منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الأرجل المعوجة

  1. #1

    الأرجل المعوجة

    بسم الله الرحمان الرحيم
    الأرجل المعوجة
    دلف إلى نادي الشيوخ القريب منهم، أين يلتقي عادة المتقاعدون وكبار السن.. ثم اختار مكانا قصيا.. وجلس في ركن من القاعة المكيفة الهواء مع ثلاثة من أصحابه يتفرس الوجوه.. قام من مكانه ووضع خليط من كبريت ومواد أخرى سريعة الإشتعال تحت كرسي عجوز في الستين لا أعرفه، وسرعان مانفجرت تلك المواد مما أحدث صوت مرعب وكأنه انفجار حقيقي، سقط على إثرها الرجل المسن من الكرسي فجعة وهو يرتعد.. لم يصب أحد بأذى لكنه أزعج الحاضرين.. راعني مارأيت، واستفزتني وقاحة ذلك الغلام الذي لم يبلغ بعد الخامسة عشر من عمره، رغم أنه لم يعرف عنه مثل تلك السلوكيات من قبل، فهددته بأن أشتكيه للشرطة، وأخبر والديه بما أنني أعرفه، فترجاني وهو يتصبب خجلا بأن لاأفعل ذلك على أن يقلع عن صنيعه، بعد أن استسمح الحضور..
    فسألته: ماالذي أتى بك إلى هنا؟ ومن نصحك بالإقدام على تلك الفعلة؟
    فأشار إلى أحد أصدقائه الجالسين جنبه، فقلت له:
    في القديم غير البعيد، وبالتحديد في مسقط رأسي، كانت النساء يربطن رجلي المولود بلفافة قوية من القماش يسمونها "قماطة"، حتى يبقيا مستقيمين، وقد انسحبت تلك التقنية المعرفية على ربط مفاصل صغار الخيل والحمير فيما بعد، حتى تبقى قوائمها مستقيمة وغير معوجة. وكانت تلك المعرفة منتشرة كثير خاصة عند أهل الريف في منطقتي، بل تعدت الإنسان والحيوان لتدخل عالم الأشجار، وقد يلاحظ وقتها من يمر بجانب حقل أو بستان حديث الزراعة، أن المزارعين قد ربطوا شتلات الأشجار بعصى تستند إليها الشتلة حتى تبقى مستقيمة.
    لكن نساء هذا الزمان عهدن بتهيئة الطفل المولود الى ممرضات المستشفيات، وفي هذه الحالة لا تهتم الممرضات بتقنيات "قماطة" أرجل المواليد.
    قال: وماهي الصلة بموضوعنا؟
    قلت له: هو التأسيس التربوي للنشء الجديد على تحديد شكل أعداءه وهوياتهم، وكيفية الإستعداد لمواجهتهم، أنت والداك متعلمان ويشتغلان، وقد أوكلوا تربيتك إلى الخادمة، فلم تهتم بإرشادك إلى الطريق الصحيح..
    في الماضي القريب، كان صمت الوالدين الذي يعززه الجهل بمعرفة الأمور، أكثر نفعا من ثرثرة الوالدين الذين يزعمون المعرفة. فصمت السابقين يبقي حالة التعايش بين الجيران، وبين المواطنين، في حالة أكثر سلما من تلك التي نعيشها في أيامنا.
    كان الآخر الذي لا نعرفه عند قليلي المعرفة أقل خطرا من الآخر الذي تربى في أحضاننا عند من يزعمون المعرفة..
    ويعتبر عملك هذا مثالا قويا على ما انحدرت إليه معالم التربية الوطنية في بلادنا. فبينما كان التلميذ في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي يمضي عشرات الساعات في كيفية تعلم الإحترام ومسعادة الآخر، سواء من العائلة أو من الأقارب والجيران، جئتم أنتم الآن تفسدون ماتمّ التوافق عليه حتى اليوم، أنظر بني! الإنسان كالنبات.. فتصرفاته السوية والطبيعية.. تؤثر وتتأثر بمحيطه الموجودة فيه.. فإن كانت حياته قويمة مستقيمة.. لاعوج فيها ولا اعوجاج.. ينشأ مستقيما طبيعيا، وإن كانت بيئته ومكانه وزمانه غير سليمة أو طبيعية، فإنها تؤثر في نموه وتتحكم حتى في طعمه..
    وهذا يتوقف على صلاح الفرد وقدرته على التكيف مع غيره.. فالإنسان كالنبات تماما يتأثر بمحيطه..
    أخرج أحد العجائز الجالسين في القاعة مع ذاك الشيخ من حجره حبلا قويا معقودة بلا تعقيد، ثم أدار بوجهه الملائكي نحوي وقال بعد أن عقد فيه عقدة أخرى ثم مالبث أن حلها بسرعة: هذه حلقات معقودة منذ زمن سنحلها يوما ما..! ربما هؤولاء الشباب لايعرفون ماهي أسباب هذه العقد.. ولا من قام بعقدها..! ولا داعي لمزيد من العقد فيه يابني ..
    طوى الحبل ودسه في طيات ثوبه الفضفاض، ومضى يداعب سبحة في يديه: ومن شر النفاثات في العقد...
    عكف زميلي في العمل يحك رأسه ويلوم نفسه، وأبناء جيله، وهو يقول: نحن من زرعنا التيه في نفوس هذا الجيل ونحن من جعلناه يبحث عن آخر عدو بدل مساعدته.
    فقللت له: لم نربط سيقانهم لذلك ظهر الإعوجاج على تلك الأرجل.
    أضاف: ربما ربطناها وهي معوجة فتصلبت مفاصلها وبقيت معوجة..!

  2. #2

    رد: الأرجل المعوجة

    وكما قالت العامة ذنب الكلب اعوج ولو وضع بالف قالب ..عذرا ولكن اليس هو الواقع والطبع تحت الجلد؟ ورغم هذا لاياس باذن الله مع رغبة التغيير
    تحيتي وشكري
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3

    رد: الأرجل المعوجة

    لاييأس من روح الله إلا القوم الكافرون
    شكرا استاذة ريمة

المواضيع المتشابهه

  1. دورة التميز والتألق "المرحل الجوي"
    بواسطة سراب في المنتدى فرسان العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-21-2015, 04:03 PM
  2. الاستجابة المناعية قد تكون احد أسباب التهاب المريء الاسترجاعي
    بواسطة عبدالله أبوسارة في المنتدى فرسان الطبي العام .
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-29-2009, 09:53 PM
  3. السيقان المعوجة
    بواسطة عبدالغفور الخطيب في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 08-12-2009, 09:30 AM
  4. الفلسفة اللغوية
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان اللغة العربية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-08-2007, 03:44 AM
  5. المقامة اللغوية
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان اللغة العربية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-03-2006, 08:06 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •