منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    عقبات وأشواك(الجزء الثاني)

    … إلى المجهول:
    مرت ثلاثة عشر شهرا …… بين مفوضية الشرطة الرئيسية والسجن المدني بالعاصمة مرت سنة وشهرا كان عمر قد تعود على الحياة داخل أسوار السجن المحاذي لمقبرة شهيرة والمجاور للبحر، ولم تمض هذه الأشهر فارغة في حياة عمر، بل استفاد منها كثيرا وتعلم خلالها ما لم يمكن أن يتعلمه خارج المعتقل.جمعته الأقدار مع اليساريين وبعض الإسلاميين، وكانت أيام السجن بالنسبة له عبارة عن جامعة مفتوحة، وكانت فرصة ثمينة لعمر حيث أعاد ترتيب أوراقه من جديد، كان يجهل الكثير عن شخصية إسلامية دعوية معروفة، بالرغم من أنه عاشر هذه الشخصية خارج السجن حوالي ثلاث سنوات، كان هذا الشخص زعيما لإحدى الجماعات الإسلامية الشهيرة على الساحة المغربية والدولية، وكانت قضية عمر مرتبطة إلى حد ما بقضية هذه الشخصية الإسلامية الكبيرة. حيث فوجئ عمر بأن هذا الزعيم الإسلامي البارز يجمع بين الكثير من المتناقضات، ففي الوقت الذي يدعو فيه إلى تطبيق الإسلام الصحيح يمارس في ذات الوقت ممارسات لا تتفق مع الإسلام، أيضا تعرف عمر على الكثير من فصائل اليسار فتكونت عنده ارتسامات ايجابية عن اليساريين وسلبيات كثيرة على هذه الشخصية الإسلامية، وبما أن مسار هذا الموضوع (عقبات وأشواك) لا يستقيم مع الدخول في متاهات أخرى فإنه يتوجب أن يتم إرجاء ذلك لقصة أخرى من قصص الحياة.
    9-2-1985
    كانت العادة تقتضي أن يستقبل السجين السياسي لدى مغادرته بوابة السجن من قبل عائلته، أسرته، أصدقائه أو جماعة من أنصاره.. وكل هذه الكائنات لم تكن موجودة بالنسبة لعمر وهو يغادر البوابة الحديدية للمعتقل.. لقد دخل السجن وحيدا (بلا انتماء) لجماعة سياسية ما وبالنسبة للعائلة فإقامتها بعيدة جدا عن العاصمة (400كلم) أضف إلى هذه المسافة قلة الزاد والمال.. ومن هذه الناحية كان يتوقع عمر ألا يأتي أحدا من عائلته لاستقباله.أما الأصدقاء فقد تحاشاه الكثيرون قبل أن يدخل السجن فأحرى أن يستقبلوه وهو خارج منه.
    كانت بهية هي الوحيدة التي تحسب الأيام والساعات وليس الشهور فحسب، كانت آخر من كتبت إليه قبل إطلاق سراحه بأيام معدودة رسالة تندب عبر سطورها حظها التعيس لأنها لن تستطيع أن تكون في استقباله وهو يغادر قبر الحياة خاصة وأن الزمن لم يكن ليمنحها فرصة كعطلة مدرسية أو أي سبب آخر، لكن عمر طمأنها بأنه لا داعي لمجيئها.. ووعدها بمجرد ما يرتب أموره سيذهب حتما لزيارتها في مدينتها الجنوبية.
    كان الجو ربيعيا غير مشمس ولا ممطر، وكانت السماء مغلفة بأكوام من الضباب.. نودي على عمر في حدود الساعة التاسعة من صباح يوم:1985.2.9 من ذلك اليوم اللا ممطر واللا مشمس، وبعد الإجراءات الروتينية استلم عمر من إدارة المعتقل ورقة خروجه، تتضمن إسمه بالكامل وإسم والديه وتاريخ إيداعه المعتقل وتاريخ مغادرته إياه، لم يكن لدى عمر أية أغراض خاصة ولا نقود مودعة بإدارة المعتقل..
