على عضوية اتحاد الكتاب والأدباء
الطفلة ياسمين شملاوي.. ظاهرة فلسطينية متعددة الابداعات
نابلس – بشار دراغمة
حينما تحصل طفلة لم تتجاوز 13 عاماً على عضوية اتحاد الكتاب والأدباء لا بد أن نتوقف، وعندما يبدو حوارها، وكأنك أمام سياسي محترف، أو كاتب فكر ذو نهج ونظرية، لا بد أن يثير ذلك حقاً اهتمامنا، وحينما تكون هذه الطفلة مبدعة في تقديم البرامج التلفزيونية، لا بد من أن يكون لديها ما يستحق القول، هذه الأسباب وغيرها الكثير، دفعتنا لمحاورة الطفلة ياسمين غسان شملاوي لسبر أغوار تجربتها الفريدة بالتوازي مع صغر عمرها، سألناها عن سر سيرها على خطى الكتاب والأدباء والباحثين، حاورناها وأصغينا إليها مفسحين لكلماتها رسم الإجابات، رصدنا انفعالاتها وبصمات كلماتها بهدوء.
وكانت بدايتنا معها من حيث النهاية، وهي انتزاع لقب أصغر كاتبة فلسطينية من خلال الحصول على عضوية الشرف في الاتحاد العام للأدباء والكتاب الفلسطينيين. هي الطفلة الفلسطينية ياسمين غسان شملاوي (13 عاما) من مدينة نابلس بالضفة الغربية، وهي الكاتبة والباحثة، والرياضية، والقارئة،والرسامة، ومقدمة البرامج التلفزيونية، وتحمل صفة أصغر مقدمة برامج تلفزيونية فلسطينية.
سألناها عن سر الحصول على لقبها الأخير فقالت :” لإيلاف بالتأكيد فضل كبير في هذا المجال، فهي اول من نشر الدراسة الأخيرة التي أعددتها حول واقع الأطفال الفلسطينيين ومن ثم نقلتها عشرات المواقع والصحف عن إيلاف، وبعد ذلك تم الحديث معي عبر محطات الإذاعة والتلفزة المختلفة بشأن هذه الدراسة وكان آخرها المشاركة في برنامج نهاية الأسبوع على قناة العربية الفضائية”.
وتوضح شملاوي أن الأمين العام للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، ووكيل وزارة الإعلام الفلسطينية( المتوكل طه)، دعاها بعد ذلك إلى مدينة رام الله، وكانت المفاجئة بمنحها هذا اللقب، بعد الإطلاع على الكثير مما أنجزته في رحلة حياتها القصيرة المتجددة.
ويؤكد الشاعر والأديب المتوكل طه أن منح الطفلة شملاوي عضوية الاتحاد،جاء نتيجة لما تتميز به من قدرة استثنائية على اجتراح الإبداع، ولما أنتجته من دراسات، ولمشاركتها العميقة في غير فعالية ثقافية وإعلامية، ولما تشكله من نموذج قد يدفع الجيل الطالع إلى النهوض والحراك.
وقال المتوكل:” وتعتبر هذه العضوية الشرفية اعترافا من الاتحاد بموهبة هذه المبدعة التي نتمنى أن تساهم وجيلها في تكريس الحق الفلسطيني ونيل الثوابت الوطنية”.
تقول الطفلة شملاوي:” تحدثت مع أستاذنا المتوكل طه في كثير من القضايا، تحدثنا عن الشاعر محمود دوريش، عن معنى شعره، وسر شخصيته، ورمزيته، وأمور أخرى، وتطرقنا إلى فدوى طوقان، بحثنا في شعرها ونشأتها، وكيف أصبحت الشاعرة المبدعة وفي الوقت نفسه غير المتعلمة، فأتقنت حب الوطن عبر كلماتها، والتي اعتبرها قدوتي وأمنيتي بأن أخطوا خطاها الواثقة”.
سألنا ياسمين، كيف تأتيك الأفكار .. دون تردد قالت :” هي جمرة، صار فكرة، وكبرت وصارت دمعة، ودمعة على دمعة صنعت قصة، هي حكاية حياة بكل تفاصيلها وآلامها المتكررة يوميا، والقصة هي حياة أجداد عاشوا النكبة، وقصة أباء عاشوا الهزيمة وأسموها النكسة، وهي قصة شباب أرادوها انتفاضة حرية وتحرر، واليوم هي قصة أطفال خرجوا من رحم معاناة وطن مسلوب ما بين فكي كماشة الاحتلال، وقصة أطفال عاشوا ما بين المطرقة والسندان، أطفال يخرجون كل يوم من عنق الزجاجة إلى فوهة البركان، هي حكاية ليست كباقي الحكايات، فلا يمكننا أن نسجلها بين حكايات ألف ليلة وليلة، ولا نضيفها ضمن حكايات كليلة ودمنة، ولم ترد في حكايات السندباد وعلاء الدين وإنما تسجل في حكاية أطفال فلسطين تحت حراب الاحتلال، هي حكاية أتراب لي، عشت معهم، وكبرت وإياهم، وذهبنا إلى المدرسة نفسها، واستنشقنا نفس الغازات المسيلة للدموع، وهربنا من الطلقات ذاتها، وتدثرنا خوفا من صوت المفرقات”.
وتتابع قائلة:” كل هذه المشاهد هي أفكاري، ومنها يمكننا بناء مئات الدراسات والروايات، وفي فلسطين، تتوفر الأفكار، لكن بحاجة إلى من يرعاها وأنا كرست نفسي لذلك، لأبحث في واقع أطفالنا، وأكتب قصة طفولة مسلوبة، طفولة مبتورة، طفولة بلا طفولة، هي طفولة بريئة تذبح وتنتهك أمام مرأى العالم الحر ودعاة حقوق الانسان”.
ياسمين شملاوي ترفض العنف في مواجهة الآخر، وتؤمن بالسلام في تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، وترفض قتل الأطفال الإسرائيليين كما ترفض تماما قتل أطفال فلسطين وتتابع :” أنا لا أملك بندقية كما شدت أم كلثوم يوما.. أصبح عندي الآن بندقية إلى فلسطين خذوني معكم، ولا أجد حلا بحزام ناسف يقتل أطفالهم كما يفعلون بأطفالنا، كل ما أملكه هي دعوة صادقة مخلصة من أطفال فلسطين لحكام إسرائيل بالنظر إلينا ولأطفالهم بمعيار الطفولة والمستقبل.. ودعونا نعيش سوية فالأرض تتسع للجميع والسماء للجميع.
لكن ماذا تطلب الطفلة شملاوي من العالم أجمع؟ تقول :” بالتأكيد لدي رسالة للعالم الحر، فاليوم وبشيء من الترقب والتمني، والكثير من الرجاء، أخاطب العالم من خلال دراساتي وأعمال أعدها لتبين للعالم حقيقة ما آل إليه أطفالنا. لأضيف لكلامي العربي الواضح، كلام ابن أم كلثوم والمتنبي وشوقي ودرويش..والمتوكل، صرختي الفلسطينية، لاستصراخ العالم الحر ليساهم في إحقاق الحقوق الوطنية المشروعة بإقامة دولتنا الفلسطينية، ليعيش أطفالنا، طفولتهم ويحققوا أحلامهم وآمالهم…في وطن آمن ومستقر ومستقل..
أطفال فلسطين ماذا تقولين لهم؟، هو سؤال طرحناه على ياسمين فأجابت :” أطفال بلادي يولدون من رحم المعاناة، وينشدون مع أترابهم قصيدة الوطن المغناة بالبستان والحقل والبيدر، والزعتر وسنابل القمح وزهر النوار. بالمجد والعزة وكل الفخار، ويكتبون حروف اسمك يا وطني بمداد من ذهب ونار، ويرسمون علمك بضياء الشمس في وضح النهار، وينسجون خيوطه من أحلامهم وخيلائهم بإكليل من غار….
وليس أخيرا…. فأطفال فلسطين هم الحلم وهم الأمل وهم المستقبل“.
ياسمين غسان شملاوي
-فلسطين-نابلس-بريد الكترونيghsansh@hotmail.com