مزامير السومري
قراءات في المنجز الإبداعي لـ عبد الرزاق الربيعي
رشا فاضل


عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة، صدر كتاب " مزامير السومري: قراءات في المنجز الإبداعي الشعري والمسرحي لـ عبد الرزاق الربيعي" للكاتبة والإعلامية العراقية "رشا فاضل".
يقع الكتاب في 572 صفحة من القطع الكبير، ويضم الدراسات والمقالات التي كُتبتْ عن المنجز الشعري والمسرحي للشاعر والناقد والمسرحي العراقي "عبد الرزاق الربيعي".
تقول رشا فاضل في مقدمة كتابها:
( لم تكن فكرة هذا الكتاب آتية عن تخطيط مسبق، بل كانت وليدة المصادفة المحضة حيث وجدتني ذات يوم أجمع فيه أوراق الشاعر والكاتب عبد الرزاق الربيعي لعمل موقع إلكتروني له أطلقنا عليه اسم (جلجامش)، وقد أخذ العمل منا جهدًا كبيرًا ووقتا طويلاً نظرًا لنتاجه الغزير في مختلف حقول الإبداع، ومع كل نص كان يصلني منه سواءً كان نصًا شعريًا أو مسرحيًا أو مقالةً أو غير ذلك، كنتُ أنسى المصممة الإلكترونية التي افترضتها بي، وتعود الكاتبة لتتلبسني من جديد، وأبدأ بقراءة النصوص، دهشة تلو أخرى، لأكتشف قيمة المنجز الإبداعي لـ(الربيعي)، ولأكتشف ملامح جيل الثمانينات، جيل الانكسارات والهزائم والبصمة التي خلّفتها الحروب وما رافقها من تداعيات لم ينج منها أي مرفق من مرافق الحياة آنذاك، وامتدت حتى يومنا هذا بما شهده العراق من أحداث جسام، ناظرها من الجانب الآخر ظهور كتّاب أنضجت الحروب تجربتهم الأدبية في زمن قياسي، ليكبروا قبل الأوان حاملين هموم وطن شكّل الجزء الأكبر من ملامحهم الشعرية والأدبية.
وكان (عبد الرزاق الربيعي) أحد الذين حملوا هذا الجرح وراح يجوب به المدن البعيدة، تاركًا أثره وبصمته التي يعرفها القارئ ويميزها عن غيرها من النصوص، وتعتبر الغربة هي التيمة الرئيسة في أعمال (الربيعي) الشعرية والمسرحية على حد سواء، بل إن جلّ كتاباته تتركز في الهمّ العراقي رغم مواكبته للأحداث المعاصرة سياسيًا وثقافيًا واجتماعيًا من خلال عمله الصحفي، غير أن كل ذلك لم يتمكن من إسكات ذلك الصوت الملتاع الذي ينشده الفتى السومري على لسان القصائد كلما راوده الحنين لرائحة بلاد يزحف نحوها بالحبر... وتنأى عنه بجراحها المستديمة.
لم يكن (جلجامش) موقعًا إلكترونيًا فحسب، كان بيتًا لمّ أوراق السومري المتناثرة في أصقاع الغربة، ومنح مزاميره صدى يتردد في حناجر كثيرة... وما هذا الكتاب الذي بين أيديكم اليوم إلا بعضًا من عطاياه، بعضًا من حلمه الأزلي بالعشبة المستحيلة عند أعتاب شمس لا يدركها المغيب).
وتضيف المؤلفة في مقدمتها:
( اعتمدتُ في هذا الكتاب الدراسات والمقالات التي كُتبتْ عن المنجز الشعري والمسرحي لـ(الربيعي)، وأضفت له قسمًا ثالثًا يتحدث عن شخصية (الربيعي) وملامحه الإنسانية من خلال انعكاس صورته في مرايا الآخرين، ليتسلط الضوء على ملامحه الشعرية والإنسانية معًا، وسيجد القارئ أن (الربيعي) الشاعر لا يختلف عن الربيعي الإنسان في شيء، باستثناء الهدوء الذي يميز سلوكه وطبيعته، ليتحول في القصيدة إلى طوفان جارف وصرخة مدوية يبقى صداها يتردد في المدى حاملاً لوعته وحزنه الذي لا ينتمي لبهرجة منفاه الذي اتخذ أشكالاً متعددة بمرور الزمن، وكان هدوءه الإنساني يشبه الهدوء الذي يسبق العاصفة... عاصفة القصيدة، والنص الذي يتقن رسمه، وحين لا يتسع صدر القصيدة لصرخته نجده يحطّ بشعريته على خشبة المسرح ليكون مسرحيًا فذّا يمنح أجنحته حرية الطيران والتحليق على امتداد جرحه.
تناول تجربة (الربيعي) الشعرية الكثير من النقاد والكتّاب، فكتبوا عنها الكثير من الدراسات والمقالات رأيت إن أجمعها في هذا الكتاب بشكل متسلسل، رغم أني لم أتمكن من جمع كل المقالات والدراسات بسبب فقدانها، إضافة لضياع بعضها الآخر بسبب تنقلات الشاعر. وقد أفردت لكل ديوان مساحة تحتوي النصوص التي كُتبت عنه، ليسهل على القارئ والباحث الإلمام بالجوانب الجمالية وأسلوب البناء الشعري الذي يختص به (الربيعي)، وآلية كتابة القصيدة لديه، ليأخذ المنجز حصته الكاملة من النقد الذي يعتبر مكملاً للمنجز الإبداعي؛ حيث إنه المرآة التي تعكس ملامح النص دون رتوش، ويمنحنا قراءة أخرى متأنية بطعم آخر له نكهته الخاصة وسحره في اقتفاء أثر الكلمات وهي تمر بجسدها الضوئي فوق صقالة البياض).
ويمتد التاريخ الشعري لـ(عبد الرازق الربيعي) منذ أول ديوان صدر له (إلحاقاً بالموت السابق) عام 1986م، حتى كتابه الذي صدر مؤخرًا (مدن تئن وذكريات تغرق) عام 2008، وبين هذين الديوانين تتوزع نتاجات (الربيعي) الشعرية لتشمل خمسة عشر ديوانا كان لها حضورها الفاعل في المشهد الشعري العراقي والعربي.
كما كتب العديد من المسرحيات منها: ذات صباح معتم / على سطحنا طائر غريب / ضجة في منزل باردي / الصعاليك يصطادون النجوم / رأس خارج على القانون / كأسك يا سقراط / آه أيتها العاصفة / البهلوان / أمراء الجحيم / جنائز معلقة.