    فتحت البوابة الحديدية الصلبة للمعتقل واستنشق عمر هواء العاصمة المبلل برطوبة البحر، كان برفقته سجين آخر الذي وجد في استقباله بضعة أفراد من عائلته، لم يكن عمر يتوقع أن يجد أحدا هنا في استقباله، لذلك حاول أن يتحاشى لقاء عائلة السجين الزميل، لكن أفراد عائلة هذا الزميل كانوا كرماء فمنحوا عمر قبلات وهنأوه بالسلامة، شكر لهم مسعاهم وانسل من بينهم في هدوء.
    كان يعلم أن لديه صديقا كان الوحيد الذي يواظب على زيارته يوم الجمعة من كل أسبوع بلا انقطاع باستثناء أسبوع واحد في السنة كلها كان الصديق الوفي قد سافر في زيارة لعائلته، لكنه عبر لعمر عن أسفه وندمه الشديد على هذا السفر، وتركه ينتظر زيارته..
    لم يكن عمر يتوقع مجيء صديقه، ظنا منه أنه لا يعلم تاريخ مغادرته المعقل، لكن عمر كان قد قرر زيارته لاستضافته يوما أو يومين ومن تم أن يتدبر منه مبلغا من المال يستعين به في سفره إلى مسقط رأسه..
    لم ينتهي عمر من هذا التخمين وهو يخطو أولى خطواته في الحياة الثانية وإذا به يرى صديقه.. وفيا كما كان دائما.. ينتظره على بعد خطوات من بناية السجن وبيده باقة من الورد هدية لعمر، تعبيرا منه عن إخلاصه الأبدي للصداقة والوفاء.. لم تكن مفاجأة لكنها لم تكن متوقعة.
    قبل أن يقول عمر شيئا كان صديقه قد قرر بمفرده كل شيء ورتب كل شيء.. طمأن عمر بأنه لن يحتاج إلى أي أحد..
    ذهبا معا لأخذ صورة تذكارية تؤرخ لهذا اليوم ثم انطلقا إلى بيت الصديق..
    خطوة الاستقبال هذه كان قد خطط لها الصديق بالاتفاق مع بهية التي أطمأنت لها كثيرا لأن عمر سيجد من يستقبله في بوابة السجن، كان هو الشخص الوحيد الذي تطمئن إليه بهية وكانت تستعين به للاطلاع على الأخبار ومجريات الأمور المتعلقة بعمر عن طريق الهاتف الذي كان نادرا حينها، خاصة عندما تتأخر الرسائل البريدية في الوصول.
    صباح الغد غادر عمر مدينة السجن في اتجاه مسقط رأسه بإحدى مناطق الشمال، وكان اعتقاله وسجنه خلفا فراغا في تلك المنطقة البدوية القاحلة من كل شيء.. من الطرق.. من الكهرباء ومن انعدام التنمية.. كان عمر يسمي منطقة مسقط رأسه ب"العالم الثالث عشر"من هنا بدأت معركة عمر مع الظالمين ومن هنا انطلقت شرارة الصرخة التي أخافت المتخاذلين..
    كان الجميع هنا يتمنى عدم عودة عمر. كما في كل الحالات السابقة.. في كل مرة يعتقل عمر من طرف أجهزة النظام التي كانت تصنفه كمعارض عنيد، كان القوم هناك يستبشرون خيرا بذلك..
    كان عمر رجلا مقلقا للسلطات والمنتخبين على السواء. كان يحرص على إشاعة الحرية والعدل بين الناس، وكان خصما عنيدا للمسئولين ومن في حكمهم..
    كانوا يعتقدون أن عمر قد أنهكه السجن وبالتالي لم تعد له مطالب.
    خرج من السجن وأمامه قضيتان أساسيتان قبل أن يفكر في أي شيء آخر..
    الأولى: العمل على استرجاع مكتبه الصغير الذي إستولت عليه السلطة المحلية والجماعة القروية بمجرد دخوله السجن..
    الثاني: محاولة استدرار عطف والد بهية وإقناعه بالكذبة البيضاء التي كانت قد أطلقتها بهية وتتعلق بأنه خارج أرض الوطن.
