منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 6 من 6

العرض المتطور

  1. #1

    الحركة قبل الحرف أم بعده أم معه

    ينعى كثيرون من المتأثرين برسم اللغات الغربية على اللغة العربية عدم رسمها الحركات حروفا في الكلمة كحروف المد كما تفعل ذلك اللغات الأجنبية.
    وفي هذا البحث المتميز لابن جني في كتابه الخصائص يتيح لنا هذا الجانب العلمي الثري، ويلقي ظلالا على عدم رسم الحركات حروفا، فإليه مسلسلا.

  2. #2
    محل الحركات من الحروف معها أم قبلها أم بعدها.. من "الخصائص" لابن جني

    (1)
    باب محل (الحركات من الحروف) معها أم قبلها أم بعدها
    أما مذهب سيبويه فإن الحركة تحدث بعد الحرف، وقال غيره: معه وذهب غيرهما إلى أنها تحدث قبله. قال أبو علي: وسبب هذا الخلاف لُطف الأمر وغموض الحال، فإذا كان هذا أمرا يعرض للمحسوس الذي إليه تتحاكم النفوس فحسبك به لطفا وبالتوقف فيه لبسا.
    فِممَّا يشهد لسيبويه بأن الحركة حادثة بعد الحرف وجودنا إياها فاصلة بين المثلين مانعة من إدغام الأول في الآخر نحو الملل والضَفَف والمشَش كما تفصل الألف بعدها بينهما نحو الملال والضفاف والمشاش، وهذا مفهوم. وكذلك شددت ومددت فلن تخلو حركة الأول من أن تكون قبله أو معه أو بعده؛ فلو كانت في الرتبة قبله لما حجزت عن الإدغام؛ ألا ترى أن الحرف المحرك بها كان يكون على ذلك بعدها حاجزا بينها وبين ما بعده من الحرف الآخر؟
    ونحو من ذلك قولهم: ميزان وميعاد ، فقلب الواو ياء يدل على أن الكسرة لم تحدث قبل الميم؛ لأنها لو كانت حادثة قبلها لم تل الواو فكان يجب أن يقال: مِوْازن ومِوْعاد. وذلك أنك إنما تقلب الواو ياء للكسرة التي تجاورها من قبلها، فإذا كان بينها وبينها حرف حاجز لم تلها، وإذا لم تلها لم يجب أن نقلبها للحرف الحاجز بينهما.
    وأيضا فلو كانت قبل حرفها لبطل الإدغام في الكلام؛ لأن حركة الثاني كانت تكون قبله حاجزة بين المثلين، وهذا واضح.

  3. #3
    (2)
    فإذا بطل أن تكون الحركة حادثة قبل الحرف المتحرك بها من حيث أرينا وعلى ما أوضحنا وشرحنا بقى سوى مذهب سيبويه أن يظن بها أنها تحدث مع الحرف نفسه لا قبله ولا بعده. وإذا فسد هذا لم يبق إلا ما ذهب إليه سيبويه.
    والذي يُفسد كونها حادثة مع الحرف البتة هو أنا لو أمرنا مذكرا من الطي، ثم أتبعناه أمرا آخر له من الوجل من غير حرف عطف لا بل بمجئ الثاني تابعا للأول البتة- لقلنا: اطوِ ايجلْ. والأصل فيه: اطوِ اوْجل فقلبت الواو التي هي فاء الفعل
    من الوجل ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، فلولا أن كسرة واو ( اطو ) في الرتبة بعدها لما قلبت ياءً واوُ ( اوجل). وذلك أن الكسرة إنما تقلب الواو لمخالفتها إياها في جنس الصوت (فتجتذبها) إلى ما هي بعضه ومن جنسه وهو الياء، وكما أن هناك كسرة في الواو فهناك أيضا الواو وهي وفق الواو الثانية لفظا وحسا وليست الكسرة على قول المخالف أدنى إلى الواو الثانية من الواو الأولى؛ لأنه يروم أن يثبتهما جميعا في زمان واحد، ومعلوم أن الحرف أوفى صوتا وأقوى جرسا من الحركة . فإذا لم يقل لك: إنها أقوى من الكسرة التي فيها - فلا أقل من أن تكون في القوة والصوت مثلها.
    فإذا كان كذلك لزم ألا تنقلب الواو الثانية للكسرة قبلها لأن بإزاء الكسرة المخالفة للواو (الثانية الواو) الأولى الموافقة للفظ الثانية. فإذا تأدى الأمر في المعادلة إلى هنا ترافعت الواوُ والكسرة أحكامهما فكأن لا كسرة قبلها ولا واو. وإذا كان كذلك لم تجد أمرا تقلب له الواو الثانية ياء فكان يجب على هذا أن تخرج الواو الثانية من (اطو اوجل) صحيحة غير معتلة لترافع ما قبلها من الواو والكسرة أحكامهما وتكافؤهما فيما ذكرنا، لا بل دل قلب الواو الثانية من ( اطو اوجل ) ياء حتى صارت ( اطو ايجل ) على أن الكسرة أدنى إليها من الواو قبلها.
    وإذا كانت أدنى إليها كانت بعد الواو المحركة بها لا محالة
    فهذا إسقاط قول من ذهب إلى أنها تحدث (مع الحرف وقول من ذهب إلى أنها تحدث) قبله؛ ألا تراها لو كانت الكسرة في باب (اطو) قبل الواو لكانت الواو الأولى حاجزة بينها وبين الثانية كما كانت ميم ميزان تكون أيضا حاجزة بينهما على ما قدمنا.
    فإذا بطل هذان ثبت قول صاحب الكتاب وسقطت عنه فضولُ المقال.
    (3)
    قال أبو علي: يقوي قول من قال: إن الحركة تحدث مع الحرف أن النون الساكنة مخرجها مع حروف الفم من الأنف والمتحركة مخرجها من الفم، فلو كانت حركة الحرف تحدث مِن بعده لوجب أن تكون النون المتحركة أيضا من الأنف. وذلك أن الحركة إنما تحدث بعدها فكان ينبغي ألا تغني عنها شيئا لسبقها هى لحركتها.
    كذا قال رحمه الله، ورأيته معنيا بهذا الدليل. وهو عندي ساقط عن سيبويه وغير لازم له، وذلك (أنه لا ينكر) أن يؤثر الشيء فيما قبله من قبل وجوده؛ لأنه قد علم أن سيرد فيما بعد.
    وذلك كثير، فمنه أن النون الساكنة إذا وقعت بعدها الباء قُلبت النون ميما في اللفظ. وذلك نحو عمبر وشمباء في عنبر وشنباء، فكما لا يُشك في أن الباء في ذلك بعد النون، وقد قلبت النون قبلها فكذلك لا ينكر أن تكون حركة النون الحادثةُ بعدها تزيلها عن الأنف إلى الفم. بل إذا كانت الباء أبعد من النون قبلها من حركة النون فيها، وقد أثرت على بُعدها ما أثرته كانت حركة النون التي هي أقرب إليها وأشد التباسا بها أولى بأن تجذبها وتنقلها من الأنف إلى الفم، وهذا كما تراه واضح.
    ومما غُير متقدما لتوقع ما يرد من بعده متأخرا ضمهم همزة الوصل لتوقعهم الضمة بعدها نحو: اُقتل اُدخل اُستضعِف اُخُرج اُستخرج.

