منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 8 من 8
  1. #1
    قاص ومترجم
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,153

    السلطة والمعرفة

    السلطة والمعرفة


    إن الدولة قد أصبحت بدون شك هي المرادف الأكثر بداهة للقانون. وإذا كانت الدولة هي مصدر النصوص التشريعية، فالسؤال المطروح هنا هو: إلى أي مدى يمكن الحديث عن براءة هذه النصوص؟ وبالنظر إلى آثارها النهائية على مستوى القرارات، ألا يمكن اعتبارها مؤثرة على مستوى طبيعة العلاقات بين الفرد والسلطة؟
    من الملاحظ أن التشريع على مستوى التقليد الشفوي، قد يتعرض للتحريف، على عكس المكتوب الذي يتضمن تحديدا دقيقا وجذريا لمن يمتلك السلطة، ويمارسها، ويعمل على تطبيقها. وعلى هذا الأساس يمكن القول أن أي دراسة للسلطة لا يستقيم معناها إلا عبر دراسة أشكال نشرها وشعاراتها، وإعلامها، وطريقة إذاعتها للخبر، والميكانيزمات البيروقراطية المميزة لها، ونظام العقوبات الذي تعتمده... ذلك أن السلطة تتسرب إلى كل شيء، وعبر قنوات عدة، وهو ما تعبر عنه المقولة الشائعة: "كل شيء له طابع سياسي" علما بأن السلطة لا تمارس دائما بين حاكم ومحكومين، بل أيضا بين الأفراد، بل حتى بين الفرد وذاته، إنها تتفرع في كل اتجاه وبقدر غير محدود. فما علاقة السلطة باللغة، والمعرفة؟
    1. السلطة، اللغة والمعرفة:
    تبقى السلطة عديمة الفعالية في غياب اعتراف وقبول المحكومين بها، من خلال إنتاج خطابات ورسائل من خلالها تظهر التزامات السلطة ورغباتها ورهاناتها، وبهذا المعنى لا يستقيم الحديث عن السلطة إلا عبر وساطة اللغة، إذ من خلالها تثبت السلطة وجودها داخل الخطاب.
    فوجود السلطة مرتبط باللغة، وبعبارة أخرى فلا وجود لسلطة صامتة، لأن دوام صمتها يعني تفككها وزوالها، ويكشف البانوبتيك Le Panoptique وهو مؤلف للخبير القانوني الإنجليزي جريمي بنتام (1748 – 1832) عن طريقة لبناء مؤسسات التفتيش، بالقدر الذي يجعل السلطة تأخذ اتجاهين عمودي وأفقي ليصبح كل واحد مراقبا للآخر. وعلى هذا الأساس يرسم البانوبتيك صورة تقريبية لقنوات الاستخبار التي تسمح للسلطة بأن تكون مطلعة بشكل كبير على حياة الأفراد والناس.
    يبدو إذن أن فضاء السلطة يبدو متفرعا بشكل كبير لدرجة تصبح معها السلطة كذات غفل، وهو ما نفهمه من خلال قول ميشيل فوكو إنها آلة تقبض الجميع سواء أولئك الذين يمارسون السلطة أو الذين تمارس عليهم ... إنها تركيبة آلية ليست ملكا لأحد.
    2. المعرفة والسلطة:
    يشير ميشيل سير إلى أن المعرفة تتواجد على الدوام وتتخذ موقعها بالقرب من السلطة.
    فإذا كان أفلاطون قد وضع الحكم بيد من يعرفون، وهم الفلاسفة طبعا، وهم مطالبون بمعرفة الخير في ذاته. فإن المعرفة المعاصرة في شكلها العلمي تسعى إلى تحقيق أهداف أخرى، لتكون أكثر ارتباطا بالسلطة.
    فقد أكدت الأبحاث الإبستمولوجية الارتباط القوي ما بين الدراسات والأبحاث العلمية وتطبيقاتها العسكرية، وهي علاقة لا مجال لإنكارها في عصرنا، خصوصا من طرف الذين يدعون الحياد والموضوعية في مجال العلم. ألا يعني ذلك غض الطرف عن مصادر تمويل هذه الأبحاث؟!
    إن كل سلطة تخلق بالضرورة تهديدا دائما بقتل وتدمير الغير بشكل "شرعي"! وبعبارة أخرى فإن السلطة تتخذ منحى "ثناتوقراطيا" Thanatocratique بتعبير ميشيل فوكو. وحينما نجد السلطة تحاول إضفاء طابع العقلانية على نفسها، فالمحاولة تلك تنتهي بها بالضرورة إلى السقوط بين أحضان الإيديولوجيا التقنوقراطية، بمعنى أن اتخاذ القرار لن يكون إلا بأيدي من يمتلكون المعرفة، الشيء الذي يؤدي إلى خلق هوة عميقة بين ما يسمى بالنخبة وباقي أفراد المجتمع.
    خلاصــة واستنتـاج:
    لا يمكن إذن انطلاقا من الاعتبارات السابقة أن نحصر دور الفلسفة في ملاحظة ما بين المعرفة والسلطة من علاقات وارتباطات. إن دورها يجب أن يرقى إلى مستوى مساءلة المعرفة، ووضعها أمام مسؤوليتها النقدية، بالقدر الذي يجعل من الفلسفة تفكيرا له غايات سياسية وأخلاقية...

    حسـن لشهـب

  2. #2

    الاستاذ حسن المحترم

    تحياتي

    في العلاقه بين السلطه والمعرفه هناك امر يجب الانتباه اليه وهو :

    ان المسئول اذا ماشعر ان مرؤوسيه يعرفون اكثر منه سيطردهم

    هنا العلاقه طرديه بين السلطه والمعرفه

    هنا نطالب بجماعية القياده والشورى والحريه لكي نقرب بين مجموع المعرفه وجماعية السلطه

    لعل وعسى ان نلغي الحقد السلطوي على اصحاب المعرفه

    ودمت مبدعا متالقا

  3. #3
    قاص ومترجم
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,153
    إشارتك لها أهميتها أخي يسري ويمكن أن نضيف مشكلة الصراع الحاصل اليوم بين أصحاب القرار ذوي التكوين العلمي والتقني الصرف والمثقفين الملمين بعلوم الإنسان الذين ينظر إليهم وكأنهم متخلفين عن متطلبات العصر ، مع العلم أن آراءهم حاسمة فيما يخص تحقيق التنمية الملائمة لمجتمعاتهم وخصوصيتها الثقافية، وبالتالي الحفاظ على هويتها في ظل الهجمة العولمية الجارفة.
    شكرا لمرورك أخي الكريم.احترامي وتقديري.

  4. #4

    رد: السلطة والمعرفة

    الحفاظ على هويتها في ظل الهجمة العولمية الجارفة.

    نعم العوملة تريد تجريجنا عقيديا ووطنيا والعمل ضد هذا التيار ولاجل جيل جديد يجب الايفتر
    مقال قيم
    رغد
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  5. #5
    قاص ومترجم
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,153

    رد: السلطة والمعرفة

    رغد قصاب لك كل الشكر والتقدير لمتابعتك الواعية

  6. #6

    رد: السلطة والمعرفة

    ولعل غياب الوعي السلطوي الهادف امر اخر يضيف الى الصراع حتمية جارية ولها نتلئجها الحاصلة جراء تنافر عرضي وطولي بين المعرفي السياسي والسياسي اللامعرفي، فالاول يؤمن بالجماعية المعرفية وعدم امكانية حصر المعرفي على شخص دون اخر، بينما الثاني يذهب الى الفردية المطلقة في كل شيء.
    محبتي
    جوتيار

  7. #7
    قاص ومترجم
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,153

    رد: السلطة والمعرفة

    الأخ جوتيار أعتبر إشارتك إضافة هامة لهذا المقال
    شكرا لك

  8. #8

    رد: السلطة والمعرفة

    مقال رائع واتمنى لك التوفيق

المواضيع المتشابهه

  1. اللياقة والمعرفة
    بواسطة سعد عطية الساعدي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-19-2018, 06:27 PM
  2. العقل والحقيقة ( المعرفة الذاتية والمعرفة الموضوعية
    بواسطة سعد عطية الساعدي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-28-2017, 05:37 PM
  3. العقل و الحقيقة ( المعرفة الذاتية والمعرفة الموضوعية )
    بواسطة سعد عطية الساعدي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-04-2016, 02:10 PM
  4. ضد السلطة لا ضد إسرائيل
    بواسطة د. فايز أبو شمالة في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-28-2014, 08:53 PM
  5. التنصيص والافتراضية طرائق بناء الخطاب والمعرفة
    بواسطة د. حسيب الياس حديد في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-15-2011, 03:38 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •