تجربة محاكاة رحلة فضائية إلى كوكب المريخ
بدأت الخميس في موسكو عملية احتجاز طوعي لستة رجال في كبسولة فضائية مفترضة، وذلك ضمن تجربة ستستمر ثمانية عشر شهراً لمحاكاة رحلة فضائية إلى المريخ ذهابا وإيابا بغرض اختبار إمكانية تعامل الإنسان مع العزلة ورهاب الاحتجاز (claustrophobia) التي قد يعانيها خلال رحلة فضائية فعلية.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي وصف المتطوعون مشاعرهم وتحدثوا عن الأسباب التي دفعتهم للمشاركة بالتجربة التي أطلق عليها العلماء اسم "المريخ 500".



ففي تمام الساعة العاشرة صباحا بتوقيت جرينتش الخميس، دخل المتطوعون الستة، وهم من جنسيات روسية وصينية وإيطالية وفرنسية، الكبسولة المحكمة الإغلاق، والتي تحتوي على وسيلة وحيدة للاتصال بالعالم الخارجي هي البريد الالكتروني.
وستقوم الكاميرات برصد مستمر على مدار الساعة للتجارب التي يجريها الرجال الستة، وتتضمن عمليات صيانة روتينية وتجارب علمية مختلفة في إطار دراسة يأمل العلماء بأن تساعدهم على فهم ردود فعل البشر وكيفية تعاملهم أثناء قيامهم برحلة طويلة إلى عالم آخر.
مؤتمر صحفي

وفي مؤتمر صحفي عقده قُبيل دخولهم إلى الكبسولة المغلقة الموجدود داخل أحد المعاهد الطبية بموسكو، وصف المتطوعون مشاعرهم وتحدثوا عن الأسباب التي دفعتهم للمشاركة بالتجربة التي أطلق عليها العلماء اسم "المريخ 500".
نا مهتم أيضا بأن أكون جزءا من قصة إيصال البشر إلى المريخ. فعندما تطأ قدما أول إنسان كوكب المريخ، سأكون قادرا على القول: نعم لقد ساهمت بفعل ذلك. إن ذلك سيجعلني أشعر بالفخر
دييغو أوربينا، أحد المتطوعين في مشروع "المريخ 500"


وقال الصيني وانج يو، وهو أصغر المتطوعين المشاركين في التجرية سنَّا، إنه يشعر بالإثارة والحماس لكونه جزءا من المشروع الذي يعتقد أنه "ممتاز للعلم وللبشرية جمعاء."
أمَّا المتطوع الفرنسي، رومين تشارلز، فقد أقر بأن المهمة ستكون "شاقة"، وقال إنه سوف يشتاق لأسرته و"للشمس وللهواء العليل النقي".
دافع المشاركة

بدوره قال دييغو أوربينا، وهو إيطالي من أصل كولمبي، إن دافعه للمشاركة بالتجريبة جاء من رغبته للعمل في مجال بحوث الفضاء.
ففي مقابلة مع بي بي سي، قال أوربينا: "أنا مهتم أيضا بأن أكون جزءا من قصة إيصال البشر إلى المريخ. فعندما تطأ قدما أول إنسان كوكب المريخ، سأكون قادرا على القول: نعم لقد ساهمت بفعل ذلك. إن ذلك سيجعلني أشعر بالفخر."
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي سيمضي المتطوعون الستة 18 شهرا داخل الكبسولة المحكمة الإغلاق، والتي تحتوي على وسيلة وحيدة للاتصال بالعالم الخارجي هي البريد الالكتروني.



وقد جرى تصميم المشروع بحيث يكون واقعيا إلى أقصى حد ممكن، وذلك على الرغم من عدم إمكانية خلق بعض العناصر والظروف هنا على سطح الأرض، مثل ظاهرة انعدام الوزن التي تحدث أثناء السباحة في الفضاء.
من جانبه، قال الدكتور مارتن زيل، من الوكالة الأوروبية للفضاء، وهي شريك أساسي في هذه التجربة: "إنهم (أي المتطوعين) سيضطرون إلى التعامل مع ظروف محدودية المواد الاستهلاكية، على سبيل المثال."
التكيف مع الإمدادات

وأضاف قائلا: "هذا يعني أن كل شيء سيكون متوفرا داخل الكبسولة في البداية. لكن ستجري لاحقا عملية إعادة التزويد، أو إعادة الإمداد بمزيد من الاحتياجات. فبعد أن تنفذ أو تقل تلك المواد، سيصبح هذا هو الوضع الذي يتعين عليهم التكيف معه، تماما كما يحدث في البعثات الحقيقية".
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي خضع المتطوعون لمجموعة كبيرة من الاختبارات النفسية والطبية قبل الدخول بالتجربة.


وحول التحكم بالتجربة وطريقة التواصل مع المتطوعين، قال الدكتور زيل، وهو رئيس برنامج استخدام وتسخير محطة الفضاء الأوروبية: "سوف يجري كل شيء في بيئة أقرب ما تكون إلى التطبيب عن بعد، حيث سيقوم أفراد الطاقم بالتحليل، لنستقبل نحن بدورنا المعلومات عبر نظام القياس."
يُشار إلى أن الرحلة الوهمية، التي تستمر 520 يوما، بما فيها 30 يوما من العمليات الأرضية، هي المرحلة الأخيرة من مشروع "المريخ 500" الذي يجري تنفيذه على ثلاث مراحل، استمرت إحداها 14 يوما والأخرى 105 أيام.
تأثير العزلة

وسيقوم العلماء خلال التجربة بتقييم تأثير العزلة على النواحي النفسية والجسمانية، مثل معدلات الهرمونات، وزمن الاستغراق بالنوم، والمزاج الشخصي، والقيمة الغذائية للأطعمة التي سيزود بها المتطوعون الستة.
آمل أن تساعدنا التجربة أيضا على الفهم الأفضل لبعض المجموعات، مثل المسنين الذين يعيشون منعزلين في منازلهم، إذ ستنبئنا عن السلكوكيات التي تساعدهم على تدبُّر شؤون حياتهم
الدكتورة بيرنا فان بارسين، وهي من المركز الطبي في الجامعة الحرة في أمستردام بهولندا


وقالت الدكتورة بيرنا فان بارسين، وهي من المركز الطبي في الجامعة الحرة في أمستردام بهولندا، وأحد الباحثين الأساسيين في مشروع "المريخ 500:
"نتوقع أن يكون لمشروع المريخ 500 تطبيقات أرضية أيضا، من قبيل فهم دينامية المجموعات بما يتعلق بالعزلة والوحدة، على سبيل المثال."
وأضافت قائلة: "آمل أن تساعدنا التجربة أيضا على الفهم الأفضل لبعض المجموعات، مثل المسنين الذين يعيشون منعزلين في منازلهم، إذ ستنبئنا عن السلكوكيات التي تساعدهم على تدبُّر شؤون حياتهم."
اسطوانات فولاذية

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي تعذَّر خلق بعض الظروف على الأرض، مثل انعدام الوزن الذي يحدث في الفضاء.


وقد جرى وضع الكبسولة في معهد موسكو للمسائل الطبية الحيوية، وتضم مجموعة من الاسطوانات الفولاذية المتصلة بعضها ببعض، والتي يبلغ إجمالي حجمها الداخلي حوالي 550 مترا مكعبا.

وستقوم أربع من هذه الأسطوانات بتوفير بيئة معيشة وعمل للمتطوعين في "رحلة" من وإلى كوكب المريخ. وقد تم تجهيز وتزيين الجدران الداخلية للاسطوانات بألواح خشبية لكي تمنح المتطوعين شعورا بأنهم يمارسون حياتهم بشكل طبيعي."

وبالإضافة إلى قيام المتطوعين بمراقبة محيطهم لإيجاد أي نوع من البكتريا ترسخ وتعيش وتزدهر في بيئة مغلقة، ستخضع الكبسولة نفسها لعملية تدقيق ومراقبة دائمة.
إرسال النتائج

كما يتعين إرسال كافة نتائج التحقيقات والتجارب التي يقوم بها المتطوعون عبر البريد الإلكتروني إلى "غرفة التحكم"، إذ أن منظمي "البعثة" يخططون لتطبيق نظام الإرسال المتأخر لفترة 20 دقيقة، وذلك في محاكاة للتأخير الحقيقي الذي يجري لدى إرسال الرسائل من مسافة بعيدة للغاية ما بين المريخ والأرض.
أما الوحدة الخامسة للكبسولة، فهي نموذج للكوكب الأحمر ذاته، وهي تحاكي بيئته من خلال غرفة مغلقة أرضيتها مغطاة بالصخور والرمل.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي يتعيَّن على المتطوعين التكيف مع البيئة من حولهم، تماما كما يحدث في البعثات الحقيقية.



وعندما تبلغ المهمة (الرحلة المفترضة) منتصفها، سيبدأ ثلاثة من أفراد الطاقم بـ "الهبوط" فوق هذا "السطح"، ويسيرون وهم يرتدون الملابس الثقيلة التي يرتديها عادة رواد الفضاء.
قائد الرحلة

هذا وسيقود فريق "رواد الفضاء" مدرب روَّاد الفضاء أليكس سايتيف، وهو مهندس بحري يبلغ من العمر 38 عاما ومتزوج منذ مدة قصيرة.
ولدى المتطوعين الروسيين الآخرين، وهما سوكروب كامولوف، 32 عاما، وأليكزاندر سموليفسكي، 33 عاما، فلديهما خلفية ثقافية طبية.
أمَّا الإيطالي دييغو أوربينا، 27 عاما، والفرنسي رومين تشارز، 31 عاما، فهما مهندسان بالتدريب، بينما عمل الصيني على تدريب رواد الفضاء الصينيين.
يبقى الإشارة إلى أن وكالات الفضاء تصف المريخ بـ "الوجهة النهائية" للمكتشفين من البشر. لكن تلك الوكالات لا تمتلك في الوقت الراهن التقنيات اللازمة لإنهاء محاولة اكتشاف الكوكب الأحمر، وليس من المحتمل أن تمتلك مثل تلك التكنولوجيا خلال السنوات العديدة المقبلة
http://www.bbc.co.uk/arabic/scienceandtech/2010/06/100603_dh_mars500_started_tc2.shtml