سلمان العودة: لا ينبغي أن نقحم الفتوى الشرعية في كل شيء


أعرب
فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة ـ المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم" ـ عن شعوره بالقلق والخوف

على مصر، مشيرا إلى أن مصر
بلد المجد والحضارة والتاريخ، وأن
ا لذي يحدث في مصر ينعكس على البلاد الأخرى ، وبقدر ما

تكون النتائج إيجابية سوف يكتسب العالم الإسلامي من وراء ذلك الشيء الكثير
.


مؤكداً
أن القول بأن المظاهرات حرام في مصر ليس معقولًا أو مقبولًا أو مفهومًا، محذرًا من إقحام الشريعة و الفتوى الشرعية

في كل شيء، لافتًا إلى أن تقاذف
الشريعة أو الفتوى بين الناس يعدُّ مشكلة حقيقية، موضحًا أن ما يحدث في مصر
هو من الحراك

الذي
كتب الله أن الناس يختلفون عليه قطعًا.


وقال
الشيخ سلمان ـ في حلقة الجمعة من برنامج "فتوى"، والذي يبث على فضائية "دليل" ـ: إن طبيعة الأنظمة الجمهورية

اليوم قائمة على عقد اجتماعي كما هو
معروف، حيث هناك تعاقد بين الحاكم والمحكوم والعالم والعامي، وكلهم متفقون
عليه، ولا

أحد منهم يقول بخلافه، فهو مبني على ترشيح وانتخاب وتحديد فترة
زمنية ودستور معين، وعلى أشياء مسموح بها وأشياء غير

مسموح بها، ومن ثم
فإنه إذا حدث تزوير في الانتخابات أو خرق للدستور الذي اتفقوا عليه يصبحهذا العقد وكأنه متوقف
.


إقحام الفتوى

وأوضح
الدكتور العودة أنه سواء فيمايتعلق بالمظاهرات أو غيرها فإنه لا ينبغي أننُقحم الفتوى الشرعية في كل شيء، فلنترك لكل

أهل بلد استحقاقاتهم وظروفهم،
وعلى سبيل المثال، فإن القول بأن المظاهرات في مصر حرام لن يكون معقولًا
ولا مقبولًا

ولا
مفهومًا، لأن الدولة نفسها تسمح بها، وتحميها -أحيانًا-،كما أن هناك جهات
معينة تمنح ترخيصًا لمن يريد أن يتظاهر، لافتًا

الى أن
الأمر مرتبط بما إذا كانت تحقق مصلحة معينة، أو مصلحة عامة، ولا يترتب عليها مفسدة، فنحن
قد رأينا مسيرات في الغرب

والشرق بالملايين، بل حتى في
مصر، حيث كانت مسيرات الجمعة الماضية التي سمَّوها "جمعة الغضب" قد شارك فيها بضعة


ملايين، ليس فقط في ميدان التحرير والقاهرة ولكن في عموم المدن،
ومع ذلكلم يحدث شيء، مما يدل على أن الناس يمكن أن

ينضبطوا، وأن هنا ك
قدرًا كبيرًامن الوعي والإدراك والخبرة والتجربة في هذا الحراك
.


وأضاف
فضيلته أن العبث جاء من جهات ربما تكون محسوبة على أطراف حكومية، وهي التي بدأت الاعتداء على الناسا

لمتظاهرين ، ودخلوا ميدان التحرير بالبغال
والخيل والحمير! يحدث هذا ونحن في عصر الفيس بوك وتويتر، والتي استُخدمت في


العدوان على الناس ووقع
عشرات القتلى ومئات الجرحى، لكن الخطأ لم يقع من هؤلاء الناس الذين خرجوا،
ولكنه وقع من

الطرف الآخر، ثم خرج رئيس الوزراء
ل يقول أنه يعتذر وأنالأمر لن يتكرر، مما يثبت بالدليل من هي الجهة التي
سعت في مثل ذلك

أو على
الأقل سمحت بوقوعه إن لم تكن أمرت به
.

تضامن.. واختلافولفت الشيخ سلمان الانتباه إلى أن المؤمن لابد وأن يكون متضامنًا مع إخوانه فيأي حدث يحدث، فالله -سبحانه وتعالى-
يقول:


(وَالْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُبَعْضٍ)(التوبة: من الآية71)، وفيالحديث المتفق عليه: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ


وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ
الْجَسَدِ»، كما أن البعض يستشهدبحديث: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)، وهذا وإن لم يكن

حديثًا
صحيحًا لكن معناه مندرج في اللفظ الآخر،ويتجلى هذا في الكلمة الطيبة،والدعاء، والفرح لهم بما يصيبهم، والحزن
أيضًا لما

يعتريهم، فإذا علم الله
من العبد ـ أيًا كان رأي العبد أو توجهه أنه محب وناصح وبريء من العصبية
لأحد أو ضد أحد أو الهوى أو

الغش وأن
مراده تحقيق المصلحة والخير لشعوب المسلمين وليس لفئة منهم، فإن الله يعينه فيما يسعى إليه، وهذا معنى عظيم


ينبغي أن نستوعبه
.


وأضاف
فضيلته أن الأمة مختلفة اختلافًا واسعًا حتى في الفضائيات وفي وسائل الإعلام والصحافة، كما أن الذي يحدث ليس

المقصود به أن تتحول الأمة إلى
طريقة أو خطة واحدة، بل على العكس فإن جزءًا كبيرًا من هذا الحراك ينادي
بقدر من الحريات

الحياتية والمصلحية
وغيرها مما يتمكن الناس به من التعبيرعن آرائهم، وهذا يشير إلى أن الناس
قد ينتظرهم نطاق أوسع من

الاختلاف
أيضًا، ولكن هذا الاختلاف يمكن أن ينضبط، والتجربة البشرية في كثير من بلادالعالم أثبتت ذلك، وعلى سبيل
المثال، فإن ما


نشاهده في أمريكا وأوروبا
واليابان وفي كثير من دول العالم، من إمكانية ضبط هذا الحراك مع تفاوته
ا لكبير، يؤكد أن هذا

شيء
مقدور عليه وليس مستحيلًا، خاصة إذا احتكم الناس إلى المنطق والعقل، وكذلك
على الأكثرية في أشياء معنية، وهذا أمر

معتبر،
وقد ورد هذا المعنى عن الصحابة -رضي الله عنهم- في أمر خطير وهو الخلافة،فإذا احتكم الناس إلى
هذه المحددات وكان

هناك قدر من الوضوح والشفافية فإن
الأمور ستكون أفضل إنشاء الله
.


الموضوع مختصرمن موقع الاسلام اليوم