بسم الله الرحمن الرحيم
شهر النور يعلمنا ان فينا الإنسان لتجليات المرور والعبور

ورد في القرآن الكريم آية رقم 185 ذكر حكيم عن شهر رمضان وما أنزل به ... أي القرآن وبينات من الهدى والفرقان .. ثم ذكرت فرضية الصيام .. وبعدها مباشرة آية رقم 185 ... وإذا سألك عني عبادي فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ... الى نهاية الآية الكريمة .

هذا شهر النفحات الربانية .. وأنواره تعم الأكوان ... نعم هذا شهر ولو عرف البشر ما ورائياته
لتمنوا كل العام رمضان .. رغم قلة الطعام والماء في ساعات الصيام .. هذا شهر امتاز بالإمتياز الكوني وازداد شرفاً عن باقي شهور العام بنزول القرآن الحكيم فيه ..فكان اختصاص زمني
وبالتالي نتساءل معاً لو ان بعض البشر منحوا من نفحات نوره وتجليات رحمته فهل يصبحون بتلك اللحظة من التميز والتفرد عن الآخرين ؟؟؟
نعيد مرة اخرى مثلا آخر في نفس الشهر ليلة تفردت وتميزت حتى على ليالي شهر النور وهي ليلة القدر واختصت بنفحات ربانية مميزة .. فهل لو بعض منا تعرض لتلك النفحات يصبح في تللك الليلة بتميز وتفرد عن الآخرين ... وطبعا كلنا كبشر لا تختم أعمالنا بمجرد ليلة بل نبقى مهما كنا لا يعلم خاتمتنا الا الرحمن ..
هل في هذا الشهر نزداد هدىً ونتوازن ونصبح أكثر حكمة ؟؟ أما كما نرصد من أعمال روتينية وموائد وليالي معتادة بفتورها وبرامجها الدنيوية .
ربما نجيب على انفسنا من أنفسنا .. ففي شهر النور من ندعو وكيف ندعو .. أندعو بلا وعي او ندعو بيقين من يعتقد أن نور الرحمن قريب ..قبل القريب الذي يتناول وجبات الطعام معنا في شهر
صلة الارحام .. أندعو بيقين من يتمسك بنور الرب في كل نبضات قلبه والدليل علاقة القرب ..فالقريب ممن يحب نبضه يتفاعل وداخله يتواصل ..ومن هنا الدنيا تكثر علينا بعروضها وتكثر بفنونها وزينتها.. بل هي تعايشنا كالموديل على مسرح عرض الأزياء ..لماذا يا ترى ؟؟ ربما لنبقى
أكثر قرباً منها واهتماما بطاوسها وريشها.. فالإنسان تحكمه العادة سواء ببصره وسمعه وباقي جوارحه .. بل نرتاح لعاداتنا ولو كانت غير مناسبة لنحصل على الشعور بالاستقرا ر والأمان وأي تغير غير مألوف وخارج ساعاتنا البيولوجية يهزنا ويزيدنا توترا وعصبية ويقلل من تركيزنا..
ويبعدنا عن المنطقة القريبة لإهدافنا ..

حتى العبادة إذا لم يحكمها الوعي تفقد بريقها الداخلي فينا والقدرة على التركيز لنصل لغايتنا
والكثير جرب ما وصفت ففي الصلاة إذا شغلتنا هموم العيش نرى أننا ننسى أي ركعة او كم تسبيحة .. وربما السبب كنا في منطقة القربى لمسرح الموديل الدنيا وأزيائها ..

فكيف نكون قريبين من الرحمن في شهر الرحمة وما الدليل لكي نكتسب ولو ثانية من هذا
الامتياز الكوني ...
الملاحظة الاولى كما اعتقد ...تبدا من البطن لإن الجوع حالة منفرة للبشر وحالة تضعف القوى الطينية وتماسكها من ناحية ومن ناحية أخرى عادات الأكل عادة متأصلة فينا وحتى ونحن بالإرحام
بل أساسية ...وعادة بناء لكي نستمر ونقوى في تواصل التفاعل الجسدي الى لحظة الموت .. أما
الماء الذي يسكب في دمنا وبطوننا كحاجة الزرع في نموه .. واستمرار غزيرة البقاء والحفاظ على النوع ...ولكن ياتي شهر الرحمة ويقول لنا توقف قليلآ وخفف من عادة نمت معك كنمو جسدك
صيام الجارحة عن ماءها وطعامها ...وبالتالي الانعكاس الاول الابتعاد عن مسرح الموديل الدنيا لمدة 12 ساعة تقريبا تزيد او تنقص فترة النهار ..
أما بالليل فرفع العتب عنا والعودة الى عادتنا ولكن هل من بديل للإبتعاد عن مسرح الموديل الدنيا وعروضها ... نعم ساعاتك الجميلة بعبادة صلاة التراويح او قيام الليل او تلاوة القرآن الكريم وكلها
القرآن وذكره وتلاوته ..
إذا نحن نسحب من عاداتنا الغرائزية الطينية الى منطقة تمنحنا التقرب الى الذات الإلهية بإبداننا
ومن داخلنا .. فإنكسار الطين وتشققه يعكس صورة خفية غير مرئية تخرجك من بشريتك الى منطقة تمنحك ان تكون إنسان وحتى ولو كنت على كوكب الأرض ..لإن التردد الإنساني بدأ
يتصعد بدرجات وجوده ويقترب من ترددات اكثر سموا من الطين ولذا قال الحبيب صلى الله عليه وسلم إقرأ وارتق ..فهل نحن إذا خف التماسك طيني وعاداته نقترب من أثير كوني يمنحنا مجالآ
نشعر به أننا أكثر اقتراب من غاية كونية خلقنا لها .. العبادة .. عبادة خالق الأكوان ..
ثم منطق آخر هل تصوم جارحة البشر فقط بشهر رمضان ام هناك صيام يماثله بطريقة أخرى
ولو أقل بالزمن ... لنرى معاً ..
لو تأملت إنسان يصلي تساءل هل يأكل او يشرب عند أداء الصلاة أم هو شرط أساسي بالمنع عن هذه العادة وما الغاية ؟؟؟ مع ان المنع عن العادة البطنية فنرة قد لا تقاس بوقت المنع عن اليوم في رمضان هناك ساعات وبالصلاة دقائق ... ربما لنتدرب ونتدرج من الارتقاء من الخروج من عادات
الطين الى عادات النفس المطمئنة والعقل او ربما اقل من ذلك والله أعلم الى عادات الإنسان الذي يشعر بالهوية الكونية التي تجمعه مع منظومة الكون وليس فقط كوكبه الأرضي وحده ربما ..

لو تأملت إنسان يزكي عن ماله او يتصدق من ماله .. ربما من المعاني الخفية إنسحاب من الطينية الى منطقة الإنسانية وارتقاء النفس .. فهناك جانب جعله يتوقف ويمنح غيره من ماله الذي لوبقي معه ربما سارع الى شراء مزيد لبطنه او نزوات جسده ولكن حتى الدينار توقف من الصرف له باسم الصدقة وانسحب لغيره لكي يتفكر قليلا انا الطيني الان اقلل من مدخول بطني لكي أمنح من جنسي او حتى غير جنس البشر لنقل الحيوان قليلا مما رزقني ربي وأثبت ذلك بصيامي عن قسم من مالي والتصرف به ...
نعم أيها الأحباء بشهر النور نحن نصوم مرات ومرات دون ان نعي بتصرفنا إلا بشهر رمضان وربما السبب ان السلوك الجمعي هو نوع من الوحدة بالطاعة يشعرنا بهذا العمل ودون السنة كل
يختار انسحاب او هجر او زيادة العادة دون ان نعي ...
وأخيرا سمعت يوما قولا من العبادة الا يكون لك عادة وبقيت في نفسي كمبدأ مرة اهمله ومرة استخدمه .. ولكنها جعلتني أرى جانب القوة بداخلها وأعي أننا طينيون المسلك والوسائل
وغاياتنا كوكبية الأرض فياليتنا نستمر نحو خطى تخفف من دوامنا ومواظبتنا على مسرح الموديل التي اسمها الدنيا ولو لدقائق ..لإن الكون أوسع من طاووس الارض فكيف بخالق الأكوان الذي
نقرأ عنه في كتابه القرآن الكريم ونرى قدرته في كتابه المنظور الكون كله ..
شهر النور يعلمنا ان فينا رحم القربى لتجليات المرور والعبور من أنفسنا الامارة بالسوء الى
مناطق النفس اللوامة ثم ربما المطمئنة لانها هي التي تقترب وتستسلم لتمنح سلام هي حتى مطلع الفجر ... فجر يخرجنا من الطين الى خفة الروح وقوانينها ... النفخة الاولى بجسدنا الطيني المتوارث من ادم عليه السلام الى ان يرث الله عز وجل الكون .
الكاتبة وفاء الزاغة