عندما رن جرس الباب، قال أمجد لأخته فاطمة: أنا الرجل الشجاع.. أنا أقرر... وأنا سأفتح..
وعندما رن الهاتف الخلوي في حقيبة أمه قال: أنا الرجل الشجاع.. أنا أقرر... وأنا سأردّ..
وعندما اقترحت ماما تناول الغداء في المطعم قال: أنا الرجل الشجاع.. أنا أقرر... سنأكل في المطعم..
أنا الرجل الشجاع.. أنا أقرر.. هذه هي العبارة التي يقولها أمجد لأخته فاطمة فتزعل منه... فاطمة أكبر من أمجد بعدة سنوات...
قالت له فاطمة في المرة الثالثة: لست أنت الشجاع دائمًا.. لكنه لم يهتم لكلامها...
نظرت ماما إلى فاطمة، غمزتها وابتسمت وقالت: قد يكون أمجد أشجع واحد في البيت!!!
بعد أن تناولا الغداء في المطعم شعرت فاطمة وأمجد بألم في بطنهما. لكن أمجد لم يعترف. فاطمة قالت: معدتي تؤلمني يا أمي.. فتشجع أمجد واعترف: وأنا أيضا..
عندما سمع أمه تكلم سكرتير العيادة لحجز دور لدى الطبيب بدأ أمجد يرتجف. أمجد يخاف من الحقنة. حاول إقناع أمه أن لا يذهبوا إلى الطبيب لكن ماما أصرت لأنها تريد الاطمئنان عليه وعلى أخته.
ولأن دورهما متأخر قليلا طلبت منهما النوم والارتياح. فاطمة لم تنم من الألم. أمجد لم ينم من الخوف والألم.
الطبيب فحص أمجد وفاطمة وطلب من الأم أن تأخذهما لغرفة الممرضة لإجراء فحص دم.
قبل الدخول إلى الغرفة سمع أمجد بكاء وصراخ أحد الأولاد فازداد خوفه. أمسك بيد أمه وشد عليها بقوة.
عندما وقفوا على باب الغرفة رأى الممرضة تمسك حقنة بيدها، فأمسك بيد فاطمة وشد عليها بقوة. إنه لم يمسك بيد أخته منذ فترة طويلة.
جلس أمجد على الكرسي وهو يضرب بقدميه من شدة التوتر. كانت ملامح وجهه جامدة. ويكاد لا يرمش. حتى سمع صوت الممرضة مثل الصاعقة وهي تقول له: هيا يا أمجد، الآن دورك... صارت ساقا أمجد تضربان ببعضهما من شدة الخوف، وقال لأمه: لا أريد.. أخاف..
عندما رأت فاطمة ذلك، قالت للمرضة: هل يمكن أن تأخذي الدم مني أنا أوّلا؟
فاطمة تريد أن تصبح طبيبة عندما تكبر. وكانت تتابع مسلسل "الطبيبة العجيبة" طوال شهر رمضان المبارك. وأعجبتها الطبيبة الجميلة. كانت تساعد جميع المرضى.
أخذت الممرضة قطنة. مسحت موضع الحقنة، فأغمض أمجد عينيه وكأن الحقنة له. إنه يخاف رؤية عملية الحقن... وانتظر أن تقول فاطمة كلمة "أي" عندما تتألم من حقنة الممرضة... لكن كلمة "أي" لم تأتِ...
بعد قليل، قبلته أمه من خده، وقالت له: الآن دورك.
فقال لها: لا. حتى تنهي فاطمة أولا.
لقد أنهت أختك فحص الدم.
فاستغرب أنها لم تلفظ كلمة "أي" من الألم وسأل أمه: ولم تتألم؟
فأجابته: قليلا.
صعد أمجد كرسي الممرضة ببطء. كان متوترًا.
لكنه كان ينظر إلى فاطمة التي كانت تضع قطنة على موضع الحقن وتشد عليها. وقال في نفسه:
فعلا، فاطمة قد تكون أشجع مني احيانا...