منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 7 من 7
  1. #1

    صورتان على جدار الوحدة

    صورتان على جدار الوحدة

    انسحب من وسط ضجيج العزف والأغانى ,أعطى ظهره لكل الراقصين والمهنئين , وذهب إلى مقعد فى زاوية غير مرئية فى آخر القاعة حيث يستطيع أن يرى الجميع ولا يستطيع أحد أن يراه .
    جلس مسندا ظهره إلى المقعد ناظرا إليها فى انبهار وسعادة ممتزجتين بالحزن والألم .
    إنه اليوم الذى يتمناه أى أب , اليوم الذى تصبح فيه إبنته عروس جميل تتغنى الدنيا بجمالها ويحسدها القمر على تألقها النورانى الربانى .
    ولكن بدأت المشاعر تثور عليه , اليوم ستودع بيته , وحياته ودنياه وتنتقل إلى دنيا أخرى وحياة جديدة مع رجل اخر فى بيت اخر وحياة أخرى .
    آه , زفرها عالية موجعة حارة حتى كاد الجمع الراقص والصاخب أن يسمعها .
    - كم أحبك يا إبنتى الغالية
    قالها بحروف غير مسموعة متمنيا أن تهب الرياح لتحملها إليها وهى هائمة مع حبيبها فى دنيا جميلة , ولكن للأسف تلك الدنيا لن يكون له دور فيها , دنيا لاتتسع إلا لإثنين فقط ..هى وحبيبها .
    عزفت الموسيقى الختامية معلنة نهاية حفل الزفاف وعلى العريس أن يأخذ عروسه إلى منزل الزوجية , قام متثاقلا يجر قدميه الرافضتين الحراك راسما على شفتيه إبتسامة كاذبة محاولا أن يكفكف دموع عيناه التى يبكيها قلبه .
    نظر إليها من بعيد قائلا :
    - أحان وقت الفراق ؟
    هطلت دمعة خائنة كشفت اللثام عن قوته المصطنعة , مسحها بيده مسرعا كأنها العار , وصل إليها كم هى متألقة , شعر بإرتعادة تسرى فى جسدها المرمرى الرائع , فتح ذراعيه لها كما كان يفعل عندما كانت صغيرة , لم تخذله فهى إبنته الصغيرة مهما كبرت , وحتى فى يوم زفافها ستظل إبنته الصغيرة .
    ضمها إليه بقوة ناظرا بعينيه إلى زوجها الواقف جواره ينتظره أن ينتهى كى يحملها إلى الجنة المنتظرة , تمنى أن تعود طفلة مرة ثانية , وتمنى ألا تخرج من حضنه أبدا , ولكنه تركها .
    شعر باختناق شديد , دموع ثائرة على باب عينيه تريد التحرر من تلك المقلتين المتحجرتين بحجارة لبنية مصطنعة .
    أسرع إلى الخارج متعللا بأنه سيعد لهما السيارة , نظرت له وهمست فى أذنه :
    - لاتتركنى مهما كان.. أريدك بجانبى حتى النهاية .
    لم يستطع التحمل خارت كل قواه , حاول أن يصرخ قائلا :
    - أرجوك لاتتركينى , ولكنه لم يستطع .
    ضم يدها إلى يده ووقف على الجانب الآخر من زوجها , مشبكا يده بيديها بكل قوة ممكنة .
    وسارت هى بين رجل يستعد لأن تدخل حياته , ورجل يستعد لأن تخرج من حياته .
    وصلوا الثلاثة إلى السيارة , أصر على أن يفتح لها الباب , وأن يقود السيارة بنفسه .
    صرخت رافضة قائلة :
    - كيف تفعل ذلك ؟ أتقود السيارة بنفسك ؟
    أجابها وهو يقبل يديها :
    - أريد أن أوصلك بنفسى إلى المنزل .
    نظرت فى عينيه ولم تتمالك نفسها فدخلت فى حضنه قائلة :
    - كم كنت أتمنى أن تكون أمى معنا الآن يا أبى !!
    إعتصرته الجملة غير المتوقعة نهائيا , ربت على رأسها قائلا وهو يتصنع الإبتسام :
    - هيا يا حبيبتى زوجك ينتظرك .
    نظرت متعجبة من إجابته , ولكنه لم يعطيها الفرصة للتعجب أو الإستفسار .
    فتح الباب منحنيا إنحناءة خفيفة قائلا بلغة نوبية ضحك منها الجميع :
    - إتفضلى يا هانم .
    دخلت إلى السيارة وكأنها أميرة وبجوارها فارس الأحلام .
    دلف إلى المقعد الأمامى ضابطا وضع المرآة بحيث يتمكن من رؤيتها .
    فى الطريق مر شريط الذكريات أمام عينيه كما تمر السيارات المسرعة , كانت عيناه حائرة بين الطريق وبينها .
    وصلوا إلى المنزل صعد معها , فتح لهما الباب , دخلا , وقف متسمرا أمام الباب ولم يتحرك .
    سألته
    - ماذا بك ؟ لماذا لم تدخل ؟
    نظر اليها طويلا ممسكا بمقبض الباب قائلا :
    - هنا ينتهى دورى , أحبك , وداعا .
    أغلق الباب خلفه دون أن يترك لها المجال كى تجيبه , لم ينظر لها مع أنه متأكدا أنها فتحت الباب تناديه , كإبن العشرين أخذ يقفز على درجات السلم حتى وصل إلى الدور الأرضى , هنا أدرك أن عمره تعدى الخمسين بثلاث خطوات , شعر بألم حاد فى صدره , دلف إلى سيارته وأسرع إلى منزله .
    أغلق بابه وكأنه يغلق على عمر وحياة مضت , شعر أن كل ركن فى المنزل غريب , ولكن الشىء الوحيد الموجود كان رائحتها التى تملأ المكان.
    دخل إلى غرفتها , إقترب من فراشها مازال يحمل آثار جسدها .
    استلقى مكانها محتضنا الوسادة الصغيرة وترك لدموعه العنان فروت خديه الجافين .
    شعر بعطش شديد , دون أن يدرى نادى عليها !
    إنصعق من جراء مافعله .
    قام من على الفراش .. خلع صورتها الكبيرة , دخل غرفة نومه , علق صورتها جوار صورة والدتها التى رحلت منذ سنوات قليلة .
    إستلقى على فراش الوحدة ناظرا إلى الصورتين المعلقتين فوق جدار الوحدة .
    شعر ببرودة شديدة , ضم ركبتيه إلى صدره وراح فى سبات عميق .
    يحيي هاشم
    10/8/2005
    يا قاتلى فلتنتظر وامنح قتيلك بضع ثوان
    واخض السيف قليلا اننى ماعدت أبصر من
    اللمعان

