الكاتب المكسيكي البيرتو روي سانشيث:
وجدت مكسيك أخرى في أسواق المغرب
كلمات عربية ما تزال تستخدم في المكسيك
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

«قال عنه أوكتافيو باث: كتابته عصبية ورشيقة، ذكاؤه حاد دون قسوة، روحه رحيمة دون تنازل أو تواطؤ والأجمل أن ما يكتبه ألبرتو روي سانشيث يتطلب ذلك كله»..
بهذه الكلمات قدم صالح علماني ضيف احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية الكاتب المكسيكي «سانشيث» الذي استضافته مكتبة الأسد مؤخراً للحديث عن التأثير العربي على المكسيك وقد أشار علماني في حديثه عن سانشيث انه في شتاء عام 1975 وعندما كان ألبيرتو طالباً في باريس أراد الهرب من بردها القارس فاتجه الى بحار الجنوب وكان أقرب جنوب اليه هو المغرب وهناك كانت الدهشة الصدمة...وأشار علماني الى انه لم يخطر ببال ألبيرتو يوماً انه سيكتشف في المغرب أصولاً أخرى له..وان لهويته المكسيكية جذوراً عربية اسلامية كافية في أعماقه وما كان يتصور وجودها لولا تلك الصدمة التي هزته حين رأى «أسوار مدينة سحرية منيعة».

وكان لقاؤه بمدينة«الصويرة» على شاطىء المغرب الأطلسي لقاء بأحد مكونات شخصيته وهويته. ويضيف علماني متحدثاً عن أصول البيرتو:
أبواه يتحدران من مقاطعة سونورا في الشمال المكسيكي وكانت ظروف عمل أبيه تفرض على الأسرة قضاء فترات طويلة في الشمال وسط صحراء كاليفورنيا الدنيا الجنوبية وهذا منحه خبرة مبكرة وغنية بالصحراء لا سيما ان صديقاً لأبيه كان هندياً من السكان الأصليين يفتنه بما يرويه له من حكايات وأساطير وهنا يعترف البيرتو في حديثه انه نسي ذكريات طفولته تلك حتى عام 1975 عندما زار الصحراء المغربية لأول مرة، وهناك عادت ذاكرته دفعة واحدة فارتبط بعلاقة خاصة بالصحراء المغربية وخاصة بمدينة «الصويرة» التي أصبحت مسرحاً لأحداث معظم رواياته وقصصه القصيرة وهنا يقول البيرتو: «رحلتي الأولى الى مغدور- الاسم الأصلي للصويرة- صارت أعمق وأطول بكثير فيها شعرت في البدء بأنني اكتشفت مكاناً على الرغم من بعده الجغرافي عن المكسيك إلا أني شعرت أنني أعرفه من قبل خاصة عندما تجولت في أسواقها فقد أصبت بالدهشة بما فيها من عمارة ومشغولات حرفية أشعرتني وكأنني في أحد أسواق المكسيك وهنا يشير الى ان تاريخ المكسيك المتحدر منذ خمسة قرون والهجين والخليط من شعوب هندية واسبانية لم يجعله يتجاهل ان دماء أخرى تسري في عروق المكسيك.
وتحدث البيرتو عن الهجرة الحالية للعرب الى المكسيك ووصفها بأنها هجرة على نطاق واسع خاصة من سورية ولبنان وتطرق الى تاريخ هذه الهجرة وبين ان جيلاً جديداً من المكسيكيين هم أحفاد لأشخاص عرب هاجروا منذ زمن الى المكسيك وعدد أسماء مهمة في الحياة الثقافية والابداعية وفي المجالات الاقتصادية فذكرنا بكارلوس سليم من لبنان الذي يعد من الأغنياء في العالم والأهم برأي البيرتو هنا الحديث عن الوجود العربي عبر الاشياء في المكسيك فيبين أنه وبمجرد وصوله الى المغرب تجول في أحد أسواقها فأصيب بالدهشة لدرجة شبهه بالسوق المكسيكي بما يحتويه من اعمال خزفية خاصة في مجال «السيراميك» ويفسر ذلك ألبيرتو بأن هذه الاعمال الخزفية واليدوية انما وصلت من خلال الأجساد الاسبانية مع تأكيده على ان ثلاثة أرباع ما يعرف اليوم بإسبانيا والبرتغال كان عربياً في العادات والتقاليد والطقوس والملابس والبناء على طريقة الحضارة الاندلسية.
وفي بدايات حديثه تحدث ألبيرتو عن الهجرة الحالية للعرب الى المكسيك وهي هجرة على نطاق واسع خاصة من سورية ولبنان فتطرق الى تاريخ هذه الهجرة وبين ان جيلاً جديداً من المكسيكيين من أصول عربية ومنهم أسماء هامة في الحياة الثقافية والابداعية والاقتصادية فأشار الى كارلوس سليم من لبنان والذي يعد اليوم من أغنياء العالم والأهم برأيه هو الحديث عن الوجود العربي«التأثير» عبر الاشياء في المكسيك فبين أنه وبمجرد وصوله الى المغرب تجول في أحد أسواقها فأصيب بالدهشة لدرجة شبهها بالأسواق المكسيكية وما تحتويه من مهن يدوية وصناعات خزفية ويفسر ذلك ان هذا التشابه هو نتيجة الفتح الاسباني فبفضل الاسبان ظهرت صناعات في المكسيك وسبب التشابه بينها وبين ما هو موجود في فاس ومدينة صافي المغربيتين هو انها انتشرت في اسبانيا من خلال مدينة اسبانية قريبة من طليطلة وهنا رد على من يستغرب تشابه بعض الصناعات اليدوية في فاس وغيرها بمثيلتها في المكسيك مع غياب التأثير المغربي على المكسيك حيث ان السبب يعود للتأثير الاسباني المتأثر بالثقافة العربية من هنا فسر دهشته الكبيرة عندما وجد مكسيك أخرى في أسواق المغرب.
خاصة وان هذه الصناعات والمهن اليدوية هي جزء من الهوية الثقافية للمكسيكيين ولا سيما في تقنية صنع الفخار وأدوات الطعام وصناعة الألبسة وتقنية الأسقف الخشبية للمنازل وأوضح ان الزائر للمكسيك ولبعض المدن المكسيكية سيلمس بشكل واضح التأثيرات العربية من خلال شكل الأسقف التي تشبه كثيراً أسقف الجامع الأموي.
وهنا يؤكد البيرتو ان العرب في تلك الفترة كانوا يملكون الطرق المثلى لصنع الأشياء وخاصة في مجال تقنيات الحروب والأسلحة وهذا ما فسر قدرة مئات من الاسبان على فتح امبراطورية كبيرة تعادل في حجمها حجم أوروبا برمتها نتيجة لامتلاكهم مهارات تعلموها من الامبراطورية العربية.
ويشير هنا كذلك الى ان قسماً من الجنوب الشرقي لاسبانيا عبارة عن قرى صغيرة محصنة تشبه كل واحدة منها القبيلة كانت معظمها من العرب تحدث عن الاختلاط الذي تم عن طريق الزواج بين الاسبان والعرب والمكسيكيين وهذا ما جعل العرب يبقون 8 قرون وهي فترة جعلت المكسيكيين يؤمنون أنهم مزيج من الاسبان وأنهم خليط من العرب والبربر باعتبار ان كثيراً من الموجات التي سكنت اسبانيا كانت من البربر وبالتالي يستبعد البيرتو ان يكون هناك مكسيكي 100٪ .
وعن اللغة العربية ومدى انتشارها اشار الى انها اللغة الاقدم في المكسيك ولكن ومع مر الزمن تم حذف كل الكلمات العربية الموجودة في القاموس واستبدالها بما هو لاتيني ولكن ورغم ذلك أكد وجود آلاف من الكلمات ذات الجذور العربية وكثير من الكلمات العربية ما زالت تستخدم في المكسيك.
وتحدث ألبيرتو مطولاً عن التشابه النفسي في بعض القيم والسلوكيات وهذا ما جعله يشعر انه ليس غريباً عندما حل ضيفاً على سورية لتشابه السلوكيات بين الناس من حيث اللطف وحب المساعدة والرغبة في التواصل، صفات يتشابه بها السوريون والمكسيكيون وهي صفات يعتبرها ميزة لا تتميز بها كثير من الشعوب. وإحدى حقائق الهجرة التي اشار اليها ألبيرتو ان المهاجرين العرب الذين وصلوا الى المكسيك مع بداية القرن 20 وضمن اطار مسألة التكيف مع المجتمع الجديد لم يكن لديهم قرار بالاحتفاظ بلغتهم لذلك معظم الجالية اللبنانية الموجودة لا تعرف التحدث باللغة العربية لانهم أرادوا ان يرتبطوا بسرعة مع المكان الذي حلوا به..
وفي مجال واقع الترجمة من الادب العربي الى اللغة الانكليزية أو الاسبانية في المكسيك تحدث عن ضعف هذه الحركة ولكنه أكد انه وزوجته باعتبارهما يملكان داراً للنشر سيكون هذا الامر ضمن اهتماماتهما.
وختم حديثه مشيراً الى انه يتمنى ان تنعكس رحلته الحالية الى سورية في كتاباته فهو دوّن ملاحظات واختزن صوراً كثيرة.


أمينة عباس