المصدر : كيان جمعة 10/05/2009
مرَّت سنتان على دخول سيارة «شام» السوق السورية، حين تعالت الأصوات المهنِّئة بالخطوة والداعمة لها، إلا أنَّ نظرة سريعة إلى جدول مبيعات نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيالسيارة، لاسيما إلى الجهات العامة، لا يشير إلى ذلك الدعم ولا يفسِّره، ويكفي أن نعرف أنَّ 10 آلاف سيارة بيعت منذ آذار 2007، منها 1400 سيارة فقط للجهات العامة، بينما باعت شركة «كيا موتورز» 24 ألف سيارة خلال عام 2008 وحده وشركة هيونداي 20 ألف سيارة في ذات السنة.



بعد أن وجَّه رئيس الوزراء بشراء سيارة «شام» وتسليمها إلى موظفي الوزارات والجهات العامة وتخفيض ضرائبها لتكون في متناول المواطنين، بدأت الوزارات والمؤسسات العامة تستبدل سياراتها القديمة، وبدأ الموظفون العامون (غير المديرين) يقودون السيارة الوطنية الأولى، في خطوة يبدو أنَّ الخجل مازال يشوبها، لاسيما مع القرار الذي يسمح للمدير العام بركوب سيارة تفوق سعة محركها 2000 cc مع العلم بأنَّ سعة محرك سيارة «شام» تتراوح بين 1600 إلى 1800 cc، وبالتالي بقيت نوافذ المؤسسات العامة والوزارات مشرعة لشراء السيارات السياحية الأجنبية، أو تبديل القديم منها بأخرى أكثر رقياً (لكزس– هوندا- هيونداي– مازدا) آخرها كان استبدال الاتحاد الوطني لطلبة سورية أسطوله القديم من السيارات بنحو 20 سيارة سياحية (هيونداي) من طراز «سوناتا – افانتي».
وتُظهر بيانات المؤسسة العامة للتجارة الخارجية، أنَّ عدد السيارات والآليات المشتراة لمصلحة الوزارات والمؤسسات العامة بلغ نحو 2438 سيارة، بقيمة مالية تتجاوز 3.038 مليار ليرة سورية، منها 1000 سيارة «شام».. وحول عدم شراء بعض الجهات العامة السيارة الوطنية الأولى في سورية، مع العلم بأنها السيارة الأرخص مقارنة بميزاتها، يقول زياد قطيني، رئيس مجلس إدارة الشركة السورية- الإيرانية المنتجة لسيارة «شام»: «كلُّ الوزارات التي كان لديها خطة لشراء سيارات، اقتنت «شام»، لكن كميات سيارات الدولة قليلة مقارنة بالطاقة الإنتاجية للشركة، كما أننا لا نستطيع فرض السيارة على كل الوزارات والجهات العامة ولانستطيع امتلاك السوق كلها»... أما عن سؤال عدم اختيار اتحاد طلبة سورية سيارة «شام» واقتناء سيارة «هيونداي» ذات المنشأ الكوري، فإنَّ إيهاب حامد، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الطلبة، لايقدِّم إجابة واضحة عنه، حيث ويقول: «نشجِّع الصناعة الوطنية، ونتمنَّى اقتناءها، لكننا في نفس الوقت، اخترنا سيارات رخيصة السعر وآمنة وقادرة على اجتياز مسافات طويلة، بسبب طبيعة عملنا التي تتطلَّب سفراً دائماً».. (مع العلم بأنَّ المقارنة بين سعر سيارة «شام» من جهة، وبين سعر «سوناتا» و»افانتي» من جهة أخرى، يرجِّح أفضلية السيارة الوطنية؛ فهي بسعر مناسب لا يتجاوز 50 % من سعر الأولى، و75 % من سعر الثانية !!).
ويبيِّن قطيني رئيس مجلس إدارة سيامكو، أنَّ «شام» أرخص مقارنة بمثيلاتها التي تحمل نفس مواصفاتها أو حتى أقل مواصفات منها، ويضيف: «نلاحظ أنَّ «شام» هي الأرخص بفارق كبير يصل إلى 150 ألف ليرة سورية على الأقل، لكن تلك السيارات مرغوبة فقط بسبب اسمها أو مكان صنعها، مع العلم بأنَّ سيارة «شام» من أكثر السيارات أماناً؛ فوزنها 1200 كغ، منها 125 كغ عوارض في السقف والأبواب».. ويضيف زياد قطيني: «لدى البعض عقدة الأجنبي، ويحقُّ للمواطن أن يتخوَّف، لكن الحقيقة هي أنَّ السيارة ليست جديدة من ناحية خبرة التصنيع، فهي كانت تصنع في إيران منذ 12 سنة، ولسنا نحن مَن نصنِّعها، بل درَّبنا عمَّالنا في إيران ونقلنا طريقة التصنيع مِن هناك»..
إلا أنَّ حامد يبيِّن أنَّ الاتحاد الوطني لطلبة سورية هيئة غير حكومية، وقد قام بالعديد من الأنشطة التطوعية، ويعمل الآن على صيانة مبنى الاتحاد، ما شكَّل ضغطاً على الميزانية، ومن هنا كانت الموافقة على شراء سيارات رخيصة- على حدِّ قوله- ويضيف: «نحن لم نقتنِ «باسات» أو «كامري» اللتين قد تكلِّفان ثلاثة أضعاف النوع الذي اخترناه!! إلا أننا سوف نوزِّع على فروع الاتحاد سيارة «شام» على مراحل، بسبب ضعف الإمكانات»..

هامش الربح
يتحدَّث عادةً مسؤولو الشركة الصانعة لسيارة «شام» عن هامش الربح الضئيل ومعقولية سعر السيارة مقارنة بإمكاناتها، لاسيما بالنسبة إلى المواطن السوري متوسط الدخل، ويقول في هذا الصدد زياد قطيني: «نحن حتى الآن لم نفكِّر في الربح، بل كان هدفنا هو انتشار السيارة ووصولها إلى المواطنين». إلا أنَّ العديد من الموظفين الذين التقتهم «بلدنا» عبَّروا عن استغرابهم، لاسيما مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية. يقول أحمد سلامة (موظف في شركة خاصة): «كيف سأدفع قسطاً شهرياً قدره 8800 ل.س وراتبي لا يتعدَّى 15 ألف ليرة»... بينما يعتبر عمار عيسى (موظف في شركة عامة) أنَّ القسط الشهري الذي يتغنَّى به مسوِّقو سيارة «شام» لا يقلُّ كثيراً عن قسط السيارات الأخرى، كما أنَّ السعر الكلي للسيارة لا يناسب الدخل العام للمواطن متوسط الحال.
خبير تجارة السيارات، نبيل البيك، بيَّن أنَّ سيارة «شام» من حيث الجودة مشابهة جداً لسيارة «بيجو 405»، إلا أنَّ أهم أسباب عدم دخولها السوق بشكل كبير هي سياسة الموزِّع نفسه؛ فهو الذي يفرض شروط التسويق على المعمل الأم، ويستطيع تقديم العروض وتخفيض السعر. وأضاف البيك: «أحدُ التجار طلب كمية من السيارات (نحو 20 سيارة) بشرط تخفيض السعر قليلا، إلا أنَّ الوكيل لم يقبل، معلِّلا ذلك بضيق هامش الربح»..
ويؤكِّد قطيني: «لاتوجد نيّة لتخفيض سعر السيارة أو القسط الشهري، ومَن «يكسر» الأسعار الآن يكون هامش ربحه كبيراً، والبعض يبيع سيارات ذات منشأ هندي أو صيني، أما مَن يقوم بوضع حسومات الآن فإنه يكون ملتزماً بقروض بنكية، لذلك يبيع دون ربح من أجل تسديد التزاماته المالية، ونحن لسنا ملتزمين أمام أحد».


جديد «شام»