Saturday, July 3, 2010


أكثر من 99% من مكبات الضفة لا تعالج النفايات وأكثر من 88% تحرقها
مكب دير البلح ومحطة الصيرفي: تجارب ريادية في تدوير النفايات وتصنيع الكمبوست
1% فقط من نفايات الضفة يتم تدويرها و30% من نفايات الضفة وغزة تدفن في مكبات صحية

هذا التقرير جزء من دراسة أعدها مركز العمل التنموي/معا (جورج كرزم)
بهدف توفير خلفية معلوماتية وتحليلية مساعدة لبلورة الإستراتيجية الوطنية
لإدارة النفايات الصلبة في الضفة الغربية وقطاع غزة، بإشراف كل من اللجنة التوجيهية للإستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة والفريق الفني بقيادة سلطة جودة البيئة، وبدعم من الوكالة الألمانية للتعاون الفني (GTZ)/برنامج إدارة النفايات الصلبة.
____________________________________________
مركز وطن للاعلام/ خاص بمجلة افاق البيئة والتنمية الصادر عن مركز العمل التنموي / معا
تقدر النفايات الصلبة الناتجة شهريا من المنشآت الاقتصادية في الضفة الغربية بنحو 61900 طن. أما النفايات التي ينتجها يوميا القطاع المنزلي في الضفة فتقدر بنحو 1,722 طن، أي حوالي 4.4 كيلو غرام/أسرة يوميا. بينما ينتج قطاع المنشآت الاقتصادية نحو 2,528 طن نفايات يوميا، بالإضافة إلى نحو 20 طنا يوميا من مراكز الرعاية الصحية. ولا تتجاوز كمية النفايات التي تصل يوميا إلى المكبات في مختلف أنحاء الضفة الغربية (161 مكباً) 2,506 أطنان، أي نحو 59% مما تولده القطاعات السابقة؛ هذا علاوة على أن هناك كمية غير مقدرة من النفايات التي يتم جمعها من الشوارع، وكميات ضخمة غير معروفة من نفايات المستعمرات والمناطق الصناعية الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وتشير الدراسات والتقديرات المحلية إلى أن النفايات المنزلية تشكل نحو 45 – 50% من إجمالي النفايات الصلبة، بينما تشكل نفايات قطاعي الصناعة والإنشاءات نحو 20 – 25%، أما المنشآت التجارية فتولد نحو 25 – 30% من إجمالي النفايات.
وقد تتواجد النفايات الخطرة، إجمالا، في كل النفايات من مختلف القطاعات السابقة، إلا أن النفايات الصناعية والطبية تحوي أكبر مكون من المواد الخطرة. وعمليا لا توجد عملية فصل للنفايات الخطرة، ما عدا بعض المعالجات المحدودة للنفايات المعدية، كما في مدن أريحا ونابلس. وبشكل عام، تختلط النفايات الخطرة مع النفايات الصلبة للبلديات وذلك أثناء جمعها والتخلص منها، علما بأن المعلومات المتوافرة حول كميات النفايات الخطرة قليلة.
وأشارت بعض الدراسات التي أجريت خلال العقد الأخير في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 (الضفة والقطاع) إلى أن مستويات إنتاج النفايات الصلبة هي كما يلي: في مخيمات اللاجئين بين 0.5 – 0.8 كغم للفرد يوميا، في المناطق الريفية بين 0.4 – 0.6 كغم للفرد يوميا، وفي المدن نحو 0.9 – 1.2 كغم للفرد يوميا.
ومن الصعب الحصول على معلومات كافية حول التركيبة السكانية لأغراض حساب المستويات الكلية لإنتاج النفايات الصلبة. ويقدر إجمالي الإنتاج السنوي من النفايات الصلبة في الضفة الغربية نحو 5500000 طن.
تركيب النفايات الصلبة
تشير الأرقام التفصيلية للدراسات والمسوح في الضفة الغربية، إلى أن تركيب النفايات الصلبة البلدية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، هي كما يلي: مواد عضوية بين 60 – 70%، ورق وكرتون بين 7 – 10%، بلاستيك بين 5 – 10%، زجاج بين 3 – 6 %، معادن بين 2 – 3%، ونفايات أخرى بين 3 – 7% (UNEP,2003). وهنا يلاحظ المحتوى العضوي المرتفع للمواد العضوية.

إدارة النفايات وتصنيع "الكمبوست"
يفترض بالنسبة المرتفعة للنفايات ذات الأصل العضوي في الضفة الغربية، أن تجعل المشاريع القطرية المنظمة لتصنيع "الكمبوست"وسيلة فعالة لتقليل حجم النفايات، بحيث يمكن لعملية التصنيع هذه أن تزيد كثيرا معدل التدوير، علما بأن هذا التوجه يتضمن قيمة مضافة تتمثل في إنتاج سلعة زراعية قيمة. ومن المعروف أن تصنيع "الكمبوست" يتطلب تقنية بسيطة وغير مكلفة. لذا، من الضرورة بمكان، تشجيع الفلسطينيين، في المستوى المنزلي، على تولي مسئولية تدبيل النفايات المنزلية، بدلا من طمرها أو إلقائها في المكبات، وبالتالي تخفيض كبير في إنتاج النفايات.
لكن، للأسف، فإن ممارسة تصنيع "الكمبوست" في الضفة الغربية هامشية، علما بأنه يتم تدوير نحو 1% فقط من النفايات الصلبة، كما أن حوالي 30% فقط من النفايات الصلبة، في الضفة الغربية وقطاع غزة، تدفن في مكبات صحية (ARIJ, 2007). وقد أقيمت منشآت "كومبوست" تجريبية (لتدبيل أو تحليل المخلفات العضوية) مرتبطة بمكبي النفايات في وسط وشمال قطاع غزة، إلا أن أيا منها لا يعمل حاليا.
إذن، لا تزال الأراضي الفلسطينية المحتلة بعيدة عن التحرك الجدي نحو الابتعاد عن إلقاء ودفن النفايات في المكبات، وبالتالي التقليل إلى الحد الأدنى من إنتاجها، من خلال التوسع في عمليات إعادة الاستعمال والتصنيع والتدوير والإصلاح.
وفي الواقع، لم تمارس في المستوى الوطني الفلسطيني، بمدى هام، أي من الإستراتيجيتين الأساسيتين لتقليل النفايات (وتحديدا التدوير وتصنيع "الكمبوست"). وذلك بالرغم مما يحمله هذا النهج من آفاق بيئية واعدة، ليس فقط بسبب تقليل حجم النفايات، بل أيضا بسبب الحفاظ على الموارد الطبيعية وتوفير الطاقة المستخدمة في تصنيع السلع الجديدة.
وفي حينه، انطلقت في قطاع غزة برامج لتصنيع "الكمبوست"، بالتوازي مع إنشاء نظام المكبات الصحية. وقد تم إيقاف هذه البرامج بسبب التخريب الإسرائيلي للمنشآت، والخطر القائم على العاملين فيها (UNEP,2003). وتتمثل العقبات الإضافية في عدم رغبة المواطنين، في المستويين المجتمعي والفردي، إقامة منشآت تصنيع "الكمبوست" بجوار أماكن سكناهم، علما بأن الكثافة السكانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة مرتفعة، وبالتالي هناك احتمال ضعيف لإيجاد مواقع تقام عليها منشآت لإدارة النفايات، دون اعتراض من أحد. ولأسباب مشابهة، تم تعليق العمل في أحد مشاريع تصنيع الكمبوست الريادية في بيت لحم، التابع لمنظمة غير حكومية (UNEP,2003).
ومن أمثلة التقنيات الحديثة لتصنيع الكمبوست، والتي لا تحتاج إلى مساحات أراض كبيرة، وبالتالي تتناسب مع واقع الكثافة السكانية الفلسطينية المرتفعة، يمكن أن نذكر جهاز التدبيل (composter) الخاص بالحدائق المنزلية أو الحيازات الزراعية الصغيرة. وقد عملت مؤسسة أريج في بيت لحم على تجربة هذا الجهاز وتقييم العمل به، علما بأنه يحول النفايات العضوية إلى مخصب طبيعي رائحته شبيهة برائحة التربة ولونه بني غامق، وذلك من خلال عملية تحليل النفايات بواسطة الأحياء الدقيقة (ARIJ, 2007). ويمكن استعمال الكمبوست المعد بهذه الطريقة، لتخصيب التربة وتحسين بنيتها وتماسكها وتزويدها بالعناصر الغذائية اللازمة لنمو النباتات، فضلا عن زيادة قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء والتقليل من عملية تعريتها.
ومن أولى التجارب الفلسطينية الريادية في مجال تصنيع الكمبوست، يمكننا الاستشهاد بتجربة مكب النفايات التابع لمجلس إدارة النفايات الصلبة لمحافظتي خان يونس ودير البلح في قطاع غزة. ; ويخدم المكب الذي أنشئ عام 1995 بدعم من الوكالة الألمانية للتعاون الفني GTZ، وتصل مساحته إلى حوالي 70 دونماً، ثلث سكان قطاع غزة، أي حوالي نصف مليون نسمة يعيشون في مساحة قدرها 170 كم2 والتي تمثل 45% من مساحة قطاع غزة. وهو أول مكب صحي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967؛ ويتم فيه إعادة رش العصارة الناتجة من النفايات الصلبة على سطح النفايات، لزيادة معدل التبخر وتنشيط البكتيريا، وبالتالي تسريع عملية التحلل البيولوجي. ويتضمن المكب معملا لتنخيل النفايات القديمة المتحللة، حيث يتم الاستفادة من المادة الناعمة؛ كمحسن للتربة أو لتغطية أجزاء من المكب. ومنذ عام 2006، لم يتم تشغيل معمل الغربلة الذي يستخدم لغربلة النفايات القديمة وفرزها لإنتاج محسن للتربة؛ بسبب العراقيل وعمليات التخريب الإسرائيلية المتواصلة ("آفاق البيئة والتنمية"، 2008).
ومن المشاريع الرائدة أيضا، التي حققت إنجازات هامة في مجال فصل وتدوير النفايات، يمكننا أن نذكر محطة الصيرفي لفصل النفايات وترحيلها في نابلس. ففي هذه المحطة التي أنشئت في أواخر عام 2007على أرض مساحتها 6 دونم، يتمجمع وتدوير النفايات المختلفة، المنزلية والصناعية والزراعية والتجارية والطبية، بهدف فرزها في مكب النفايات بواسطة آليات خاصة، ومن ثم تخزن النفايات الناتجة عن عمليه الفرز لتجهيزها للبيع. والهدف من ذلك هو إيجاد الطريقة المثلى وغير الضارة بتاتا بالبيئة، فضلا عن إيجاد فرص عمل ومردود مالي جيد للمجالس البلدية والقروية المستفيدة من المشروع (آفاق البيئة والتنمية، 2009).
ويستفيد من المشروع القرى والبلدات والمخيمات الواقعة ضمن حدود بلدية نابلس، والتي يبلغ إجمالي السكان فيها حوالي 200 ألف نسمة.
والهدف من التصنيف هو فصل المواد القابلة للتدوير، بغية استخدامها كمواد خام في الصناعة (كالورق والبلاستك والمعادن والزجاج ). أو استخدامها كسماد عضوي (من بقايا الطعام والنبات) . ولتسهيل هذه العملية تم توفير حاويات معدنية لكل منطقة، كي يعمد المواطن، في منزله، إلى فرز النفايات، ووضعها في الحاويات المناسبة، مثل الزجاج والبلاستيك والكرتون. لكن المواطنين لم يكترثوا لهذا الأمر.
وتبلغ نسبة مخلفات الخضار والفواكه والطعام 85%، ونسبة مخلفات الأوراق والكرتون 4% والمواد البلاستيكية 2% ومخلفات القماش 2% والمخلفات الزجاجية 4%، والنفايات الطبية 1%، والمخلفات المعدنية 2% (آفاق البيئة والتنمية، 2009).
وتعتمد عملية الفصل في محطة الصيرفي، على فصل النفايات الصلبة إلى نفايات عضوية (الخضار والفواكه ومخلفات المزارع ) ونفايات صلبة (معادن وزجاج وبلاستيك وكرتون). و تتم عملية الفرز للنفايات العضوية عن الصلبة بواسطة آلة خاصة يشغلها العمال في موقع المحطة. ويستفاد من فضلات المواد البلاستيكية في عملية إعادة تصنيع البلاستيك، أما فضلات المواد الورقية (الكرتون) فيستفاد منها في عملية إعادة تصنيع الورق. ويستفاد من فضلات المواد المعدنية في الصناعات المعدنية المختلفة، كما يستفاد من فضلات المواد الزجاجية في عملية إعادة تصنيع الزجاج (آفاق البيئة والتنمية، 2009). وتباع المواد الخام المفصولة إلى مقاولين فلسطينيين وإسرائيليين. ويتم ضغط ما تبقى من النفايات لترحيلها إلى مكب زهرة الفنجان في جنين. و توفر بلدية نابلس بهذه العملية، نحو مليون شيقل شهريا، بسبب تخفيض حوالي 60% من حجم النفايات الأصلي، مما يعني توفير في تكلفة النقل والدخولية إلى مكب زهرة الفنجان، لأنه يتم توفير 60% من الرسوم. وقد تم مؤخرا تجهيز البنية التحتية اللازمة لتصنيع الكمبوست. ومع زيادة كميات النفايات العضوية المحولة إلى كمبوست فقد تتوقف محطة الصيرفي عن ترحيل النفايات إلى مكب زهرة الفنجان.
