أنس الكزبري..رجل الأعمال السوري الذي حصل على جائزة الإنجازات في الإمارات العربية المتحدة 02-05-2010
بقلم: محمد بسيكي
منشور في العدد (91) من مجلة الإقتصادي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


في الطريق إلى شركة إعمارـ الاستثمار لما وراء البحار IGO في منطقة يعفور قرب دمشق، كنت أسأل نفسي كيف تمكّن هذا الرجل من إقناع شركة عقارية عملاقة على مستوى الشرق الأوسط والعالم كإعمار من دخول السوق السورية؟ وهل كان يعلم أن دخول هذه الشركة سيفتح بصيرة المهتمين على سوق خام في صناعة التطوير العقاري؟ سؤال أملت أن أجد له إجابة عند رجل الأعمال أنس الكزبري الذي يشغل منصب عضو مجلس الإدارة المفوض لشركة إعمار ـ الاستثمار لما وراء البحار IGO التي تملك وتطور مشروع البوابة الثامنة العقاري.
لدى وصولنا مقر الشركة كانت أعمال التشييد والحفر قائمة على قدم وساق في البوابة الثامنة التي من المقرّر الانتهاء من أعمال البناء في الجزء الأول منها بحلول منتصف العام الجاري. لكن المثير في الأمر هو وجود تلك اللافتات الضخمة المرسوم عليها بعض مشاريع شركة إعمار الإماراتية العقارية، التي تدل على نوع وحجم المشاريع التي نفّذت وتعمل على تنفيذها في أصقاع الأرض من السعودية إلى الإمارات العربية المتحدة إلى باكستان وكندا وأستراليا وأميركا وسورية، لتعرف بعدها أن دخول هذا المطوّر العملاق - مشيّد أعلى برج على وجه الأرض - يعني الكثير. أمّا حكاية وجه عددنا أنس الكزبري فهي طويلة، وخلال سردها للاقتصادي برزت صعوبة حصر الحوار في زوايا الاقتصاد فتوسّعنا في مجالات شتى بحكم خبرته ومعرفته بأمور كثيرة لا يشكّل البزنس إلا جزءاً منها.

نجاح تلو النجاح
بدأت قصة أنس الكزبري مع عالم المال والأعمال عملياً عندما تخرج في الولايات المتحدة الأميركية وحصل على شهادة ليسانس في العلوم السياسية من جامعة نورث إيسترن، وعلى شهادة ماجستير في القانون الدولي من الجامعة الأميركية في واشنطن (DC).
ثم اتبعهما بدكتوراه في الأعمال الدولية "البزنس" من الجامعة الأميركية في لندن، لكن اللافت في الأمر أنّ تحولاً كبيراً طرأ على مجرى دراسته منذ البداية، إذ تحوّل من دراسة القانون إلى دراسة البزنس والأعمال الدولية فماذا كان السبب يجيب الكزبري: "منذ البداية توجّهت لدراسة القانون الدولي لرغبة في داخلي بالعمل في هذا المجال، علماً أن والدي كان يريدني أن أدرس الطب، لم أفعل ذلك ودفعني حبي لعالم الأعمال بتغيير وجهة نظري والانتقال لفرع علمي آخر ربما يدخلني دهاليز الاقتصاد وينمّي هوايتي به، فدرست الأعمال الدولية، وهو علمٌ ليس سهلاً ويعد مع علم القانون الدولي من أصعب العلوم". بعد أن قضى 10 سنوات في التحصيل العلمي متنقلاً في الولايات المتحدة الأميركية, عاد أنس الكزبري إلى السعودية علّه يجد عملاً يطبّق عليه ما نال أكاديمياً، فكان أول عملٍ له مع مجموعة السواني الاستثمارية التي دخل فيها كشريك في بعض المجالات ومدير، وبدأ يعمل معها في مجالاتها المتعددة كالخدمات والبيع بالتجزئة وغيرها. وما هي إلا فترة قصيرة حتى انتقل إلى دبي في الإمارات العربية المتحدة وأسّس هناك شركة السواني لمشاريع الشرق الأوسط وهي جزء من شركة السواني السعودية تهتم بالشرق الأوسط من المغرب إلى إيران.
موعد مع القداح
أثناء عمل الكزبري في الإمارات التقى عام 2004 بالمستثمر السوري ورجل الأعمال موفق القداح، وجمع الطرفان رغبة عارمة بالعودة إلى سورية والاستثمار فيها، ومتّن علاقتهما أكثر وجود فكرة لديهما تمثّلت بضرورة إعادة رأس المال المهاجر إلى البلد الأم، كان هذا صلة الوصل بين الكزبري والقداح وكان سبباً في ولادة شركة استثمارية سورية سورية هي "مجموعة الاستثمار لما وراء البحار IGO", شغل القداح رئيساً لمجلس إدارتها وحلّ الكزبري نائباً لرئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي، وسرعان ما قرّرت دخول سورية والاستثمار في كل شيء، وكذلك العمل على حث من تعمل وسطهم في الخارج على زيارة سورية والاطلاع على فرص الاستثمار فيها، فكانت البداية مع إعمار العقارية التي تم إقناعها لدخول سورية والاستثمار في القطاع العقاري وأسّسنا شركة إعمار ـ الاستثمار لما وراء البحار IGO بيننا وبين إعمار الإمارات. يقول الكزبري: "أقنعنا إعمار على دخول سورية ولم نرغب بأن نكون فقط محفّزين بل رغبنا بأن نكون شركاء فعليين، إذ ساهمنا بوضع رأس مال الشركة سوية، واليوم يتجاوز حجم أعمالنا كشركة IGO ما يقارب 300 مليون دولار كلها مستثمرة في سورية" .
فور دخول الشركة الوليدة ميدان الاستثمار في سورية وقفت على تنفيذ مشروع البوابة الثامنة العقاري الذي يمثّل مدينة متكاملة ورصد له ما يقارب المليار و200 مليون دولار أميركي، وهو يتألف من برج يرتفع 30 طابقاً ويضم مكاتب سياحية وشققاً سكنية وسوقاً للأوراق المالية ومقرات بنوك وشركات تأمين ومكاتب هندسية. يقول الكزبري: "عندما بدأنا التفكير بمشروع استثماري وجدنا مشروع البوابة الثامنة موازياً لمركز مدينة دمشق، لأنه لم يعد هناك معلم اقتصادي واضح في ظل التوسّع الأفقي في المدينة ودمشق تحتاج لمثل هذا المشروع".

أول مطور
يفتخر الكزبري بشركته التي كانت من أوائل الشركات التي قامت بالتطوير العقاري في سورية عبر شراكته مع إعمار وهو مرتاح للشراكة بينه وبينها، لأنها قائمة على طرفين متفاهمين في إدارة المصالح. وتقوم شركة IGO لوحدها بتنفيذ وتطوير عدد من المشاريع العقارية كمشروع وادي المروج في جديدة الوادي "ريف دمشق" ومشروع نوبلز والشركة بصدد طرح مشروع آخر منتصف العام الجاري لمخاطبة الشرائح ذوي الدخل المحدود وهو شقق سكنية ستشيدها في الوقت المناسب. يتابع الكزبري: "هدفنا تطوير السوق العقارية لتستقطب مطوّرين آخرين, فضلاً عن خلق مركز مدينة جديدة يضم الثقل المالي والاقتصادي والتجاري لدمشق، ونحن ننظر للمنافسين باحترام ومكملين في كل المجالات لأن التنمية والتطوير غايتنا وهذين الهدفين لا يأتيان إلا بالتنافس".

جائزة الإنجازات
شهدت الفترة الممتدة بين 2005 ـ 2006 كلاماً معادياً لسورية ومحاولات من جهات عديدة لتشويه سمعتها باستخدام الحملات الإعلامية المنظمة، والكزبري وغيره من السوريين كانوا لهذه الحملات بالمرصاد دحضوها وأثبتوا عكس ما تحمله من ضغينة على سورية، وشهد لدوره هذا أوساط إعلامية واقتصادية في الإمارات العربية المتحدة وسورية، إذ اعتبروه شخصاً دافع عن بلده بمواقف عديدة وساهم بنشر السمعة الطيبة والحسنة عن أهلها، وتقديراً لمواقفه قررت مجلة أريبيان بزنس الدولية منحه جائزة الإنجازات لعام 2008 عربون تقدير لدوره الكبير في حماية اسم بلده، لينضم هذا الرجل إلى قائمة السوريين الذين حصدوا مثل هذه الجوائز في الفن والثقافة والإعلام والسياسة وغيرها. يشغل الكزبري اليوم نائب رئيس مجلس رجال الأعمال السوري الإماراتي بعد أن كان عضواً في مجلس إدارة رجال الأعمال السوري الإماراتي في إمارة دبي والإمارات الشمالية، وكان ثمرة منصبه هذا تأسيسه بالتعاون مع رجال أعمال آخرين المنتدى الاقتصادي السوري الإماراتي الذي انعقد مرتين 2006 واجتمع تحت قبته ما يقارب 40 مليار دولار وهو حجم استثمارات رجال الأعمال الحاضرين الذين التقوا مع بعضهم واتفقوا على إقامة استثمارات لهم بمختلف القطاعات في سورية والإمارات. يقول الكزبري: "عملت جاهداً على أن أكون محفزاً لدخول استثمارات إماراتية لسورية ولا يمكن لأي شخص أن يحقق نجاحاً في هذا الهدف ما لم يكن قدوة في ذلك، أي أن تكون أمواله أصلاً مستثمرة محلياً، لكي يطلع المستثمر الأجنبي على النتائج ويحكم بالدخول أو عدمه".

أزمة عالمية
الحديث مع الكزبري لم يخل من المرور على أزمة المال العالمية التي كان الاستثمار والائتمان والرهن العقاري وقودها، وخاصة أن الكزبري يملك رأياً خاصاً حول موضوع الاستثمار في الخارج. "الاستثمارات العربية في الخارج غير آمنة، لأننا لا نعلم أين نستثمر، ولا ندري كيف تدار الأموال، وكذلك لا يمكن أن نتحكم فيها بشكل كامل فالسيطرة عليها إما قليلة أو شبه معدومة، والدليل في ذلك أنه عندما تنهار الأسواق الخارجية تنهار معها الاستثمارات العربية والإسلامية دون معرفة السبب الحقيقي الذي يعزى أحياناً لعدم ضبط المديونات أو الزيادة في القروض البنكية، أو إفلاس البنوك، وانهيار شركة أنفست غروب المالية العالمية خير دليل على ذلك".

الاستثمار العقاري
الاستثمار في العقارات أمر مخيف والكل ما زال ينظر لهذا القطاع على أنه السبب في كارثة اقتصادية حلّت بالعالم أجمع، وللصدفة تزامن بدء أعمال إعمار IGO مع ازدياد تداعيات هذه الأزمة ـ كيف واجهت الشركة الأزمة وهل تخوفت منها في سورية، يجيب الكزبري:
"أهم بوليصة تأمين كانت بحوزة إعمار ـ IGO هي وجود الرئيس بشار الأسد على رأس الملف الاقتصادي، إضافة إلى رؤيته الاقتصادية والاستثمارية التي حفزتنا على دخول سورية والاستثمار فيها بسبب أمان السوق ووجود الإرادة الاقتصادية, فضلاً عن وجود التشريعات التي خلقت الآليات ونشطت السوق وكانت بجانبنا، وهذا ما دفعنا لتوسيع نشاطاتنا إضافة للعقارات، إذ نحن بصدد إعلان مشاريع تتعلق بالبنوك الاستثمارية أو ما يسمى Investment Bank وبعض المشاريع الاستثمارية الأخرى، لأن السوق واعدة وتستوعب المزيد وأهم شيء أن هناك عروض طلب وأرض خصبة وهذه أبرز عوامل الاستثمار الناجح".
أهم قرار
يرى أنس الكزبري أن أهم قرار اتخذه في حياته وشكّل نقطة تحوّل فيها هو تحوّله من ممارسة القانون الدولي والعمل في الحقل السياسي والدبلوماسي إلى دخول عالم المال والأعمال، وهما يختلفان عن بعضهما البعض اختلافاً جذرياً، ولعل الصعوبات التي واجهته إبان هذا التحول ما تزال عالقة في ذهنه، لكنه راضٍ عن مسيرته حتى تاريخه ويرفض أن يقيّم نفسه بالناجح بل يترك لمن حوله الحكم بذلك، وبرغم عمله المتواصل دائماً بمعدّل 12 ساعة يومياً إلا أنه يحافظ دائماً على التواصل مع أسرته للوقوف على احتياجاتهم، مع أنه لا يراهم أحياناً بحكم عمله وسفره المتواصلين ويقرّ أن التوفيق بين العمل والعائلة صعب ويحتاج لتضحية.

مسؤولية اجتماعية
كغيرها من الشركات عليها مسؤولية اجتماعية تجاه مجتمعها تتجلى بتقديم ما أمكن كجزء من مسؤوليتها تجاهه، وبحسب الكزبري قدمت إعمار ـ الاستثمار لما وراء البحار IGO مؤخراً منحة دراسية لطلاب جمعية طموحي "صندوق كفالة العلم" قدرها 300 ألف دولار أميركي، وهي في صدد الإعلان عن نشاطات أخرى لا ترغب بذكرها. يقدم الكزبري لروّاد الأعمال الشباب نصيحة يدعوهم للسير عليها، وهي الصبر والمثابرة وعدم القفز خطوات إلى الأمام، بل السير بتروي لأن ذلك يمنح الإنسان صلابة ويثبت أقدامه أكثر على طريق النجاح، وكذلك أن يمنحوا الوقت أهمية كبيرة وأن يستغلوه في أمور مفيدة.
يذكر الكزبري أهم العقبات التي صادفت إطلاق مشروع البوابة الثامنة بقوله: "العقبة الرئيسة في المشروع هي بطء معاملات التأسيس لعدم استيعاب الموظفين والمديرين لحجم المشروع ما أخذ وقتاً كبيراً كان يمكن إنجازه بفترة أقصر، لكن جهود الحكومة كانت كفيلة بجعل المشروع حقيقة واقعية يحتذى بها".
المصدر
http://www.aliqtisadi.com/news/4712/...ة_المتحدة.aspx