إلى مصر على المكشوف دون كشوف
د. فايز أبو شمالة
نشرت صحيفة فلسطين حديثاً لمسئول فضل عدم الكشف عن اسمه، يقول: "إن ضباطاً مصريين على الجانب المصري من المعبر يتعمدون إعاقة عمل المعبر في الأيام الأخيرة بهدف ابتزاز المسافرين "مالياً"، وإجبار عدد منهم على دفع رشاوى لتسهيل مرورهم من المعبر". إلى هنا وينتهي الخبر الذي يحمّل بعض الضباط المصريين مسئولية أزمة معبر رفح!. والصحيح أن معبر رفح يحتاج إلى تفاهمات مصرية فلسطينية على المستوى السياسي، تهدف إلى إيجاد حل جذري لآلية السفر المعمول فيها حالياً، بحيث يخرج الفلسطيني من بيته إلى المعبر مباشرة، ودون الحاجة إلى التسجيل في كشوف وزارة الداخلية، ودون الاضطرار للانتظار مبكراً" في الصالات، ومن ثم الصعود الإجباري في الحافلات.إن العلاقة بين مصر وفلسطين هي علاقة استثنائية جداً، وارتباط الفلسطينيين في غزة مع مصر لا يقل عن ارتباط الجنين بأمه، ومعبر رفح هو الحبل السري الذي يجب أن يظل متصلاً، لذلك من الخطأ أن تصمت الحكومة الفلسطينية على طريقة السفر الحالية، ولا يجوز تحميل المسئولية لضابط مصري، يتعمد إعاقة المسافرين لهدف في نفسه، ولا يجوز تحميل المسئولية لضابط فلسطيني يتهمه البعض بتسجيل أسماء المسافرين وفق هواه. قد تقول وزارة الداخلية: إننا ننظم عملية السفر إلى مصر من خلال تسجيل أسماء المسافرين بالكشوف، وإننا نتوخى الدقة والعدل، وبهذه الطريقة نقضي على الفوضى، ونبعد عن معبر رفح الازدحام المضر بالعمل، ونقضي على التمييز بين المسافرين، ولا نسمح بهذه الطريقة للرشوة بأن تأخذ مكانها، وقد تكون هنالك أسباب أخرى، إلا أن كل ما سبق لا يمنع وزارة الداخلية من إعطاء المواطن الفلسطيني فسحة من الزمن كي يعبر عما يضايقه مباشرة أمام معبر رفح، اتركوا المواطنين الغاضبين من تأخير سفرهم ليتجمهروا على الجانب الفلسطيني من المعبر، كي يدرك الضباط المصريون كثرة عدد المسافرين، وكي تنقل تقاريرهم للمسئولين في القاهرة حجم معاناة الفلسطينيين، واتركوا عدسة وسائل الإعلام ترقب معاناة ألاف المسافرين يومياً، وتسجل وجع ذوي الحاجات وهم ينتظرون على معبر رفح.مصر يا وزارة الداخلية أقرب إلينا من أنفسنا، ومصر التي ثارت في ميدان التحرير، وأعطت صوتها الانتخابي لبرلمان وطني مسلم، لم تعد حسني مبارك، مصر لن تقبل أن ترى الفلسطينيين يتزاحمون بالألوف على معبر رفح، ستفتش مصر عن الحل لأزمة المعبر، ولن يرضى أي مسئول مصري أن يكون في موضع نقد، أو مسائلة في زمن الثورة، ولا ترتضي أي حكومة مصرية لنفسها أن تقع تحت ضغط الرأي العام المصري، الذي يتعاطف بقضه وقضيضه مع القضية الفلسطينية، وقدم من أجلها روحه، وسيقدمها لاحقاً إن استوجب الأمر.يا وزارة الداخلية، لا تتركوا بركة مياه المسافرين إلى مصر راكدة في الصالات، وفي كشوف المسافرين، اتركوها تفيض، اتركوها تضغط حتى يصل هديرها إلى القاهرة، وما عدا ذلك، فإن نقد المواطنين لا ينصب على الضابط المصري فقط، ولا يتجه إلى مسئولي وزارة الداخلية، وإنما يتحول النقد إلى غضب على الحكومة، وعلى حركة حماس نفسها، ويحملها المسافر مسئولية إعاقة سفره، ويحملها المضطر مسئولية إرجاعه.