  2. #2
    اتمنى الا يكون قد مات......
    قصة تتكرر وسط واقعنا الحنون الاباء الكبار بمعنى الكلمة والذين يعضون على عواطفهم لتحيا قلوب غضة.....
    كنت سمعت ام فراس تلمح لقصة مثلها ولكن لن تتشابه الاقلام اتمنى ان توردها هنا فنقارن مشاعر المومة والابوة
    بارك الله فيك
    قصة فيها من المشاعر المباركة الكثير...
    ولكن لم استطع نقدها ادبيا ....ربما انت اقدر....
    العقدة فراق الابنة...والنهاية في قلب القارئ...

  3. #3
    بنت الشام;12063
    اتمنى الا يكون قد مات......
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    قصة تتكرر وسط واقعنا الحنون الاباء الكبار بمعنى الكلمة والذين يعضون على عواطفهم لتحيا قلوب غضة.....
    كنت سمعت ام فراس تلمح لقصة مثلها ولكن لن تتشابه الاقلام اتمنى ان توردها هنا فنقارن مشاعر المومة والابوة
    لو كان ذلك فبالطبع قصة أم فراس أفضل من كل النواحى
    بارك الله فيك
    قصة فيها من المشاعر المباركة الكثير...
    وبارك فيكى .
    ولكن لم استطع نقدها ادبيا ....ربما انت اقدر....
    العقدة فراق الابنة...والنهاية في قلب القارئ...
    ومن هذا الذى يفوق نقد قارئة مثلك
    أنتظره
    يحيي هاشم
    يا قاتلى فلتنتظر وامنح قتيلك بضع ثوان
    واخض السيف قليلا اننى ماعدت أبصر من
    اللمعان

  4. #4
    تسجيل مرور
    اتمنى ان اجمع قدر كافي من القصص المنقولة والمصاغة بايدي اصحابها عبر منتدانا العطر...
    لنشكل رصيدا قويا لكل مطلع
    فعلا لي اشجان عبر هذا الموقف....
    لي عودة....بعنوان اخر ولكن ارجوك اخي يحيى دون تواضع بصمتك واضحة في قلم ذهبي
    اسلوب ادبي رقيق ومشاعر حميمية ..دافقة تقوم بسياحة داخل النفس الانسانية الشرقية الحنونة....
    وانا من محبي السياحة في دهاليز النفس الانسانية اللغز
    وفقك الله
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #5
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة omferas مشاهدة المشاركة
    تسجيل مرور
    اتمنى ان اجمع قدر كافي من القصص المنقولة والمصاغة بايدي اصحابها عبر منتدانا العطر...
    لنشكل رصيدا قويا لكل مطلع
    فعلا لي اشجان عبر هذا الموقف....
    لي عودة....بعنوان اخر ولكن ارجوك اخي يحيى دون تواضع بصمتك واضحة في قلم ذهبي
    اسلوب ادبي رقيق ومشاعر حميمية ..دافقة تقوم بسياحة داخل النفس الانسانية الشرقية الحنونة....
    وانا من محبي السياحة في دهاليز النفس الانسانية اللغز
    وفقك الله
    أم فراس
    لك التحية
    صدقينى سيكون للمنتدى الأدبى شأن عظيم إن شاء الله
    شكرا لمجاملتك لى .
    تحية لك
    يحيي هاشم
    يا قاتلى فلتنتظر وامنح قتيلك بضع ثوان
    واخض السيف قليلا اننى ماعدت أبصر من
    اللمعان

  6. #6
    اتمنى ذلك
    اشكرك من كل قلبي
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  7. #7

    Question

    كل الشكر لك اخي الكريم
    لك تحياتي
    كم من الزهور التى نزفت دماءها لتملأ زجاجة عطر
    العطر دماء زهور والعمر دماء بشر
    ولهذا أحزن كثيرا كلما رأيت زجاجة عطر فارغة ملقاة على الرصيف
    او رأيت إنسانا محمولا على الأعناق
    العطر أنت ياوطن
    والزهور دماء أطفالنا الأبرياء

المواضيع المتشابهه

  1. صورتان لمكة المكرمة ..
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان المناسبات
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-24-2019, 05:37 AM
  2. الوحدة
    بواسطة مؤيد البصري (مرئد) في المنتدى - فرسان أدب الأطفال
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 12-11-2015, 04:40 PM
  3. الوحدة تعصمنا
    بواسطة ياسر الششتاوي في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-22-2011, 03:18 AM
  4. حلم الوحدة العربية
    بواسطة نبيل البحر في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-28-2011, 03:18 AM
  5. السعودية: سقوط خيار السلام نتيجة للغطرسة الإسرائيلية لن يبقي سوى خيار الحرب
    بواسطة الخيّال في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 07-31-2006, 03:13 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •