ي يكتب ل"عمون" عن زواج وطلاق المراهقين والمراهقات : (27.4%) نسبة زواج تحت 19 سنة خلال العام الماضي


|

2009-10-23 د.حسين الخزاعي
عمون - (خاص) - الحديث في القضايا الاجتماعية ممتع ومشوق ، وخاصة إذا كان موضوع الحديث يتناول قضية من القضايا التي يفترض أن تؤدي الى بناء وترسيخ العلاقات الاجتماعية النموذجية المبنية على التسامح والمودة والرحمة والطيبة بين افرادة ، والزواج من امتن وأروع وأدفأ علاقات التعارف والتكامل والتعاون بين افراد المجتمع فمن خلال الزواج يتم السكينة والرحمة والتراحم والتعاطف والايثار والمودة .

عند الحديث عن الزواج اود ان اشير الى موضوع زواج وطلاق المراهقين والمراهقات لتسليط الضوء على الفتيات اللواتي تزوجن وهن لم يزلن في سن المراهقة والذي تعرفه منظمة الصحة العالمية العمر من ( 10 – 19 ) سنة ، فالمتابع للأحصاءات الرسمية في الأردن والتي تدخل في صلب البناء الاجتماعي يرى بوضوح إرتفاع ظاهرة زواج وطلاق المراهقات ، أي الفتيات اللواتي تزوجن وأكملن العمر ( 15) سنة ولم يكملن العمر (19) سنة ، وانهن قضين ( 4) سنوات في الحياة الزواجية ، فالارقام تشير إلى أن عدد حالات الزواج بين الفتيات اللواتي تزوجن في الفئة العمرية ( 15-18) سنة كانت في عام 2008 ( 9014) حالة زواج طلق منهن (422) زوجة ، والمصيبة تكتمل اذا عرفنا ان عدد هؤلاء المتزوجات تضاعف تقريبا اذا تقدمن في العمر الزواجي سنة واحدة اي اصبح عمرهن (19) سنة ، فالارقام الرسمية تشير الى انه سجلت ( 16513) زواج للاناث في العمر (15-19) سنة اي بنسبة (27%) من عدد حالات الزواج، اما فيما يتعلق في عدد حالات الطلاق في هذه الفئة العمرية فيلاحظ ان العدد في ارتفاع مستمر حيث كان في عام 2003 عدد الحالات ( 1403) حالة طلاق ، ارتفع في عام 2008 الى ( 1813 ) حالة طلاق ، وبالمقابل تشير الأرقام ألى أن عدد حالات الزواج للفتيات في نفس الفئة العمرية (15-19) كانت ( 14188) حالة زواج في عام 2003 ، ارتفع إلى ( 16513) في عام ( 2008) والصدمة الكبيرة أن هذا الارتفاع بمعدل(500) حالة سنوياً في هذه الفئة العمرية الوردية . والمصيبة ان نسبة الطلاق بين هذه الفئة ( 10 % ) من حالات الزواج .

السؤال الذي يتبادر للذهن من المسؤول عن تزويج الفتيات في هذا العمر ، وحرمانهن من حقوقهن في مواصلة التعليم والعمل واختيار الزوج ، وأقولها وليس عندي ادنى شك في كلامي " ان هناك مصادرة لحق الفتاة في اختيار الزوج " وهذا كلام معناه " تزويج ، وليس زواج " ، وهل يجهل الآباء والامهات أن الأبناء في هذا العمر يعيشوا في مرحلة المراهقة ، وبأكتمال هذه المرحلة يكتمل النمو النفسي والخلقي والجسدي للانسان. ولعل القضية الأساسية التي يجب التوقف عندها والتركيز عليها قضية التجاوب العاطفي غير الآمن ، فهل الفتاة التي تتزوج في العمر ( 15) سنة قادرة على منح الزوج المشاعر الرومانسية المطلوبة ، وخاصة أن عدم الانسجام والاشباع الغريزي والعاطفي بين الزوجين يعد احد الاسباب الخفية التي تؤدي الى الطلاق والدراسات الاردنية تشير الى ان (80%) من اسباب العنف الاسري يعود الى عدم وجود التواصل العاطفي الايجابي بين الازواج .

وبعد ،،، لا ننكر الجهود التي بذلت بتعديل المادة ( 5) من قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 61 لسنة 1976 والذي كان يشترط في أهلية الزوج أن يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين وأن يتم الخاطب السنة السادسة عشرة وأن تتم المخطوبة الخامسة عشرة من العمر ، والتعديلات الجديدة التي اجريت على هذه المادة في القانون المؤقت رقم (82) لسنة 2001 المادة (2) التي نصت " ان يكون كل منهما قد اتم الثامنة عشرة سنة شمسية إلا انه يجوز للقاضي أن يأذن بزواج من لم يتم منهما هذا السن إذا كان قد أكمل الخامسة عشرة من عمره وكان في مثل هذا الزوج مصلحة تحدد اسسها تعليمات يصدرها قاضي القضاة لهذه الغاية .

أي اننا تركنا امر البت في العمر عند الزواج إلى القاضي الشرعي ، وها هم القضاة الشرعيون يأذنون في عام ( 2008) بزواج ( 9014) فتاة لم يتجاوزن العمر ( 18) سنة ، و ( 16513) فتاة لم يتجاوزن العمر (19) سنة اي (27.4%) من حالات الزواج التي تمت في ذلك العام ، والسؤال الذي يتبادر للاذهان ما هي المصلحة التي استند اليها القضاة الشرعيون الافاضل في مثل هذا الزواج ، اذا كان هذا الزواج سيؤدي الى الطلاق بين المراهقات ، وبهذه الارقام الفضيعة ، الموضوع يتطلب منا وقفة مراجعة ، واجراء تعديل على هذه المادة في قانون الاحوال الشخصية ومنع اجراء أي عقد زواج قبل بلوغ الثامنة عشرة من العمر للشاب والفتاة ، فأيهما افضل تتزوج الفتاة بعد العمر ( 18) سنة ام تطلق قبل العمر ( 18) سنة . وبالتالي نواجه مشاكل " تفرخ " لنا مشاكل اجتماعية اخرى كقضايا النفقة أو دفع المطلقات للقبول بالزواج الثاني والثالث والرابع ، والتنازل عن قضايا كثيرة هروبا من واقع نكون قد ساهمنا في دفع ابنائنا وبناتنا اليه .

لنضع الموروثات الثقافية جانبا ، ولنطرح من فكرنا أن الزواج " سترة " ويحمي ابنائنا وبناتنا من الانحراف والانجراف ، ومن هو المهيأ للأنجراف في مثل هذه الحالات ، الشاب والفتاة الذين تزوجو وعاشو في المتعة الزواجية وفقدوها وهم مراهقين وفي ذروة النشاط الجنسي بسبب الطلاق ، ام الذين لم يخوضوا غمار هذه المتعه ؟! .
........................
الكاتب الدكتور حسين الخزاعي استاذ مشارك في علم الاجتماع – جامعة البلقاء التطبيقية
Ohok1960@yahoo.com|