مرآة اليوسف أفندي
مهداة للشيخ أحمد ياسين
والمطران هيلاريون كيبوجي


أخـتاهُ مَنْ ..
هذا المُعلــَّقُ خلفَ مِـرآتي
ومُرتديا ًسَـراويلي ويشبَهـُني
أراهُ في الصَّباح ِوفي المساءْ
ويَـشيحُ عـنـّي وجهَهُ
صوبَ الـتــّـقاويم ِالعـتـيقةِ موحـيا ً
لـفـُـتاتِ ذاكرة ٍ بماض ٍكــنـتهُ
ذاكَ المُعـلــَّقُ قـبل أن أرمي
ذراعييَّ وعـيـنـييَّ
وقـُدسَ العـهـدِ في سِــرِّ العـِـــشاءْ
مُــتناسيا ًكأسَ المواعــيد ِالــّـتي شـُـربتْ
فأوصالي تـُحـنـّطها ( فراعـيـن ٌ )
وأنـــفي بـِدعــة ٌخــشبـية ٌ تهوى الغِـــراءْ
أخــتاهُ ما بـَقيَ سوى حـَجـر ٍ
تعـمّـدَ في دَم ِالليمون ِتحرسه ِالسَّماءْ
حَجــــــــــــــرٌ يُعاتـبـني
إلام َ مثـلـّث ُالأقـداس ِفي حـزنٍ ٍ
وما عندي سوى شبح ٍ
تولــّى كاظما ً
وبـَشيـرُنا أكلَ القميصَ وظِـلـَّـهُ
كـَسرَ المرايا للثـّـكالى
مُستعدّا ً للعـَزاءْ
***********
سـتـّـون عـاما ً والخـيـام ُ تــَنــَاسـُلا ً
والطـّـيفُ بالـمرآةِ مَـشطورا ً يراودُني
أقـابـلـُه ُ
يـُقـابـلــُني
شقـوق ُ الكـفِّ ما زالـتْ تـؤلـّمـُه
وقـَفــّـازي يُـواري باردا ً جُـرحَ السّـنـينْ
أخـتاهُ00 إنـّي لا أشابـهُـه ُ
ولـو مـازالَ يـشبـهـُني
فـقـبـضـته ُ
تـُصافـح ُ قـبـضة َالمـِحراث ِ في
عــشق ٍحـزينْ
كحـديدِ (سكـّـتــهِ ) الــّـتي عـَشقـتْ
جـذورَ القـمـح ِوالـزّيتون ِ(واليـوسفْ أفــنـْدي )
والصّبايا تـَعجُـنُ الآهاتِ خـُبـزا ً
في دموع ِالياسمينْ
أخــتاهُ ما بَـقيَ سوى نــُدب ٍ
يـُذكــّرني بقـبضةِ مـِنجـل ٍ
غـَـنـّى مواويـلي
( ودلعـونا ) تـؤبـّـن ُنـايـَها
قصبا ً شهـيـد ا ً
قـاومَ الجـنزيـرَمن ســتــّيـنَ أمسا ً
مـُـتــُّها كالعائشينْ
وأنا مُسجّى عـاريا ً بصقـيع ِمـرآتي
أجادلـُها عـن الهـَـرِم ِ الـمُشابـِه صورتي
وبـذاتِ أسما لي يـُرقــّعـُها
ولكنْ أنفــَهُ مُستـَنسِرٌ
يعـْـلوسوادَ الشّـاربـَيـنْ
*********
بشموخـِهِ وبريـق ِعـَيـنـيـه ِ
معَ الكوفـيـّةِ ( الرّبـداء ِ) غايـَرني
فمعـجونُ الحلا قـة ِلاهـِـمٌ رأسي
ورغـوته ُبـجـُرن ِالعـيـن ِتـَصبغـُهُ
مَع الأذنـيـن ِفي زمـن ِالمـَشيـبْ
أخـــــــــتاهُ
مـرآتي تــقضُّ بظـلــّها نومي
توبّخـُني ألا تــَخجـلْ
وتــَذرفُ عـاصرا ً
نـظــّـارتيـك َمـلـوّ ثا ً قـِمصانـَه ُ
بعـصـير ِكــذ ْب ٍ
فاض من خـلـفِ البحا ر ِمُعـلــّـبا ً
