الدكتور حامد متولى يفتح الملفات القديمة عن أسباب انهيار الجامعات والبحث العلمى وفساد التعليم
كيف بدأ ؟؟؟ والمتسببون
تكملة الجزء الأول الذى نشر بتاريخ الخميس , الثلاثين من يونيو عن قضية العلم والتكنولوجيا والايمان المفقود بها عرضت الهدف من هذه القضية عرضت بايجاز الهدف المنشود من هذه الرؤية ومعايشتها على مدى نصف قرن من الزمان من حياتى شاركت فيه الكثير من الأحداث والاجتماعات والمؤتمرات العلمية والسياسية ونشرت العديد من المقالات الصحفية عن قضية التعليم والبحث العلمى فى مصر وتعرضت بعدها لبعض المناوشات والوشايات التى لم أعرها اهتماما لأن القضية الأساسية هى قضية وطن وشعب عانى ويعانى الى اليوم من تراكمات كان لها تأثيرها الفعال فيما آل ايه حالنا وحال المجتمع وتأزم الشباب وخاصة فى الثلاث عقود الأخيرة التى أدت الى أزمة الشباب مرورا بثورة 1919 الى ثورة الثالث والعشرين من يوليو وما صاحبها من تغيرات جوهرية وفوران مكتوم أدى الى تظاهرات عديدة وأزمات للعلماء والمثقفين وصلت فى نهايتها الى انتفاضة لم تشهدها مصر فى تاريخها الحديث أثمرت لقيام وتحقيق أول ثورة شعبية مصرية سلمية فى الخامس والعشرين من يناير الماضى وكانت فترة حاسمة شاء قدرى أن أعيشها ولم تكن مفجأة لى فقد مهد لها الكثيرون من القوى الوطنية بالهمس تارة وبالتظاهرات تارة أخرى ولكن قدر الله وماشاء فعل ورأيى يحتمل الصواب والخطأ ولكن ما كنت أخشاه هو ثورة الجوعى نتيجة المفارقات الاجتماعية الخطيرة والتباين الذى لمسه وعاشه غالبية الشعب وعايشه آخرون بعدم اكتراث للخوف والتحسب من قوة الفساد وسطوة الذين قاموا به من رأس الدولة وبطانته وسدنته والأمر كله أمام وفى حوزة قضاء مصر العادل الذى أؤمن بنزاهته وكنت أطلب من السائرين معى على النهج أن لانتسرع فى الحكم وأن نتوقع حدوث أشياء ليست فى الحسبان وخاصة ماذا سيكون موقف الجيش المصرى الباسل للحفاظ على الشرعية وقلت لهم يجب أن نؤمن أن الله يمهل ولايهمل وحدثت المعجزة اعتبارا من يوم الثامن والعشرين من يناير والتصرف الهمجى لفلول نظام فاسد يعتمد على قوة غاشمة من وزارة الداخلية فى تلك الفترة وأموال فاقت كل توقعاتنا وحدث ماحدث فى السويس والاسكندرية وميدان التحرير وجميع محافظات مصر من مدن وقرى الى هجمة بلطجية النظام يوم الأربعاء الثانى من فبراير واستشهد شباب من مصر واجهوا سطوة سلاح الغدر والعدوان وقناصة وزارة الداخلية ببنادق الليزر وتيقنت فى هذا اليوم اشعاع نجاح الثورة وعدت الى منزلى فى الثانية صباح الخميس لأبث مارأيت عبر النت الى كل الدنيا على قدر استطاعتى وجاءنى تهديد سريع على النت وانتظرت بمنزلى أستقبل مايحدث فى ميدان التحرير من زملاء وأصدقاء ورفاق مكثوا بميدان التحرير وانتظرت قدرى المحتوم وتوجت الثورة بتنحى الرئيس السابق فعدت الى الشارع لنذهب الى ميدان روكسى وحدث ماحدث وكان جيش مصر عظيما وباسلا فى حماية الثورة بالرغم من حدوث تجاوزات يعرفها الجميع وتلك طبيعة الثورات الشعبية التى ليس لها قيادة ولايستطيع أحد أن يدعى ذالك وكنت أذهب الى محاضراتى بالجامعة وأفكر فى وضع الجامعات ومصيرها الذى لم يتحدد حتى الآن فى هذه المرحلة الانتقالية والفوضى الثورية وعصابات بلطجية النظام المؤجورة بأموال الشعب المسروقة بمن يعرفهم الشعب تماما وفى الأسبوع الماضى أخذت قرارى للبداية بنشر أهم قضية محورية لتقدم مصر ونهضتها ومستقبلها وهى قضية الجامعات والبحث العلمى والتعليم الذى فسد ووصلت الى قناعة بمناشدة من بيدهم الأمور أننا فى عصر صراع العلم والتكنولوجيا ويجب أن تنال الاهتمام الأول لأن الجامعات ومراكز البحث العلمى هى الطلائع المتقمة التى تستكشف للشعب طريق الحياة بعد تحقيق أهداف الثورة وتحقيق العدالة الاجتماعية التى قضى عليها النظام السابق .
ووصلت فى نهاية مقالى السابق الى القول بأنه آن الأوان أن نسجل لثورة الثالث والعشرين من يوليو بما لها وماعليها أنها أنشأت المؤسسات العلمية الكبيرة وأن ندرس ايجابياتها وسلبياتها . ولقد أصبحت قوة الأمم تقاس بامكانياتها العلمية والتكنولوجية . فمهما كانت موارد الأمة الطبيعية أو البشرية فلن يكون لها الدور الحيوى الملموس الآ اذا اعتمدت أساسا على العلم والمعرفة التكنولوجية اللذين هما عماد التقدم الحضارى والاجتماعى للأية دولة نامية كانت أو متقدمة !!! ؟؟
لقد بدأ البحث العلمى بشكل ملموس بعد قيام الجامعة المصرية , الآ أنه انحصر فى معظمه فى اطار البحوث الأساسية والذى يدور فى فكرنا جميعا , ماذا تحقق نتيجة لذلك ؟؟
أنشىء المركز القومى للبحوث بصورته المكتملة فى عام 1954 , بغرض النهوض بالبحوث الأساسية والتطبيقية وعلى الأخص ما يتصل منها بالصناعة والزراعة والصحة العامة وسائر المقومات الأساسية للاقتصاد القومى .
وفى عام 1954 أيضا بدىء من جديد للتنقيب عن البترول بعد أن توقف فى عام 1950 , وظهرت الى الوجود الشركة الشرقية للبترول والشركة العامة للبترول فى عام 1957 . ومنذ عام 1956 أنشىء المجلس الأعلى للعلوم ومؤسسة الطاقة الذرية فى عام 1957 , وتبعثرت كوادرها فى بلدان شتى بعد وفاة جمال عبد الناصر بعام تقريبا .
وأنشئت وزارة البحث العلمى فى عام 1963 , ثم ما والاه من تشكيل المجلس الأعلى لدعم البحوث فى عام 1964 , أتبعه اختفاء وزارة البحث العلمى , وحل محلها المجلس الأعلى للبحث العلمى فى عام 1965 . وظهرت وزارة البحث العلمى من جديد فى مارس 1968 مدعمة بالقانون رقم 33 لسنة 1968 ... على أن تقوم كل وزارة بانشاء وحداتها البحثية والتصدى لمعالجة مشاكلها التطبيقية الخاصة , الصغيرة منها بنفسها , وأن تترك المشاكل الكبرى لتكوين الفريق المتكامل ممن يعمل فى مجال البحث العلمى , وتعاقبت الأحداث وألغيت وزارة البحث العلمى وعادت للظهور بجانب التعليم العالى وأكاديمية البحث العلمى فى عام 1971 , ثم ماسميت بالمجالس القومية المتخصصة , ثم وزارة التعليم والثقافة والبحث العلمى فى سبتمبر 1978 , وأصبح البحث العلمى هامشيا دون اطار تنموى أو هدف استراتيجى بعد أن بذل الدكتور أحمد مصطفى وزير البحث العلمى مجهودا خارقا فى ربط البحث العلمى بالجامعات ومراكز البحث العلمى بالصناعة وهو بحق وشهادة للتاريخ هو رائد هذا الاتجاه فى وزارة مارس 1968 التى رأسها جمال عبدالناصر والتى انتهت برحيله الى بارئه الأعلى فى 28 سبتمبر 1970 .
ثم عادت وزارة التعليم والبحث العلمى فى أغسطس 1979 وهكذا استمرت الأحداث والمتغيرات السياسة وهكذا أصبحت الجامعات والبحث العلمى فى مهب الريح ..... وشاء قدرى أن كنت على قرب من الثلاث وزراء الأفاضل وهم فى رحاب الله جميعا والمستندات موجودة ومحفوظة فى مكان أمين برعاية الله تبارك وتعالى وحده ....... وهذه القضية ليس مجالها حاليا للتعليق ولكن أسرار كواليسها فى رقبتى الى يوم الدين فالسياسة كالكثبان الرملية المتحركة لاتستقر فى مكان ولكن ماتأتى به الرياح تذهبه العواصف هكذا علمتنى الجيولوجيا وهى حرفتى وتخصصى الذى يحاربنى فيها الحاقدون ممن ساعدت الكثيرون منهم دون من حتى الآن ...... !!! ؟؟؟ .
ان التعليم والبحث العلمى يحتاج الى استقرار وخبرة طويلة لاتتحكم فيها السياسة والشلل التى أصابت المجتمع الحقيقى بالشلل فى الثلاث عقود الأخيرة والله على مأقول شهيد . والتعليم والبحث العلمى انفاق طويل الأجل ولقد تولاهم منذ عام 1986 بعض من سدنة وكهنة النظام السابق وحدث ماحدث وسيأتى ذكر تلك المرحلة العشوائية ربما لاحقا لو سمح الوقت بذلك , لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأعود للقول بأن التعليم والبحث العلمى انفاق طويل الأجل وعائد ذو هدف تنموى واستراتيجى على المدى الطويل ولك الله يامصر وحماك الله ياثورة الشعب المباركة فى الخامس والعشرين من يناير الماضى ...... ألخ ...... ألخ .
ان مقومات البحث العلمى فى أى بلد من بلدان العالم تعتمد أساسا على ثلاث نقاط جوهرية فى رأيى المتواضع برعاية الله وحده دون غرض أو هوى :-
أولا : القوة البشرية المنظمة فى خطة ثابتة لاتتغير بتغير الأشخاص .....!!!؟؟؟ .
ثانيا : التجهيزات المعملية ذات الصيانة الدورية بالأمانة والصدق والتوثيق على مستوى الدولة .
ثالثا : المعلومات العلمية وبراءات الاختراع أو الاكتشاف ورعايتها وتنميتها واحترام وتقدير معنوى لعلماء المحجر= العلماء المقيمين بأرض الوطن وعودة الأساتذة الرواد الذين شردهم وضغط عليهم النظام السابق بالتعديلات المشئومة وخطة القضاء عليهم بالقانون المشبوه لاسكافية القوانين , رقم 82 لسنة 2000 الصادر بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 والذى يطبق على الجامعات ومراكز البحث العلمى .
وللحديث بقية ان شاء الله
والله ولى التوفيق
الدكتور حامد متولى
أستاذ جيولوجيا البترول بعلوم القاهرة
ومستقل سياسى