[ الثقافة العربية الإسلامية بين ( الأصالة و المعاصرة ) .. ]


بعد إشارة رائعة من أحد أحبابي ، إقتنيت كتاب :

الثقافة العربية الإسلامية بين الأصالة و المعاصرة ..

للشيخ د.يوسف القرضاوي ..

الكتاب الذي يحمل بين طياته العديدة من الأسئلة والأجوبة والأضاءات الراشدة .. !! في هذا الزمن الذي كان ولا زال محتدما بين أصحاب التيارات الثقافية ..

الكتاب يقع في 192 صفحة ..
ومن إصدار مكتبة وهبة ..


قبل الولوج في تفصيل مصطلحي الأصالة والمعاصرة وماهية المسار الصحيح في كلا المصطلحين ،
نعّرف الثقافة كما ذكرها د.القرضاوي حيث يقول :

الثقافة : ليست مجرد معارف ذهنية مجردة .. !
بل هي معارف وإداركات ، ممزوجة بقيم وإعتقادات ، مجسّدة في أعمال وسلوكيات ، تعبّر عنها شعائر وآداب وفنون ، تُقرأ وتُسمع ، وتُحس وتُرى ..


ويفتتح الشيخ يوسف في مقدمة الكتاب كاتبا :
فمما لا ريب فيه أن كل المشفقين على مسار الأمة ، وكل القوى والتيارت الفكرية والسياسية والاجتماعية ، متفقون على أن أمتنا تعيش في أزمة حقيقية ، تعددت أعراضها ، وتنوعت آثارها ، وإن اختلفوا في تعيين جوهر الأزمة : ما هو ؟
أهي أزمة إيمان وأخلاق ، كما يصورّها دعاة الدين والفضيلة ؟
أم هي أزمة فكر ومعرفة كما يصورّها رجال الفكر والثقافة ؟
أم هي أزمة حرية سياسية وديمقراطية ، كما تصورّها القوى المعارضة للنظم الحاكمة ؟
أم هي أزمة علم وتكنولوجيا ، كما يصورّها كثير من دعاة الإصلاح ومن رجال الفكر أنفسهم ؟
وآخرون قالوا : إنما الأفكار والثقافة .
وغيرهم قالوا : إنما الحرية لوطنها ، والحقوق لشعبها .

ثم يكمل قائلا :

إن نهضة الأمم تؤثر فيها الثقافة ، كما تؤثر فيها السياسة والاقتصاد والتشريع والتربية وغيرها .
ومهما يكن الاختلاف في تحديد جوهر الأزمة ، فأحسب أن لا يخالف أحد في أهمية دور الثقافة فيها ، وخصوصا في الجانب الفكري والأدبي والفني منها ،
وذلك لما لها من تأثير في الأخلاق والسلوك ، ومن تأثير في السياسة والحكم ،
وتأثير في توجهات الشعوب إلى التقدم أو التخلف ، إلى العلم والعمل ، أو إلى الكلام والجدل .

فلو صحّت ثقافة أمة واستقامت وتكاملت توازنت وسلمت من عوامل التشويه والتحريف – كما هو الأصل في ثقافتنا – لكان لها أثرها البالغ في صحة توجه الأمة واستقامتها وتكاملها وتوازنها . وإذا حدث العكس كانت النتيجة عكسية كذلك ، لأن الثمرة من جنس الشجرة . وصدق الله إذ يقول :
( والبلد الطيب يُخرجُ نباتهُ بإذن ربه ، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا )

ويكمل د.القرضاوي مقدمته بأن منذُ أزل بعيد وهناك حرب دائرة بين القديم والجديد ،
فالقديم يمثل القديم الموروث في ثباته وشموخه ، وكان التيار الآخر يمثل الجديد الوافد في بريقه وإغرائه .
فالقديم يمثل الدفاع عن الدين ، [ الأصالة ]
والجديد يمثل الدفاع عن جديد الغرب ، [ المعاصرة ]

كانت عناوين النزاع بين التارين تختلف من فترة لأخرى ، ولكن المضمون في النهاية واحد ،
إلا أن التيار الأول يحمل في الغالب عنوان منفرّا مستنكراً ، على حين يحمل التيار الآخر عنواناً جذاباً مغرياً ..
ويختم مقدمته عن الثقافة .. !!

هل عربية فقط أم إسلامية فقط أم كلتهما ..؟؟
وأين هي من الأصالة .. ومن المعاصرة ..؟؟


الثقافة عربية أم إسلامية ؟

لو أنصف كل منهما ، ونظر في الأمر من جوانبه كلها ، لوجدوا أن لا غنى للعروبة عن الإسلام ، ولا معنى للإسلام بدون العروبة .

فيفصّل العربية :

فالعربية هي لسان الإسلام ، ولغة كتابه وسننهُ والعرب هم عصبة الإسلام ، وحملة رسالته الأولون ، وهم الذين بعث فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم .
وأرض العرب هي أرض المقدسات الإسلامية ، فيها الكعبة البيت الحرام الذي جعله الله قياماً للناس ،
لهذا كانت العروبة وثيقة الصلة بالإسلام ، كما أن الإسلام موصول الرحم بالعروبة.

ويفصّل الإسلام :

الإسلام هو الذي خلّد العربية حينما نزل بها كتابه العظيم ، وحدّث بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي علّم العرب من جهالة ، وهداهم من ضلالة ، وهو الذي جعل للعرب رسالة يعيشون بها ، ويموتون عليها ، ويبذلون الأنفس والنفائس في سبيلها ، وحدّ العرب من فُرقة ، وجمعهم من شتات القبيلة ، وأكرمهم بنعمة الأخوة بعد نقمة العداوة .

ويختم بينهما قائلاً :

هي ثقافة عربية إسلامية معاً ، لا نقول هذا تملّقا للعروبة ، ولا مجاملة للإسلام ، وإنما هي الحقيقة التي تدل عليها كل الأدلة .

مكونات الثقافة :
المكون الأول الإسلام : إن الدين هو المكون الأول لثقافة الأمة ، أيُ أمة . فهو الذي يخط مجراه في تفكيرها وضميرها وأغوار وجدانها . وهو الذي يحدد فلسفتها الأساسية عن سر الحياة ، وغاية الوجود ، ويجيبها عن الأسئلة الخالدة التي فرضت نفسها على الإنسان في كل زمان ومكان : من أنا ؟ ومن أين جئتُ ؟ وإلى أين ذهبت ؟ ولماذا أحيا ؟ ولماذا أموت ؟
الدين هو الذي يجعل للإنسان هدفا ورسالة ، ويجعل للحياة معنى ومذاقاً ، وحين يربطه بالله تعالي خالفه ، وبالخلود في الدار الآخرة ..
فهو دين يتغلغل في حياة الفرد والأسرة والمجتمع ، ويؤثر في الفكر والشعور والإرادة ، ويوجه العقل والضمير والسلوك ، ويصبغ الحياة كلها بصبغة متميزة ، تتجلى في توجهها الرباني ، ونزوعها ، وانضباطها الأخلاقي ، وتحركها الإيجابي ، وتوزانها القيمي .


2 – اللغة العربية : هي وعاء العلوم والمعارف جميعاً ، وسيلة التأثير في العقل والشعور بأدبها ونثرها وشعرها وحكمها وأمثالها وقصصها وأساطيرها ، وسائر ألوانها وأدواتها الفنية .
لغة اختارها الله تعالى لينزل بها خاتم كتبه ، وينطق بها خاتمة رسله ، ويجعلها لغة العبادة لخاتمة رسالاته ، لجديرة أن تكون سيدة لغات العالمين .
لقد بلغت العربية ذروة حين نز بها هذا النص الإلهى الذي أحكمت آياته ، ثم فصّلت من لدن حكيم خبي ، ولا يوجد في أي لغة من لغات الأرض نص إلهي معصوم إلا العربية التي شرفها الله بالقرآن ..
[/COLOR]
توقيع » ..: سفير الإبداع :..


أول الخيوط يكون دوماً بأيدينا، نغزل بها ما نشاء وكيف نشاء، أتُرانا نعقد نهايتها بحكمة عقولنا، ليبقى ما غزلناه قوياً محكماً، أم تتفلت الخيوط منا، فيأتي الغزل في غير محله، وتكون نهايته مهلهلة ومؤلمة ؟

غادة أحمد .. ،