للأذكياء فقط
القمر الشرعي … والقمر السياسي !!


لو سئل المرء عن أذكى الحيوانات لما كان ذلك لغزاً ، ولكن لو سئل عن أذكى الجمادات لكان الجواب محيراً !!! فهل في الجمادات ذكاء ؟
في الحقيقة : إن في الجمادات ذكاء ، ولا أدل على ذلك مما يفعله القمر قبل حلول شهر رمضان المبارك –بأيام _ حيث يقوم بالإطلاع على المعاهدات الدولية ، والحدود الجغرافية .. فيرى هل من متغيرات في الحدود حتى يلتزم بها ؟
فقد كان القمر من قبل يطلع على بلاد الشام طلعة بهية واحدة .. وذلك لما كانت أمة الإسلام أمة واحدة ، ولما عقدت معاهدة ((سايكس بيكو)) التي رسمت الحدود الجغرافية ، وفرقت بلاد المسلمين ، سارع (( القمر الذكي )) للإلتزام بها ذراعاً بذراع ، شبراً بشبر !!! تماماً كما التزم بذلك أهلها ، وصار يُهل على بلاد الشام – بعد المعاهدة – بأربعة مطالع ، تماما كما قسمها الأوغاد ، فصار يطلع على ((سورية)) مطلعاً مغايراً لمطلع ((لبنان)) وعلى ((لبنان)) مطلعاً غير مطلع ((الأردن)) وعلى ((فلسطين)) غير مطلعهم .. وفي الوقت الذي ترى فيه حرس الحدود في بلد ((شرقستان)) في أول يوم من رمضان يدخنون .. ذلك لأن القمر لم يطلع على بلادهم ، ولم يجرؤ على تجاوز الحدود الدولية لعدم السماح له بذلك .. ترى حرس الحدود المقابل في ((غربستان)) صائمين لأن الهلال قد أذن له فطلع عليهم .. والبعد بينهما عرض الأسلاك الشائكة التي شاكت المسلمين ، ومزقت أشلاءهم .
ألا ترى أن هذا (( القمر )) الذي التزم بالحدود التي رسمت في ((سايكس بيكو)) وأقرتها هيئة الأمم المتحدة ، قد استحق أن يكون أذكى الجمادات ، وأن ينال أعلى الأوسمة .
وليس هذا غريباً من (( القمر الذكي )) …!! لأنه جماد لا نفقه منه غير التقليد .. ولكن الغريب أن لا يزال بعض الفضلاء يقولون: ( لكل بلد مطلع ) ويعرفون البلد حسب تقسيم أعداء الإسلام لبلاد المسلمين – فتارة يكون البلد كبيراً جداً يقدر بمئات الألوف من الأذرعة المربعة ، بل بالملايين … وتارة يكون صغيراً جداً لا يكاد يُرى على الخريطة ، ومع ذلك ((فلكل بلد مطلعه)) .
ولا أدل على استحقاق القمر وسام الذكاء ، ما كان يفعله قبل اتحاد ((اليمنين)) فقد كان يطلع على كل ((يمنٍ)) مطلعاً مستقلاً حسب ((سايكس بيكو)) وقرارات الأمم المتحدة ، وبعدما وافقت الأمم المتحدة واتحد اليمنان ، أدرك ((القمر الذكي)) - وهو في عليائه – ذلك ، فصار يطلع على اليمنين مطلعاً واحداً !! ويؤيد القمر في تصرفه هذا ، أولئك الذين كانوا يقولون – قبل الاتحاد : لكل بلد مطلعه - فلما اتحد اليمنان ، نسوا ما كانوا يقولونه من قبل ، وجعلوا البلدين بلداً واحداً ، والمطلعين مطلعاً واحداً ، ولا يزالون يقولون عن البلاد التي لم تتحد معهم ((مطلعها غير مطلعنا)) حتى إذا ما اتحدت ، أصدروا فتوى (( للقمر الذكي )) : أن يوحد مطالعه ، كما وحدت البلدان أعلامها .
ومما يزيد القمر ذكاءً ورفعة ، أنه على استعداد لأن يفصل مطالعه إذا ما انفصلت البلدان بعضهما عن بعض ، وأن يوحد مطالعه إذا ما توحدت البلدان ، ألا يستحق بعد ذلك أن ينال وسام الذكاء – من الدرجة الأولى - ؟ ! ويشاركه في هذا الاستحقاق أولئكم الذين يصومون في بلاد الغرب حسب جوازات سفرهم ! ويفطرون حسب بطاقات هوياتهم ! ويتسحرون حسب بلد مولدهم ! ومن النوازل التي أعجزت فقهاء الواقع ، وعلماء المطالع ، أن يفتوا فيها ، ولم يجدوا من سبقهم في الفتيا إليها : متى يصوم – في دول الغرب – أصحاب الجوازات المزورة ، والذين دخلوها بغير طرق قانونية ،ثم لماذا وحد المسلمون هلال ذي الحجة للوقوف في عرفات ولم يوحدوا هلال رمضان المسكين ألا يجب بعد هذا على المسلمين أن يدركوا الفرق بين المطالع الشرعية والمطالع السياسية ؟

بقلم أخوكم
الفصيح
عن منتديات الاخاء