في سبل المنهجيةثمة ظاهرة بدت تحمل بشائر الخير إلى أبنائنا الطلبة وباتت تلك الظاهرة ملحة وتتطلب تعزيز عقلية المنهجية الجديدة من خلال ترويض كل الجهات المعنية في تلك الظاهرة والتي تتجلى في تطوير المناهج الدراسية وسبل الانتقال من مرحلة سابقة كانت تتمثل في تخزين المعلومة لتصبح أدمغة الأطفال وعقول الشباب صناديق سوداء تخزن معلومات وتحتفظ بما تلقن من أفكار، فكانت بعيدة كل البعد عن سبل تنمية روح الإبداع عند الطلبة، والاكتفاء بتخزين تلك المعلومات في أدمغتهم، وكان دور المدرس روتينياً يكتفي بنقل تلك المعلومة بأساليب جامدة، وكانت معلومات مقولبة يتم استهلاكها في كل وجبة دراسية، وكانت تثقل ذاكرة الطلبة، أما الآن وبعد أن توجهت وزارة التربية إلى مناهج متطورة وطرق معاصرة، ترمي إلى تنمية الحس العقلي وروح المبادرة والمشاركة، وهي كفيلة بخلق الفكر المحاور والمبدع معاً، علينا أن ندرك أن في منهجية التعليم المتطور ما ينمي شخصية الطفل من خلال المشاركة واحترام الرأي بطريقة تضمن سلامة أفكاره وتراعي إحساسه، ولكننا أيضاً بحاجة إلى دورات تدريبية لكل من الطلبة والمعلمين والأهل للتكيف مع تلك المنهجية الجديدة.
وما دفعني لكتابة هذا المقال ما حدث مع الجد (أبو خضر) الذي يسكن في منزله وحيداً ويعاني من ضعف نظر، كان الجد يحاول وضع الكأس تحت الصنبور ليشرب كأس الماء، ويتناول حبة دواء تعنى بمشاكل قلبية يعاني منها أيضاً لكن ذلك صادف مع انقطاع التيار الكهربائي، وما إن وضع الكأس حتى قرع باب الغرفة فترك الكأس تحت الصنبور ما يربو عن دقائق عشر ثم عاد ليجد الكأس فارغة، روى الجد القصة لأحفاده طالباً منهم معرفة سبب عدم امتلاء الكأس، رغم الدقائق العشر قال أحدهم: الكأس مكسورة إذاً؟.
قال الجد: لا إنها سالمة، فقال آخر: إذاً انقطعت الماء؟!.
قال الجد: لم تنقطع المياه طيلة اليوم.
قال ثالث: إذاً يا جدي أنت وضعت الكأس خارج الصنبور.
فقال الجد: لا كانت تحت الصنبور تماماً واشتد الجدل ودار الحوار وفتحت نافذة الخيال على مصراعيها ليكتشف الأحفاد أن الجد كان قد وضع الكأس مقلوباً، لمست من تلك القصة فحوى تنمية الحوار وتعزيز سبل الإبداع وأهمية ترك الطفل يكتشف الأشياء بنفسه دون أن يلقن بها تلقيناً.