أول من قام بقياس الأوزون في مصر رائد الثقافة العلمية المعاصرة الدكتور جمال الدين الفندي
القاهرة: محمود خليل
العالم النابغة د. محمد جمال الدين الفندي، رائد علم الفلك في مصر والعالم، وأحد أبرز العلماء المعاصرين الذين تجلت على أيديهم فكرة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة، وقد نجح د. الفندي في تأسيس مدرسة علمية إسلامية أصيلة في علوم الفلك والأرصاد الجوية ينتشر تلامذتها على اتساع ساحة البحث العلمي في مصر والعالم.
والدكتور جمال الفندي.. له مشوار علمي مثير، وله بصمات علمية ستظل خالدة شاهدة له بالعبقرية كأنجب تلاميذ العالم المصري الكبير علي مصطفى مشرفة.
ولد الدكتور جمال الدين الفندي عام 1913م بالسودان، وأتم دراسته الابتدائية بمدرسة عطبرة بها، ثم انتقل مع أسرته إلى مصر عقب ثورة السودان عام 1925م، حيث التحق بمدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية الإعدادية، ثم مدرسة الإبراهيمية الثانوية، ومنها حصل على شهادة البكالوريا "الثانوية" بمجموع درجات كبير يؤهله للالتحاق بكلية الطب، واستجابة لإرادة أسرته التحق فعلاً بكلية الطب، ثم قام هو بسحب أوراقه للالتحاق بكلية العلوم، نظراً لميله الشديد لدراسة العلوم...
وفي كلية العلوم تتلمذ الدكتور الفندي على يد العالم المصري النابغة د. علي مصطفى مشرفة، أستاذ الفيزياء، حيث درس معه "نظرية النسبية" لأينشتين، ونظرية الكهرومغناطيسية، ثم تخرج من كلية العلوم بتقدير "ممتاز" عام 1935م، وكان يعطيه الدرجات النهائية ويناديه بجمال أفندي.
بعد ذلك سافر الفندي إلى إنجلترا للدراسات العليا، حيث حصل على دبلوم الأرصاد من جامعة لندن عام 1937م، وفي عام 1939م اندلعت الحرب العالمية الثانية، وانتُدب خلالها خبيراً لجيش الحلفاء بالشرق الأوسط، وخلال هذه الفترة قام بإجراء عدد من البحوث المهمة، نشرتها وزارة الطيران البريطانية، والمجمع الملكي البريطاني، وحصل بموجبها على وسام الإمبراطورية البريطانية، واستطاع بهذه البحوث الحصول على درجة الدكتوراه.
عين عام 1953م أستاذاً بجامعة الإسكندرية، ثم انتقل عام 1956م إلى جامعة القاهرة، حيث أسس بها قسم الفلك والأرصاد الجوية، كما أنشأ القسم نفسه بجامعة الأزهر.
وخلال هذه الرحلة العلمية التي زادت على الستين عاماً، قدَّم الدكتور الفندي للمكتبة العلمية سلسلته القيمة "الإسلام والعلم" في سبعة أجزاء باللغة الإنجليزية، والتي كان له فيها فضل السبق في تقديم الجانب العلمي المشرق للحضارة الإسلامية، حيث كانت مدخلاً طيباً لتعريف الكثيرين من مفكري الغرب بالإسلام على نحو صحيح.
بلغت مؤلفاته العلمية المتخصصة أكثر من 70 كتاباً حول تاريخ العلوم، والحضارة العلمية للمسلمين، إلى جانب عشرة كتب في علم الفلك والأرصاد الجوية، وهي أولى لبنات هذا العلم باللغة العربية في الجامعات المصرية والعربية. كما ترجم الكتاب المهم "تاريخ الفيزياء" "لجورج جاماو"، وخلال هذه الرحلة العلمية، تتلمذ على يديه المئات من طلاب الماجستير والدكتوراه.


مؤسس مدرسة البحث في الإعجاز العلمي للقرآن والسنة


كان للدكتور الفندي الفضل في نشر الثقافة العلمية من منظور إسلامي بين الجماهير، من خلال نشره المقالات العلمية في الجرائد والمجلات، وعن طريق أحاديثه بالإذاعة والتلفاز في العديد من فروع العلم، خاصة الفلك وعلوم الفضاء والفيزياء، والأرصاد الجوية، التي يعتبر واحداً من مراجعها الأساسية في جامعات العالم، وإليه يرجع الكثير من الفضل في تأسيس مدرسة أصيلة لإعادة تقديم التراث العلمي للمسلمين، وإعادة النظر في المشروعات العلمية لمئات العلماء المسلمين من أمثال ابن الهيثم والبيروني وجابر بن حيان وغيرهم، ومن عطاء هذه المدرسة تأسست "مدرسة البحث في الإعجاز العلمي للقرآن والسنة في العصر الحديث" وفي هذا الميدان قدم الدكتور الفندي أكثر من مائة كتاب وبحث ورسالة.. لعل أهمها تلك الكتب التي قام فيها بتبسيط هذه العلوم وجعلها بمثابة ثقافة علمية، يقرؤها الناس في كتب ورسائل منشورة من وزراة الثقافة وهيئة الكتاب مثل:
(المريخ، 1960م)، (الفضاء الكوني، 1961م)، (غزو الفضاء، 1963م)، (الكون الغامض، 1994م)، (رواد الصواريخ، 1959م)، (تابع الشمس، 1967م)، (كل شيء عن الأقمار الصناعية وسفن الفضاء، 1961م)، (سكان السماوات 1959م)... وغيرها.
وكان يقوم بالرد على الكثير من الخرافات المنسوبة إلى العلم، لأن دراسة كتاب الله المنظور "الكون" دراسة علمية سليمة بعيدة عن الخرافات، ودراسة كتاب الله المسطور "القرآن الكريم" في ظل دراسة الكون، إنما تقود حتماً إلى الإيمان خصوصاً في عصر العلم.


ثقب الأوزون.. خرافة!!


وكان من أهم آراء الدكتور جمال الدين الفندي العلمية، أن مسألة "ثقب الأوزون" التي تتهدد البشرية إنما هي محض خرافة، وذلك لأن الأوزون لا يلعب أي دور في النشاط الجوي بأسره، وقوام سقف الأرض السقف المرفوع هو غاز الأوزون أو النيتروجين بنسبة 80% من حيث الحجم، بالإضافة إلى غاز الأكسجين الفعال بنسبة 20%، ويختلط معها نحو 1% غازات نادرة مثل النبتون، والكربتون، والزينون، والهيليوم، تختلط معها مقادير من غاز ثاني أكسيد الكربون، راحت تتزايد في عصر الصناعة، ورغم أن الأكسجين هو الغاز الفعال في الهواء الجوي، إلا أنه لقدرة الله وحكمته لو زادت نسبته عن هذا القدر، ما أمكن إطفاء أي حريق يشب على الأرض، أما إذا نقصت، كما يحدث من عمليات حرق البترول والفحم وغيرها على نطاق واسع... فإن أوخم العواقب قد تحدث بفعل ارتفاع درجة الحرارة... أما الحديث عن الأوزون وطبقته.. كما شاع أخيراً.. فإن ذلك بعيد عن مجال العلم السليم، لأن السقف المرفوع وهو مرفوع إلى حوالي ألف كيلو متر فوق سطح الأرض، بغير عمد ترونها، ولكن بفعل قوة اندفاع الغازات إلى الفضاء الكوني، وذلك من خصائص الغازات أنها تندفع بقوة تلقائياً لتملأ الفراغ الذي تعرض له، وهكذا يندفع هواء الأرض إلى أعلى "الفضاء الكوني"، والذي يمسكه ويشده إلى سطح الأرض ويحول دون تسربه إلى الفضاء الكوني هو إمساك أو قبضة الجاذبية الأرضية له.. وتتعادل القوتان.. فيظل سقف الأرض مرفوعاً ومحفوظاً إلى ما شاء الله تعالى... وصدق الله إذ يقول: والسقف المرفوع (5) (الطور)، وصدق الله القائل: وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون 32 (الأنبياء).
وللعلم يقول الدكتور الفندي أنا أول من قاس الأوزون في مصر منذ 50 عاماً، ولا يزال جهاز الأوزون موجوداً في بيتي، والأوزون علمياً، لا يمثل سوى 0.6 من الملي متر، وهو عبارة عن أوكسجين قليل الكثافة "أ" وليس "أ2" وهو ممتد من سطح الأرض عند أقدامنا إلى ارتفاع نحو 50 ك.م. فوق سطح الأرض، وأن ما يطلقون عليه الآن ثقب الأوزون.. ما هو إلا دعايات تقوم بها شركات صناعية كبرى خاصة في أمريكا وأوروبا لترويج غاز جديد بدلاً من "الفريون" ومن ثم ترويج صناعات حديثة متعددة، ولكن علمياً يستحيل أن يؤثر ثقب في الغلاف الجوي، وأكرر قول الله تعالى: وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون 32 (الأنبياء).


من مدرسة حسن البنا


وكان يرحمه الله كثيراً ما يترحم على الإمام حسن البنا، الذي يقول عنه إنه أول من وجهني لدراسة هذا التخصص، وأول من وضع أقدامي على طريق فهمي للإسلام فهماً صحيحاً منذ كنت غلاماً صغيراً بحي مصر القديمة.
ترك الدكتور الفندي بنتين إحداهما صيدلانية، والأخرى أستاذة جامعية بمعهد "تيودور بلهارس" التابع لأكاديمية البحث العلمي كما ترك المئات من أبنائه العلماء في الجامعات المصرية والعربية والأجنبية الذين يفهمون جيداً رسالة العلم في الإسلام.
وظل طاقة مشتعلة، وحركة دائبة رغم الشيخوخة والوهن، حتى النفَس الأخير في حياته، حيث توفي في 26-6-1998م، بعد حياة حافلة بالعلم الغزير، والعمل النافع، رحم الله الدكتور الفندي.. وتقبله في الصالحين.