دولة المؤسسات دولة الأمر الواقع
د. فايز أبو شمالة
لا مانع لدى إسرائيل، ستوافق بصمت على فكرة تأسيس الفلسطينيون دولتهم حيث رسخت أقدامهم، وستحتفظ هي بالأرض حيث وطأت عليها أقدام المستوطنين، ولا مانع لدى إسرائيل أن يقيم السيد فياض مؤسسات دولته، وليعزز أركانها، ولا بأس من الإعلان عنها في الموعد الذي حدده السيد فياض، آب 2011، وذلك لأن جغرافية هذه الدولة ستقام على المناطق التي يسيطر عليها الفلسطينيون، وضمن الحدود الأمنية المعروفة، وكل هذا لن يضير إسرائيل في شيء، وذلك للأسباب التي ارتضتها إسرائيل، وعملت عليها سنوات، وهي:
1ـ ضمان القدس الموحدة عاصمة أبدية للكيان الغاصب، وأكبر دليل على ذلك؛ منع السيد فياض من الوصول إلى المدينة المقدسة قبل أيام، ورعاية احتفال في أحيائها العربية.
2ـ ضمان بقاء المستوطنات، ومحيطها، وطرقها الالتفافية، وانضمام كل ذلك إلى دولة إسرائيل، على افتراض أن الدولة الفلسطينية قد تحققت حيث رسخت أقدام الفلسطينيين.
3ـ ضمان عدم التواصل بين أوصال هذه الدولة الوليدة، مع التواصل الجغرافي للمستوطنات التي امتدت حيث وطأت أقدام المستوطنين بما في ذلك منطقة الأغوار.
4ـ ضمان حل قضية اللاجئين، وإنهاء الصراع كما تم تخيله في أجمل الأحلام الإسرائيلية.
ضمن هذا الحل المفروض على إسرائيل بقوة الواقع الفلسطيني المؤسساتي، والضغط الدولي، تكون إسرائيل قد تركت انطباعاً لدى شعوب الأرض بأن الفلسطينيين هم الذين أملوا هذا الحل عليها بقوة الإرادة، وحسن الإدارة للسيد فياض، الذي تصدى للمقاومة، واعتمد على سياسة النفس الطويل في بناء مؤسسات الدولة، لينتصر الفلسطينيون الذين حققوا من خلال معركة السلام ما عجزوا عن تحقيقه بالمقاومة، لقد انتزعوا حقوقهم من أيدي الإسرائيليين، وفرضوا دولتهم بقوة إرادتهم، وإرادة المجتمع الدولي.
من المؤكد أن مئات الفلسطينيين سيخرجون إلى الشوارع، يرقصون أمام الفضائيات، ويحتفلون بالانتصار على دولة إسرائيل دون إراقة دماء، ودون مزيد من السجناء، وسيتعاظم التصفيق للسيد فياض الذي فرض الدولة رغم أنف إسرائيل، التي أوهمت الجميع بالخضوع، ولاسيما وهي تستجيب لإرادة المجتمع الدولي، وتطلق سراح ألاف الأسرى الفلسطينيين، وتغض الطرف عن توسيع نفوذ الدولة الفلسطينية عدة أمتار من كل اتجاه، لتعزز الإيحاء بأن الفلسطينيون قد حققوا النصر المبين على تطرف معسكر اليمين.