صورة «تراجيدية» للحكومة الإلكترونية
عبدالمنعم الحسين الحياة - 05/06/06//

تبذل مجموعة من الجهات الحكومية جهوداً مشتتة غير منتظمة للدخول إلى بوابة الحكومة الالكترونية، وتقديم الخدمات للمواطن الكترونياً، وعلى رغم الدعوة القديمة لدخول السعودية نادي الحكومات الالكترونية إلا أن النتائج المتحققة حتى الآن ليست بالمرضية، فعلى سبيل المثال مبادرة هيئة الاتصالات السعودية مع عدد من مصانع تجميع أجهزة الحواسيب لبيع مليون حاسب عن طريق التقسيط بفاتورة الهاتف مع شركة الاتصالات السعودية لم تنجح في بيع الرقم المستهدف، وفي أعلى الأرقام المعلنة بلغت فقط 250 ألف جهاز! وفي الوقت ذاته، نرى مبادرات بعض الأجهزة الحكومية بإدخال الحاسب الآلي للمكاتب ودفع فاتورة شراء عالية لتأمين أجهزة عالية المواصفات لتكون نهايتها أن تكون موضوعة على المكاتب للزينة أو كما فعل ذلك المدير الذي استخدم الشاشة الكبيرة لوضع عدد من الملصقات الخاصة بالمعاملات الورقية التي بين يديه، في إشارة واضحة إلى أن الحاسوب من متطلبات الديكور وأصول البرستيج، وضرورات العصر الحديث في أن يكون على المكتب شاشة حاسب، ويفضل من نوع شاشات البلازما (LCD) ولا يهم إن كانت موصولة بالحاسب أم لا. والمؤسف الآخر في ممارسات بعض الموظفين الحاذقين في استخدامات الأجهزة وتوجيهها لوجهة الترفيه هو اللعب المستمر بلعبة السوليتر (الورق) والاستمرار في اللعب لأوقات طويلة، وكأن الحاسب لم يوضع على مكتبه إلا لمساعدته في تمضية وقت مسل ظريف من دون تكاليف، وبشكل أنيق يبعد الشبهة من الموظف «الألعباني»، ويظهره في ثوب المجد الذي لا تبتعد عيناه من شاشة الحاسب، فعيناه طوال الوقت مجهدتان بمتابعة حركة أوراق اللعب على المرقاب!
هذه صورة سريالية دراماتيكية تراجيدية واقعية، لم نأخذها من كوكب آخر بل من مكاتب الدوائر الحكومية، وقبل أن أغادر تلك المكاتب أود أن أكمل الصورة لدى القارئ، بتصوير مشهد دخول الانترنت للمكاتب، لتكون الفرصة السانحة للمتقدمين قليلاً في استخدامات الشبكة العنكبوتية وغيرهم بالتصفح الترفيهي على حساب فاتورة العمل الخاصة، ثم تتضخم المشكلة مع لعبة الأسهم التي عصفت بالمجتمع، ليكشف لنا وزير التربية والتعليم عن نسبة تتجاوز التسعين في المئة من عمليات التصفح التي تتم داخل أروقة الوزارة ومبانيها نحو شاشات الأسهم وأثناء الدوام الرسمي ليبيع الموظف ويشتري خلال الساعتين المخصصتين للتداول صباحاً، لتصبح المسألة شبه شلل، وأبعد من ذلك ان عمد بعض المديرين لتوزيع مناوبات على الموظفين في الدخول على الانترنت والتداول الالكتروني.
وفجأة ومن دون مقدمات أصبح كثير من الموظفين والمدرسين يحرصون على اقتناء الأجهزة المحمولة، ويدخل بعضهم بها داخل قاعات الدرس، ويشرح وعينه على مرقاب جهازه المتصل لاسلكياً عبر مودم راوتر لاسلكي متصل بخط اتصال سريع بالانترنت، وفره على حسابه الخاص، وفي المدرسة التي يعمل بها، ما حدا ببعض الإدارات التعليمة بإصدار تعاميم للحد من تلك الظاهرة.
وأخذت بعض الأجهزة بتوجيه دورات في الحاسب الآلي للموظفين، وللأسف كانت فرصة سانحة لشركات التدريب الأهلية لتحقيق مكاسب، وللموظفين بالحصول على دورات في الحاسب غير مجدية، لا تقوم على مبدأ الانتفاع والفائدة، بل تقوم على مبدأ طباعة المزيد من الشهادات الخاصة بمتطلبات الترقية فقط أو الحصول على مراكز أعلى إدارياً، وقبل أن أتجاوز النقطة أدعو لتوسيع التدريب على رخصة الحاسب الآلي والعمل بخطة تأهيل مرحلية تؤهل كامل الموظفين بهذه الرخصة.
ومن المضحك أيضاً تفاخر شركة الاتصالات السعودية أخيراً بتحقيق 80 ألف خط سريع، فيما نسبة المتصلين في السعودية بحزمة الانترنت العريضة لا تتجاوز 0.3 في المئة من السكان، فيما النسبة في أميركا أكثر من 60 في المئة. وفيما نطمح إلى أن نحقق منجزاً في استخدام البريد الالكتروني كأبسط تطبيق من تطبيقات الحكومة الالكترونية نجد أن نسبة مستخدمي البريد الالكتروني لا تتجاوز 8 في المئة من المستخدمين!
صدمة كبيرة وواقع مرير يجعلنا نستشعر الخطر الكبير الذي يرمي بنا في غياهب التاريخ، حتى بالنسبة للمنافسة على المستوى الخليجي، حيث نقبع في المركز الخامس من حيث تطبيقات الحكومة الالكترونية. أملنا في مليكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين الذي استشعر المشكلة، وأمر حفظه الله بضخ ثلاثة بلايين ريال في مشروع الحكومة الالكترونية أن يحث المسؤولين الحكوميين على تفعيل هذه المكرمة الملكية الإنقاذية، وأن تصبح مفاهيم الحاسب والتقنيات الحديثة متطلباً أساساً في تكليف كل مسؤول حكومي جديد.


(عضو الجمعية السعودية للإدارة)

Monem75@Gmail.com


صورة «تراجيدية» للحكومة الإلكترونية
عبدالمنعم الحسين الحياة - 05/06/06//

تبذل مجموعة من الجهات الحكومية جهوداً مشتتة غير منتظمة للدخول إلى بوابة الحكومة الالكترونية، وتقديم الخدمات للمواطن الكترونياً، وعلى رغم الدعوة القديمة لدخول السعودية نادي الحكومات الالكترونية إلا أن النتائج المتحققة حتى الآن ليست بالمرضية، فعلى سبيل المثال مبادرة هيئة الاتصالات السعودية مع عدد من مصانع تجميع أجهزة الحواسيب لبيع مليون حاسب عن طريق التقسيط بفاتورة الهاتف مع شركة الاتصالات السعودية لم تنجح في بيع الرقم المستهدف، وفي أعلى الأرقام المعلنة بلغت فقط 250 ألف جهاز! وفي الوقت ذاته، نرى مبادرات بعض الأجهزة الحكومية بإدخال الحاسب الآلي للمكاتب ودفع فاتورة شراء عالية لتأمين أجهزة عالية المواصفات لتكون نهايتها أن تكون موضوعة على المكاتب للزينة أو كما فعل ذلك المدير الذي استخدم الشاشة الكبيرة لوضع عدد من الملصقات الخاصة بالمعاملات الورقية التي بين يديه، في إشارة واضحة إلى أن الحاسوب من متطلبات الديكور وأصول البرستيج، وضرورات العصر الحديث في أن يكون على المكتب شاشة حاسب، ويفضل من نوع شاشات البلازما (LCD) ولا يهم إن كانت موصولة بالحاسب أم لا. والمؤسف الآخر في ممارسات بعض الموظفين الحاذقين في استخدامات الأجهزة وتوجيهها لوجهة الترفيه هو اللعب المستمر بلعبة السوليتر (الورق) والاستمرار في اللعب لأوقات طويلة، وكأن الحاسب لم يوضع على مكتبه إلا لمساعدته في تمضية وقت مسل ظريف من دون تكاليف، وبشكل أنيق يبعد الشبهة من الموظف «الألعباني»، ويظهره في ثوب المجد الذي لا تبتعد عيناه من شاشة الحاسب، فعيناه طوال الوقت مجهدتان بمتابعة حركة أوراق اللعب على المرقابهذه صورة سريالية دراماتيكية تراجيدية واقعية، لم نأخذها من كوكب آخر بل من مكاتب الدوائر الحكومية، وقبل أن أغادر تلك المكاتب أود أن أكمل الصورة لدى القارئ، بتصوير مشهد دخول الانترنت للمكاتب، لتكون الفرصة السانحة للمتقدمين قليلاً في استخدامات الشبكة العنكبوتية وغيرهم بالتصفح الترفيهي على حساب فاتورة العمل الخاصة، ثم تتضخم المشكلة مع لعبة الأسهم التي عصفت بالمجتمع، ليكشف لنا وزير التربية والتعليم عن نسبة تتجاوز التسعين في المئة من عمليات التصفح التي تتم داخل أروقة الوزارة ومبانيها نحو شاشات الأسهم وأثناء الدوام الرسمي ليبيع الموظف ويشتري خلال الساعتين المخصصتين للتداول صباحاً، لتصبح المسألة شبه شلل، وأبعد من ذلك ان عمد بعض المديرين لتوزيع مناوبات على الموظفين في الدخول على الانترنت والتداول الالكترونيوفجأة ومن دون مقدمات أصبح كثير من الموظفين والمدرسين يحرصون على اقتناء الأجهزة المحمولة، ويدخل بعضهم بها داخل قاعات الدرس، ويشرح وعينه على مرقاب جهازه المتصل لاسلكياً عبر مودم راوتر لاسلكي متصل بخط اتصال سريع بالانترنت، وفره على حسابه الخاص، وفي المدرسة التي يعمل بها، ما حدا ببعض الإدارات التعليمة بإصدار تعاميم للحد من تلك الظاهرةوأخذت بعض الأجهزة بتوجيه دورات في الحاسب الآلي للموظفين، وللأسف كانت فرصة سانحة لشركات التدريب الأهلية لتحقيق مكاسب، وللموظفين بالحصول على دورات في الحاسب غير مجدية، لا تقوم على مبدأ الانتفاع والفائدة، بل تقوم على مبدأ طباعة المزيد من الشهادات الخاصة بمتطلبات الترقية فقط أو الحصول على مراكز أعلى إدارياً، وقبل أن أتجاوز النقطة أدعو لتوسيع التدريب على رخصة الحاسب الآلي والعمل بخطة تأهيل مرحلية تؤهل كامل الموظفين بهذه الرخصةومن المضحك أيضاً تفاخر شركة الاتصالات السعودية أخيراً بتحقيق 80 ألف خط سريع، فيما نسبة المتصلين في السعودية بحزمة الانترنت العريضة لا تتجاوز 0.3 في المئة من السكان، فيما النسبة في أميركا أكثر من 60 في المئة. وفيما نطمح إلى أن نحقق منجزاً في استخدام البريد الالكتروني كأبسط تطبيق من تطبيقات الحكومة الالكترونية نجد أن نسبة مستخدمي البريد الالكتروني لا تتجاوز 8 في المئة من المستخدمين>صدمة كبيرة وواقع مرير يجعلنا نستشعر الخطر الكبير الذي يرمي بنا في غياهب التاريخ، حتى بالنسبة للمنافسة على المستوى الخليجي، حيث نقبع في المركز الخامس من حيث تطبيقات الحكومة الالكترونية. أملنا في مليكنا المفدى خادمالحرمين الشريفين الذي استشعر المشكلة، وأمر حفظه الله بضخ ثلاثة بلايين ريال في مشروع الحكومة الالكترونية أن يحث المسؤولين الحكوميين على تفعيل هذه المكرمة الملكية الإنقاذية، وأن تصبح مفاهيم الحاسب والتقنيات الحديثة متطلباً أساساً في تكليف كل مسؤول حكومي جديد


(عضو الجمعية السعودية للإدارة




<a href="mailto:Monem75@Gmail.com">Monem75@Gmail.com</a>