الكاتبة العمانية " ليلى البلوشي " في حوار مع ( المحور الجزائرية )
قالت أن اليهود يخلقون لأطفالهم عالما ثقافيا مليئا بالكراهية للعرب والإسلام
استعارة ياسمينة صالح لاسم زوجته يكشف عن النكبات التي تطيل الكاتب العربي لدرجة وأد الهوية ليلى البلوشي كاتبة ومعلمة عمانية مقيمة في الإمارات ، تعد واحدة من الكتاب العرب الذين حققوا انتشارا إلكترونيا واسعا نقلهم فيما بعد إلى العالم الورقي ، انعكست ثقافتها في مجال تنمية الذات البشرية على إنتاجها الأدبي عموما وأدب الطفل خاصة ، في هذا الحوار مع جريدة المحور تثير الكاتبة مجموعة من النقاط حول هويتها الأدبية ، تجربتها مع النشر الإلكتروني ، علاقتها بعالم الطفل ونظرتها حول جملة من القضايا الراهنة . حاورتها : جقريف سارة ·

كيف تقدمين ليلى البلوشي ..؟
ما أشقّ جواب هذا السؤال ..! ما أشقّ جواب هذا السؤال ..! حين نقف أمام مرايا أنفسنا ونعريها في لحظة تيّه .. أؤمن دائما أن " الإنسان " هذا الكائن البشري هو مجموع إنسان مركب من شخصه ومواهبه ومهنه وأحلامه وتطلعاته ؛ وانطلاقا من هذا أعرّف نفسي : بأن في داخلي عدة " ليلات " هي مجموع " ليلى " : ليلى الإنسانة ، ليلى الكاتبة ، ليلى المعلمة ، ليلى الطفلة .. لا علاقة بـ " التناقض " في هذه التركيبة ؛ قدر ما هو فصل ما بين كل دور من أدواري في الحياة ؛ من رغبتي في منح كل شخصية في كياني سعتها في امتصاص الحياة وتلقيها بكل ما فيها .. · إذا أخذنا ليلى الكاتبة ، كيف ظهرت هذه الشخصية في كيانك ..؟ هذه الشخصية ظهرت نتيجة للقراءة منها وإليها أصبحت .. والقراءة هي التي أغرتني بالكتابة ، فحينما يمتلئ القدر بما فيه سيفيض ما فيه ، كما أن في قاع كل إنسان أسئلة تستحث أجوبة ، عن الأنا وعن الآخر وعن الوجود ؛ لا شيء ينطلق من فراغ ، والفارق ما بين الإنسان العادي والكاتب هي في وسائل ترجمة تلك الأسئلة وفي التراكض خلف لهيث الإجابات ..
سأل أحد الكتاب على حائطه في الفايس بوك : كيف استعد للكتابة ..؟
أجبته : لا استعداد في الكتابة إنه الإلهام .. ! إنها الرغبة في تقيؤ فساد العالم وأوجاعه ونكباته ؛ وإلا تقيأنا داخليا إن كففنا ..! ومحرك هذا الإلهام هو القراءة ؛ فنحن قد نقرأ كتابا ما والطاقة الإبداعية لهذا الكتاب الذي بين يدي فكرنا سوف يغرينا إلى كتابة أخرى .. ·
تعتبرين واحدة من جيل كتاب الأنترنت الذين استطاعوا الانتشار عبر الشبكة العنكبوتية ، كيف وجدت هذه التجربة ..؟
أنا شخصيا أضع نفسي ضمن هذه القائمة ، الصوت الانترنيت غدا أقوى في الوصول إلى الجماهير من الصوت الورقي ، حتى أدباء الجيل السابق الذين كانوا نائين عن اختراع يدعى - الحاسوب – غدا هو السباق في الكتابة على الحاسوب وفي النشر الإلكتروني .. ثقافة التلقي والنشر وجمهور القراء اختلف ؛ والكاتب الذكي هو من يوظف هذه الاختراعات في صالح كتابته ، فالذي لا يواكب الركب فإن كتابته أيضا لن تواكب أحلام القارئ ولا تطلعاته ولا تحضره الفكري والروحي ، لأن هذه الأمور هي نفسية بالدرجة الأولى ، يزرعها الكاتب في نفسه أولا كي يحصدها القارئ في نفسه تلقائيا ، فالكتابة التي أمامه تفهمه وتخاطب ميوله .. ·
ألا تشكل ثقافة المجتمع العربي عائقا في وجه النشر الإلكتروني ..؟
أرى أن ثقافة المجتمع اليوم هي ثقافة الكترونية ، في اليابان اليوم يتنافس الكتاب اليابانيون على مساحات أوسع من النشر الالكتروني وكثير من كتابهم هجروا النشر الورقي لصالح الإلكتروني وهم كتاب لهم صيت ووزن ثقافي على سبيل المثال الكاتب - رايو موراكامي - الذي فسخ عقده مع أحد الناشرين التقليديين ونجح في الوصول إلى قاعدة أوسع من القراءة عبر - آي باد - ، فسحب معه في هذه الموجة الصاعقة كتاب آخرين ..· لكن الملاحظ أن حظك من النشر الورقي وفير ، ما تعليقك على هذا ..؟ بصراحة من خلال النشر الالكتروني عرفني القارئ ، طبعا هناك جمهور يتابع وهو من نقل كتاباتي من حروف ضوئية إلى ورقية ، فمعظم ما انشره أجده تلقائيا في صحف ورقية لا أعرف عنها شيئا والكترونية ، وهناك من يحترم حقوقي في النشر ويدفع لي عن كل مقالة يتم نشرها من قبلهم ، وهو شعور طيب وأقدره ؛ فثمة من يحترم حروفك ويُقدّرها ، وهناك من ينشر دون أن يدفع لك حقوقك أو حتى يحترم شخصك في إذن النشر ..!وكل ما قيل لا ينكر حبي للكتاب الورقي ورائحته ودفء أوراقه حين أكون دودة اقتات على سطورها .. ·
ما مدى اطّلاعك على التجربة الأدبية في الجزائر ..؟
عن الأدب الجزائري لا يمكن النكران أن الأديبة " أحلام المستغانمي " جعلتنا جزائريين من خلال رواياتها باذخة الإبداع ؛ في كل قراءة كأنما إبداع تلك الحروف السحرية لا ينضب ؛ ومن خلالها أحببنا جزائر ومن خلالها كونت فينا آصرة انتماء إلى وطن جميل يدعى " الجزائر " .. وهي نفسها " الجزائر " التي أنجبت من رحمها المناضلة الشجاعة والشهيدة الأبية جميلة بوحيرد ، هناك حقا إبداع يمضي بثقة على أرض الجزائر الثقافي بمبدعيه ؛ كـ ياسمينة صالح و فضيلة الفاروق القاصة نسيمه بولوفة وفاطمة بريهوم وعلى رأس هذه القائمة آسيا الجبار دون شك ..بالإضافة إلى واسيني الأعرج و ياسمينه خضرا الذي خفي هويته باستعارة اسم زوجته وحين تقاعد هذا الرائد من الجيش كشف هويته واسمه الحقيقي المدعو محمد مولسحول ؛ ليفغر هذا عن مأساة عما يخلفه العسس من نكبات تطيل الكاتب في الوطن العربي إلى درجة وأد هويته ..! ·
ما الذي يستفز هويتك ككاتبة ..؟
الهوية نفسها مستفزة مذ نعومة طفولتها لطفلة صغيرة ولدت في وطن غير وطنها وحملت هويتها " الإمارات " وعندما كبر فكرها قليلا فاجأها الكبار من حولها أنها تنتمي لوطن آخر " سلطنة عمان " وتحمل جنسيته .. في داخلي مجموع هويات وقد تناولت هذا بالتفصيل في مقالات تحت عنوان : ليلى في مهب هويات ، أما في الكتابة فهويات ليلى متعددة ، إذ اعتقد المصريون إنها مصرية ، واللبنانيون أجمعوا على قرار لبنانيتها ، ورفيقاتها الفلسطينيات لا يصدقن سوى كونها واحدة منهن تشاطرهم نبض القدس وأكثر ، ما أكثر الأوطان التي استكانت في داخلها وتخبطت مع أتراحها وأفراحها .. ·
سأخرجك من إشكالية الهوية إلى إشكالية أكبر ، هل تثقين في المسابقات الأدبية العربية ..؟
سؤال ذو شجون عزيزتي سارة ..! أرى أن المسابقات الأدبية العربية نوعان ، الأول نزيه وحقيقي والثاني شللي ومزيف ، فلا تدري أين تضع ثقتك ..؟! بأضعف الإيمان تتمنى الاستمرار للنزيهين القلة ، وأقول لكل مبدع عربي : لا تثق سوى في إبداعك .. ذكرني السؤال بأحد الكتاب المشهورين وصلته رسالة من كاتب ما يزال في طور نموه الكتابي فنصحه الكاتب المشهور بقوله : هناك دائما مكان شاغر على القمة لكاتب جيد جديد .. · بما تفسرين عزوف أغلب المثقفين العرب عن إبداء مواقف صريحة من الثورات العربية ..؟ من وقت قريب اطلعت على مقالة تناول إشكالية المثقف السوري مع ثورة الأحرار ، وقد أشار الكاتب والمسرحي " بسام جنيد " إلى أن المثقفين هم ثلاث أصناف : مثقفين مع السلطة وضد السلطة ومع الوطن ؛ أولئك الذين مع السلطة لهم نوازعهم ومصالحهم ، ولا يخلو المثقفين ضد السلطة من عقد نوازعهم مهما اختلفت فـ" أنا " متضخمة ومعظمهم يخاطبون الجماهير من على أبراج عالية ..! ·
ألا يلغي هذا علاقة الكاتب بمجتمعه ..؟
بعضهم ما يزال يغط في عالمه ..! بعيدا عن الجمهور وهمومه ، نائيا في جزيرته الخاصة بحجة حاجة الكاتب إلى عزلة ..!العزلة في القراءة مطلب أساسي ، لكن في الكتابة لا عزلة حقيقية ؛ لأن العبارات والكلمات يستقيها الكاتب من ضجيج العالم من حوله ؛ مهما أقصينا عزلتنا ؛ يظل الإقصاء ناقصا ؛ وإلا سوف نرى أنفسنا بعد العودة من إجازة العزلة في زمن متضارب كساعة تشير إلى غير توقيت الزمن الذي نحيا فيه ..! ·
نعود إليك ليلى ، من مهنتك كمعلمة وعلاقتك بالطفل ، كيف تنظرين إلى عالم الطفل الثقافي ..؟
عالم الطفل هو عالم بريء ونقي جدا .. وأنا سعيدة جدا بهذا العالم الذي توثقت علاقتي به كباحثة في مجال أدب الطفولة أولا وكمعلمة ثانيا ، وإذا ما ألقينا نظرة على سياسة اليهود فالإصدارات القصصية للأطفال فإنها تحتوي على أفكار مناوئة للدين الإسلامي والعرب ، على سبيل المثال قصة " قيثارة داود " ، والكتاب أمريكي " لن ننسى 11 ستمبر أبدا " ، أما في عالمنا العربي فمازلنا نثمن في أطفالنا قيم النبل والمحبة والسلام مع الآخر مهما اختلف عنا .. ·
من خلال دوراتك التدريبية في مجال تنمية الذات البشرية ، ألا تلمسين حاجتنا إلى هذه الدورات لتكوين أشخاص مثقفين ..؟
أعتقد وأؤمن جدا ، والحاجة إليها ماسة ؛ فهي طورت شخصي ، في علم البرمجة اللغوية العصبية وهو علم مفيدا جدا للفئة المثقفة أرى أن الثقافة ليست فقط ثقافة فكر وكتب ؛ بل إن المثقف الحقيقي هو من يواجه هموم واقعه وبطرق مبتكرة تميزه عن الإنسان العادي كونه يملك حسا أدبيا ومخزونا ثقافيا ، لا يكتفي فقط بابتكار شخصيات مبدعة بل عليه أن يحرّض نفسه على الابتكار ..