ظاهرة إضضهاد أو إغتصاب الخادمات

ثمة تقارير تشير إلى التعرض اليومي للعديد من العمال الأجانب في دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى سوء معاملة، قد تصل أحيانا إلى حد الإساءة الجسدية، وذلك بحسب ناشطين في مجال حقوق الإنسان.

وقصة فتاة تبلغ من العمر 19 عاما، وصلت إلى دبي من بلدها إثيوبيا قبل 18 شهرا لتعمل خادمة في منزل لعائلة إماراتية، لخير دليل على المعاملة السيئة التي تتعرض لها مثيلاتها..

فها هي الفتاة الأثيوبية، التي أردنا اطلاق إسم نور عليها، علما أنه ليس اسمها الحقيقي، حامل، بعد أن تم اغتصابها من قبل مستخدمها، بحسب ما نقلته شبكة المعلومات الإقليمية المتكاملة، التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (IRIN).

وتقول نور: "لا أريد أن أحتفظ بالطفل.. يجب أن أعيل عائلتي في إثيوبيا."

وكانت مستخدمة نور، قد حذرتها من زوجها، طالبة منها أن تحترس، إذ تقول باكية: "لقد حذرتني ربة المنزل من زوجها، وأنه سبق وأن فعلها من قبل، وطلبت مني ألا أتحدث إليه كثيرا. ولكنه في إحدى الليالي دخل إلى غرفتي، وألقى بي على الأرض، واغتصبني أمام أحد أطفاله، الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات."

وتضيف نور قائلة إنه عندما علمت العائلة بأنها حامل، طلبوا منها الذهاب إلى أثيوبيا لتلد المولود هناك، "من ثم أعود للعمل لديهم."

وكالعادة، لم تقم نور بالتبليغ عن الحادثة للشرطة، خوفها من أن يتم ترحيلها.

وقد باءت محاولات نور لإجهاض الجنين بالفشل، ولذلك قررت أن تهرب. وهي حاليا تقيم في مأوى تديره منظمة محلية غير حكومية.

شارلا مصّبح، الإماراتية الجنسية الأمريكية الأصل، تعمل مديرة مأوى النساء اللواتي تعرضن للإساءة، قالت: "لقد قمنا بعمل محضر عن حالتها في الشرطة."
تقوم بترتيب غرفة فندقية

وأكدت أن الرجل الذي اغتصب نور محجوز حاليا لدى الشرطة.

وقصة نور لسيت الأولى أو الأخيرة.. ورغم عدم وجود أرقام دقيقة لمثل تلك الحالات المأساوية، فإن مصّبح تعتقد بأن العنف المنزلي والإساءة للعاملات الأجانب أصبحت بمثابة أمور شائعة في دولة الإمارات العربية المتحدة.

النساء في الخطر الأكبر
يقال إن وزارة الداخلية في دولة الإمارات قدرت عدد العاملين في المنازل بحوالي 600 ألف، معظمهم من إندونيسيا وسري لانكا وبنغلاديش والهند والفلبين وباكستان.

وقال تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية عام 2001 إن غالبيتهم من إندونيسيا ويليهم الفلبينيون.

وتشير التقارير إلى أن العاملين المغتربين يشكلون نحو 80 في المائة من سكان الإمارات.

كما ويذكر أن كل عامل يحتاج لكفيل إماراتي، وفي حالة أولئك العاملين في المنازل، فتكون العائلة المستخدمة هي الكفيل، وبالتالي المسؤوله عن إصدار تصريح العمل.

إلا أنه، ووفقا لمصّبح، مديرة المأوى، فإن الإماراتيين ليسوا هم دائما المتهمين بالإساءة للعاملات في منازلهم.

وتقول مصبّح، إن امرأة سريلانكية، قد تعرضت للإساءة وتركت بدون راتب، من قبل عائلة هندية كانت تعمل في منزلهم، إذ كانوا يقولون لها، إنها "محظوظة لوجود بيت تبيت فيه."

وتؤكد مصّبح، أن شرطة الإمارات أصبحت تتعامل بشكل أفضل مع حالات الإساءة والعنف المنزلي في السنوات الأخيرة، ولكنها لا تزال تعتقد بأن الطريقة الوحيدة لوقف مثل هذه الاعتداءات، هي عن طريق اللجوء للقضاء.

وبحسب إحدى المنظمات الدولية، المتخصصة في مراقبة حقوق الإنسان، فلم تسجل حالات محاكمة في الإمارات لأولئك المستخدمين المتهمين باغتصاب العاملات في منازلهم.

هادي غايمي، الباحث في شؤون حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، علق على هذا الأمر بالقول: "البحث الذي قمنا بإعداده يشير إلى أن جميع حالات الاغتصاب التي عرضت على السلطات، قد تمت تسويتها خارج أروقة المحاكم، ولم تتم مقاضاة أحد."

ويشير إلى أن مثل هذا الحل، "يوفر حصانة، ويساهم في إدامة الجرائم الجنسية ضد الخادمات،" بحسب غايمي.

ويضيف قائلاً إن هناك العديد من المستخدمين الذين يقومون بالاحتفاظ بجوازات سفر وأوراق المستخدمين لديهم، للحيلولة دون تحركهم إلا بمعرفة المستخدم، رغم أن حكومة دولة الإمارات قد أصدرت قرارا يمنع ذلك.

ما دور السفارات في تقديم المساعدة؟

وفقا لسفارة الفلبين في عاصمة الإمارات، أبو ظبي، يوجد 36 ألف عامل وعاملة من الفلبين مسجلون بشكل قانوني، نصفهم يقيم في مدينة دبي.

ويقول مسؤول في سفارة الفلبين، إن 6 في المائة هؤلاء العاملين يبلغون عن حالات إساءة سنويا، بما في ذلك الضرب وعدم دفع الرواتب.

وعن الإجراءات التي تقوم بها السفارة حيال تلك الاعتداءات، قال: "نبلغ الشرطة عادة عن حالات الإساءة الجسدية، ونوفر لهن داخل السفارة مأوى لحمايتهم، ونقوم بإعلام سلطات الهجرة، وكذلك الكفيل."

والحال ذاته بالنسبة للفتيات العاملات بالمنازل من حملة الجنسية السيرلانكية، إذ تفيد التقارير أنه يوجد في الإمارات، حوالي 165 ألف سريلانكي، 70 في المائة منهم يعملون في المناول، وغالبيتهم من النساء.

وتبعا لمصدر في السفارة السريلانكية فإن "الشكاوي الأكثر شيوعا هي أن مستخدميهم لا يدفعون لهم رواتبهم، إضافة إلى تعرضهم للمضايقات إما الجسدية أو الجنسية أو اللفظية."

وبالنسبة للهنود، الذين يشكلون النسبة الأعلى من عدد الجنسيات في دولة الإمارات العربية عامة، فتفيد التقارير أنه يصل بشكل قانوني نحو 50 عاملا إلى البلاد من الهند شهريا.
عاملة في أحد الفنادق

وبحسب القائمين على قسم العمل في السفارة الهندية، في أبو ظبي، فإن دورهم في مساعدة العاملين في المنازل الذين يتعرضون للإساءة، يتضمن محاولة استرجاع جوازات سفرهم من أصحاب العمل.

مسؤول من السفارة الهندية قال لـ IRIN: "من النادر تلقي شكاوى من المستخدمين على العمال لديهم."

مكاتب وكالات العمل والتوظيف تتحمل مسؤولية أيضا

مما لا شك فيه، أن الشركات التي تقوم بإحضار العمال والعاملات لدولة الإمارات تتحمل المسؤولية أيضا.

إحدى المتطوعات لمساعدة العاملات اللواتي تعرضن للإساءة، هي سيدة كندية، تدعى أنجيلا، قامت وزوجها منذ نوفمبر/ كانون ثاني 2005، بمساعدة اثنتين من العاملات على العودة إلى أوطانهن.

وتقول أنجيلا: "كنا على اتصال مع العشرات من الفتيات، وأستطيع القول إن 99 في المائة من الحالات مريعة. لقد رأيت نساء بكدمات في كل مكان على أجسادهن، وأعرف فتاة أخرى، كانت مرغمة بالذهاب لغرفة مستخدمها كل ليلة لممارسة الجنس معه."

وأشارت أنجيلا إلى أن حالات الاغتصاب، والضرب والتجويع تعتبر نماذج "شائعة" للإساءة.

وأضافت تقول: "رغم كل ذلك، قضت جميعهن شهورا في الدفع لوكالات العمل مقابل العقود وتأمين العمل لهن."

وأوضحت أنجيلا إن تلك الوكالات على علم بالظروف التي سيواجهونها، وتضيف: " بعض الفتيات العاملات يتم الاتجار بهن، وتؤخذ جميع وثائقهن فور وصولهن للبلد."

من جانبه، رد متحدث باسم وكالة توظيف -خدمات عمل الخليج- بالقول: "لا تمتلك العاملة في المنازل أي عطل أو أيام راحة، وذلك حسب القانون هنا."

وعندما سألته IRIN عما إذا كان يحق لصاحب العمل أن يحتفظ بجواز السفر، قال: "المستخدم مسؤول عن توفير الطعام والملابس، والعلاج للعاملة، وبالتالي يجب عليه أن يحتفظ بجواز السفر،" وهو ما يتناقض وقانون العمل.

من جانبه، علق الباحث هادي غايمي بالقول إن إحدى الشكاوى الشائعة هي ساعات العمل الطويلة، والتي تكون عادة ما بين 12 إلى 17 ساعة يوميا، بالإضافة إلى سوء التغذية الناتج عن نقص الطعام.

ودعا غايمي حكومة الإمارات العربية المتحدة، إلى ضرورة تعديل قانون العمل السائد في البلاد، كي يضمن حقوق العاملات في المنازل، أسوة بباقي العاملين الأجانب في قطاعات أخرى.

ويذكر أن قانون العمل المطبق حاليا، يستثني العاملات في المنازل من العديد من الحقوق المتوافرة لباقي العمال، كما هو في الفقرة 3.C:
http://www.mol.gov.ae/Pages-EN/*****...-labour.HTML#b

وكانت IRIN قد بعثت بأسئلة في مايو/أيار إلى وزارة العمل بدولة الإمارات العربية المتحدة وقسم الهجرة، حول مزاعم إساءة العاملات في المنازل من قبل مستخدمين في الدولة، إلا أنه لم تتسلم الوكالة الإجابة حتى تاريخ نشر التقرير.