منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    الفنون الإسلامية وموقعها من عالم الفن

    الفنون الإسلامية وموقعها من عالم الفن
    منذ أوائل القرن الحادي عشر الهجري أو القرن السابع عشر الميلادي وما بعد، بدأ بعض فلاسفة أوروبا وعلمائها، وعن طريق المبشرين المسيحيين، والتجار والسواح، بحوثاً بشأن البلدان الإسلامية بما في ذلك إيران، تزامناً مع اتساع رقعة الصناعة والأبعاد الاقتصادية في أوروبا وأمريكا وافتتاح أسواق بلدان الشرق، الذي انتهى في القرنين التاسع عشر والعشرين باستعمار بلدان آسيا وأفريقيا، استهدفت إيجاد أصول الفلسفة في أن الحضارة اليونانية- الرومانية، التي هي أساس الحضارة الغربية وقاعدتها، تمتاز من حيث النوعية والكمية بالتفرد والأفضلية على الحضارات الأخرى.. ولم تكن في الشرق حضارة تستحق الاهتمام، حتى وإن كانت فهي واقعة تحت تأثير الحضارتين اليونانية والرومانية، خاصة الفلسفة اليونانية، وعلى ضوء هذه الفلسفة بدأ الأوروبيون إغارتهم على البلدان الشرقية، متسترين بمسوغ شرعي وعرفي، وعملوا على إخضاع البلدان الإسلامية لسلطتهم بالتدريج.
    إن فلسفة الغربيين هذه ليس فقط لا أساس لها من الصحة، بل في الكثير من المواضع كانت على العكس تماماً، أي حتى العلوم البحتة كانت لها جذور شرقية، فكيف الحال مع الثقافة، التي انتقلت كلياً من الشرق إلى الغرب، وعلى حد اطلاع كاتب هذه السطور، فحتى حوالي سنة 1971، بلغ مجموع ما صنف من كتب وأبحاث ودراسات حول نفوذ حضارة الشرق الإسلامي وثقافته وفنونه في الحضارة الغربية، ما يقارب (180) بحثاً، وأن (150) منها دونه الغربيون أنفسهم.

