حاسوب ينظف البيت///بقلم:نادر أبو تامر

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
بدّي حاسوب، بدّي حاسوب، بدّي حاسوب... بدّي أحكي مع أصحابي على الانترنت... بدّي أعمل دردشة معهم.... بهذه العبارات ظلّ رامي يلحّ على أمّه حتى تشاورت مع البابا وقرّرا في النهاية أن يشتريا له ولإخوته حاسوبًا...
قرّرا شراء الحاسوب ليس لأنّه لم يتوقف عن المطالبة، بل لأن البيت بحاجة لحاسوب إضافي، عدا حاسوب البابا والماما.
أمس أحضرت الماما حاسوبًا جديدًا وركَّبّتْهُ في غرفة المكتب.
جلس رامي أمام الحاسوب ساعات طويلة.
طلبت منه أمّه أن يرتاح قليلا ويحضّر وظائفه ويرتّب غرفته، لكنّه لم ينتبه حتّى، كأنّه لم يسمع كلام أمّه.
عندما عاد أخوهُ أمجد من ملعب كرة القدم طرح عليه السّلام، لكنّ رامي لم يجبه، كأنّه لم يسمعه.
رامي يحبّ الحاسوبَ أكثرَ من أيِّ شيءٍ آخر. ما عدا البابا والماما وإخوته. يجد فيه الكثير من المعلومات والفائدة ويتراسل مع أصدقائه ويلعب.
لكن، منذ اشترى هذا الجهاز فهو لا يفعل حتّى ما يطلبه منه أبوه وأمّه، مع أنه في الماضي كان يلبي طلباتهما بسرعة.
في أحد أيام العطلة استيقظ رامي مبكّرًا. سارع إلى غرفة المكتب قبل أن يغسل وجهه بالماء والصابون، وقبل أن يفرك أسنانه. حاول تشغيل الحاسوب، لكنه لم يعمل.
ذهب إلى غرفة أمّه التي تنهض مبكرًا لتراجع موادّ الجامعة، وطلب منها تشغيل الحاسوب.
قالت له: "الحاسوب لن يعمل إلا إذا رتّبت غرفتك".
"ألم أرتّب غرفتي اليوم؟"، سألها رامي مستغربًا من نفسه.
اِذْهَبْ إلى غرفتك وافحصْ بنفسك.
عاد إلى الغرفة فكانت فيها فوضى عارمة.
وضع رامي الشرشف على سريره. أعاد كرسيّ المكتبة إلى مكانه. أخذ الأوراق المبعثرة وَوَضَّبَهَا. وَضَعَ الكتبَ والدفاترَ في الحقيبة.
وانطلق إلى غرفة المكتب. شاشة الحاسوب كانت مظلمة.
سألته أمه: "هل قمت بكل ما يجب أن تفعله؟"
قال رامي: "لا، لم أنسَ شيئًا. لماذا لم يعمل الحاسوب؟"
لا بدّ أنّ هناك شيئًا لم تفعله كما يجب، قالت أمّه وتابعت في تحضير حقيبتها، لأنّها بعد قليل ستغادر إلى الجامعة حيث تعمل هناك.
أسرع رامي إلى الحمّام، غسل وجهه، فرك أسنانه ومشّط شعره قبل ان تخرج أمّه من البيت وذهب إلى الحاسوب، فعمل الحاسوب هذه المرّة بصورة عاديّة.
ودّعته أمّه قبل أن تغادر لكنّه لم ينتبه لها. فاقتربت منه وقبّلته. قبّلها رامي بسرعة قبل أن يخسر في اللعبة التي ركّبها له صاحب محلّ الحواسيب، وعاد إلى اللعب المثير، وحتى نسي أن يفحص إذا أقفلت الماما الباب قبل مغادرتها.
في اليوم التالي أفاق رامي مبكّرًا وسارع إلى الحاسوب فلم يعمل. عاد ورتّب غرفته وأوراقه وحقيبته وفرك أسنانه و... و... ذهب إلى الحاسوب وشعر بسعادة كبيرة لأنّ الحاسوب كان يعمل.
سأل أمّه يومًا، لماذا لا يعمل الحاسوب إلا إذا رتّبت غرفتي؟
فقالت له: هذا سرّ!!
في الأيام القادمة رتّب رامي غرفته قبل الذهاب إلى الحاسوب. وهذا ما صار يفعله كلّ يوم. يرتّب أغراضه ومن ثم يذهب إلى الحاسوب ليلعب. وهكذا صارت غرفة رامي مرتّبة طوال الوقت. رامي لا يغادر غرفته قبل أن يرتّبها.
وذات يوم دخل إلى غرفة المكتب فلاحظ أن الحاسوب مفصول عن الكهرباء، فعرف أن الماما تفصله عن الكهرباء بعد أن ينام، وفي الصباح لا تربطه من جديد إلا إذا رتّب غرفته.
ضحك رامي لأنه عرف السرّ، وأخبر إخوته الذين تعوّدوا هم أيضًا على ترتيب غرفهم قبل البدء بأي نشاط في يومهم الجديد.

منقول