    وبما أن الأولوية كانت عند عمردائما هي للحرية والكرامة وتفضيلها على ماتبقى من الأمور الحياتية الأخرى، فقد فضل كعادته أن يخوض معركة غير متكافئة لاسترجاع غرفته (مكتبه) فيما أرجأ قضية بهية للمرحلة الثانية، خاصة وأن الأخيرة كانت في مرحلة نهاية السنة الثانوية العامة(الباكالوريا) لذلك فقد إطمأن للوقت من جهة، وحب بهية من جهة ثانية.
    - معركة جديدة:
    لم يكن عمر يعترف بالهزيمة إطلاقا، وكان شعاره:"المعركة صولات وجولات،ويوم لك ويوم عليك،" كان عمر يستأجر مكتبه استنادا إلى عقد يربط بينه وبين رئيس جماعة قروية، وكان يتخذه للنشاطات السياسية والاجتماعية، حتى أضحى هذا المكتب أو (الغرفة) بمثابة ديوان للمظلومين والمشتكين من تعسفات السلطة وحوارييها، ومنه كانت تعد المراسلات الصحفية للجرائد الوطنية وفيه تحرر المراسلات للدوائر الرسمية ومنظمات حقوق الإنسان الوطنية والدولية.. كان يصعب أن يتم ذلك في منطقة نائية، مهمشة وبعيدة بآلاف السنوات عن الحضارة..كان الأمر صعبا جدا..
    وبمجرد غياب عمر عن المنطقة أوتغييبه داخل جدران السجن سارع قائد المنطقة ورئيس جماعتها القروية إلى الاستيلاء على تلك البناية البسيطة والمتخلفة جدا، والتي كانت تستعمل من قبل عمر ك"مكتب"... دون أن تتوفر فيها أدنى شروط الحياة فأحرى أن تستخدم كمكتب يسبب الإزعاج للسلطات من منطقة جبلية نائية جدا إلى قلب العاصمة.. وكانت هذه هي عناوين التحدي التي تميز عمر عن سواه.. علم عمر، من داخل السجن أن مكتبه أضحى في خبر كان.. وأنهم استولوا عليه وسلموه لأحد أقربائه عن طريق الإيجار كذلك.. كان هذا القريب حديث عهد بالحياة الجماعية، فقد رشحه عمر باسم حزب سياسي في الانتخابات الجماعية لسنة 2003 وبما أن السلطات رأت في ترشيحه لهذا الشخص خطرا على مصالحها فقد استعانت هذه السلطات بكل ما أوتيت من قوة وبأس ومكر أيضا لعدم قبول ترشيح هذا الشخص، لكن عمر يسر له كل الوثائق المطلوبة وقبل ترشيحه رغما عن السلطات وبيادقها.. وابتدأت معركة جديدة خلال الحملة الانتخابية، كانوا يشترون الناس بالمال ويرهبونهم بقوة السلطة والسطوة،وكان يعمر يقنع الناس بأنهم إذا صوتوا لغير هذا الشخص فإنهم يشهدون الزور، وأن رهبة السلطة لا تساوي شيئا أمام رهبة الله سبحانه...
    كان عمر قبل هذه الفترة خطيبا لا معا ومحاضرا بارعا في الدين والسياسة، وحينما كان يتحدث كان الجميع ينصت لا لشيء..فقط لأنه كان ينطلق من الدين، وكانت له قدرة على الحوار والإقناع.
    ابتدأ عمر وأنصاره حملتهم الانتخابية لفائدة مرشحهم بتجمع جماهري كبير هو الأول من نوعه في منطقة نائية ومتخلفة، وقد حاولت السلطات منع هذا التجمع بواسطة الضغط على الناس وحثهم على مغادرة المنطقة الترابية للقيادة والجماعة، لكن هؤلاء الناس اختفوا تحت ظل الأشجار وجنبات الوادي.. وبمجرد ما سمعوا رنين الميكروفون عادوا وانظموا للتجمع.. جهزت السلطات قواتها واستعانت بالدرك..وكأنها تستعد لحرب وشيكة، لكن عمر كان يضحك كلما التقى صدفة بقائد المنطقة الذي ظل متوترا طيلة النهار، وحينما افتتح عمر تجمع حزبه كان القائد هو من تولى عملية تسجيل المداخلات بواسطة آلة تسجيل تقليدية.. كانت كلمات عمر قاسية جدا على السلطات خاصة حينما انظم لهذا التجمع إطار من ذات المنطقة وكان موظفا هناك.. أشاد في كلمته بالتجمع ومنظميه وكال الانتقادات لأجهزة السلطة التي لا تحترم القانون والحريات.
    كان تدخل هذا الموظف (الإطار) بمثابة صدمة للسلطات...
    انتهى التجمع بلا مصادمات... و شرع انصار عمر في حملة انتخابية نظيفة جدا، إذ لأول مرة في تاريخ المنطقة لم تصرف أموال و لم يخشى الناس من السلطات فكانت النتيجة لصالح مرشح عمر، لكن ماذا حدث بعد؟
    جاءوا إليه فجرا فاخذوه (المرشح) مباشرة عند رئيس الدائرة الذي استخدم معه أسلوب الترغيب والترهيب، وخيره بين أن ينسحب من الحزب الذي ينتمي إليه عمر ويلتحق بحزب السلطة.. أو أن مصيره سيكون سيئا.. كان المرشح مجرد فلاح بسيط فأرهبه كلام السلطة الغليظ حيث بالغوا في تخويفه، لدرجة أنهم أفهموه أن عمر ضد الملك.. وما أدراك ما الملك.. اختفى مرشحنا.. أياما عديدة ولم يظهر إلا بعد تشكيل مكتب الجماعة القروية حيث صوت لفائدة رئيس السلطة، وكان أنصار عمر يطمحون إلى تغيير هذا الرئيس الذي كان أداة طيعة في يد المخزن.. بعد ذلك أضحى هذا المرشح يكيد المكائد لعمر وعائلته فكانت النتيجة أكثر من ثلاث سنوات عداوة وبغضاء بين عمر وقريبه هذا الذي استخدمته السلطة كوسيلة من وسائل الترهيب ضد عمر وأنصاره.. لذلك حينما استولت السلطة على مكتب عمر، قدمته هدية لهذا المرشح نكاية بعمر، فأضحى من المستحيل على عمر أن يتنازل عن هذه الغرفة الرديئة التي كان يسميها مكتبا.. فمساحتها لا تتعدي مترين وسقفها منحدر جدا وإجمالا فإن هذه البناية المهترئة لا تساوي شيئا، لكن عمر رأى فيما جرى إهانة له، وبالتالي قرر أن يسترد كرامته عبر استرجاع هذه الغرفة التي تشبه كهفا فقط..
    لم يسترح عمر في بيت والدته أكثر من ثلاثة أيام استقبل خلالها المهنئين.. ثم استأنف معركة أطلق عليها.. معركة الكرامة... كان أول من اتصل به من المعنيين بالأمر، قريبه المرشح، فنصحه عمر أن يسلم مفاتيح الغرفة للقائد أو رئيس الجماعة، على اعتبار أنه (المرشح) لا يستطيع مواجهة عمر الذي أشفق عليه بالرغم من مكائده ضده.. لكن.. المرشح.. لم يستمع لكلام عمر..
    حاول عمر أن يوضح للرئيس والقائد بأن عملهما استفزازي وغير قانوني، وأن هناك عقد إيجار يربط بين المكري والمكتري.. لكن لا أحد استمع إليه.. كان عمر يستند إلى حقائق.. وكانوا يتكئون على حائط من ورق.. كانوا يعتقدون أن السلطة هي كل شيء وكان عمر يؤمن بأنه ما ضاع حق وراءه مطالب.
    كان عمر قد وجه شكوى من داخل السجن للسيد الوكيل العام لمحكمة الاستئناف ورد عليه الأخير بأنه بعد البحث مع المعنيين بالأمر اتضح أن والدة عمر هي من سلمت مفاتيح الغرفة معلنة عجزها عن تسديد قيمة الإيجار وهو رد فنده عمر برسالة توضيحية للوكيل العام بأن والدته لا علاقة لها بالأمر وتساءل في مراسلته للوكيل العام: هل استمعتم لوالدتي أم اكتفيتم بسماع الأطراف الأخرى فقط؟ هذه المراسلات بين عمر والوكيل العام كانت قد وجدت صدى لها في الصحف الوطنية، فبادرالعديد من المعتقلين السياسيين في عدد من سجون المملكة بإصدار بيانات وبلاغات تضامن مع عمر، نشرت في الصحف أيضا.
    وحينما أشرفت العقوبة الحبسية على نهايتها حاول قائد المنطقة استعطاف والدة عمر ليسترد لها مفتاح الغرفة لكنها رفضت بناءا على توصية من عمر، فازدادوا غضبا.. وقرروا عدم استرجاعها بأي ثمن..
    كان عمر لا يخسر شيئا.. كان رأسماله القلم والورق.. فبدأ يكتب.. راسل كل المسئولين والوزراء والبرلمانيين ورؤساء الأحزاب ومنظمات حقوق الإنسان الوطنية والدولية..ولم يغفل مراسلة الديوان الملكي.. وهدد في نهاية المطاف باعتصام وإضراب عن الطعام وأعلن استعداده للعودة إلى السجن في حالة عدم استرجاعه لغرفته..
    كبرت القضية بعدما كانت تتراءى لهم صغيرة، وبدأت المفاوضات بين عمر والسلطات بناءا على طلب هذه الأخيرة على مستوى رئاسة الدائرة وإشراف عمالة الإقليم وبدأ عرض السلطات سخيا جدا مع عمر..
    اقترحت السلطات على عمر أن تستبدله غرفته بشقة مجهزة بالكهرباء والماء، وإيجار مجاني لمدة سنة كاملة، بالإضافة إلى استفادة عمر من وظيفة برتبة السلم العاشر.. السيء الذي دعا عمر ليسأل مفاضيه: لم هذه العروض كلها ومقابل ماذا؟ قيل له، (مخاطبه هنا هو رئيس الدائرة) فقط لكي تتنازل عن مطالبتك ب: الغرفة، فتساءل عمر ثانية: وما الأسباب التي تفرض عليكم هذا السخاء وأنتم مطالبون فقط بإخلاء غرفة صغيرة احتلت من قبلكم عدوانا وظلما؟ قال رئيس الدائرة وهو يجيب على هذا السؤال في حسرة: أتريد الحقيقة يا عمر؟ قال : بلا.. تفضل: أجاب رجل السلطة القوي والمقرب جدا من وزير الداخلية القوي آنذاك لقد فضحتنا أمام العالم وكأننا أخذنا منك قصرا.. وبالتالي فإن كرامتنا نحن كسلطة ستهان أمام الناس إذا استرجعنا لك الغرفة، أضاف: أنت تتصارع مع: رئيس الجماعة القروية وقائد المنطقة ورئيس الدائرة وعامل الإقليم.. وتابع قائلا: "جاءتنا تعليمات من جهات عليا لكي نسترد لك غرفتك اللي فضحتنا عليها.. ولكننا لايمكن أن نعيدها إليك..إننا سنهان أمام الملأ إذا فعلنا ذلك وهل تسعى أنت لبهدلتنا؟"
    وببرودة أعصاب أجاب عمر: اسمع سيدي الكريم أنا هنا لا أتسول شقة ولا أتسول وظيفة.. أنا فقط أطالب باسترجاع غرفتي المهترئة .. وما زلت مستعدا للمغامرة.. إنني أتشوق لليوم الذي سوف تشعرون فيه بالهزيمة.. أنتم لديكم ما تخسرون.. أما أنا فلا.
    غادرعمر مقر الدائرة وقد أخذ كل احتياطات النباهة، لقد توقع أن يتعرض لسوء/ إنهم لن يخسروا هنا سوى الأوامر.. كأن تدهسك سيارة، يعتدي عليك مجرم، الخ...سلك عمر طريقا لا تمر منه السيارات ولا يستخدمه الراجلون في اتجاه الوصول إلى محطة النقل، كان الطريق الذي سلكه صعبا لكن هي مجرد احتياطات لا غير..
    بعد ثلاثة أيام من هذا اللقاء.. وخلال تواجد عمر في ساحة قريبة من مقر القيادة.. فإذا به يفاجأ بالقائد وقد أوقف سيارته بالمحاذاة مع أقدامه ونادي عليه باحترام..
    الأستاذ.... تفضل معي لمقر الجماعة.. بعث أيضا في طلب رئيس الجماعة قال لهم ابحثوا عنه تحت الأرض.. الآن.. وما هي إلا لحظات حتى كان الرئيس بجانب عمر في أحد مكاتبه بالجماعة القروية وقد حظروا عقد إيجار جديد وإيصالات سنة كاملة..قرأت العقد ووقعت إلى جانب الرئيس... كان القائد قد أصدر أوامره للرئيس وكأنه يأمر حارس بيته أو خادمه.. قال له بعنف طبق التعليمات و"بلا صداع"...
    كان مفتاح الغرفة مازال بيد قريب عمر الذي استخدموه للتواطؤ ضده.. لم يكن حاضرا حينها.. لكن القائد منحه اختيارين: الأول: أن يبعث أفراد القوات المساعدة لكسر باب الغرفة وإخلائها من أغراضه، الثاني: أن ينتظر للغد ريتما يبحثوا عنه.. كان ردعمر: " للي غلب يعفو" قدم للقائد شكرا ممزوجا بالسخرية وانصرف..
    غدا استلم عمر مفتاح غرفته بزهو وغرور وكأنه حقق نصرا كبيرا في معركة حربية، بينما كان قريبه يشعر بغصة، حيث أعرب له عن شعوره بالورطة والبهدلة التي أوقعوه فيها..
    هكذا انتهت قصة الغرفة "الخربانة" بعدها أصبح عمر متفرغا للموضوع الثاني محبوبته الرائعة "بهية"
    دأب عمر أن ينجح في معاركه السياسية بثمن وبدونه، لكنه على الجانب الآخر لم يكن ناجحا أبدا.. في المسائل العاطفية.
    كان حبه القوي لبهية ليس لأنها أنثى فقط، أو أنها امرأة، أو حتى أنها تحبه.. بل كان حبه لها فقط لأنها كانت تشاركه الأهداف والغايات، كانت تتفق معه في كل شيء يؤمن به وكان حبها يكبر في قلبه كلما تعرض لمأساة جديدة، إنه من النادر جدا أن تعثر على فتاة بعمر الزهور وهي تحمل هموم الناس وتتألم لآلامهم، يصعب جدا أن تجد شريكة لحياتك تشاركك الأتراح ولا تسأل عن الأفراح.. لقد جن عمر لحبها ولم تنل امرأة أو فتاة من قلب عمر ما نالته هذه الفتاة الجنوبية السمراء، كانت حبه الأول ومازال قلبه ينبض لها بالرغم من كل هذه السنين الطويلة التي مرت، مازال عمر يأمل أن يراها فقط.. دون أن يتطلع إلى أملها هي.. أمازالت تتذكره أم لا؟

  2. #2

    رد: عقبات وأشواك(الجزء الثاني)


    السلام عليكم
    نص فاره غارق بالرومانسية
    اعتذر لتاخري في مطالعته .
    على امل ان نراك بيننا دوما
    تحيتي
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. رحلة الإنسان في سفر المعرفة / الجزء الثاني
    بواسطة سعد عطية الساعدي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-31-2017, 11:58 AM
  2. خواطر أحمد الشقيري ( الجزء الثاني )
    بواسطة wgxblack في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-13-2013, 05:01 PM
  3. الجزء الثاني :: يوم العيد
    بواسطة الهام بدوي في المنتدى فرسان النثر
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-31-2011, 11:33 PM
  4. رؤية نقدية لرواية عقبات وأشواك/للصحفي عبد النبي الشراط
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-05-2011, 07:45 PM
  5. عقبات وأشواك
    بواسطة عبد النبي الشراط في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 08-29-2010, 02:05 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •