الرضاعة في عصر السيلكون


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيخلف الحربي

فتاوى إرضاع الكبير التي بدأت في مصر ثم وصلت إلى السعودية يصعب استيعابها، فحتى لو افترضنا أن إرضاع الكبير لا يكون من خلال صدر المرأة مباشرة (واخزياه!)، بل من خلال قيام المرأة بصب لتر أو نصف لتر من الحليب الطازج في قدح خاص وتقديمه للرجل الغريب الذي سيصبح ابنها بالرضاعة، فإن المسألة تبدو في غاية 'الفانتازيا'.

ومكمن الصعوبة في تطبيق هذه الفتوى أن صدور النساء اليوم أصبحت متضخمة بفعل السيلكون وليس بسبب اكتنازها بالحليب الطبيعي، كما أن استخراج الحليب من صدر المرأة في هذه الأيام يعد مهمة أصعب من استخراج البترول من باطن الأرض، ولهذا نعتبر من أكثر الدول استيراداً لحليب الأطفال المجفف، بل إن أغلب سكان كوكب الأرض أصبحوا إخوة في الرضاعة وأمهم: 'شركة نستله'!

وحتى إذا اضطرت المرأة إلى التعامل المنفرد مع رجل غريب- غالباً ما يكون سائقاً آسيوياً- وأجبرته على شرب حليبها الذي استخرجته بصعوبة، فإن نساءنا سيصبحن أمهات بالرضاعة لنصف سكان شبه القارة الهندية، وهكذا فإن العلاقة العملية المؤقتة ستتحول إلى علاقة دائمة لا ترتبط بمدة صلاحية الإقامة، وأخشى ما أخشاه أن تكون نتيجة إرضاع السائقين في المستقبل أنه كلما ظهرت صورة امرأة عربية منقبة في تلفزيون بنغلاديش أو تلفزيون إندونيسيا سيهتف الرجال هناك: 'ماما... ماما'!

ومثل هذه الفتاوى المثيرة قد تتسبب في تحول البيوت إلى أسواق تجارية بحيث تضع سيدة المنزل زجاجات الحليب عند الباب ويدخل الرجال فرادى وجماعات إلى البيت '... وما قدامك إلا أهلك!'، كما أن سيدة الأعمال التي توظف عدداً كبيراً من الرجال يمكن أن 'تشد حيلها' وتملأ برميلاً كاملاً من حليبها ثم تسلمه إلى مدير شؤون الموظفين 'واللي ما يشرب ما يحضر الاجتماعات'!

لا أعلم إلى أين يمكن أن تقودنا مثل هذه الفتاوى؟ فنحن حائرون دائماً بخصوص المرأة، وكأنها كائن فضائي هبط علينا فجأة مع الرماد البركاني، ففي كل العصور الإسلامية كانت المرأة تعيش حياتها الطبيعة دون أن تضطر إلى إرضاع الكبار... فلماذا نحاول استنزاف ثديها من أجل ضرورة خيالية؟

بالمناسبة: إذا لم يستسغ الرجل طعم حليب المرأة... فخلطه بقليل من الشاي فهل تعتبر رضعته صحيحة أم مجرد شاي بالحليب؟!... أفتونا جزاكم الله خيراً.

نشر بتاريخ 26-05-2010