فصل وتدوير النفايات الصلبة
في الضفة الغربية، يتم التعامل مع النفايات الصناعية، ومنها النفايات الخطرة، مع سائر النفايات الصلبة البلدية؛ وبالتالي تختلط النفايات الصلبة البلدية مع النفايات الخطرة والمسببة للأمراض، فيتم التعامل معها ككتلة واحدة، مما يتسبب في مخاطر صحية وبيئية جدية. ويتم تدوير القليل جدا من النفايات الصناعية التي غالبا ما تلقى في المكبات، من خلال عملية جمع النفايات البلدية، أو قد يتم إلقائها في الأراضي المفتوحة أو الوديان المجاورة للمنشآت. كما يتم حرق بعض النفايات في مواقع التخلص منها، كما هو الحال في معظم منشآت النسيج والتغليف. أو قد تخزن النفايات وتنقل لاحقا إلى مكبات النفايات. وفي أماكن التخلص النهائي، تتم عمليات الحرق المكشوف لمعظم النفايات القابلة للاشتعال، مما يعني حرق العديد من المواد السامة (مثل PVC)؛ وبالتالي انطلاق الانبعاثات السامة، مثل الديوكسينات والفيوران (شديدة السمية ومسرطنة، وضررها على البيئة طويل الأمد)، وثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد الكبريت والنيتروجين إلى الغلاف الجوي (رشماوي وبنورة، 2004).
وكما نعلم، هناك العديد من أساليب العمل لإدارة النفايات الصلبة الصناعية. وتقتصر ممارسات إدارة النفايات الصلبة في المنشآت الصناعية والاقتصادية في الضفة على الجمع والدفن في مواقع غير مراقبة. وتعد عملية الحرق النمط الرئيسي للتخلص من النفايات، وقد تطبق أحيانا معالجات ميكانيكية وكيماوية.
علاوة على ذلك، تستخدم صناعة الفخار المنتشرة بشكل رئيسي في محافظة الخليل، الإطارات المطاطية القديمة وقودا للأفران. وبالطبع، يعد الدخان الأسود المنبعث من الإطارات المحترقة من الملوثات الخطرة. كما يتم حرق كميات كبيرة من الخشب والقش في محافظة جنين بشكل أساسي، في سياق عملية الإنتاج في صناعات الفحم النباتي.
ومن الواضح، أن غياب عمل منظم ومنهجي لفصل النفايات الصلبة يحول دون القيام بعمليات معالجتها أو إعادة استخدامها أو التخلص النهائي منها؛ إذ إن عملية الفصل تعد شرطا أساسيا لتنفيذ العمليات التي تليها (المعالجة أو إعادة الاستخدام أو التخلص النهائي)، ودون ذلك لا يمكن تنفيذ هذه العمليات بشكل علمي صحيح، بل قد تكون مجرد عمليات عشوائية غير منظمة.
ولغرض هذه الدراسة، يمكننا تعريف معالجة النفايات الصلبة بأنها جملة العمليات التي تتم على النفايات بهدف إعادة استخدامها أو تدويرها أو تقليل ضررها الصحي المباشر أو الضرر الناجم عن الغازات أو السوائل الناتجة عنها. وقد تكون المعالجة بيولوجية أو كيميائية أو فيزيائية.
وفيما يتعلق بالضفة الغربية، فإن أغلبية الأسر، ونحو 93% من المنشآت الاقتصادية و62% من مراكز الرعاية الصحية لا تمارس عملية فصل النفايات الناتجة (سلحب، 2008). لذا، من الصعوبة بمكان تنفيذ معالجة للنفايات، وهذا يعني أنه في حال إنشاء منشآت معالجة، فإن تفعيل عمليات الفصل يصبح أمرا إلزاميا.

التتمة:
http://www.wattan.tv/hp_details.cfm?id=a3592013a487497&c_id=3