خانات حلب القديمة.. شاهد على براعة العمارة الحلبية المصدر : مصطفى رستم 12/12/2008
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيتحتضن حلب الشهباء الكثير من المواقع الأثرية والسياحية المهمة، وتميزت في هذا المجال بالخانات الكثيرة، ذات الطابع الهندسي الرائع، و الخان ـ كما جرت عادة بنائه ـ يتكون من بناء ذي طابقين، يستعمل الطابق الأرضي منه مقراً للصفقات التجارية، والطابق الأول لسكن التجار الأغراب، ويوجد وسط الخان ساحة لتفريغ البضائع وربط الخيول، و بجانب الساحة قاعة لاستقبال المسافرين.


خان الوزير
ومن أبرز الخانات خان الوزير، الذي بناه أحد ولاة حلب عام 1093هـ ـ 1683 م، ثم أصبح وزيراً في الآستانة، لذا سمي بخان الوزير، وهو من أضخم الخانات في حلب، يمتاز بزخرفة واجهته البديعة من الداخل والخارج، وقد هدمت البلدية القسم الشمالي من الخان، عند فتح شارع خان الوزير المؤدي إلى القلعة، ومازالت الغرف في الطابق العلوي، الذي كان ينام فيه نزلاء الخان، بينما تعرض بضائع التجار في القسم الأرضي، ثم تتابع القوافل سيرها بِجِمالها و بضائعها باتجاه الشرق والغرب.
خان الصابون
أما خان الصابون فبناه الأمير ازدمر بن مزيد في نهاية القرن الخامس عشر، وقد تولّى ولاية حلب مرتين عام 884 هـ و 889 هـ أيام المماليك، وسمِّي بخان الصابون لقربه من سوق الصابون، يمتاز بواجهته الرائعة بزخرفتها، وأشكالها الهندسية، وكتابتها، والسبيل القائم إلى يسار الواجهة، وقد تمّت إزالة القسم الشمالي من الخان، حيث لا تزال بعض الرنوك المملوكية ظاهرة فيه، كما يوجد خان خاير بك الذي بناه والي حلب خاير بك عام 920 هـ ـ1515م، ويمتاز الخان بأنه عبارة عن ثلاثة خانات متصلة ببعضها، وبابه قديم، وتحيط به زخرفة هندسية بديعة، ورنوك جميلة، وفي مقرّ قنصلية دولة البندقية قديماً خان النحاسين، ويعتبر أقدم بيت لا زال يسكن منذ عام 1539م، وكان يسكنه المرحوم الدكتور أدولف بوخه، الذي توفي في 30 نيسان 1987م، ويضم متحفاً غنياً باللقى الأثرية التي جمعتها عائلة بوخه.


خان قورت بك
أمّا خان قورت بك فلا يقلُّ روعة عن الخانات السابقة الذكر، وبناه قورت بك بن خسرو باشا (باني المدرسة الخسروية) في مطلع القرن السادس عشر، وفيه رنوك مملوكية مع سيّاف، ويبدو أنّ الإيوان من فترة سابقة للفترة العثمانية، وكان يستعمل جزء منه كفندق عام 1908م، ومن أقدم خانات حلب خان القاضي، الذي يقع مقابل البيمارستان الأرغوني، وقد أنشأه قاضي حلب كمال الدين المعري سنة 854 هـ ـ 1450م، وهناك كتابة من أربعة أسطر على جدار الخان تنصّ على إبطال دفع ضريبة على مبيعات نصارى بلدة قارا من القماش والتمور في حلب في أيام القاضي محبّ الدين بن الشحنة، كما هناك كتابة بنفس المعنى على جدار البيمارستان الأرغوني يسار المدخل، ومؤرخة عام 846 هـ ـ 1442م.
خان النقر
و من آثار محلّة الفردوس خان النّقر، لا يبعد كثيراً عن عمارة الهروي، ينزل إليه من خلال درجات، وهو صحن مربع، طول ضلعه40 ذراعاً، و في جهاته الأربع أرْوِقَة متصلة ببعضها، وكان يضرب المثل بحلب بكثرة دخل هذا الخان، ويعلمنا الغزّي حين كتابة كتابه سنة 1341 هـ ـ 1922م أنّ في صحن الخان بستان يشتمل على شجر التين و الفستق.
خان القصابية
و في محلّة جب أسد الله في سوق القصابية، يقبع خان القصابية، وكان اسمه القديم خان أبرك، نسبة إلى الأمير أبرك الذي بناه عام 916 هـ ـ 1510م، وكان نائب القلعة أيام قانصوه الغوري، ويمتاز الخان بزخرفة واجهته وبابه المعدني.
خان الجمرك
أما خان الجمرك، الذي يقع في سويقة علي فيعدُّ أكبر خانات حلب، كما يعرف بالخان الكبير، أو باسم بانيه محمد علي الشهيد الصدر الأسبق إبراهيم خان زاده، ويضم الخان مخازن كثيرة وقاعة فسيحة، ويتميز بزخرفة مدخله الرائعة بنقوشها من خارج الخان، و بضفائر أعمدة الشبابيك المطلّة على داخل الخان.

تبقى هذه الخانات شواهد ومعالم أثرية ذات قيمة كبيرة، لعبت دوراً تجارياً واقتصادياً، عدا براعة المعماري الحلبي، وعبقرية الفنان الذي استطاع أن يجسد الزخارف الفنية بأشكالها المختلفة على أبوابها و جدرانها، فتشكل لوحة لا يمكن نسيانها عبر الأزمان.