب وطني يستهدف فتح أبواب التقدم والازدهار والأخذ بأسباب العلم أمام الوطن‏..‏ ويستهدف النهوض بالشعب ومنحه حياة أفضل وحرية أرحب وقدرة على إعمال العقل والفكر المتحررين‏..‏
وبهذا يلتقي الواجب الديني مع الواجب الوطني والديمقراطي في مسيرة انتظرناها ولم نزل‏..‏ وآمل ألا يطول انتظارنا‏..‏

لكم التحية
وسنواصل بعون الله
وأرجوك أختى الكريمة توجيه الدعوة للجميع داخل الجمعية لمشاركتنا
والتعرف على آرائهم ومقترحاتهم ومشاركتنا فاعليات الحوار والنقاش
أما يستحق ديننا الحنيف ؟؟؟؟؟
أما يستحق إنسان هذه البقعة من الأرض دعم المخلصين؟؟


الحوار منقول عن واتا