الديك المزعج



وهي قصة الفيلسوف الألماني ( كانت ) الذي كان كثير الانزعاج من صوت ديك جاره



وكان هذا الديك يصيح ويقطع على هذا الفيلسوف أفكاره



فلما ضاق به بعث خادمه ليشتريه ويذبحه ويطعمه من لحمه, ودعا إلى ذلك صديقا له, وقعدا ينتظران الغذاء ويحدثه عن هذا الديك وما كان يلقى منه من إزعاج, وما وجد بعده من لذة وراحة
حتى أصبح يفكر في أمان ويشتغل في هدوء, فلم يقلقه صوته, ولم يزعجه صياحه.
ودخل الخادم بالطعام



وقال معتذرا: إن الجار أبى أن يبيع ديكه فاشترى غيره من السوق, فانتبه ( كانت ) فإذا الديك لا يزال يصيح!!



يعلق الشيخ الطنطاوي على هذه القصة قائلا:



فكرت في هذا الفيلسوف فرأيته قد شقي بهذا الديك لأنه كان يصيح, وسعد به وهو لا يزال يصيح, ما تبدل الواقع, ما تبدل
إلا نفسه, فنفسه هي التي أشقته لا الديك, ونفسه التي أسعدته, وقلت ما دامت السعادة في أيدينا فلماذا نطلبها من غيرنا؟ وما دامت قريبة فلماذا نبعدها عنا ؟
إننا نريد أن نذبح الديك لنستريح من صوته



ولو ذبحناه لوجدنا في مكانه مائة ديك لأن الأرض مملوءة بالديكة.
فلماذا لا نرفع الديكة من رؤوسنا إذا لم يمكن أن نرفعها من الأرض؟ لماذا لا نسد آذاننا عنها إذا لم نقدر أن نسد أفواهها عنا؟



لماذا لا تصرف حسك عن كل مكروه؟
لماذا لا نقوي نفوسنا حتى نتخذ منها سورا دون الآلام؟
كل يبكي ماضيه ويحن إليه, فلماذا لا نفكر في الحاضر قبل أن يصبح ماضيا؟