    من هنا فالباحث البصير والواعي لتاريخ الفن، لابد له من إدراك المكانة السامية لفن الشرق خاصة الفنون الإسلامية، ومما يؤسف له أن مثل هذا لم يحصل حتى الآن، إذ أن نظرة واحدة إلى فهارس الكتب التي تتحدث عن تاريخ الفن العالمي، تشير بوضوح إلى أن عدد الصفحات المخصصة للحديث عن الفنون الإسلامية محدود جداً وفي الكثير من الأحيان يقترب من الصفر.
    ولا يخفي أن في ذلك اعتداء صارخاً على خزائن الفنون الإسلامية الغنية لا يغتفر، فالكثير من الباحثين الغربيين سعوا إلى خدمة أهداف حكوماتهم الاستعمارية، متجاهلين- عن عمد- التراث الثقافي- الفني لأكثر من مليار مسلم في العالم، ومازالوا حتى الآن يواصلون نهجهم هذا دون حياء، فكثيراً ما ترى في كتاب موسوعي مخصص لتدوين تاريخ الفن العالمي، لا يزيد عدد الصفحات، التي تتحدث عن الفنون الإسلامية عن أربع صفحات.
    في وقت يفترض أن تحتل الفنون الإسلامية، بما عليها من السعة والانتشار، مساحة مرموقة فيها لما لها من تأثيرات عظيمة على الفن الغربي والشعوب الأخرى، فضلاً على الحجم الواسع لآثارها المتبقية، هذا ويوجد الشيء نفسه في الكتب المخصصة للحديث عن الفنون الإسلامية، فهي محدودة جداً، وأن الرؤية التي تتحدث من خلالها رؤية غربية، لإنسان وقع هو الآخر تحت تأثير مطامع الناهبين الاستعماريين الدوليين.
    إن معظم هذه المؤلفات تتسم بانحراف نهجها في التفسير والتحليل، ليس هذا فحسب، بل وتتضمن أخطاء كثيرة من حيث الحقائق التاريخية، إذ أن أغلب مؤلفيها هم من السواح، أمضوا فترة في بعض البلدان الإسلامية، وصوروا عدداً من الأبنية التاريخية للعصور الإسلامية، وقد دفعهم هاجس الكتابة إلى إعداد كتاب حول الفنون الإسلامية.
    لقد ألحق الباحثون الغربيون إجحافاً كبيراً بالفنون الإسلامية، خاصة من الناحية العلمية، لأنهم لم يأخذوا الأبعاد المختلفة للبحث الواقعي بعين الاعتبار، وأن دور حكومات البلدان الإسلامية في الإجحاف الذي لحق بالفنون الإسلامية، لم يكن أقل من دور الباحثين الغربيين، فهذه الحكومات ليس فقط لم تول فن وعمارة أربعة عشر قرناً من الحضارة الإسلامية اهتماماً ملحوظاً، بل وتحول دون دراسة ذلك بشتى الذرائع، وقد عملت أيضاً على إهمال وتجاهل الفنون الإسلامية من خلالها اهتمامها الفائق بالعصور، التي سبقت الإسلام، علماً أن الدراسات التي تناولت الفنون ما قبل الإسلام، اتسمت بالسطحية ولم تنجز عملاً مهماً، ونحن هنا لا نريد أن نخوض في أيهما أكثر أهمية لعالم الفن وللإنسانية أساساً، الفنون والعمارة الإسلامية لأربعة عشر قرناً من تاريخ البلدان الإسلامية، أم فنونها ما قبل الإسلام؟ ولكن نريد أن نقول: أيهما يستحق الدراسة، هذا الذي هو ماثل أمامنا والذي نراه ونشعر به ونحيا معه؟ أم ذلك المدفون تحت الأرض والبعيد عن الأنظار؟ ألا ينبغي أن يكون موضوع البحث والدراسة والتنقيب، ذلك الذي يتصل مباشرة بحياة الشعوب المعاصرة للبلدان الإسلامية العقائدية والسياسية والاجتماعية، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بتقاليد الناس وعاداتهم وأعرافهم؟ ألا تستحق عمارة مسجد ما، يرتبط ارتباطاً مباشراً بحياة ملايين المسلمين الدينية والسياسية والاجتماعية والمعنوية والثقافية، الدراسة والبحث أكثر من غيرها؟ ألاينبغي أن تكون عمارة مدرسة أو حمام، محل استفادة ملايين الأشخاص، يومياً، أو الأنسجة القديمة للدكاكين والمناطق الأصلية للمدن الإسلامية، التي مازالت تحتضن المؤمنين البسطاء، هدفاً للدراسة والبحث والتحقيق؟.
    إن الفن الإسلامي على طول التاريخ كان فناً ملتزماً دائماً، وأن المفكرين الواعين والمتألمين -فيما عدا بعض الحالات الاستثنائية- هم الذين كانوا يتحكمون بمسيرة هذا الفن، وليست الطبقة الارستقراطية، فالفنانون المسلمون الملتزمون طوال التاريخ لم يعتبروا الجمالية غاية فنهم، ولم يضعوها هدفاً لإبداعاتهم الفنية، بل كانت الجمالية بالنسبة لهم بمثابة مرحلة ينبغي للفن تجاوزها ليصل إلى مرحلة أكثر سمواً وتعالياً.
    ولا يخفى أن الأبعاد الجمالية بحد ذاتها معانٍ متباينة لدى الشعوب المختلفة، فربما تجد أمة تعتبر شيئاً جميلاً في حين لا يحظى بالاعتبار نفسه لدى أمة أخرى، والعكس صحيح، بيد أن الجمال المعنوي ينحصر في معان محددة واحدة لدى جميع الشعوب والأمم، علماً أن جمال الشكل والمظهر يستفاد منه، في حدود ما يتعلق بالفن، بمثابة مرحلة من مراحل إبداع الأثر الفني، وهذا يدل على أن منزلة الفن أسمى من مكانة الجمال، ولابد للفن من اجتيازها، لأن الهدف النهائي للفنون الإسلامية توعية الإنسان الذاتية أكثر فأكثر، فكلما كان الإنسان أكثر وعياً كلما كان أكثر قدرة على ترجمة أحاسيسه ومشاعره، ويحرص على إصلاح نفسه أكثر، وعليه فالفن يهدف إلى إيجاد حياة عقلانية.
    وهل حققت الفنون الإسلامية هدفها أم لا؟ فهذا بحث آخر، وهل بذل الفنانون المسلمون الملتزمون كل ما في وسعهم، فما في ذلك أدنى شك، ودليلنا على ذلك ما بين أيدينا من آثار العمارة الإسلامية، فعلى الرغم من أن القرون المتمادية قد خربت الكثير من أبنيتها، ورغم أن حكومات البلدان لم تبذل أي جهد في سبيل المحافظة عليها، إلا أن القسم الأعظم المتبقي منها يحكي عن المساعي الإنسانية لمشيديها وباني صرحها.
    ولو حاولنا دراسة الفن من زاوية أخرى، واعتبرنا الفن بمثابة «سعي الإنسان للتحلي بما ينبغي أن يكون، إلا أنه غير كائن»، فيمكن القول: إن الفنون الإسلامية الأصيلة حققت في الكثير من الأحيان متطلبات الحياة الإنسانية غير المتوافرة في الطبيعة، وهذا يعني أن الإنسان ينشد من خلال الفن إيجاد علاقة مع كل ما يجهله أو غريب بالنسبة له، وفي الحقيقة أن الإنسان يسعى من خلال الفن إلى إيجاد ظواهر غير موجودة في الطبيعة.
    وفي هذا المجال نجحت الفنون الإسلامية إلى حد ما في إيجاد تلك الأشياء، التي تلبي احتياج الإنسان، ولم تكن متوافرة في الطبيعة، ومن النماذج المعبرة في هذا المجال، فضلاً عن العمارة الإسلامية، بناء المساجد والتكايا والمقابر، والحمامات، التي جاءت تلبية لاحتياجات الإنسان المادية والمعنوية، فنحن كثيراً ما نجد في تاريخ الفنون الإسلامية أن الفنان المسلم الملتزم لا يحرص على وضع اسمه وتوقيعه على الأعمال، التي ينجزها خاصة الأبنية الضخمة، إذ أن تواضعه لحد يقضي على «الأنا» في ذاته، وهذا هو الالتزام بعينه.

    د. غلام علي همايون

    http://www.albaath.news.sy/user/?id=658&a=60835
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  2. #2

    رد: الفنون الإسلامية وموقعها من عالم الفن

    الاستاذ القدير

    الباحث الاديب


    رغد قصاب الموقر

    اسجل هنا احترامي وتقديري لمقاله عن تاريخ الفن ضروريه ولازمه
    حيث تبين اهمية الفن الحقيقي في ذاكرة الشعوب

    دمت راقيا
    دمت سالما منعما وغانما مكرما

المواضيع المتشابهه

  1. وفي باب مشاركة المرأة في الفنون والآداب
    بواسطة محمد حبش في المنتدى فرسان الأم والطفل.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-27-2014, 08:31 AM
  2. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-17-2011, 11:22 AM
  3. سورة الفاتحة وموقعها بين سور القرآن
    بواسطة عبدالله جنينة في المنتدى فرسان التفاسير
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-23-2009, 07:38 PM
  4. متابعة تجليات الفنون - مؤتمر ديرب نجم الأدبى
    بواسطة محمود الديدامونى في المنتدى فرسان الأدبي العام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 05-11-2008, 11:11 PM
  5. تجليات الفنون مؤتمر فى ديرب نجم
    بواسطة محمود الديدامونى في المنتدى فرسان الأدبي العام
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 05-06-2008, 11:54 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •