الفارس احمد اليماني (ابو ماهر) يترجل
بقلم: زياد ابوشاويشغيب الموت ظهر الثلاثاء 4 / 1 / 2011 الرفيق القائد احمد حسين اليماني (ابو ماهر) بعد صراع طويل مع المرض ليترك لشعبه ورفاقه ومحبيه كنزاً كبيراً وثميناً من قيم العطاء والايثار والتضحية.ابو ماهر البسيط المتواضع يترجل تاركاً في قلوبنا غصة وفي عيوننا حرقة دمعة لا تنهمر كالمطر إلا لخسارة وطنية كبيرة كرحيله.من يعرف الرجل لابد أحس مثلنا بأبوته وحنوه ورقته في التعامل مع من يقود، وببأسه الشديد في الخطوب وفي الدفاع عن الثوابت والحقوق.رجل لم يهادن على الإطلاق أو يساوم على هدف تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وكان يعتبر أن أي حديث عن القبول بأنصاف الحلول تجاه مصالح شعبه وحقوقه كلاماً يخرج صاحبه من الصف الوطني. لم يعرف الواقعية أو التكيف إلا من زاوية فهمه الاستراتيجي والمبدأي لوجود الكيان الصهيوني باعتباره سرطان يجب اقتلاعه وإن طال الزمن.اليماني كان ضمير الثورة وثوبها الناصع. كان رمزاً للثبات والشموخ في وقت الترنح والانحناءتسمعه يتحدث فتشعر أن فلسطين بين يديك بتراثها وتاريخها ونضال شعبها في سبيل الحرية والانعتاق. ابو ماهر اليماني بقي الباحث دوماً عن جوهر الانتماء ليقدمه بلسماً للمتعبين واليائسين ولم يتردد أو يتوقف عن ذلك حتى آخر يوم من حياته الغنية بالعطاء. كان يعرف طبائع البشر ويدرك حجم معاناة شعبه وصعوبة المهمة، كما كان يدرك أي حجم من العناء والتضحية نحتاجها لاستعادة حقوقنا.كان متقشفاً ونموذجاً محترماً للقائد الطليعي في كل شيء، وكان لا يتكبر أو يتجبر، بل يقدم بصمت. رجل يستحي من طهريته المناضلون والشرفاء في صفوف الثورة، وحين وصفه الراحل عرفات بضمير الثورة كان يحدد بدقة طريق الثوار إلى هدفهم، بل طريق كل المناضلين إلى وطنهم. رحل أحد عمالقة الكادحين الذين أمضوا حياتهم في سبيل الحفاظ على كرامة شعبهم وأمتهم. كان عربياً بامتياز كما كان فلسطينياً بامتياز، وفي ظل التراجعات والنكسات لم يفقد إيمانه بالأمة العربية وبضرورة وحدتها.شارك في معارك الدفاع عن عروبة فلسطين قبل النكبة كما عن حقوق العمال حين عمل في نقابة عمال فلسطين منتخباً من زملائه. أسس مع رفيق دربه الدكتور جورج حبش حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وأسس وعمل في العديد من المواقع والساحات بما في ذلك اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي شارك في تأسيسها بجانب القائد الوطني الكبير أحمد الشقيري وغيره من المؤسسين الأوائل. بقي أميناً لقيم العروبة وفكر الفقراء والكادحين، يمزج بحكمة ويقين بين تراثنا العربي وتجربة شعبنا الفلسطيني وبين ثراء الفكر العالمي المعبر عن إنسانية عميقة المعنى وضد الاستغلال واضطهاد البشر في أي مكان.المناضل الكبير ابو ماهر اليماني لا توفيه الكلمات ولا المعاني حقه في التقييم والتقدير الذي يحظى به بين أبناء وطنه وأمته. اليوم ونحن نرثيه ندرك حجم الخسارة بفقده كإنسان وما الذي خسرناه، لكننا أيضاً نعرف ما الذي أراده فارسنا وابن فلسطين البار من محبيه والذين يعرفون قدره ومكانته (وهم أغلبية أهلنا في مخيمات اللجوء)، العهد لرجل التسامح ولرمز العنفوان الفلسطيني والثبات على الحق أن نواصل على ذات الطريق حتى تحرير فلسطين كل فلسطين.نستودعك ابو ماهر ونرجو الله أن يتغمدك بواسع رحمته وستبقى شاهداً وشهيداً ما بقيت فلسطين وشعبها الذي أحبك كادحاً ومعلماً وقائداً ورمزاً.المجد لك ولكل الشهداء... وإنا لله وإنا إليه راجعون. Zead51@hotmail.com