الروائية الأمريكية توني موريسون
الغريبة في اللوفر


لأنها امرأة في عالم يحكمه الرجال وسوداء في ثقافة يسيطر عليها البيض، تعرف توني موريسون تماماً ماذا يمكن ان يعنيه شعور المرء بكونه خارجاً، غريباً- مقصى، وهكذا لا يعود غريباً ان تختار هذه الروائية الأمريكية، الحائزة على جائزة نوبل في الآداب عام 1993، هذا الموضوع كي تلبي الدعوة التي أرسلها لها متحف اللوفر.
«غريب في بيته»: انطلاقاً من هذه الكلمات المثقلة بالمعاني والآلام المتنوعة، عملت توني موريسون عامين الى جانب فرق المتحف، فماذا كان دورها؟ ان تعمل بحيث يمكن لنظرتها، لثقافتها، لخصوصية تاريخها ان تسهم في تجديد مقاربة مقتنيات اللوفر وفي تثميرها بمعنى من المعاني.
وبتنقيبها في مجموعات المتحف، مقاطعة نظرتها مع نظرة المختصين وفنانين معاصرين آخرين، أضحت هذه «المحافظة المدعوة» روح حلقة من المبادلات واللقاءات افتتحت يوم الثلاثاء في السادس من تشرين الثاني، حلقة ينبغي لها ان تستمر حتى نهاية الشهر، وقد فتشت توني موريسون، في كنوز المتحف، عما يمكن ان يعكس مفهوم الحدود والهجرة والهوية.
«فكرة الخارج هذه أعرفها بما يكفي كي أرتادها ليس فقط في أعمالي، بل في وظيفتي كأستاذة في جامعة برينستون» وقبل بضع ساعات من المؤتمر الافتتاحي الذي عقد في السادس من تشرين الأول في قاعة غصت بالحضور، تحدثت توني موريسون أمام زوارها في جناحها في فندق البريستول: «انه شكل من أشكال السوداوية كلي الحضور في الأدب الأمريكي في النصف الأول من القرن التاسع عشر وبعد ذلك حتى، لقد كان كل هؤلاء المهاجرين موجودين على أرض لا تنتمي اليهم وينبغي عليهم غزوها».
لقد اجتازت تمثيلات الابتعاد عن الوطن، سواء كان هذا الابتعاد نفسياً أم جغرافياً، التاريخ، من مصر الى يونان العصور القديمة وحتى العصر الحاضر، وهكذا يمكن للزائر ان يرى بوضوح، في خطوات مؤلف «بولوفيد»، «طوف ميدوزا» الشهير «سلسل الانسان المتروك الذي يصبح جسده بذلك، الذي في بيته، النهائي، أو ان يكتشف أي نوع من الغريبات كن عليه النسوة في اليونان.
وتطور الكاتبة التي ولدت عام 1931، وهي تدخن اللفافة تلو الأخرى، بشغف بالأفكار التي قادتها في مسيرتها، والتي استضافت خلالها كتاباً يعيشون، هم أنفسهم، في المهجر «منهم الكندي من أصل سيريلانكي مايكل اونداتي، أو الأمريكية من أصول هاييتية ايدويج دانتيكات»، وليس هذا كل شيء، فحلقة توني موريسون التي تخترق الحدود بين الأجناس، تنفتح على الرقص «ولا سيما رقصة مؤثرة لمصمم الرقص وليام فورسايت على خلفية رسوم لفرنسيس بيكون»، وعلى السينما وعلى الموسيقى، ان أكثر ما يهمها هي الأصوات الأكثر جدة والأقل «تهذيباً»، تلك التي تشبه لغتها التي يتكلمها شخوصها.
وقد أرادت الروائية، التي قدمت الى باريس عام 2005، أثناء أزمة الضواحي، ان تصبح دعوتها الى اللوفر صدى لهذا الغضب الذي «تعرفه جيداً، ورأته كثيراً في الولايات المتحدة».
وهكذا، سوف يؤدي، في العاشر من تشرين الثاني، عشرة من قارعي الطبول، حول الممثل قارع الطبول وعازف الراب، ديدي كابال، على طريقتهم الخاصة، عملاً جماعياً تعلق عليه قائلة: «عندما يستبدل الكلام بالعنف، لا تعود هنالك من مشكلة».
«كيف يمكن للمرء ان يبقى انساناً في هذا العالم؟ هذا هو السؤال الذي تطرحه أخيراً توني موريسون، كيف يمكن للمرء ان يقاوم المبادرات التي ترمي الى «شيطنة» الآخر؟ لقد وضعت بالتأكيد ايمانها في الفن وفي قدرته على بلوغ ما هو عام، «انني أقع بوصفي كاتبة، على الهامش، لقد اخترت هذا الموقع كي أنظر الى العالم، ومن هناك أحاول ان أدخل حياة أشخاص لا أعرفهم، وليسوا أنا، كي أجعلهم أقل غربة، أحاول ان أغيث الآخرين».
هل تصادف ان أحست بأنها غريبة في بلادها؟ لا .. ولكن يوجد، في فضاءات السلطة الحالية، أفراد يحسون، وهم غرباء تماماً بأنهم «غير مفهومين»، «كائنات فضائية»، تقول ذلك وهي تغادر مع ضحكة كبيرة.


ت: فداء الأحمر