  4. #4
    (4)
    ومما يقوي عندي قول من قال: إن الحركة تحدث قبل الحرف إجماع النحويين على (قولهم): إن الواو في يعد ويزن ونحو ذلك- إنما حذفت لوقوعها بين ياء وكسرة. يعنون: في يَوْعِد ويَوْزِن (ونحوه) (لو خرج على أصله).
    فقولهم: بين ياء وكسرة يدل على أن الحركة عندهم قبل حرفها المحرك بها؛ ألا ترى أنه لو كانت الحركة بعد الحرف كانت الواو في يوعد بين فتحة وعين وفي يوزن بين فتحة وزاى. فقولهم: بين ياء وكسرة يدل على أن الواو في نحو يوعد عندهم بين الياء التي هي أدنى إليها من فتحتها وكسرة العين التي هي أدنى إليها من العين بعدها. فتأمل ذلك.
    (5)
    وهذا وإن كان من الوضوح على ما تراه فإنه لا يلزم من موضعين:
    أحدهما- أنه لا يجب أن تكون فيه دلالة على اعتقاد القوم فيما نسبه هذا السائل إلى أنهم مريدوه ومعتقدوه؛ ألا ترى أن من يقول: إن الحركة تحدث بعد الحرف، ومن يقول: إنها تحدث مع الحرف- قد أطلقوا جميعا هذا القول الذي هو قولهم: إن الواو حذفت من يعد ونحوه؛ لوقوعها بين ياء وكسرة فلو كانوا يريدون ما عزوته إليهم وحملته عليهم لكانوا مناقضين وموافقين لمخالفهم وهم لا يعلمون. وهذا أمر مثله لا ينسب إليهم ولا يُظن بهم.
    فإذا كان كذلك علمت أن غرض القوم فيه ليس ما قدرته ولا ما تصورته، وإنما هو أن قبلها ياء وبعدها كسرة وهما مستثقلتان. فأما أن تماسا الواو وتباشراها على ما فرضته وادعيته فلا.
    وهذا كثير في الكلام والاستعمال؛ ألا ترى أنك تقول: خرجنا فسرنا فلما حصلنا بين بغداد والبصرة كان كذا. فهذا كما تراه قول صحيح معتاد إلا أنه قد يقوله من حصل بدير العاقول فهو -لعمري- بين بغداد والبصرة وإن كان أيضا بين جرجرايا والمدائن وهما أقرب إليه من بغداد والبصرة.
    وكذلك الواو في يوعد هي لعمري بين ياء وكسرة، وإن كان أقرب إليها منهما فتحةُ الياء والعينُ. وكذلك يقال أيضا: هو من عمره ما بين الخمسين إلى الستين فيقال ذلك فيمن له خمس وخمسون سنة فهى لعمري بين الخمسين والستين إلا أن الأدنى إليها الأربع والخمسون والست والخمسون. وهذا جلي غير مشكل. فهذا أحد الموضعين.
    وأما الآخر فإن أكثر ما في هذا أن يكون حقيقة عند القوم وأن يكونوا مريديه ومعتقديه، ولو أرادوه (واعتقدوه) وذهبوا إليه لما كان دليلا على موضع الخلاف. وذلك أن هذا موضع إنما يُتحاكم فيه إلى النفس والحس ولا يرجع فيه إلى إجماع ولا إلى سابق سُنة ولا قديم ملة؛ ألا ترى أن إجماع النحويين في هذا ونحوه لا يكون حُجة؛ لأن كل واحد منهم إنما يردك ويرجع بك فيه إلى (التأمّل والطبع) لا إلى التبعية والشرع.
    هذا لو كان لا بد من أن يكونوا قد أرادوا ما عزاه السائل إليهم واعتقده لهم.
    (6)
    فهذا كله يشهد بصحة مذهب سيبويه في أن الحركة حادثة بعد حرفها المحرك بها. وقد كنا قلنا فيه قديما قولا آخر مستقيما. وهو أن الحركة قد ثبت أنها بعض حرف فالفتحة بعض الألف والكسرة بعض الياء والضمة بعض الواو. فكما أن الحرف لا يجامع حرفا آخر فينشآن معا في وقت واحد فكذلك بعض الحرف لا يجوز أن ينشأ مع حرف آخر في وقت واحد؛ لأن حكم البعض في هذا جار مجرى حكم الكل. ولا يجوز أن يتصور أن حرفا من الحروف حدث بعضه مضاما لحرف وبقيته من بعده في غير ذلك الحرف لا في زمان واحد ولا في زمانين. فهذا يفسد قول من قال: إن الحركة تحدث مع حرفها المتحرك بها أو قبله أيضا؛ ألا ترى أن الحرف الناشئ عن الحركة لو ظهر لم يظهر إلا بعد الحرف المحرك بتلك الحركة وإلا فلو كانت قبله لكانت الألف في نحو ضارب ليست تابعة للفتحة لاعتراض الضاد بينهما والحس يمنعك ويحظر عليك أن تنسب إليه قبوله اعتراض معترض بين الفتحة والألف التابعة لها في نحو ضارب وقائم ونحو ذلك. وكذلك القول في الكسرة والياء والضمة والواو إذا تبعتاهما. وهذا تناهٍ في البيان والبروز إلى حكم العيان. فاعرفه. وفي بعض ما أوردناه (من هذا) كافٍ بمشيئة الله.

  5. #5
    موضوع هام جدا أستاذنا العزيز
    يرسل بريديا ولي عودة
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  6. #6
    بوركت جليلتنا النبيلة الأستاذة ريمه!

المواضيع المتشابهه

  1. الحركة التأريخية والحركة الانسانية / الجزء الثاني الحركة الانسانية
    بواسطة سعد عطية الساعدي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-21-2016, 07:48 PM
  2. الحركة التأريخية والحركة الانسانية / الجزء الأول الحركة التأريخية
    بواسطة سعد عطية الساعدي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-15-2016, 06:51 AM
  3. الحركة التأريخية والحركة الانسانية / الجزء الأول الحركة التأريخية
    بواسطة سعد عطية الساعدي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 08-11-2016, 04:09 PM
  4. الطريقة الصحيحة لتناولها.. قبل الطعام أو بعده ؟؟
    بواسطة أبو فراس في المنتدى فرسان الغذاء والدواء
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-22-2010, 07:49 PM
  5. وصايا من الله إلى سيدنا أدم و لولده و من بعده
    بواسطة كرم المصرى في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-08-2006, 04:15 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •