نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



الأدب أدب سواء نشر على الورق او احتل شاشة صغيرة.
-القصة كأي نص أدبي تتشكل من وحدة أو وحدات سردية متسقة تقوم بنقل الحدث.
-باعتبار ان الإبداع ذاتي قبل كل شيء ولا يمكن أن نجد تجربتين متشابهتين.
-لاأظن أن أدبنا العربي يعاني من الأزمة في أدب الطفل.
-كل أدب يهتم بالإنسان ، وجوهره ، سيكتب له البقاء.
-لا يمكنني أن أخفي توجسي من هذا الاقتحام المرعب لثقافة الصورة في مقابل ثقافة الكلمة.

* كيف ترى الأدب القصصي في الوقت الراهن، وهل مازال محتفظا بنضارته؟

** ككل شيء في الحياة ، هناك صيرورة للأشياء ، والكائنات ، في الأفكار ، والجماليات . إذا اقتنعنا بهذه الفرضية أمكننا أن نحسم الأمر تماما فنقول أن الكتابة في تحول ، وما كان يقنعني ككاتب من خمسين عاما صار عبئا علي ّ في الوقت الحالي . من هنا يحدث التطور ، وتجري التغيرات : في الانماط ، والأذواق ، وفي خطة الكتابة ذاتها.
في فترة ما كانت النصوص الكلاسيكية هي التي لها الصدارة ، وفي فترة تالية حلقت الرومانسية بالنص عاليا ولم تهبط للأرض إلا قليلا ، ثم في فترة الخمسينيات جاءت الواقعية المحضة فسيطرت على ساحة القص ، وما لبثت الواقعية الاشتراكية ان أزاحتها تماما ، فرضت هيمنتها وهكذا. مدارس عديدة للفن تتخلق ، ثم ينضوي في إهابها كتاب وفنانون ، ولكن دائما ما يوجد من يخرج عن السرب محاولا التفرد والتجاوز ، وهؤلاء هم أصحاب التجارب الطليعية .
أعتقد أن القصة القصيرة العربية بخير ، ربما هناك تصدعات في بعض البنى الجمالية ، وتشقق في الوحدات السردية لدى بعض الكتاب ، غير أنه يمكنك أن تذكر عشر أسماء تقدم ادبا رفيع القيمة له خطابه الواضح الذي لا يعرف المراوغة والمخاتلة . وهذا شيء ضروري وهام لنقول ان الأقلام المجيدة موجودة ، ربما هي غير معروفة ويتم التعنيم عليها . لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية تجدها بصعوبة رغم انها نادرة . وهكذا شأن الحياة تعرف التنوع ، كما تعرف التفرد المحدود أيضا.

* الأدب الإلكتروني، هل هو وسيلة للإبداع أم غاية؟

** حسنا . الأدب أدب سواء نشر على الورق او احتل شاشة صغيرة ، ولا يوجد فرق عندي . الشيء المهم أن تكون المادة الأدبية نفسها تشي بإمكانيات فنية عالية ، وبخطاب أدبي ناصع ، وبوجهة نظر وموقف واضح ومعلن من الحياة والأشياء . هذه عتبة أولى.
العتبة الثانية ، أن الكاتب يبحث دائما عن وسائط نشر تضمن لمنتجه الأدبي أن يحظى بالرواج والانتشار . لقد كنت شاعرا وجربت الانتقال بين القرى والعزب والمقاهي وهي وسيلة نشر تبدو بدائية لكنها لا تـُـنسى سواء للشاعر او المتلقي. ثم وجدنا مجلات ودوريات تنشر نصوصنا فرحنا ندعم هذا الاتجاه بقوة ، ولما حان الوقت لتكون لنا كتبنا صممنا على أن تكون نصوصنا منشورة في كتب يمكن ان يجدها القاريء بسهولة .
هناك النشر الألكتروني ، وقد بدأت تجريبه شخصيا منذ ثلاث سنوات ، وهو وسيلة من وسائل النشر ، ولا يمكنني أن أقيس مدى تأثيرها ، ولا أن اقدم تصورا مكتملا لفاعليتها . وإن كانت ثمة دراسات تؤكد أنها قد ضربت التقاليد القديمة للنشر ، وأصبح من اليسير أن تقرأ لأي كاتب في أي مكان في العالم دون أن تكون هناك رقابة فنية أومراجعة دينية أو محظورات اخلاقية .كما انه نشر غير مقنن يمكن أن تتسرب لساحته أقلام مدعية وتحظى برواج زائف .
دعونا ننتظر قليلا ، وسيحسم الأمر ما قلته في البداية من صيرورة الزمن ، ومدى ما للأشياء من وقع الصدق بدون تجميل او تزييف.




* أنت كتبت شعر العامية المصرية بإجادة، وتكتب القصة والرواية، فهل تشجع على كتابة الرواية والقصة بالعامية؟
وكيف تنظر إلى هذه المسألة؟

سؤال صعب ، لكن لتكن لي شرف المحاولة لعلي أظفر بإحدي الحسنيين. بالفعل لي في مسيرة شعر العامية المصرية خمسة دواوين اولها " الخيول " 1982 وآخرها " نتهجى الوطن في النور " 2000.
وحينما كانت تُخصص ندوة يتيمة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب لشعراء العامية كنت أشارك أساتذتي في الالقاء : صلاح جاهين ، وسيد حجاب وعبدالرحمن الأبنودي . وكان معي من جيلي : زين العابدين فؤاد ، عبدالدايم الشاذلي ، صلاح الراوي ، محمد كشيك ، ماجد يوسف ،عمرو حسني وآخرين.
لا توجد قاعدة محددة لكن لدي يقين فني يمكن أن أسرده هنا في عدد من النقاط:
ـ القصة كأي نص أدبي تتشكل من وحدة أو وحدات سردية متسقة تقوم بنقل الحدث وتلعب اللغة عنصرا اساسيا في مسألة التوصيل هذه.
ـ لا يمكن اعتبار التوصيل هو الهدف الوحيد للغة فلها قيمة جمالية أساسية حيث توفر اللغة عبر انساقها المختلفة احتشاد كبير وقوي لكل العناصر الأخرى من ظلال سرد ، وأجواء حكي ، وترديدات أمكنة ، وحقول وصف .
ـ رغم سابق تجربتي في شعر العامية المصرية أميل إلى أن تكون اللغة بالفصحى مع " تطعيمات " محدودة جدا بالعامية التي تشف وتكشف ، ولا تسف . اللغة هنا مكملة للجو السردي وليست بمعزل عن أحوال أبطال النص .
ـ لا أتعمد أن تأتي هذه " التطعيمات " في هذا المكان دون ذاك . أنا أخضع النص كله لذائقة جمالية مدربة تحاول جاهدة ان يكون نصها فعالا متدفقا بماء الحياة . وليس معجميا متحفيا متجمدا . فأنا كاتب ولست عضوا بالمجمع اللغوي المصري أو السوري أو العراقي . أنا مبدع ولدي هاجس الخروج عن السرب بأقل قدر من الخسائر. الخسائر الجمالية أقصد.
ـ مع الحوار تطول الوقفة . أحيانا أميل إلى الحوار العامي أي باللهجة الدارجة المصرية ، وفي احيان اخرى اتجه ليكون الحوار هو الاخر بالفصحى . طيب . ما المعيار أو دليلك ؟
أقول بكل أمانة انني أترك الشخصيالت تتكلم ، وأترك لها فرصة البوح على الورق ، ولا أتدخل إلا في أضيق نطاق.
ـ مرة قابلت شيخنا " يحيى حقي " في مدينتي دمياط ، وكان قادما ليستأجر عشة برأس البر . سألته يا أستاذنا : ما الفارق بين القصة القصيرة والرواية؟
تمهل في رده وكنا نسير بجواره على كورنيش النيل : اسمع يا بني . هذا الباب أمامنا . من ثقب الباب يمكنك أن تختلس النظر لتقع عينك على مشهد محدد يمكنك ان تنقله على الورق . هذه هي القصة القصيرة .
لكنك لو فتحت الباب على اتساعه ، ثم دخلت الحجرة وجلت بها ، ومددت يديك لتفتح الشباب المطل على الحارة . وتصورت أن الميدان القريب هو مجال عملك فأنت مع الرواية .
لما سألته عن اللغة قال ما معناه : اللغة الحية المكتنزة بسحر وخيالات الراهن والتي تنقل لك شحنة المشاعر هي الأقرب للغة القص . لو استقطرتها واختزلتها فأنت أمام لغة قصة قصيرة . لو توسعت فيها واسهبت وولجت لمناطق بعيدة وقصية ، وقريبة في ذات الوقت فأنت مع لغة رواية .
كان هذا هو مجمل كلام صاحب رواية " قنديل أم هاشم " و" خليها على الله " ولنتأمل العناوين .
اللهجة العامية وإن كانت تستهويني في الشعر العامي إلا أنني أفضل الفصحى في السرد . والإشكالية تكمن في الحوار . وحتى الآن لا توجد لدي قاعدة غير الذائقة . والذائقة كما يعرف الجميع متحولة .