الكلمة المحتلة قبل قيام السلطة الفلسطينية
الصحف العربية الصادرة في الضفة الغربية وقطاع غزة
مقدمه:

في ظل الاحتلال الإسرائيلي لضفة الغربية وقطاع غزة منذ عام العام 1967م وحتى قيام السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994م كانت هناك صحافة فلسطينية محتلة أيضآ .

وفي بداية سنوات الاحتلال : لم يكن متوفرآ في أكشاك الصحف سوى جريدة " اليوم " .
وهي صحيفة الحكومة الإسرائيلية الرسمية الناطقة بالعربية . غير أن هذه الصحيفة الصهيونية لم تلق أي إقبال يذكر من سكان المناطق المحتلة , فاستبدلت بصحيفة " الأنياء " التي يعتبرها أكثر المراقبين الناطقة باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي , ودليلآ يعكس السياسة الرسمية الإسرائيلية بدقة أكثر من غيرها من الصحف العربية , من يومية وأسبوعية ومجلات بدأت تظهر تباعآ في ظل الاحتلال الإسرائيلي , كانت أولها صحيفة " القدس " اليومية , التي سنتناولها بتفصيل أوفي في سياق هذه المراجعة . أما الصحف الأخرى فكانت : * البشير :
وهي صحيفة أسبوعية مستقلة يملكها إبراهيم جندل , وهو تاجر من بيت لحم وقد صدرت بعد نشوب الحرب الأهلية في الأردن في أيلول " سبتمبر " 1970 . واجتذبت هذه الصحيفية الكتاب الشباب , الذين لم يتح لهم مجال من قبل للنشر , وتوقفت عن الإصدار الآن .

الفجر :

وهي صحيفة أسبوعية مستقلة , كان يملكها يوسف نصر , الحاصل على ماجستير في اللغات من الجامعة الأمريكية , وقد صدرت عام 1971م . واستقطبت جمهورآ من القراء بسبب الحملات التي كانت تشنها علب الحكومة من أجل المطالبة بالمطالب الداعية إلى إناء كيان فلسطيني . وبلغ توزيع " الفجر" قرابة تسعة آلاف نسخة أسبوعيا , قبل أن تتحول إلي صحيفة يومية سنة 1974 , وهي السنة التي اختفي فيها محررها يوسف نصر في ظروف غامضة ولم يعثر له حتي اليوم علي أثر . وصدر قرار يوقفها 1984 .

الشعب :

صحيفة يومية نشرها وامتلكها محمود يعيش , وهو متقدم في السن اتخذ من الصحافة تجارة وقد انشئت " الشعب في عام 1972كشركة تجارية ترمي أصلا إلي إثراء صاحبها , ولكنها من أجل كسب القراء ومنافسة صحيفة " القدس "جنحت إلي المغالاة في موافقها الوطنية لزيادة توزيعها . لكن توزيعها الذي يصل إلي ستة آلاف يوميا , وحوالي العشرة آلاف أيام الجمعة , ظل مقصورا علي من هم المتوسط من المثقفين . وأوقفتها سلطة الاحتلال الإسرائيلي عام 1984 .

المجلات :

أما المجلات فإن إقبال دور النشر عليها ظل محدودا , لأنها لا تستطيع منافسة بعض المجلات العربية التي كانت إسرائيل تسمح باستيردادها بعد الاحتلال , وخاصة بعد افتتاح السوق المحلية للصحف المصرية في اعقاب اتفاقية كامب ديفيد . وكانت المجلة الوحيدة التي تصدر في الضفة الغربية في مطلع السبعينيات هي مجلة " فلسطين " الطيبة , التي يصدرها صيدلي من رام الله , غير أن عددا من المجلات الدورية ما لبث أن صدر وهي :

الطليعة :
صدرت في شباط " فبراير " 1978 , وهي صحيفة راديكالية نشرها بشير البرغوثي ذو الميول والنشاطات اليسارية . وقد وضعت السلطات الإسرائيلية عقبات في وجه الصحيفة ومحررها الذي احتجز مرة ثمانية أشهر بدون محاكمة وكانت السلطات الإسرائيلية قد اصدرت تشريعا يقضي بأن علي الصحف المقدسية أن تحصل علي تصريح مسبق إذاما ارادت توزيع صحفها في الضفة الغربية , مما ضيق الخناق علي " الطليعة " وحد من توزيعها إلي مدي بعيد , وكانت المحكمة الإسرائيلية العليا قد أكدت هذا التريع في قرار أصدرته أخيرا فانقطع توزيع المجلة في الأرض المحتلة آنذاك .

البيادر " والشراع " :

وهما مجلتان دوريتان تهتمان بالشئون الثقافية والأدبية والاجتماعية الفلسطينية , أصدر الأولي منهما جاك خزمو , والثانية مروان العسلي . ورغم اهتماماتهما البعيدة عن السياسة لم تنجو من مقص الرقيب وعانت كل منهما من متاعب مالية ومن المجلات التي أدت المتاعب المالية إلي أغلاقها " صوت الجماهير " , " المنتدي " , " ألوان " , " الشرق " , ولكن مجلتي " الأم " وهي للأطفال و " التراث والمجتمع " التي تعالج التراث الشعبي وتاريخ الفولكلور الفلسطينية . فكانتا تصدران بشكل غير منتظم علي الرغم مما تقدمه الأخيرة ممن دراسات جادة وأبحاث في التراث والتقاليد والأداب الشعبية تثبت عمق جذور الشعب الفلسطيني في أرضه وكانت " فتاة فلسطين " وهي مجلة نسائية قد أغلقت أبوابها بعد أشهر قليلة من نشر العدد الأولي منها , بعد تورطها في حادث تشهير أوصل محررها إلي المحاكم .
وإذا استثنينا صحيفة " القدس " نجد أن جميع الصحف الأنفة الذكر تشترك في تعميمات يمكن أن نوجزها بصغر حجم طاقم المحررين طاقم المحررين وقلة خبرتهم . وصغر حجم المطابع وفقر معداتها , انخفاض مستوي التوزيع , اتخاذ الهجوم علي الأردن كجزء من سياستها العامة , ضحالة تغطيتها للأنباء الداخلية والخارجية , وتمويلها من " مصادر مجهولة " وهزال الطباعة والصور وتوقف النشر بين وقت وآخر بسبب مشاكل مالية أو فنية .

* القدس :

كانت أول صحيفة عربية يومية تصدر بعدالاحتلال . إذا ما أن انتهت حرب يونيو 1967 حتي تقدم محمود لأبو الزلف , أحد أصحاب الصحيفة الثلاثة بطلب إلي السلطات الإسرائيلية للسماح له باستئناف نشرها . وعلي الرغم من معارضة بعض الجهات الإسرائيلية للفكرة . حبذها كل من موشي ديان وزير الدفاع وقتئذ وتيدي كوليك رئيس بلدية القدس وتم إصدار التصريح في كانون الأول " ديسمبر " 1968 , وأصبح أبو الزلف محرر العربية الوحيدة المتوفرة أمام الرازحين تحت نير الاحتلال الإسرائيلي , ومالكها . وتتكون الصحيفة من مبني حجري جميل خارج سور القدس القديمة تضم مكاتب التحرير ومطابع حديثة . تستعمل ايضا لنر الكتب والنشرات المحلية . واستغل الزلف , وهو رجل ثري من يافا , قوانين الصحافة الإسرائيلية التي وفرت نوعا من " الحرية " لم يكن مباحا ابان الحكم الأردني . وطالب في أول افتتاحية له بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاعتراف بحقوق الفلسطينيين القومية ولكن الصحيفة ظلت علي الدوام معتدلة , باستثاء الحالات التي كانمت فيها حقوق الفلسطينيين تتعرض للخطر . فعلي الر غم من أنها عارضت الحكم الإسرائيلي للقدس العربية " وخنف الحقائق " في الآرض المحتلة , إلا أنها لم تطلب بفسخ " توحيد " القدس فقد حبذت في البداية إيجاد تسوية تجعل من المدينة المقدسة عاصمة لكل من إسرائيل ودولة فلسطينية كما أنها ابدت علي نقيض مواقف الصحف الأخري في الأرض المحتلة , تحفظات بشأن العمليات الفدائية , مثل عمليتي ميونيخ واللد , وحثت علي اعتدال المنظمات الفدائية في مطالها .
وكانت تلك الصحيفة هي الوحيدة اليت ابدت تعاطفا مع مبادرة السادات التي اسفرت عن اتفاقية الصلح المصرية الإسرائيلية المنفردة مما جعلها تهدم جسورها مع منظمة التحرير .