( الولد الذي أراد أن يصبح السوبرمان ) !!

( الحلقة الأخيرة )


وذهب لُبّ حسان بمُشاهدة السوبرمان البطل الخارق ، فهو كما قرأ عنه ، يطير في السماء دونما مركبة ، ويُقاتل الأعداء ببطولةوقوّة ، من دون بنادق وأسلحة فضائية ، وله بصرٌ حادّ يخترقالجدران والحواجز ... وهو يُنجد المُحتاجين ويُنقذ من هــم في خطــر !! .
كانت صرخات حسان تنطلق بين الحين والحين تُشجّع سوبرمان على خوض المارك والأخطار، ومن ثم كسب الإنتصارات على مَنْ
يُحاربونه ، وبالطبع فإن هذه الصرخات المجنونة كانت تُزعج المُتفرّجين وتقطع عليهم مُتعة الإنسجام مع ما يُشاهدونه ... وكانسمير يُحاول منع حسان من الصراخ والهتاف المحموم للسوبرمان، لكن دون جدوى !! .
وانقضى الفيلم وغادر الصديقان دارالعرض ، وحسان يودّ البقاء
ومُشاهدة العرض من جديد ! .في ذلك اليوم لم يعرف السكوت سبيلا إلى لسان حسان ، فظلّ يتحدث بسيرة سوبرمان حتى أن جدّته المسكينة توسّلت إلى الله تعالى أن يجعله يسكت !! .
بقي حسان مشغول الفكر ثائر المشاعر ، حتى أنه بات يرى سوبرمان في منامه وهو يهتف به ويقول له :
ـــ حسان يا صديقي العزيز ... حسان يا صديقي العزيز ... هل تُحبأن تكون مثلي ؟ ... هل تُحب أن تكون مثلي ؟ ... إذا أردت ذلك ،فيجب عليك أن تلبس مثل لباسي ... إلبس مثل لباسي ... إلبس مثل لباسي ... !!!
وصدّق حسان هذا الوهم الكاذب الذي سيطر عليه تصديقاً تامّاً ..
فطلب من جدّته بإلحاح عظيم أن تشتري له رداء السوبرمان ، ولم يسع الجدة العطوف إلا أن تلبّي لحفيدها الغالي مطلبه ، فلم تمضِِِِمُدّة حتى كانت بذلة السوبرمان بحوْزة حسان وما كان مُصدّقاً ذلك ، فأخذ يقول لنفســــه : ـــ سأرتديها الآن وأصير قويّاً ، لا أحد يقدر علي .. وسأطير في الجو كالسوبرمان !! .وأخبر حسان جدّته بهذه الخواطر الغريبة ، فدُهشت وقالت له مُحذّرة :
ـــ لا لا يا حسان ، كلاّ يا حبيبي فهذا الذي تُفكّر فيه لا يكون أبداً ،فهو محض خيال ليس له في الواقع وجود ! .إلا أن حسان لم يقبل من جدّته ما قالته ... وأسرع فارتدى البذلةثم نظر إلى نفسه في المرأة ، فوجد أنه مُشابهاً تماماً للسوبرمان ،فطغى عليه سرورٌ عظيم ، وظنّ أنه قد تحول إلى ذلك المخلوق الأسطوري المُسمّى بالسوبرمان ... فراح يركض ويصرخ في هذيان شديد ويقول :
ـــ أنا الآن السوبرمان ... أنا الآن السوبرمان ... أنا قويٌّ ... أناخارق ... سأطير في السماء ... سأطير في السماء ... !!
وانفلت حسان من منزل جدّته وصعد ألى السطح ، بينما أسرعتالجدّة وقلبها يغلي إلى الهاتف واتصلت بوالديه وأخبرتهما بما هو حاصل .في هذه الأثناء ، كان حسان يقف على حافّة سطح المنزل وهو مُتأهّب للطيران ! ... وفي لحظة لا شعورية ، رمى بجسمه في الهواء !! ... ويا للفاجعة ، لقد سقط حسان ، وكانت سقطته أليمةمُوجعة ، ثم لم يشعر بشيء ! .أفاق حسان على نفسه وهو راقد في المستشفي وأبواه وجدّته بجانبه ، والطبيب قائمٌ عليه يتفحّصه ... إذ أن ذراعه ورجله كانتامُعلـقـتيْن ... !بعد هذه الحادثة القاسية المُؤلمة ، تعلّم حسان وقد تعافى ، أن لا يصدّق كلّ ما يقرأه في الكُتب الهَزَلَيِة ، أو يُشاهده على الشاشة سواء الصغيرة أو الكبيرة .. لقد اقتنع قناعة تامّة ، بأنّ السوبرمانوأمثاله ، ليسوا سوى وهم وخيال ، لا وجود لهم إلا على شاشتيّدارالعرض والتلفاز فقط .

بقلم : ايهاب هديب
جميع الحقوق محفوظة بأمر الله

رقم الايداع : لدى المكتبة الوطنية 1878

( نهاية الحلقة الأخيرة )