الأسس العلمية لتطوير المدن التراثية
بقلم // نصر القوصى
لقد أتفقت رؤية علماء العالم بمختلف توجهاتهم الثقافية والعمرانية أو التنموية على أن المدن التراثية ومنها الأقصر أذا ما أمتدت لها يد التطوير فعلى المسئولين عن هذا الواجب أن يحرصوا على الأحتفاظ بسمت هذه المدن وآلا يقتربوا من محتوى عمارتها أو شواهد رموزها أو محاولة التغيير فى هيكلها أو حتى المتعرج من طرقاتها بل أن بعض العلماء يحذرون حتى من طلاء واجهات منازلها حتى لا تفقد مظهرا يقلل من مفردات شخصيتها أو يعبث بهوية مقوماتها لأن ذلك مجمع هو الذى يشد أليها الرحال ويتدافع على زيارتها السائحون تمتعا بعبق تاريخها والذى يفوح من جوانب مرافقها ومزاراتها فبدلا من أن يراعى مدعيا التطوير نصائح علماء التاريخ والحضارة فيتم أحترام ما للأقصر من شخصية منفردة موغلة فى عبقرية الزمان والمكان فتستثمر عند تطويرها قواعد الأبداع بالقدر الذى يحفظ لمدينة المجد والخلود ما وهبها لها التاريخ من عمق معمارى وأصل حضارى وبدلا من مراعاة كل ذلك نرى الوضع الحالى على أرض الأقصر يخالف تماما منهج العلماء فهل من أجل مشروعات السياحة والتى لم يظهر منها حتى الآن سوى بازارات ثم بازارات ثم بازارات وكأن الأقصر متعطشة لعشرات السنين بحثا عن هذه الجوانب والتى تغطى شوارع بل وحوارى المدينة فالذى أتفقت عليه نظرات التنمية للمجتمعات هو أن تطوير الآثر لا يصح بأى حال من الأحوال أن يتم بعيدا عن مطالب البشر ولهذا شاعت فى علوم أدبيات قضايا التنمية أنها تتم بالأنسان من أجل صالح الأنسان فما معنى أن يكون الحديث عن تطوير الأقصر لا يدور ألا عن السياحة والسائحين ولماذا تتجه الأهداف اليهم وحدهم أليس فى الأقصر مواطنون لهم آمال تعتمل فى صدورهم أحلام ألا يعيشون جبالا من المشاكل الأقتصادية والأجتماعية والحياتية أليس من حقهم أن توفر لهم لقم خبز خالية من الشوائب والحشرات ولماذا أنسحبت من عناصر التطوير أنشاء الوحدات السكنية منخفضة التكاليف وكيف لنا أن نقبل أن كثافة الفصول فى مدارس الأقصر قد تجاوزت حدودها لتدق ناقوس الخطر الى قرب أنهيار العملية التعليمية بالكامل ناهيك عن مشكلات العلاج وأرتفاع الأسعار وغول البطالة وكل فرص الرزق الحلال وهكذا أنقلب التطوير الى تدمير وتقدمت فؤوس الهدم على أدوات البناء وبدلا من أن ترتفع فى سماء المدينة رايات الخير والرخاء والأستقرار حلت محلها حالة تقويض لشواهد مرافق الخدمات بل وأمتدت رياح الدمار لتعصف وتقتلع رموز العمارة الأقصرية وجميعها هى التى كونت شخصية الأقصر التاريخية وهو الأمر الذى حذر منه العلماء ودليلنا على ذلك أننا لم نسمع يوما أن مسئولا تجرأ حتى ليطالب بهدم جزء من مقهى صغير فى حى الشانزلزية فى باريس ولو تقدم مسئول حتى ليقترح تعديل مسار طريق جانبى فى روما لذهب وراء الشمس وتبقى أهمية حى القصبة فى الجزائر أن الرؤية قد تعاهدت على هدم قالب طوب واحد من أى منزل حتى لو كان متداعيا فتحت دعوى أن تصبح الأقصر متحفا مفتوحا نرى الأمر قد تحول الى حالة هياج مفضوح تتوالى فصولها لتحكى واقعا مؤلما غاية فى الشذوذ والغرابة فمن أجل فتح وأعادة أكتشاف طريق الكباش بين معبدى الأقصر والكرنك بطول حوالى 3 كيلو متر يتقرر ضرورة هدم ثلث مبانى الأقصر بما تشتمل عليه من معالم عمرانية وأزالة دور عبادة أستقرت وحداتها على أرض الأقصر منذ أكثر من مائتى سنه وهى التى أكسبت المدينة حالة من التماسك الدينى السمح والذى حقق للأقصريين وحدة وطنية يفخرون بنسيجها المتين الفريد فطريق الكباش معلوم للكافة ومسجل فى متون التراث الفرعونى ويمر عليه السائحون صباحا ومساء وكثير من كباش يربض فى مواقعه القديمة فما هى العلة فى أمر أكتشافه أننا نراه مشروعا غامضا يترتب على تنفيذه هدم المئات من المنازل ومرافق الخدمات وقطع وتدمير شرايين الطرق الرئيسية فالصالح من ومن أجل يترك شأن الأقصر فى قبضة أفراد يتعصبون لوجهة نظرهم ويحتقرون كل ما يتعرض فى مواجهتهم من رؤى وأقتراحات هل هان على مصر شأن الأقصر وبدلا من تشكيل مجموعات عمل من العلماء فى شتى التخصصات وتعطى لهم الفرصة لأعداد الدراسات العلمية الجادة مع توفير مساحة الحوار وصولا الى الرؤية التى تحقق للأقصر ما تصبوا اليه من أمال ومطالب نرى الأمر قد أنتهى الى أتجاه فردى يزعم أنه يملك خطة لتطوير وتنمية الأقصر حتى عام 2030 أن العلماء والمتخصصين فى علوم تطوير المدن يتندرون فى مجالسهم على هذا الماستر ولسان حالهم يقول من هذا العبقرى فى جميع علوم التخطيط فتخرج بين يوم وليلة ليعلن على الملأ هذا الزعم الموغل فى الطرافة ومتى أعدت خطة تطوير الأقصر لعام 2030 ومن الذى قام بأعدادها كل هذه االأستفسارات يطرحها الأقصريين وها هى الأقصر يتبدل أمر تطويرها الى مسائل أخرى أكثرها غامض ومثير للشكوك وكأن المدينة قد أصبحت ذبيحة مسقولة الدماء وأضحت لحومها نهشا رخيصا للجميع