منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    محاضر في جامعة الشلف الجزائر
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    419

    Post ملكة الحوار بين الجمود والاستثمار/ الدكتور جيلالي بوبكر

    ملكةالحوار بين الجمود والاستثمار/ الدكتور جيلالي بوبكر
    الجمعة, 14 أكتوبر 2011 19:21 | | |
    يكفي الإنسان شرف تكريمه وتفضيله على كثير من الخلق الإلهي، بما أوتي من قوّة بعد ضعف، وقدرته على مغالبة الشدائد وتحقيق الانتصارات، مستلهما قوّته وانتصاراته من مصدر التكريم والتفضيل، الله خلقه ورزقه من الطيّبات وأودع فيه ما لم يُدعه في العديد من مخلوقاته، فبثّ فيه من الملكات ما يتيح له التفوق وبلوغ الرفعة والسؤدد في عالم مليء بالمصاعب والأخطار، مثلما هو مشحون بالحركة ومفعم بالتجدّد والفرص فيه لا تعرف النضوب، فالإنسان بكيانه المتفرد في التكوين والمتميز في البنية وهو منعدل الله وحكمته دخل معترك الحياة في عالم قمّة في الغموض والتعقيد، عالم الطبيعةوالإنسان وسائر الظواهر الكونية، عالم الغيب والشهادة، العالم الأصغر وهو الإنسانوالعالم الأكبر وهو الكون، عالم الحياة في الدنيا وعالم الآخرة.
    دخل الإنسان عالم الحياة بروح واعية قويّة واثقة من نفسهابملكات العقل وقوى النفس وبروح الجماعة المفطور عليها الروح الفردية، فهو يفكرويدرك ويحكم ويستدل ويحلل ويركب وينقد ويستنتج، وهو يحفظ ويثبّت ما يحتاج إليهويتذكره عند الحاجة وعند غيرها ويوصل ماضيه بحاضره وبمستقبله، وهو يتصور ويتخيلويبدع فأضاف عالم الحضارة إلى عالم الطبيعة من الطبيعة ذاتها المتأصّلة في كيانهالإنساني والمتجذّرة في العالم الذي يعيش فيه، الطبيعة كما شاءت لها أن تكون صبغةُالله وسنّتُه ولن تجد لسنّة الله تبديلا ولن تجد لصبغة الله تحويلا، والإنسان ينفعلفيفرح ويغضب ويأمل وييأس ويحب ويبغض ويقلق ويهدأ ويشجع ويجبن ويتعاطى مع أحوالومشاعر شتّى مما يميل ويفضل أو مما ينفر ويدبر، ويتداخل في الكيان الإنساني المركبالعقلي مع النفسي الروحي مع البيولوجي مع غيره فيزيده تعقيدا ويصعب تكشّفُه، ويزدادالحال غموضا تعقيدا والإنسان يتفاعل مع العالم الذي يعيش فيه تأثيرا وتأثرا سلباوإيجابا.
    مع قوة العقل وقوة النفس وقوةالبدن وقوة التأثير والتأثر في العالم الخارجي يتمتع الإنسان بملكات عظيمة تؤهلهلامتلاك سائر مقومات وقيم الروح الجماعية التي وراء تكوين الجماعة البشرية بمختلفأشكالها، فمنظومة قيّم الجماعة وشبكة العلاقات الاجتماعية وأصول الاجتماع البشريومنطلقاته ومساراته ومبتغياته ومنتهياته كل ذلك بذور تكوينه وعناصر بنيته حالّة فيالإنسان الفرد، تنبع من الفطرة الإنسانية العاقلة والشاعرة الميّالة صوب الجماعةتأثيرا وتأثرا واندماجا وتكيّفا، تحقيقا للمشيئة الإلهية ويحددها التواصل في إطارالاختلاف والتباين، لا على سبيل الإقصاء والتدابر والتناحر بل على خطى التعارفوالتعاون والتكامل.
    وسبيل التواصل في إطارالاختلاف لا يضمن إيجابيته في حدود الأنانية والأثرة المفرطة وإلغاء الغير وصراعالمصالح الضيّقة في حدود الغرائز والشهوات والتكالب على الدنيا والتناحر والاقتتالفي سبيل ذلك، بل التعارف الإيجابي يتحقق في حدود الفطرة السليمة الخيّرةوالمشروعية عقلا وشعورا وأخلاقا واجتماعا، بواسطة الرغبة في العيش المشترك واحترامالآخر وقبوله والتعاون معه نحو النظام والتعايش في أمن وسلام تحقيقا للقوامةوتجسيدا للخلافة على أرض الله، والسبيل إلى النظام والإبداع والحضارة في سياقالتواصل والتعايش والتعارف الإيجابي وهي مقومات القوامة والخلافة الحوار، الحوارباعتباره المسلك الذي ارتضته الفطرة الطيّبة في الإنسان والطبيعة والكون ككل لكونهاعوالم ارتبطت بقّوة السببية دافعا وغاية ولها من الفعّالية ما لا يُحصى ولا ينضب،ولم تكن ذات منحى عشوائي عبثي هزيل، والحوار ارتضاه الله لعباده منهجا لعمارة الأرضوإحكام السيطرة على صلتهم وفق الفطرة السليمة البينية وغيرها، والتفوق في ذلك عنجدارة واستحقاق استثمارا لكل القوى الموجودة واستغلالا لكل الفرص المتاحة، في مقابلالإخفاق الذي كثيرا ما ينتهي إليه الإنسان اجتهادا أو إهمالا على الصعيدين الفرديوالاجتماعي أو على صعيد العالم الخارجي أو فيما يخص عالم ما بعدالموت.
    يشكل الحوار قبل كونه ملكة فيالإنسان ومنهجا في حياته اقتضاء كونيا اقتضته ظاهرة التعدد والاختلاف في مقابلالوحدة والثبات ، وتأرجح حركة الإنسان الدءوبة بين الاثنين، للخروج من الصراع الضيقوالتناقض والجدل السلبي إلى رحابة التواصل الإيجابي والنظام والتكامل، فتجتمعالوحدة مع الكثرة ويندمج التغيّر مع الثبات في وفاق ووئام زمن غير اختلال، وبُثّالحوار في جميع عناصر الكون وبين كل ما تتطلبه الحياة من شروط وضرورات، فالطبيعةوأجزائها وسائر الظواهر الكونية يديرها نظام قمّة في التناسق وغاية في الانسجاموالتناغم ومن غير تفاوت ولا اختلال، فكل ما في الكون له مصدر ومسار وموصل، لم يأتجزافا وعبثا بل في أتمّ الدقة والحساب، ومخلوقات الله في أكوانه يحاور بعضها بعضافي دأب وديدان لا تكل ولا تمل، هذا الحوار الكوني من نوع خاص ليس كالحوار بين بنيالبشر، وهما من مصدر واحد ومسار واحد وغاية واحدة، فالحوار في الأكوان بين سنن هذهالأكوان على اختلاف أنواعها ومراتبها، تتمثلّه سنن الخلق في التكوين والبنيةوالحركة والدور.
    يجري الحوار في صور شتىلا حد لها من الاتساق والانسجام والنظام بعيدا تماما عن الاختلال والتفاوت، ولولاالاتساق المبثوث بين عناصر الكون ووحداته وهو من صور الحوار لفسد الكون وفسدتالحياة، ومن حكمة الله وعدله أنّه خلق الخلق وبث فيه الحياة التي تتخذ من سنّةالحوار منهجا تتعدد وتتنوع صورها بتعدد وتنوع صور الحياة بين حاضرة وغيبية وجامدةوحيّة وبين فردية واجتماعية وبين دنيوية وأخروية وغيرها ما نعلمه وما لا نعلمه،والحوار آية من آيات الله في مخلوقاته يعبّر عن حالة الإبداع والجمال والروعة التيوّجدت عليها سنن الكون وظواهره ما ظهر منها للعيان وما خفي، وعرفها نظامه البديعالجميل الرائع المركب من هذه السنن ويدل على الدرجة العظمى التي بلغتها جميعمخلوقات الله في الدقة والترتيب والإحكام والنظام والجمال والروعة من حيث التكوينوالبينة والحركة، يقف أمامها الإنسان صاحب الجبلة السويّة عقلا وشعورا ووجدانامستلهما إيمانه القويّ الراسخ بقوّة وعظمة وحكمة بديع الكون وواجد النظام والتواصلوالحوار، ولا ينكر ذلك إلا الجاحد.
    أماالحوار لدى الإنسان فهو ناطق وواعي، فلا تقوم للإنسان قائمة في الحياة على المستوىالفردي أو الاجتماعي وعلى صعيد ارتباطه بالعالم الذي يعيش فيه وسائر ظواهر الكونومن جهة اتصاله ببديع الكون جلّ جلاله إلاّ بالحوار أداة لتبادل التأثير والتأثربين وحدات الوجود وهي الله جلّ جلاله والكون والإنسان مع بعضها بعضا وبين عناصروأجزاء كل وحدة من هذه الوحدات وما أكثر هذه الأجزاء وأنظمها وأعدلها، فمن جهة حياةالإنسان الفردية المتميزة بالذاتية والخصوصية وبالتعقيد والغموض في محتوياتها لدىصاحبها ذاته ولدى الناس عن بعضهم البعض.
    تجري الحياة الفردية الذاتية في سكونها وحركتها في كلالحالات وفق الحوار الذاتي الداخلي، فكل الصور والعمليات التي تعرفها الحياةالعقلية الذاتية وأصلها التفكير والتأمل من إدراك وإحساس وتذكر وتصور وتخيل ومايرافق ذلك من تحليل وتركيب ونقد وتقييم واستنتاج، وكل الحالات التي تشهدها النفسالإنسانية ومصدرها الانفعال من لذات وألام وميول ورغبات وعواطف وأهواء وسائرالمشاعر والأحاسيس الشعورية واللاشعورية السوية والمرضية الظاهرة والباطنية السلبيةوالإيجابية من حب وكراهية وفرح وحزن وتسامح وتعصب وجبن وشجاعة وغيرها كثير، كل هذاعلى المستوى العقلي والنفسي يتحرك أول ما يتحرك في شكل حوارات وصورة منولوغاتداخلية ذاتية وخاصة لا يعيشها سوى صاحبها، على الرغم من كونها تترك آثارا بيّنة علىسلوك صاحبها الظاهر وعلى المحيط الذي يعيش فيه.
    لا يمكن بأي حال من الأحوال للإنسان أن يعيش من غير الحوارفي ذاته ومعها، فهو يمارس الحوار في كل الحالات حتى في حالات النوم عن طريق الأحلاموفي حالات أخرى كاللاشعور والحالات المرضية وغيرها، فالحوار الإنساني الذاتيالداخلي ميزة وخاصية إنسانية، تدل على قوّة الإنسان وتفرّده في الوجود، وتشكل لديهمدخلا لوعي وجوده الخاص الفردي الذاتي ولا يقاسمه في معرفته غيره من بني جنسه،وتمثل وسيلة للتواصل مع وحدات الوجود الأخرى معرفة وتأثرا وتأثيرا ولبناء صلاتهبها، ولتحريك التاريخ وبناء الحضارة من خلال تحقق القوامة والخلافة علىالأرض.
    من الحوار الذاتي ينقل الإنسانالحوار إلى العالم الخارجي الإنساني الاجتماعي وغيره، فالحوار الإنساني الاجتماعيضرورة إنسانية اجتماعية يقتضيها الاجتماع البشري في جميع صوره وفي كل العصوروالأمصار لتكوينه وفي بنيته وفي حركته، وأول صورة من صور الاجتماع الإنساني اجتماعاثنين من البشر اجتماع المرأة والرجل وهما يشكلان طرفي الكيان البشري الإنساني فيمنطلقه التكويني البنائي (أبونا آدم وأمنا حواء)، أول ما يحتاج إليه هذا الاجتماعالتحاور بين طرفيه لضمان التواصل والتعارف والتفاهم والوصول إلى التعايش بعد ذلك،وقد يصل الحوار بهذا الاجتماع إلى التنافر والتعارض والتناحر، والأمر نقسه مع كلأشكال الاجتماع الإنساني.
    ففي غياب الحوارلا تقوم الحياة الاجتماعية أصلا، لأنّ هذه الأخيرة تتأسس على المحاورة الفرديةالذاتية التي تنطوي على بذور تشكيل مكونات شبكة الحياة الاجتماعية وعناصر تكوينالمجتمع، فحاجة الجماعة بصورها المتعددة في النشأة والدور إلى الحوار كحاجة عالمالأحياء إلى الماء والهواء، فالحوار وراء المجتمع تأسيسا وبنيانا ونشاطا، ووراءتحريك التاريخ وإنتاج الحضارة وصنع المجد والسؤدد من طرف الإنسان الاجتماعي المدنيلا الإنسان الفردي البيولوجي، يدلنا كل من الوحي الإلهي والتاريخ والواقع الإنسانيالمعيشي فرديا واجتماعيا متخلفا كان أو متحضرا إلى أنّ الحوار كائنا ما كان هو مبدأوأصل كل تحرّك إنساني في ذاته أو نحو غيره، ومنهجه في اتجاه البناء الشخصي الذاتيالمطلوب طبيعة ووضعا وشرعا، أو صوب البناء الاجتماعي المرغوب فيه تعايشا وحضارة،وكل ذلك في سبيل التكامل بين عناصر الوجود جميعا.
    إذا كان الحوار شرط التكامل بين وحدات الوجود فإن ذلك يبدأفي الإنسان الفرد أولا ثم يشيع بعد ذلك بين جميع أفراد بني جنسه البشري، ويتّخذطريقه البنائي في الإيجابية تواصلا وعرفانا وبيانا وحضارة أو يسير في الاتجاهالمعاكس فينتهي إلى التعصب والفرقة والشقاق والتخلف، وفطرة الحوار السليمة تنبع مننظام الكون في التناغم والتوحيد والتكامل بين مختلف أجزائه في سياق التباينوالاختلاف الذي هو من سنن الكون، والتناغم في الحوار يؤسس له التسامح المفضيبالضرورة إلى الوفاق والوئام والعيش في سلام، وتهدمه كل محاولة في اتجاه التعصباعتقادا وفكرا وعرقا ولغة ومذهبا وغيره كثير، التعصب لأحد الطابوهات المُعطل للحوارشرط الجد والاجتهاد والذي يقود إلى التغيير والتطور والازدهار في مقابل ترسيخ ودعمالجمود والتحجر والتخلف والانحطاط، فالمحاورة إما بنّاءة لها أسسها ومسارهاوأهدافها المنشودة وإما هدّامة لا أفق لها مبنية على التصور الضيق في حدود لا يسمحالتطرف باختراقها افتراءا على الجبلة الطيّبة وصدفا عنها.
    تتجلى كل من صورة الحوار الإيجابية البنّاءة صورة بيضاءخيّرة في منتهى الطيب والجمال، وصورته السلبية الهدّامة صورة سوداء في منتهى القبحوالسوء داخل حياة الإنسان في مستويات عديدة، فبين الأديان والمذاهب والطوائف إماتعايش وسلام وإما تناحر واقتتال، وبين الثقافات والفلسفات وسائر الأفكار إما تواصلوتنامي وتطور وازدهار وإما انغلاق وتقوقع وتحجر وجمود وتخلف، أو انتشار واختراقوهيمنة من جهة الأقوى وتقلص وانصهار وذوبان وزوال من قبل الأضعف بعد الغسيل الذييتعرض له، وبين الحضارات إما إقبال متبادل ونهم متواصل وأخذ وعطاء وإما إعراضوإدبار فينتهي الأمر إلى التراجع والاندثار، وبين الأحزاب والتشكيلات السياسية وبينبرامجها إمّا تواصل سلمي إيجابي يصب في قوّة الحكم والدولة والمجتمع تنظيما وتماسكاوتطورا وإما تصارع سلبي فارغ من المحتوى عنيف ينتهي بالمجتمع والسلطة إلى الضعفوالاقتتال والانهيار، هذا ما يفعله الحوار بين الإنسان والإنسان، فالحوار الملفوفبمكارم الأخلاق خاصة التسامح والاحترام المتبادل في إطار الندّية منتهاه البناءوالتعمير أما الحوار المُغذّى بروح التعصب والانتقام فمنتهاه الهدمالدمار.
    والحوار ليس مطلوبا بين الإنسانوأخيه الإنسان لعمارة الأرض والتمكين للخلافة فيها فحسب، بل ضروري بين الإنسانوالكون بسائر أجزائه، وإذا كان الكون مستقلا عن الإنسان تكوينا ونظاما وبنية وأثرافالاتصال بينهما قائما تأثيرا وتأثرا، وحالة التأثير المتبادل هي عين الحوار، يحاورالإنسان الكون بالسعي الحثيث إلى معرفته وتفسير ظواهره واكتشاف النظام الذي يحكمهبواسطة العلوم ومناهجها وسائر الوسائل والتقنيات التي تسمح باكتشاف خيراته وطاقاتهوتسخيرها لخدمة حاجات ومصالح الإنسان، تحويل الكون من صورة غير نافعة إلى صورةنافعة تنفيذا لإرادة الإنسان المستمدة من إرادة الله في تواضع ومن غير كبروافتراء.
    ويجري الأمر نفسه بالنسبة لتنفيذإرادة البشر على نفس المنوال والوتيرة في حياة الإنسان الفردية والاجتماعية حتى لايختل نظام الحياة الذي يقوم علىالتكامل، فالحوار الاجتماعي بصوّره المتعددة يجدضالّته بالحوار مع الكون من خلال التقدم العلمي والتقني وتطور وسائل التأثير فيالطبيعة وتحويل ظواهرها صوب تحقيق ما يحتاجه الإنسان ويوفر له الراحة، ويشمل ذلكالحضارة بجميع منتجاتها والثقافة بكافة مظاهرها، أما عدم محاورة الإنسان ظواهرالكون عقلا وبحثا واكتشافا وتحويلا وتسخيرا فهو حال البداوة الخالي من القوامةالإنسانية في الوجود كما كُتب لها أن تكون، ومعارضا لضرب الإنسان في الأرض وسعيه فيالحياة، وفي هذا تعطيل لإرادة الإنسان التي هي من إرادة الله في تحقيق الفطرةوالاكتساب والتكيف مع الإنّية والغيرية الكون، وضمان التكامل بين السماوي والأرضيوبين المادي والروحي وبين الدنيا والآخرة وبين الله والإنسان، توحيدا وتعبدا ورغبةورهبة، ابتغاء الوصول إلى برّ السلام والنجاة، إلى رضوان الله تعالى.
    الحوار في أعظم صوره ذلك المتبادل بينالسماء والأرض، بين الله والإنسان، ويكون في منتهى إيجابيته نزولا وصعودا، على سبيلالوحي المنزّل لإنارة دروب الحياة في الكون الفسيح في عالم الدنيا وفي عالم ما بعدالموت، وفي اتجاه الاسترشاد بتعاليم الوحي والتوجيه بأوامره ونواهيه، ومن خلال لطفالله وعفوه وفضله وكرمه ورحمته التي وسعت كل شيء، وبإيمان الإنسان بربه وتصديقهلحقائق الدين وتعبده بما أبانه الله له، وبتنفيذ سائر أحكام الله في النفس والمجتمعوالكون، بعيدا عن الافتراء على الله والإخلال بسننه، أما إذا اتجه الحوار نحوالسلبية صعودا ونزولا بالتمرد عن الله والخروج عن شرعه وامتد إلى مجابهة القدر وإلىالصدف عما أراده الله لخلقه وأودعه فيه من خير وإبداع وجمال، فما يكون من غضب اللهوسخطه أقوى وأعظم، فالحوار بين العبد وخالقه إما روح وريحان وجنات نعيم وإما خزيوندامة وجحيم.
    فالحوار مرتبط بالتواصلوالاختلاف في مختلف صوره وميادينه يفقد إيجابيته تماما عند كل من لا يعرفها أويتجاهل قيمتها أو يجحدها ويكابر عليها، ونتيجة ذلك اختلال حياة الإنسان وفساد صلاتهبوحدات الوجود، وفي ذلك إهدار للوقت ومضيعه للأمانة والرسالة التي وُجد لأجلهاولولاها ما وُجد أصلا، وهي خلافة الله على الأرض، فما بال العبد في تقربه من سيدهليصبح خليفة له على الأرض، وهو مطلب يستحيل تحققه في المجتمعات العبودية التيعرفها التاريخ. وتحقق نعمة الحوار إيجابيتها وخيرها وجمالها إذا انبنت على مكارمالأخلاق وعلى رأسها مكرمة التسامح وإذا اخترقت الإنسان والطبيعة والكون وإذا تحققتفي مستوى الإيمان بالله والاسترشاد بهداه فتتأدّى الرسالة وتتحقق الخلافة ويتماكتمال صلة الأرض بالسماء وينعم الإنسان برضوان الله تعالى.

    08
    رمضان 1432هـ
    الموافق 08 أوت 2011 م
    assala-dz.ne

  2. #2
    كل ماتفضلت به صحيح ...وكل كا يقال كذلك صحيح ولكن لماذا لاتتطابق المبادئ مع التنفيذ والتطبيق؟
    تحيتي لك دوما
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. جيلالي بوبكر: التواصل، الحوار والتسامح من سنن الكون
    بواسطة بوبكر جيلالي في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-12-2017, 11:44 AM
  2. ملكة الحوار بين الجمود والاستثمار
    بواسطة بوبكر جيلالي في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-07-2015, 06:12 PM
  3. بين الحوار والاجتماع البشري / الدكتور جيلالي بوبكر
    بواسطة بوبكر جيلالي في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-19-2014, 06:59 PM
  4. حوار خاص مع الدكتور بوبكر جيلالي
    بواسطة بوبكر جيلالي في المنتدى لقاءات الفرسان
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 05-04-2013, 07:37 PM
  5. ملكة الحوار بين الجمود والاستثمار
    بواسطة بوبكر جيلالي في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-20-2011, 11:02 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •