الجعفري يفوز بجائزة الصحافة العربية فـي فن الكاريكاتير



نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيحاورته: سارة القضاة-أكد رسام الكاريكاتير الزميل ناصر الجعفري على أن أهمية جائزة الصحافة العربية تكمن في أنها تستطيع أن تحمل المبدع أو الصحفي إلى أفق عربي أرحب، إذ ليس هناك أي جائزة عربية أخرى تحظى بهذا الانتشار والامتداد، وهي بالتالي وتلقائيا فتح للساحة للمبدع العربي للخروج من إطار المحلية المغرقة.
وأوضح الجعفري الذي حاز على الجائزة الأولى في هذه المسابقة على أن سعادته بالعمل الإبداعي أهم من سعادته بالجائزة نفسها، مشددا على أن البعد الايجابي المهم هو أن المبدع العربي ما زال أمامه فرصة لا تُحترم أعماله وتُقدر.
الرأي التقت الزميل الجعفري، الذي يخط فنه عبر الصفحة الأخيرة من العرب اليوم، وحصل على جوائز عدة، أبرزها: جائزة يوغسلافيا للكاريكاتير عام 2000، جائزة الدولة التشجيعية للعام 2006، جائزة الحسين للإبداع الصحفي للعام 2005، وجرى الحديث التالي:
؟ بداية، ماذا عن مشاركتك في جائزة الصحافة العربية ، وفوزك بالجائزة الأولى عن الرسم الكاريكاتيري الصحفي؟
-قدمت عشر لوحات، وهو الحد الأعلى للمشاركة في مسابقات الكاريكاتير، وما يجمع هذه اللوحات هو المشهد البصري دون تعليق أو حتى ذكر كلمة واحدة، هذه المشاركة في جوهر الفن الكاريكاتيري، لأنها تعتمد على التأثير المباشر على القارئ، وقد تكون صادمة، والقارئ هو المتلقي الحقيقي دون تحديد جنسية أو لغة.
؟ ماذا يعني لك الفوز؟
-حالة الفوز بالنسبة للمبدع لا تقدم ولا تؤخر أكثر من العمل الإبداعي الذي قدمه، قد أكون سعيدا بالعمل الإبداعي أكثر من الجائزة التي حصلت عليها، لكن البعد الايجابي المهم هو أن المبدع العربي ما زال أمامه فرصة لا تُحترم أعماله وتُقدر.
أما الحافز الحقيقي، فهو استئثار العمل الفني بقبول القارئ، واعتقد انه في حالة الكاريكاتير، فإن النجاح يكمن في أن يتخطى الرسم حاجز الوقت المحدد، وتبقى للوحة ألق ما خلال أطول فترة زمنية ممكنة.
؟ ألا يوجد بعد ايجابي آخر للجائزة من ناحية الانتشار العربي؟
-جائزة الصحافة العربية تستطيع أن تحمل المبدع أو الصحفي إلى أفق عربي أرحب، إذ ليس هناك أي جائزة عربية أخرى تحظى بهذا الانتشار والامتداد، وهي بالتالي وتلقائيا فتح للساحة للمبدع للوصول إلى 300 مليون قارئ، والخروج من إطار المحلية المغرقة، وفي الكاريكاتير بالذات يعتبر هذا انتصارا على التيار السائد الذي يدفع باتجاه الإمعان بالمحلية، ويضيع على الرسام فرصة أن يكون فنانا في المستوى الأعم، وهو العربي.. وبالتالي العالمية.
؟ ألا تخشى على أعمالك بأن تقف في مكانها، بمعنى أن لا تكون صالحة لكل مكان وزمان؟
-أحاول أن أعطى للرسم صفة استمرارية ما، وكثيرا ما يلفت انتباهي أن يذكرني احد القراء برسم قديم ما زال يتعامل معه باستمرارية، وأكون في غاية السعادة حين أجد أن هذا الرسم احتفظ به قارئ، بما يدل على أن هذا الرسم ما زال صالحا لإثارة الدهشة، والحقيقة أن الرسومات المرتبطة بالسياسة في منطقتنا، وتحديدا في المراحل الملحمية، هي التي يبقيها القارئ.
؟ ماذا عن واقع الكاريكاتير السياسي الذي لم يعد يثير محليا وعربيا؟
-أخشى بشكل حقيقي أن الكاريكاتير السياسي المحلي والعربي يحتضر أمام وطأة فن آخر شبيه جدا بالكاريكاتير سائد في الغرب يعتمد كثيرا على النص المكتوب ذو النكهة الكوميدية، وهو ما يطلق عليه ٍُىكَّ، ونظرا لسهولة مادته وبعدها عن القضايا الحساسة فقد بات مطلوبا وكأنه النموذج الحقيقي لفن الكاريكاتير، والمتفحص بشكل دقيق لفن الكاريكاتير في العالم يجد أن المدرسة الحقيقية.
الكاريكاتير في جوهره صورة بصرية قد لا تحمل أي دعوة للضحك، بل على العكس، هي ترجمة لكوميديا سوداء، تدفع للتأمل وربما البكاء.
؟ رسمت في مجال الكاريكاتير الثقافي أعمالا مهمة، أين أنت منها الآن؟
- تجربة الرسم في المجال الثقافي لم تكتمل على الورق لأنه لا يوجد تعدد في الصحف والمجلات الثقافية، ولا يظهر حتى الآن الاهتمام الحقيقي بالكاريكاتير الثقافي، لذا أبقيت التجربة في مختبري الخاص، لأحاول أن ارسم من فترة لأخرى الرسم الذي يهتم بالشأن الثقافي، ولدي رغبة أن أقدم الكاريكاتير المرتبط بالقصيدة حين تتاح الفرصة، إذ كانت هناك محاولات لتقديم هذه التجربة في إحدى المجلات، إلا أن الفكرة أجهضت.
؟ مشروعك الخاص.. أين هو؟
-اعمل على تطوير تجربتي الشخصية، وأحاول التعلم تقنيا وفنيا، وأحاول الإنصات أكثر للمتلقي، وأحاول فهم ما يريده من الكاريكاتير. اطمح أن انتقل بالكاريكاتير السياسي العربي إلى فضاءات أرحب، أريد أن انقل هذه الرسالة السياسية بصريا عنا إلى المتلقي العالمي، ومواكبة للتقنيات المتطورة، بحيث يصبح صورة بصرية متحركة تقدم عبر تلفزيون أو فضائية، ويلخص حالة سياسية في زمن لا يتجاوز 30 ثانية، لكن مشروعا بهذا الحجم، على ما يبدو بسيطا، إلا انه بحاجة لمؤسسة تحمله.
؟ وما هو المشروع الذي تعمل عليه حاليا؟
- بدأت بتجربة متواضعة منذ سنوات أسميتها طوابع، وهي الفكرة المختصرة التي تكون على غلاف الرسائل، هي أفكار إنسانية بحتة، يتداخل فيها السياسي مع الاجتماعي دون محرمات في إطار فني صامت، لا اعرف بعد أن كانت التجربة ستنجح، لكني مصر على أن احمل طوابعي ما لا أستطيع نشره عبر الكاريكاتير الصحفي اليومي.
؟ أنت بصدد إصدار كتابك الأول نبض.. لماذا نبض؟
-نبض كما هو في اسمه وغلافه والمجموعة المنشورة فيه هو ذلك التسارع في دقات قلوب العرب حين تتصاعد الأزمة في رقعة عربية ما.. هو نقل للإحساس دون تصريح بالموقف إلا بما اعتقد انه وجدان جمعي للعربي أينما كان.
(نبض) هو مجموعة الكاريكاتير الأولى المنشورة ضمن كتاب، والمجموعة بدعم من صحيفة (العرب اليوم) التي ارتأى رئيس تحريرها الزميل طاهر العدوان أن تُجمع الرسومات المنشورة والتي حظيت بتأثير بين دفتي كتاب، وسيصدر الكتاب في نهاية شهر أيار الحالي.
؟ ماذا تأمل من هذا الكتاب؟
أريد فقط أن أدون هذه الرسومات ضمن إطار واحد، تصل إلى من يرغب في اقتنائها والاحتفاظ بها، كما لدي رغبة أن اطلع المهتم بفن الكاريكاتير في الدول العربية الأخرى على تجربتي المتواضعة.
؟ من ينافس ناصر الجعفري محليا؟
-منذ بدأت النشر في صحيفة العرب اليوم على الصفحة الأخيرة كنت في غاية الوعي لأهمية الكاريكاتير لأهمية الكاريكاتير السياسي، وكنت اعرف كم من الشاق أن يختط هذا الكاريكاتير خطا له ضمن اتجاهات أخرى سائدة في الكاريكاتير، وكثيرا جدا ما سمعت ملاحظات تطلب منى الانحياز للكاريكاتير المحلي الخفيف والمضحك، وتصف أعمالي بالسوداوية.
أنا لم أنافس احدا في هذا السياق، واعتقد أن تجارب أخرى أدركت أهمية ألا تستنزف نفسها في إطار الشخصية المحددة والكاريكاتير الساخر فقط.
؟ وعربيا.. من تنافس أنت؟
- أحاول أن أنافس نفسي عربيا وحتى محليا، هناك الكثير من الفنانين المميزين والمبدعين، لا يضيرني الاستفادة من أي تجربة والتعلم، واعتقد أن لي زملاء يقدمون الفن الجيد الذي يستحق أن ينافس معه.
؟ حدثنا عن جمعية رسامين الكاريكاتير، عن دورها وتواجدها على الساحة المحلية.
- الجمعية حديثة العهد، حاولت أن تجمع كافة الطاقات الفنية في الأردن في إطار مؤسسي يقدم الدعم والمشورة والدورات التدريبية للمبتدئين.
حصلنا في الجمعية على دعم ما، لكنا ما زلنا نفتقر إلى مكان يجمعنا، نستطيع من خلاله إقامة ورشات العمل ومعرض دائم، واستضافة فنانين عرب وعالميين، وان كنا نفعل ذلك الآن في الأماكن العامة.
؟ ماذا عن إقامة معرض خاص بك، إلا يوجد مشروع في الأفق؟
- لا تستهويني فكرة إقامة المعارض بما أن هناك عزوف وانشغال لدى الناس بالشؤون الحياتية أكثر مما له علاقة بما هو ثقافي وفني.
؟ هل ترى أن التكنولوجيا تساهم في تطوير وانتشار فن الكاريكاتير؟
- إحساسي أن فن الكاريكاتير يجب أن يواكب التطور، هذا الفن بدأ نقشا على جدران الكهوف لدى الإنسان الأول، واستطاع بعد قرون أن يبقى ويتحول لمادة مطبوعة، والآن يلقى رواجا عبر مواقع الانترنت وحتى الفضائيات، إذا هذا الفن يملك من المرونة ما يؤهله للاستمرار، وبالتالي فإن أي تقنية حديثة تنقل هذا الفن هي فكرة ايجابية تستحق التعامل معها.
إلا أن اللوحة الحقيقية يبقى لها تأثيرها.. منذ مدة قصيرة استضفنا في جمعية رسامي الكاريكاتير الفنان البريطاني ستيف بيل، وجرب للمرة الأولى الرسم عبر تقنية الحاسوب، وأعجبت برأيه الشخصي حين قال: لا أحب ملمس البلاستيك على البلاستيك، أريد شيئا يشعرني بالجلد، شيء ما يخدش.. هذه الفكرة مهمة وجميلة.
؟بالحديث عن التيار السائد، ما رأيك بحال الكاريكاتير في الأردن؟
- أنا احمّل الصحف مسؤولية كبيرة عن دفع الكاريكاتير باتجاه إنهاء نفسه، فلا يعني نجاح تجربة، على أهميتها، في زمن ما على أنها يجب أن تتكرر في كل الصحف وفي كل وقت، بصرف النظر عن أن لسان الحال السائد لدى كثير من رؤساء التحرير في الصحف يقول بالعبارة العامية الجمهور عايز كده.
اعتقد أن القارئ جاد ومثقف وملتزم بقدر ما يلزم رسام الكاريكاتير الحقيقي بأن يحترم ما يقدمه له، ويدرك ما عليه من مسؤولية في إعداد جيل يميز قيمة العمل الفني الحقيقي.
؟ ولكن إلا ترى أن الرسم الكاريكاتيري بدأ يتحول إلى سلعة؟
- أخشى انه قد يصبح كذلك حين تستخدم أدواته في الترويج الإعلاني والبحث عن المبيع.
فنان الكاريكاتير الحقيقي عليه أن يبحث عن مدخل جاد للتعامل مع الشاب العربي الذي بات غريبا في الشكل والملامح والتفكير، بالنسبة لي أجد مشكلة كبيرة في الوصول إلى هذه الشريحة، وان كان بعضها ربما ممن هم مثقفون ومسيسون يستقبلون كاريكاتيري بقبول، إلا أن جل هذه الشريحة لا يقرأ صحيفة أو كتاب، وحتى انه يسيء استخدام الانترنت.
؟ لنتحدث ختاما عن محددات الرقابة على فن الكاريكاتير والعوائق التي تواجهه.
- سياسيا، اعتقد أن السياسي قد سرق أدوات رسام الكاريكاتير، فبتنا نشاهد المفارقات السياسية المبالغ بها على لسان دبلوماسيين وسياسيين دون أن يقول احد أن هذا فن ساخر.
ولجهة الرقابة، فإن رسام الكاريكاتير ما يزال يخضع لقوانين معقدة ومتداخلة، أصبح المواطن العربي يستطيع أن يتصل عبر جهازه المحمول بأي فضائية ويصرخ بأعلى صوته بما يريد، أو حتى يرسل رسالة قصيرة إلى محطة منوعات يقول فيها موقفه بجرأة ومواجهة أكثر مما يستطيع رسام الكاريكاتير الذي ما يزال تحت الرقابة.