(واليوسُفي) بغـَيابةِ الجـُبِّ الكـئيبْ
يا أخـــــــــتهُ
لم يـبـقَ شـُـذ ّاذ ٌ ولا سيـّارة ٌ
إلا ّوقـد أدلـوا بهِ
وبأ بخـس ِالأثـمـان ِ شُـرِّدَ مائـُنا
وعصيـرُ عـَيـنـي حـينـما
نـظــّارتيْ سـقـطتْ
عـلى قـَـدَم ِالرقـيـبْ
فـرأيتُ يا أبـتاهُ حينَ سقـوطِها
عشريـنَ مدخـنـة ًونــَيـّفَ والسنـابـلَ كــُـلـَّها
سَجـد تْ لها
حَجـبَ السَّماءَ دُخانـُها
يخـفي شمـوسا ً تـصقـلُ المرآة َمن غـبـش ٍ
وأقمـارا ًسـَرَتْ
في ظـُلمةِ الــّليل ِالـرّهـيبْ
مَـقـدودة َالأكـفـان ِمن كلِّ الجـهـاتِ
( بـُراقـُها ) يَـرقـى بـعـَيـنـَي مـُـقـعْـد ٍ
مُستصرخا ً يـا سـينَ والـقـرآنَ فـي
صَمـتٍ مَـهـيـبْ
وصلاة َمُـطـران ٍ أبـى
أن يأكـلَ القـربانَ فـي كــَنـَفِ الغـريـبْ
أخـتاهُ أخـشى من سقـوطيَ ضاحـكا ً
فالقـوم ُهانوا
صادروا الأحـجـارَ والأشعـارَ في
طـَـقس ٍ مـُريـبْ
*******
خلعـوا الشواربَ والنـعالَ وقـَيــّدوا ( كوفـيـّة ً)
بالأحـرفِ الأولى لخارطـة ٍ
أضاعـوا في ثـنـا ياها الطــّريـقْ
أولـَم يـروا خـَرَسانة ً خـَطـفـتْ
وميضَ القـبـّة ِ الصّـفـراءَ تـنـتـزع ُ الـبـريـقْ
وتـُسمـّرُ ( الفـادي )
ومَهـدُ الخـُبـز ِيشويهِ الحَريـقْ
الـنـّارُ تعـصـرُ زيـتــَهـمْ
والطـّـيـرُ تـَـزجـرُ في رؤوسهـِمُ النـّعـيبْ
أوَلـم يـروا... أعـنابـَها هـُر ِسَتْ
و(سالومي) بـبـيـاراتِها مَجـنـتْ
ورأ سَ (المِـعـمدان) برقصةٍ قـُطِعـتْ
(ويافـاويـَة ً ) سَـألتْ
لأي مُـنافـق ٍ عـُصِرتْ
وفي فـَمِها لهـيبُ الخـَلِّ يكويـها الصَّليبْ
فـَرؤى العـِجـافِ
....تـُراود ُ( الـيوسفْ أفـنـديْ) خائـفـا ً
مسكيـنُ يَخـشى شاهـدا ًمن أهـلـهِ
فالجـبُّ مـازالـت غـَيا بـَتــُه ُ تـُذكــّرهُ
بكـومـةِ إخـوة ٍ كـذبـوا
وجاؤوا بالـتـّباكي والـنـّحـيبْ
**********
يا أخـتهُ
لـُمّي الـمرايا والشروقَ
....وكلَّ حَـبّاتِ البـريقْ
فلقـد رأيتُ أيــا أبي
صيعـانـَها مُـلــئـَتْ حـجـارة َمـوسم ٍ
يـَفعَـت سنابـلــُه سِـمان ٌ
تـَـلقـط ُالـتــّاريخ َوالمِـقلاع َ
والصَّخـرَ الشـّـآميَّ العَــريقْ
تــَلـِدُ الحجـارة َ تـوأما ً بأكـفـِّها
ولـِثامُها دُبــُرُ القميص ِبــِشارة ٌ
( قسّامُـها )
عَـبـرَالسّماءَ بـخـطــّـهِ
إنـّي أرى أقـدامَها
من قاسيـونَ تـَكوكـَبـتْ
بـِغـُبارها حِـبرٌ لخارطةِ الطـّريـقْ

حسن ابراهيم سمعون 2005