كمال مرة.. كاتب باب الحارة
الجزء الخامس يحمل الكثير من المضامين والمقولات وهو الأخيربدأت عمليات التصوير في الجزء الخامس من باب الحارة، وقد أكد كاتب العمل «كمال مرة» في حديثه «للبعث» بأن الجزء الخامس سيكون ختاماً للأحداث، وهو حكاية درامية طويلة أشبه بالرواية، تتضمن جميع الأحداث السابقة، وتحمل الكثير من المضامين والمقولات والإسقاطات، وعلى سبيل الذكرانضمت إلى العمل شخصيات جديدة، على الصعيد الدرامي.. وسبق أن قدّم كمال مرة أعمالاً من البيئة الحلبية والساحلية ويفكر الآن بمشروعات جديدة...

> ماذا سيقدم الجزء الخامس من باب الحارة؟.
>> سيحمل العديد من المفاجآت على صعيد الشخصيات الجديدة التي انضمت إلى العمل، أو على صعيد الحكاية الدرامية الجديدة،أنا لا أقول بأن الجزء الخامس يختلف، وإنما يقدم حكاية درامية طويلة على غرار الرواية تكون بمثابة تكامل فني وموضوعي للأجزاء الأربعة، يحمل للمشاهد كل التصورات التي اجتهدنا على تقديمها خلال السنوات الأربع الماضية، وسيكون عملاً جديداً بحكايته وبأبعاده ومقولاته على الصعيد الفكري والحكاية شعبية بمضامين أخرى.
وبهذا الجزء نصل إلى نهاية «حدوته» باب الحارة، التي تشبه الرواية الشعبية، تتكامل فيها كل العناصر من مونودراما، كوميديا، تراجيديا، جمعت أصناف الدراما في مسلسل واحد، ربما يكون هذا هوسرّ نجاح باب الحارة.
أما فيما يتعلق بالمحور الأساسي للعمل والإسقاطات التي بدت واضحة في الجزء الرابع (حصار غزة)، لأن الواقع السياسي فرض وجوده،أنا أعتقد أن أي عمل درامي دون إسقاطات للحالة الاجتماعية والسياسية يكون سراباً وخواءً فكرياً، لا بدّ في أي عمل من إسقاطات سياسية تندرج ضمن المسار الدرامي للعمل، سواء أكان بيئياً أم معاصراً أم تاريخياً، وأؤكد بأننا نتعامل مع مساحة زمنية محددة، وذكرت مراراً بأنني لا أوثق لمرحلة تاريخية دمشقية، أنا أقدم حكاية خيالية درامية مستوحاة من تلك البيئة وذاك العصر، وأتوجه إلى شريحة متوسطة إلى المرأة العادية التي تعيش في البيت وتهتم بعائلتها، لقد وُجهت انتقادات كثيرة للعمل بأن المرأة الدمشقية آنذاك كانت تدخل الأحزاب وتقيم المنتديات وتلقي الشعر، هذا الواقع يطال المرأة الأرستقراطية فقط ومن عائلات معروفة، أما المرأة في باب الحارة فهي المرأة العادية التي تعيش ضمن هذه الأجواء، وعلى الرغم من ذلك لاحظنا تغّيرها في الجزء الرابع، حينما دعت الأوضاع الحياتية.
> دخل إلى العمل عدد من الممثلين الجدد، ما مدى علاقتهم بالشخصيات السابقة؟.
>>انضم إلى فريق العمل (قصي خولي، مهيار خضور، غسان لبنة، جلال الطويل، رنا شميس، نجلاء الخمري)، هذه الشخصيات المدرجة حديثاً لها علاقة أساسية بالأحداث، ولكن لا جذور سابقة لها، وإنما لها دور مع المحيط ذاته والبيئة والساحة الدرامية وصعيد الحكاية.
> في الجزء الرابع راهنت على نجاح شخصية «النمس» التي جسدها مصطفى الخاني، فعلى أية شخصية تراهن الآن؟.
>> أنا لا أراهن على الشخصية، وإنما أراهن على العمل عامة، لأنه يحمل كل مقومات النجاح، لذلك أحبه الناس وأتوقع أن يلقى الجزء الخامس والأخير نجاحاً، وأن يترك أثراً جميلاً في نفوس المشاهدين.
> كان «لأم جوزيف» دور هام جداً في الجزء الرابع، فكيف ستكون في الجزء الخامس ؟.
>> «أم جوزيف» شخصية رائعة جداً، غيّرت مسار العمل الدرامي واستقطبت انتباه المشاهدين، امرأة قوية لا تخاف الفرنسيين، تدافع عن وطنها، تساند أبطال المقاومة، تتمتع بصفات خاصة، تحمل في قلبها الحب والحنان والحزن والفرح، والأهم من ذلك أنها امرأة صلبة رغم مأساتها مع أولادها ومعاناتها، وحين كتبتُ هذه الشخصية كتبتها بصورة خاصة إلى السيدة «منى واصف»، التي تجسد لحظة الحب والحنان ولحظة القوة والانفعال، وبالفعل لاقت نجاحاً كبيرا،ً وكانت عنصراً هاماً وأساسياً من عناصر نجاح باب الحارة في الجزء الرابع، وأنّوه أن «أم جوزيف» ليست من خيالي، وإنما كانت فعلاً هناك امرأة تشبه أم جوزيف تقف في وجه الفرنسيين، وستحمل أم جوزيف للمشاهد الكثير من المفاجآت في الجزء الخامس.
> مقهى «أبو حاتم » كان ركناً أساسياً من أركان باب الحارة في الأجزاء السابقة.. فما رؤيتك له؟.
>> مقهى«أبو حاتم ».. مكان دافىء يشبه مقاهي دمشق القديمة، يجمع بين رجال الحارة ويربط بينهم ويظهر مشاعرهم الوجدانية ومحبتهم، وتلك الحميمية الصادقة الموجودة آنذاك.. المكان ركن أساسي من أركان العمل، وأنا أرى أن المقهى بطل من أبطال باب الحارة، تغلف جدرانه مصداقية وشفافية ويعّد ملعباً فياضاً للأحداث الدرامية، سيشهدها الجزء الخامس.
> أوكل إخراج العمل في الجزء الخامس إلى مؤمن الملا بإشراف بسام الملا، فهل سيحدث هذا الأمر تغييراً في المسار الإخراجي؟.
>> مؤمن الملا، تلميذ ماهر وبارع لبسام الملا، وقد عملت معه سابقاً، إذ كان مخرجاً منفذاً في الأجزاء السابقة، لذلك فهو ليس بعيداً عن العمل، ويمتاز بقدرة فائقة علىالتقاط الصورة بشفافية وحساسية درامية، ويملك روحاً مميزة، وهذه الروح تدفعه للبحث عمّا هو جميل، وفي الوقت ذاته يملك إمكانية عالية للتعامل مع الممثلين بأسلوب صادق وأخلاقي، مما يدفع بالعمل قدماً أثناء التنفيذ، ولو لم يجد المخرج الكبير بسام الملا أنه جدير بهذا العمل لما كلفه به، وفي النهاية سيكون الإشراف العام للمخرج بسام الملا، المخرج الأقدر على التقاط مفردات البيئة الدمشقية ورسم هيكلية شخصياتها.
> باب الحارة شغلك لسنوات متتالية، فماذا بعده؟.
>> أنا أفكر بمشاريع كثيرة، أدرسها، لكنني لم أتوصل إلى قرار بالتزام مشروع معين، ربما أتابع بالبيئة، وربما أتجه نحو المعاصرة، وأرى أنني تورطت بموضوع البيئة، وارتبط اسمي بها، صحيح أن أعمال البيئة مطلوبة وحلوة، ولكننا بحاجة إلى مشاريع جديدة لاستقصاء موضوعات من خلفية بيئات جديدة، لذلك وجهت دعوة لكتّابنا أن يكتبوا من بيئة المنطقة الشرقية (دير الزور، القامشلي، الرقة) هذه البيئة التي نجد فيها موضوعات غزيرة على صعيد الحكاية الدرامية، كونها بيئة مدنية وعشائرية، وهذا بحث طويل ومرهق، والكاتب من تلك البيئة الأقدر على الكتابة من محيطه وبيئته. هذا نجاح على صعيد البيئة الجديدة، لقد استنفذنا موضوعات البيئة الساحلية والجبلية والدمشقية، لماذا لا نبحث عن مسار جديد من المنطقة الوسطى (حمص ، حماة) أيضاً؟!.
> سابقاً قدمت أعمالاً ناجحة من البيئة الساحلية (الحوت)، والحلبية (كوم الحجر)، فهل تفكر بإعادة التجربة؟.
>> هذه الفكرة مطروحة ومن الممكن أن أقدم تجربة جديدة من البيئة الحلبية أو الساحلية، لكن النص ليس شرطاً للنجاح، نجاح العمل الدرامي يحتاج إلى مجموعة من العوامل: الجهة الإنتاجية والفريق الفني والممثلون والمخرج، والتسويق الدرامي، فالقناة الأكثر متابعة تستحوذ على الكم الأكبر من المشاهدين بغض النظر عن ماهية العمل، إذ نرى بعض الأعمال الدرامية أقل سوية من الأخرى، ومع ذلك تُتابع، لأن الظروف أتاحت لها ذلك ، باختصار هناك عوامل كثيرة تحكم نجاح العمل.
> بعض المعنيين بالدراما يتفاءلون باستمرار نجاحها، وبعضهم يخافون تراجعها، وبعضهم ما بين بين، فأين أنت منهم؟.
>> الفكر يعيد نفسه، إذ لا يوجد شيء جديد على صعيد الرواية والشعر والدراما، الشيء الجديد هو اللغة الجديدة، المعالجة الجديدة من قبل الكاتب التي تقدم موضوعات غير مطروقة، بلغة بصرية جميلة تحمل أبعاداً متعددة ومضامين ومقولات، بلغة صادقة، بهذه المصداقية ستستمر الدراما السورية طالما بقيت صادقة، وإذا فقدت مصداقيتها ستتراجع.. ليس من المهم أن ننتج خمسين عملاً، المهم أن نحافظ على نجاحنا ومصداقيتنا.
> طُرحت فكرة إنشاء هيئة متخصصة بالإنتاج الدرامي، فما رأيك بها، وماذا ستحقق؟.
>> طرحنا منذ عدة سنوات في لقاء مع وزير الإعلام تضافر جهود القطاع العام والخاص لحماية المنتج الدرامي، لا بدّ من مؤسسة تحمي القطاع ، ويُعد توجيه السيد الرئيس بشار الأسد بشراء الأعمال، أكبر دليل على دعم الدراما، وإيجاد هيئة للإنتاج الدرامي يحافظ على نجاح الدراما.
إننا في وسط إعلامي كبير وبحاجة لإيجاد سوق تسويقية لأعمالنا، ونلاحظ تراجع عدد المسلسلات المنتجة، ودخول الدراما التركية الدخيلة على واقع الدراما، فلماذا لا نحمي أنفسنا ونوجد سوقاً تسويقية خاصة بسورية عبر الأقنية الخاصة التي تتماشى مع الأقنية العربية الموجودة، وتوازي أية قناة تسويقية ونبتعد عن الشروط التعجيزية التي تفرضها بعض القنوات العربية لتسويق الأعمال وتكون مجحفة وقاسية في أحيان كثيرة؟!.

حوار: مِلده شويكاني
ت: عصام مراد

http://www.albaath.news.sy/user/?id=815&a=74161