المصدر : مازن يوسف الصباغ 12/08/2009
بعد عزلة شبه تامة عن العالم الخارجي لمدة عشر سنوات في مدينة اللاذقية، رحل الشاعر الكبير علي الجندي عن عمر ناهز 81 عاماً لتطوى بموته إحدى صفحات مسيرة الشعر والأدب في سورية، ويرحل أحد الشهود على العهد الذهبي للحراك والإبداع الثقافي العربي الذي احتضنته بلاد الشام في عاصمتيها دمشق وبيروت في ستينات وسبعينات القرن المنصرم.
.

ولد علي الجندي في مدينة سلمية عام 1928 لعائلة مبدعة، فكان عمه الشاعر الراحل أحمد الجندي (أبو حيان) وإخوته الراحلون د.سامي وعاصم وخالد وإنعام من العلامات الفارقة في الحياة السياسية والثقافية في دمشق وبيروت خلال النصف الثاني من القرن العشرين. درس الفلسفة وتخرج في كلية الآداب من جامعة دمشق، وكان قد تلقى تعليمه الابتدائي في سلمية والإعدادي في حلب والثانوي في حماة. وكان لدراسة الفلسفة أكبر التأثير في شعره، حيث غلب عليه العمق الفلسفي. مارس مهنة التعليم في مصياف ودمشق ولبنان، وعمل في حقل الصحافة الثقافية في دمشق وبيروت، وكتب في صحف ومجلات ودرويات مثل صحيفة البعث وملحق الثورة الثقافي (الأدبي) ومجلة المعرفة ومجلة المجاهد ومجلة المثقف العربي ومجلة الطليعة ومجلة الأسبوع العربي ومجلة العربي ومجلة الآداب...
عمل مديراً للنصوص الإذاعية والتلفزيونية في الإعلام السوري، وكان مديراً عاماً للدعاية والأنباء في الستينات. من مؤسسي اتحاد الكتاب العرب 1969م وانتخب أول نائب لرئيس الاتحاد وعضواً في جمعية الشعر.
أعد لسنوات طويلة برنامجاً مميزاً عن الشعر عبر إذاعة دمشق، كان يرصد من خلاله تفتح البراعم الشعرية الجديدة ويقرأ فيه بصوته وإلقائه المتميز أجمل القصائد الجديدة.
كان الراحل أحد النجوم الثقافية في دمشق، وأحد ظرفائها المشهورين، وما زلت أذكر التقائي وتعرفي به عام 1974 من خلال صديقي الصحافي عادل الحديدي في مطعم «اللاتيرنا» (جادة شرف) ومطعم الإيتوال (أمام مدرسة الفرنسيسكان دار السلام) اللذين كانا قلب الحياة الثقافية في العاصمة نهاية السبعينات وبداية الثمانينات محاطاً دائماً بثلة من ألمع المثقفين السوريين في مجالس تفيض بالظرف والمرح والثقافة والروح الوطنية ومنهم: الصديق الباحث برهان بخاري والمرحوم ممدوح عدوان والمرحوم يوسف مقدسي والمرحوم محمود كامل وعادل محمود وفايز خضور وغيرهم من نجوم الصحافة والأدب في بلادنا...
وكثيراً ما كنت ألتقيه في (حي التجارة)، حيث كانت تسكن زوجته وأولاده إلى جوار منزل شقيقي المحامي مروان، كانت تسبقه دائماً بحة صوته وابتسامته ويسألك متى.. وأين.. ؟!
رحل علي الجندي في مدينة اللاذقية على شاطئ البحر الخميس 6/8/2009 وأوصى أن يعاد جسده إلى تخوم الصحراء، حيث مسقط رأسه سلمية ليدفن هناك إلى جانب أهله وإخوته «في مكان الشجرة الكبيرة قرب النبع».
وفي هذه الأيام، رحل أيضاً الأديب والكاتب السوري نادر السباعي في حلب عن عمر 68 عاماً والكاتب والأديب المصري عبد العال الحمامصي عن عمر 77 عاماً ليلتحقوا بالكثير من النخب الثقافية والفكرية والإعلامية في سورية ولبنان والدول العربية الذين اجتهدوا وعملوا على شق الطرقات واسعة معبدة أمام أجيال من المبدعين والمتميزين.

للشاعر الجندي عددٌ
من الدواوين الشعرية
¶ الراية المنكسة - بيروت 1962.
¶ في البدء كان الصمت - بيروت 1964.
¶ الحمى الترابية - بيروت 1969.
¶ الشمس وأصابع الموتى - بغداد 1973.
¶ النزف تحت الجلد - اتحاد الكتاب - دمشق 1973.
¶ طرفة في مدار السرطان - اتحاد الكتاب - دمشق 1975.
¶ الرباعيات - بيروت 1979.
¶ بعيداً في الصمت قريباً في النسيان - بيروت 1980.
¶ قصائد موقوتة - بيروت 1980.
¶ صار رماداً - اتحاد الكتاب - دمشق 1987.
¶ سنونوة للضياء الأخير - بيروت 1990