العمليات الاستشهادية .. عبوات ذكية أربكت العدو
2010-05-02
القسام ـ خاص :
العمل الاستشهادي من أنبل الظواهر وأكرمها ،وهي أطهر الأعمال وأزكاها وأكبرها تضحية وفداء، حيث يجود الإنسان بنفسه طائعاً مختاراً.

وهو أسلوب كانت حماس الرائدة فيه في هذا العصر، فكان ساهر التمام من مخيم بلاطة أول المنفذين في العام 1993م وازداد استخدامه خلال انتفاضة الأقصى المباركة حتى مارسته مختلف القوى والفصائل الفلسطينية.

لكن حماس تميزت في الأداء وتفوقت في الإتقان، وعرفت بالتطوير والإبداع، واتسمت بالنتائج المميزة، واتضحت قوة العبوات التي كان يحملها المجاهدون واستخدمت مواد أولية جديدة ذات فعالية أكبر، وأضيف إلى ذلك استخدام بعض الكرات الحديدية بدلاً من المسامير فكان أثرها أشد.

ومن ثم تم التعامل بطريقة مهنية وعلمية في آلية توجيه العبوة، وهي قضية غاية في الأهمية وأثبتت التجارب ضرورة أخذها بعين الاعتبار في مثل هذا النوع من العمليات، وهذه المعطيات مجتمعة جعلت خسائر العدو أكبر والأبعاد النفسية لديه أبلغ وأعمق، حتى صار المراقبون بل وعامة الناس ينسبون بعض العمليات إلى حماس قبل أي إعلان عنها إذا اتضح أن خسائر العدو فيها كبيرة.

سلاح استراتيجي
ويقول الأسير القسامي القائد حسام بدران في كتاب "كتيبة الشمال" و الذي يتحدث فيه عن تجربة القسام شمال الضفة خلال انتفاضة الأقصى:" من المعلوم أن أهل المقاومة تعتبر العمل الاستشهادي بمثابة ”سلاح استراتيجي”، فعدوّنا يمتلك الطائرات والصواريخ والدبابات وغيرها من الأسلحة الفتاكة الإستراتيجية، ونحن حاربناه بأجسادنا ".

وأضاف " الاستشهادي هو عبوة ذكية متنقلة واعية مدركة يمكنها اختيار المكان والزمان بدقة بحيث تحقق نجاحاً مميزاً يربك العدو، كما أن الاحتلال لا يمتلك حلاً جذرياً لقضية الاستشهاديين، وهذا ما صرّح به زعماؤهم حين قالوا ماذا نفعل مع إنسان يريد أن يموت، بأي شيءٍ يمكن أن نهدده ونردعه؟! فجرّبوا هدم البيوت ومعاقبة الأهل، ولكن دون جدوى".

موضحا أن هذا السلاح ما دام بهذه الأهمية من وجهة نظر المقاومة، وبهذا الأثر على العدو، فهذا يؤكد على أن استخدام هذا السلاح يجب أن يكون بحكمة وذكاء، وأن يخضع إلى معايير وضوابط تحافظ على تميزه وقدسيته وبريقه وأثره العملي وأبعاده النفسية على أطراف الصراع".

وأشار القائد الأسير إلى أن قرار استخدامه يجب أن يكون بيد قيادة المقاومة التي تعي كل هذه الأبعاد وتدرك كل هذه المستلزمات، وعليه فالأصل اختيار المكان المناسب وتحديد الوقت الملائم وانتقاء الظرف الأنسب حتى يحقق كل عمل استشهادي أكبر قدر ممكن من الأثر.

سبب فشل كثير من العمليات
وفي سياق تعامل بعض المجموعات من الفصائل بعيدا عن ضوابط العمليات الاستشهادية أكد الأسير القائد بدران" أن الذي حدث في بعض مراحل انتفاضة الأقصى أن بعض المجموعات والفصائل تعاملت مع هذا السلاح بعيداً عن الضوابط التي أشرنا إليها، ففي بعض الأحيان لم يتم اختيار الشخص المناسب للتنفيذ، فوقعت أخطاء وتكررت إشكالات أدت إلى فشل كثير من هذه العمليات، الأمر الذي أحدث نوعاً من الإحباط والتردد في الصف الفلسطيني، مقابل شعور بالنشوة والنصر لدى العدو، الذي صار يروّج لنجاحه في الحد من فعالية هذا السلاح في أيدِ المقاومة".

وأضاف إلى أن ما يزيد قوة هذا العمل أن تكون له في كل مرة رسالة واضحة مباشرة يستوعبها الأعداء أنفسهم قبل غيرهم، فيتيقنوا أن هذا العمل جاء مبرراً كرد فعل على جريمة واضحة ارتكبتها حكومتهم، وقد أحدثت مثل هذه العمليات إرباكاً نفسيا وجدلاً داخلياً بين الجماهير في دولة الاحتلال كلما كانت رد فعل على مجزرة ما أو اغتيال قائد محدد من المقاومة.

قوة الردع
وأشار إلى ان هذه المسألة واضحة في عمليات الثأر التي قادها القائد "يحيى عياش" رداً على إجرام العدو في مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل في العام 1994م، بل إن بعض الأصوات لدى الصهاينة استوعبت على الأقل عمليات الرد الأولى على اغتيال عياش عام 1996م، مستشعرين أن حكومتهم هي التي استفزت حماس بهذا العمل، خاصة مع وجود عياش في غزة الخاضعة للسلطة الفلسطينية حينها.

وتابع قائلاً :"مما يؤكد صحة هذا القول أن الدعاية الرسمية لدولة الاحتلال دأبت خلال انتفاضة الأقصى على ترديد مقولة أن المقاومة الفلسطينية تقوم بهذه العمليات الاستشهادية كلما سنحت لها الفرصة لذلك، وأن الأمر لا يتعلق برد على جرائم المحتل، ويبث هذه الفكرة في أوساط شعبه أولاً ثم لدى الرأي العام العالمي".

وأكد أن السياسة العامة لمثل هذا النوع من العمليات هي مبنية على أساس قوة الردع وتأتي للرد على جرائم العدو ضد شعبنا، وترتبط بمجازره بحيث يمكن زيادة تفهم الجمهور لها، ونعرف ذلك من العمليات التي تمت في بدايات التسعينيات من القرن العشرين والتي جاءت رداً منطقياً وطبيعياً على مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل.

ويستخلص بدران في كتابه "أن مثل هذا العمل - العمليات الاستشهادية - لا يصح أن يكون مفتوحاً على مصراعيه، بل يخطط له ليحقق الأثر الأكبر على جميع الأصعدة".
http://www.alqassam.ps/arabic/news1.php?id=15653
--