الداعية الأحمد : ساقاضي 42 صحيفة بتهمة تحريف فتوى هدم المسجد الحرام


أكد الداعية الدكتور يوسف الأحمد، وعضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقا، لـ«الشرق الأوسط» أنه بصدد رفع دعاوى بالجملة ضد صحف داخلية سعودية وأجنبية، وأنه كلف محاميا خاصا لملاحقتهم قضائيا مطالبا بوقف سفر كتاب سعوديين للخارج ريثما الانتهاء من إنهاء الدعوى مع من وصفهم بأنهم مشروع الإسلام الأميركي.
وكانت وسائل إعلام محلية وأجنبية قد تداولت أنباء عن دعوة وجهها الأحمد عبر إحدى القنوات الفضائية إلى هدم الحرم وإعادة بنائه لفصل الرجال عن النساء. وهو ما أثار انتقادات واسعة.
وأوضح الأحمد في حديث لـ«الشرق الأوسط» بخصوص فتوى هدم الحرم أنها لم تؤخذ في سياقها، وزاد: «سأقوم برفع دعاوى قضائية على كل من تعدى علي أو حرف كلامي من قنوات أو صحف أو مواقع أو صحافيين أو معلقين، ومنها صحف سعودية وبريطانية وأميركية وكويتية وإماراتية، وأنا الآن في طور تأسيس الدعاوى، وتوكيل المحامين، والهدف من ذلك هو إيقاف هذا الاعتداء الظالم المتكرر من بعض الإعلاميين على علماء الشريعة وتعمد إسقاطهم وتشويه سمعتهم في السعودية وخارجها، أما من هم بالداخل من السعوديين، وهم الأكثر، سأطالب بمنعهم من السفر حتى تنتهي الدعوى».
وأشار بأن عدد الدعاوى وصل إلى 37 دعوى، ولكن العدد زاد الآن إلى 42 دعوى، ولذلك فإني لا أرغب في ذكر العدد النهائي حتى تنتهي دورة الشغب الإعلامي على هذا المشروع وصاحبه.
واستطرد الشيخ يوسف الأحمد بالقول: «أنا بصدد رفع وتأسيس القضايا، وإعطاء التوكيلات والاجتماع مع المحامين والوكلاء داخل السعودية وخارجها، وسيتم ترتيبها بالأولوية، والتنسيق حول حصر الجهات الأخرى غير القضائية التي سأخاطبها، فالدعاوى القضائية تختلف عن الشكاوى النظامية التي سيمضي في تقديمها إلى الملك عبد الله، وولي عهده الأمير سلطان، وإلى وزارة الداخلية، وهيئة الصحافيين السعودية، وهيئة حقوق الإنسان، ووزارة الإعلام، إضافة إلى الطلب الرسمي تجاه كل صحافي تعدى علي بمنعه من السفر حتى تنتهي القضية بعد الدعوى، وكل هذا سيكون خارج الدعاوى القضائية التي سأقوم بتقديمها في المحكمة الجزائية لكل مدينة على حدة في داخل البلاد.
وأضاف «أن هناك ترتيبا في هذا الخصوص، وتم التنسيق مع محامين وصفهم الأحمد بالمتطوعين للدفاع». رافضا في السياق ذاته الإفصاح عن أسمائهم بحجة «أنه لم يتم تسجيل عقود معهم إلى حد الآن، وسيكون هناك إدارة عمل في ظل وجود شخص يقوم بمتابعة الوكلاء والمحامين في الدعاوى القضائية والتنسيق بينهم».
وأشار إلى أن الدعاوى موجهة ضد صحف وكتاب، مثل جريدتي «الرياض» و«الوطن»، وكذلك «عكاظ»، و«الجزيرة»، و«الحياة»، وغيرها، فضلا عن ملاحقة الصحافيين الذين كتبوا مقالات أو أخبارا وتقارير، وكذبوا أو حرفوا الحقيقة أو تعدوا على الأحمد بالتهم والتنقص والإساءة، مضيفا «أنه ليس لديه موقف مع من يناقش الحقيقة وينتقدها موضوعيا، لكن مشكلته مع من سخر وسب وتكلم بألفاظ مشينة ومعيبة، وأوصاف كان أخفها وطئا «متطرف» و«متشدد» لدرجة وصلت للقذف بالمصطلح الفقهي المعروف.
وحول إيراد أسماء أولئك الكتاب، فضل عدم ذكر أسمائهم، «فليس من المناسب أن أذكر بعضا وأترك آخرين، وسأذكر أسماءهم جميعا من خلال البيان الذي هو بصدد كتابته، وحصلت إلى الآن على حدود ستين مقالا وخبرا وتقريرا جمعها بعض المهتمين، وما زالت تأتيني مقالات جديدة لم أطلع عليها»، مبرئا القناة المتلفزة التي ذكر أن حديثه فيها كان قبل ثلاثة أشهر وكان في سياق طبيعي و أن القناة لم تجتزئ نص الحديث، «بل إن من قام بهذا الشيء هو من قدم وأخر في الخبر، من الداخل السعودي، ثم انتشر بعدها مشوها إلى الخارج».
ويعلق جمال خاشقجي، رئيس تحرير جريدة «الوطن» السعودية، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يتلق أي خطاب رسمي بهذا الخصوص، فضلا عن محامي الشؤون القانونية في الجريدة، مبينا أن «الوطن» تحرت المصداقية في التعامل مع الخبر، ودققت في مضمون ما قال يوسف الأحمد، ولم تتجن عليه في جميع ما نشرت على صفحاتها، ولم يكن فيما أوردنا إساءة لشخص الرجل، لكن كان هناك حوار وانتقاد، وأي شخص يطرح فكرة على الرأي العام عليه تحمل الحوار الذي يحصل من حولها.
وأوضح خاشقجي «أنه لم يكن أحد سيلتفت ليوسف الأحمد لو لم يقل ما قال، وأن هناك واحدا وعشرين مليون سعودي لم ننشر أخبارهم لا في صحيفتنا ولا أي صحيفة أخرى لأنهم لم يتفوهوا بما تفوه به الأحمد في حديثه المتلفز.
وزاد بالقول: «السعودي الذي يقوم بعمل جدير بالذكر سنقوم بعرض أخباره إن كان خيرا فخير، أو شرا فشر».
وحول استعداد «الوطن» على سبيل المثال لمجابهة الملاحقة القضائية التي ينوي الأحمد رفعها أجاب رئيس تحريرها «مشكلة الأحمد أنه رجل يعيش في غير عصره، يقول إننا اجتزأنا حديثه وغيرنا سياقه، وحين عدت إلى فحوى ما قال، لم أجد اجتزاء ولا تحريفا لما قال، بل قد يكون هناك كلمة ذهبت، أو اختصار، وهو شيء متعارف عليه في العمل الصحافي، ولم نغير كلمة بكلمة».
وأبان جمال خاشقجي أن الأحمد رجل يبحث عن الإثارة والجدل، والله سبحانه وتعالى يكره اللجاجيين، ويذكرني بمن يبحث عن الأخبار بغض النظر عن المضمون، وهو سعيد بربع ساعة من الشهرة «is fifteen minutes of fame» التي يتمتع بها حاليا ويريد أن يمضي فيها إلى أبعد حد، ولا أعتقد - والحديث لخاشقجي - أن الأحمد لديه قضية أو مشروع، وهو سعيد - أي الأحمد - بالاهتمام الذي حصل عليه من الرأي العام السعودي.
وبالعودة إلى الدكتور يوسف الأحمد لتوضيح فتواه وحديثه سبب القضية والمشكلة قال إن طبيعة فتواه كانت عبارة عن مداخلة صوتية قبل ثلاثة أشهر تقريبا، «إلا أنه تم تحريفها، والزيادة عليها، والحذف منها وطرحها على غير وجهها»، مبينا أنه تلا بعد ذلك بيانا مفصلا في قناة الأسرة وعدد من المواقع الإلكترونية والصحف.
وهنا يرد الشيخ عبد المحسن العبيكان المستشار في الديوان الملكي والداعية السعودي المعروف على رأي الأحمد الخاص بهدم المسجد الحرام، قائلا: «المسجد الحرام مبني منذ فترة طويلة، ولا علاقة للبناء في ساحة المطاف، والمطاف لم يزل المسلمون منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام يطوفون به إلى اليوم، بالطبع يطوفون رجالا ونساء». وزاد العبيكان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بأن «الرجال والنساء يرتادون الأسواق جميعا من دون إنكار، ومن هذا المنطلق، فالقول بهدم المسجد الحرام مرفوض جدا، ولا أدري ما العلاقة بين المبنى والمطاف».
أما المستشار القضائي الشيخ صالح بن سعد اللحيدان فقد وصف رأي يوسف الأحمد بـ«المتعجل»، مضيفا، في تصريحات صحافية، أن «تراجعاته المختلفة تقع بين ثلاثة أمور هي: إما العجلة ومن ثم التراجع، أو بسبب خوفه من إنكار العلماء والقضاة، أو بسبب إشكالات علمية واجهها أدت إلى إصداره لآراء متعددة بعد انتشار المقطع الصوتي له».
وبحسب ما نقل عن الشيخ اللحيدان فإنه قرأ للأحمد تصريحات عن توسعة المسجد الحرام، ثم آخر بنفي أكثر من تصريح في ذلك الصدد، مفسرا ذلك بأنه «إذا ثبت بالنص أنه قال الأول ثم تراجع، ثم قال الثاني وتراجع، ثم الثالث، فهو بين حالات ثلاث، إما أنه أصدر الأمر الأول في حال عجلة دون تريث أو استكناه للواقع، أو أنه بان له الأمر فتخلى عن الأمر الأول ووقع في المسألة الثانية، أو أنه وقع في إشكالات علمية تحتاج إلى تمحيص ودقة ومراجعة، وفوق كل ذي علم عليم. أو ربما أنه حين تمت المعارضة من قبل بعض العلماء والمفكرين والقضاة، سكنه الخوف الذي لعله لم يتنبه إليه، فذهب إلى المسألة الثالثة».
ووجه اللحيدان نصيحة للأحمد وبعض الدعاة الذين يخرجون في الفضائيات، قائلا: «نصيحتي لأمثال هؤلاء تدور في خمسة أمور، الأول أن يتركوا العجلة. والأمر الثاني هو ضرورة ضبط المسألة بالمراجعة والمشاورة قبل الظهور، واستشارة أولي العلم المتمكنين، خصوصا في المسائل المثيرة والمزعجة. والأمر الثالث أنصح هؤلاء أن يتجردوا من كل شيء إلا الحقيقة. ورابعا أنصحهم جميعا أن لا يحرصوا على المداخلات أو الاستضافة حتى تصبح لديهم أدلة كافية ويتمكنوا من الأصول والقواعد، لأن بعضهم يستحي أن يقول لا أعرف، فبدلا من أن يصمت، يفتي بأمر مثير أو شاذ. والأمر الخامس أن يرجعوا إلى ولاة الأمر، خصوصا في ما يتعلق بالأمور الدقيقة الحساسة العامة، لأن الجمرة مع الجمرة قد تحدث حريقا».
منقول