فصل وصف الحنة لإبن القيم الجوزية مع رابط التنزيل

--------------------------------------------------------------------------------

فصل وصف الحنة لإبن القيم الجوزية

...

فصل
فيما أعد الله تعالى في الجنة لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة

يا خاطب الحور الحسان وطالبا*** لوصالهن بجنة الحيوان
لو كنت تدري من خطبت ومن طلبـ***ـت بذلت ما تحوي من الأثمان
أو كنت تدري أين مسكنها جعلـ***ـت السعي منك لها على الأجفان
ولقد وصفت طريق مسكنها فان*** رمت الوصال فلا تكن بالواني
أسرع وحدث السير جهدك انما*** مسراك هذا ساعة لزمان
فاعشق وحدّث بالوصال النفس وابـ***ـذل مهرها ما دمت ذا امكان
واجعل صيامك قبل لقياها ويو***م الوصل يوم الفطر من رمضان
واجعل نعوت جمالها الحادي وسر*** تلقي المخاوف وهي ذات أمان


لا يلهينك منزل لعبت به*** أيدي البلا من سالف الأزمان
فاقد ترحل عنه كل مسرة*** وتبدلت بالهم والأحزان
سجن يضيق بصاحب الايمان لـ***ـكن جنّة الماوى لذي الكفران
سكانها أهل الجهالة والبطا***لة والسفاهة أنجس السكان
وألذهم عيشا فأجلهم بحق الله ثم حقائق القرآن
عمرت بهم هذي الديار وأقفرت*** منخم ربوع العلم والايمان
قد آثروا الدنيا ولذة عيشها الـ***ـفاني على الجنات والرضوان
صحبوا الأماني وابتلوا بحظوظهم*** ورضوا بكل مذلة وهوان
كدحا وكدا لا يفتر عنهم*** ما فيه من غم ومن أحزان


والله لو شاهدت هاتيك الصدو***ر رأيتها كمراجل النيران
ووقودها الشهوات والحسرات والآ***لام لا تخبو مدى الأزمان
أبدانهم أجداث هاتيك النفو***س اللائي قد قبرت مع الأبدان
أرواحهم في وحشة وجسومهم*** في كدحها لا في رضا الرحمن
هربوا من الرق الذي خلقوا له*** فبلو ربق النفس والشيطان
لا ترض ما اختاروه هم لنوفسهم*** فقد ارتضوا بالذل والحرمان
لو سارت الدنيا جناح بعوضة*** لم يسق منها الرب ذو الكفران
لكنها والله أحقر عنده*** من ذا الجناح القاصر الطيران
ولقد تولت بعد عن أصحابها*** فالسعد منها حل بالدبران
لا يرتجي منها الوفاء لصبها*** أين الوفا من غادر خوان
طبعت على كدر فكيف ينالها***صفو أهذا قط في الامكان
ياعاشق الدنيا تأهب للذي*** قد ناله العشاق كل زمان
أو ماسمعت بل رأيت مصارع الـ*** ـعشاق من شيب ومن شبان


فصل
في صفة الجنة لتي أعدها الله ذو الفضل والمنة
لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة


فاسم اذا أوصافها وصفات ها***تيك المنازل ربة الاحسان
هي جنة طابت وطاب نعيمها***فنعيمها باق وليس بفان
دار السلام وجنة المأوى ومنـ***ـزل عسكر الايمان والقرآن
فالدار دار سلامة وخطابهم*** فيها سلام واسم ذي الغفران


فصل
في عدد درجات الجنة وما بين كل درجتين

درجاتها مائة وما بين اثنتيـ***ـن فذاك في التحقيق للحسبان
مثل الذي بين السماء وبين هذي***الأرض قول الصاق والبرهان
لكن عاليها هو الفردوس مسـ***ـقوف بعرش الخالق الرحمن
وسط الجنان وعلوها فلذاك كا***نت قبة من أحسن البنيان
منه تفجر سائر الأنهار فالـ***ـينبوع منه نازل بجنان


فصل
في أبواب الجنة

أبوابها حق ثمانية أتت*** في النص وهي لصاحب الاحسان
باب الجهاد وذاك أعلاها وبا***ب الصوم يدعي الباب بالريان
ولكل سعي صالح باب ورب*** السعي منه داخل بأمان
ولسوف يدعى المرء من أبوابها*** جميعا إذا وفى حلى الايمان
منهم أبو بكر الصديق ذا*** ك خليفة المبعوث بالقرآن





فصل
في مقدار ما بين الباب والباب منه

سبعون عاما بين كل اثنين منـ***ـها قدّرت بالعد والحسبان
هذا حديث لقيط المعروف بالـ***ـخبر الطويل وذا عظيم الشان
وعليه كل جلالة ومهابة*** ولكم حواه بعد من عرفان


فصل
في مقدار ما بين مصراعي الباب

لكن بينهما مسيرة أربعيـ***ـن رواه حبر الامة الشيباني
في مسند بالرفع وهو لمسلم*** وقف كمرفوع بوجه ثان
ولقد روى تقديره بثلاثة الـ***أيام لكن عند ذي العرفان
أعني البخاري الرضي وهو منكر***وحديث رواية ذو نكران


فصل
في مفتاح باب الجنة

هذا وفتح الباب ليس بممكن*** الا بنفتاح على أسنان
مفتاحه بشهادة الاخلاص والتو***حيد تلك شهادة الايمان
أسنانه الأعمال وهي شرائع الـ***إسلام والمفتاح بالأسنان
لا تلغين هذا المثال فكم به*** من حل أشكال لذي العرفان


فصل
في منشور الجنة الذي يوقع به لصاحبها

هذا ومن يدخل فليس بداخل*** الا بتوقيع من الرحمن
وكذاك يكتب للفتى لدخوله*** من قبل توقيعانمشهوران
إحداهما بعد الممات وعرض أر***اح العباد به على الديان
فيقول رب العرش جا جلاله*** للكاتبين وهم أولو الديوان
ذا الاسم في الديوان يكتب ذاك ديـ***ـوان الجنان مجاور المنان
ديوان عليين أصحاب القرآ***ن وسنة المبعوث بالقرآن
فإذا انتهى للجسر يوم الحشر يعـ***ـطى للدخول اذا كتاب ثان
عنوانه هذا الكتاب من عزيـ***ـز راحم لفلان ابن فلان
فدعوه يدخل جنة المأوى التي ار***تفعت ولكن لقطوف دوان
هذا وقد كتب اسمه مذ كان في الـ***أرحام قبل ولادة الانسان
بل قبل ذلك هو وقت القبضتيـ***ـن كلاهما للعدل والاحسان
سبحان ذي الجبروت والملكوت والـ*** إجلال والاكرام والسبحان
والله أكبر عالم الأسرار والـ***إعلان واللحظات بالأجفان
والحمد لله السميع لسائر الـ***أصوات من سر ومن إعلان
وهو الموحد والمسبح والممجـ***ـد والحميد ومنزل القرآن
والأمر من قبل ومن بعد له*** سبحانك اللهم ذا السلطان


فصل
في صفوف أهل الجنة

هذا وان صفوفهم عشرون مع*** مائة وهذي الأمة الثلثان
يرويه عنه بريدة إسناده*** سرط الصحيح بمسند الشيباني
وله شواهد من حديث أبي هريـ***ـرة وابن مسعود وحبر زمان
أعني ابن عباس وفي إسناده*** رجل ضعيف غير ذي اتقان
ولقد أتانا في الصحيح بأنهم ***شطر وما اللفظان مختلفان
إذ قال أرجو تكونوا شطرهم*** هذا رجاء منه للرحمن
أعطاه رب العرش ما يرجو وزا***د من العطاء فعال ذي الاحسان


فصل
في صفة أول زمرة تدخل الجنة

هذا وأول زمرة فوجوههم*** كالبدر ليل الست بعد ثمان
السابقون هم وقد كانوا هنا*** أيضا أولي سبق الى الاحسان


فصل
في صفة الزمرة الثانية

والزمرة الأخرلا كأضواء كوكب*** في الأفق تنظره به العينان
أمشاطهم ذهب ورشحهم فمسـ***ـك خالص يا ذلة الحرمان


فصل
في تفاضل أهل الجنة في الدرجات العلى

ويرى الذين بذيلها من فوقهم*** مثل الكواكب رؤية بعيان
ما ذاك مختصا برسل الله بل*** لهم وللصديق ذي الايمان


فصل
في ذكر أعلى أهل الجنة منزلة وأدناهم

هذا وأعلاهم فناظر ربه*** في كل يوم وقته الطرفان
لكن أدناهم وما فيهم دني*** إذ ليس في الجنات من نقصان
فهو الذي تلقى مسافة ملكه*** بسنيننا ألفان كاملتان
فيرى بها أقصاه حقا مثل رؤ***يته لأدناه القريب الداني
أو ماسمعت بأن آخر أهلها*** يعطيه رب لعرش ذو الغفران
أضعاف دنيانا جميعا عشر أمـ***ـثال لها سبحان ذي الاحسان


فصل
في ذكر سن اهل الجنة

هذا وسنهم ثلاث مع ثلا***ثين التي هي قوة الشبان
وصغيرهم وكبيرهم في ذا على*** حد سواء ما سوى الولدان
ولقد روى الخدري أيضا أنهم*** أبناء عشر بعدها عشران
وكلاهما في الترمذي وليس ذا*** بتناقض بل ها هنا أمران
حذف الثلاث ونيف بعد العقو***د وذكر ذلك عندهم سيان
عند اتساع في الكلام فعندما*** يأتوا بتحرير فبالميزان


فصل
في طول قامات أهل الجنة وعرضهم

والطول طول أبيهم ستون لـ***ـكن عرضهم سبع بلا نقصان
الطول صح بغير شك في الصحيـ***ـحين اللذين هما لنا شمسان
والعرض لم نعرفه في احداهما*** لكن رواه أحمد الشيباني
هذا ولا يخفى التناسب بين هـ***ـذا العرض والطول البديع الشان
كل على مقدرا صاحبه وذا*** تقدير متقن صنعة الانسان

فصل
في لحاهم وألوانهم

ألوانهم بيض وليس لهم لحى*** جعد الشعور مكحّلوا الأجفان
هذا كمال الحسن في أبشارهم*** وشعورهم وكذلك العينان

فصل
في لسان أهل الجنة

ولقد أتى أثر بأن لسانهم*** بالمنطق العربي خير لسان
لكنّ في اسناده نظرا ففيـ***ـه راويان وما هما ثبتان
أعني العلاء هو ابن عمرو ثم يحـ***ـيى الأشعري وذان مغموزان


فصل
في ريح أهل الجنة من مسيرة كم يوجد

والريح يوجد من مسيرة أربعيـ***ـن وإن تشأ مائة فمرويان
وكذا روى سبعين أيضا صح هـ***ـذا كله وأتى به اثران
ما في رجالهما لنا من مطعن*** والجمع بين الكل ذو إمكان
وقد أتى تقديره مائة بخمـ***ـس ضربها من غير ما نقصان
إن صح هذا فهو أيضا والذي*** من قلبه في غاية الامكان
أما بحسب المدركين لريحها*** قربا وبعدا ما هما سيّان
أو باختلاف قرارها وعلوّها*** أيضا وذلك اضح التبيان
أو باختلاف السير أيضا فهو أنـ***ـواع بقدر إطاقة الانسان
ما بين ألفاظ الرسول تناقض*** بل ذلك في الأفهام والأذهان


فصل
في أسبق الناس دخولا الى الجنة

ونظير هذا سبق أهل الفقر للـ***ـجنات في تقديره أثران
مائة بخمس ضربها أو أربعيـ***ـن كلاهما في ذاك محفوظان
فأبو هريرة قد روى أولاهما*** وروى لنا الثاني صحابيان
هذا بحسب تفاوت الفقراء في أسـ***ـتحقاق سبقهم الى الاحسان
أو ذا بحسب تفاوت في الأغنيا***ء كلاهما لا شك موجودان
هذا وأولهم دخولا خير خلـ***ـق الله من قد خصّ بالقرآن
والأنبياء على مراتبهم من التـ***ـفضيل تلك مواهب المنان
هذا وأمة أحمد سباق با***قي الخلق عند دخولهم بجنان
وأحقهم بالسبق أسبقهم الى الـ***إسلام والتصديق بالقرآن
وكذا أبو بكر هو الصديق أسـ***ـبقهم دخولا قول عند ذي البرهان


وروى ابن ماجه أن أولهم يصا***فحه اله العرش ذو الاحشان
ويكون أولهم دخولا جنة الـ***ـفردوس ذلك قامع الكفران
فاروق دين الله ناصر قوله*** ورسوله وشرائع الايمان
لكنه أثر ضعيف فيه مجـ***ـروح يسمى خالدا ببيان
لو صلح كان عمومه المخصوص بالصـ***ـديق قطعا غير ذي نكران
هذا وأولهم دخولا فهو حمـ***ـاد على الحلالات للرحمن
إن كان في السراء أصبح حامدا*** أو كان في الضرا فحمد ثان
هذا الذي هو عارف بإلهه*** وصفائه وكماله الرباني
وكذا الشهيد فسبقه متيقن*** وهو الجدير بذلك الاحسان
وكذلك الملوك حين يقوم بالـ***ـحقين سباق بغير توان
وكذا فقير ذو عيال ليس بالـ***ـملحاح بل ذو عفة وصيان


فصل
في عدد الجنات وأجناسها

والجنة اسم الجنس وهي كثيرة*** جدا ولكن أصلها نوعان
ذهبيتان بكل ما حوتاه من*** حلى وآنية ومن بنيان
وكذاك أيضا ففضة ثنتان من*** حلى وبنيان وكل أوان
لكن دار الخلد والمأوى وعد***ن والسلام اضافة لمعان
أوصافها استدعت اضفتها اليـ***ـها مدحة مع غاية التبيان
لكنما الفردوس أعلاها وأو***سطها مساكن صفوة الرحمن
أعلاه منزلة لأعلى الخلق منـ***ـزلة هو المبعوث بالقرآن
وهي الوسيلة وهي أعلى رتبة*** خلصت له فضلا من الرحمن


ولقد أتى في سورة الرحمن تفـ***ـضيل الجنان مفصلا ببيان
هي أربع ثنتان فاضلتان ثم*** يليهما ثنتان مفضولان
فالأوليان الفضليان لأوجه*** عشر ويعسر نظمها بوزان
واذا تأملت السياق وجدتها*** فيه تلوح لمن له عينان


سبحان من غرست يداه جنة الـ***فردوس عند تكامل البنيان
ويداه أيضا أتقنت لبنائها*** فتبارك الرحمن أعظم بان
هي في الجنان كآدم وكلاهما*** تفضيله من أجل هذا الشان
لكنما الجهميّ ليس لديه من*** ذا الفضل شيء فهو ذو نكران
ولد عقوق عق والده ولم*** يثبت بذا فضلا على شيطان
فكلاهما تأثير قدرته وتأ***ثير المشيئة ليس ثم يدان
آلاهما أو نعمتاه وخلقه*** كل بنعمة ربه المنان


لما قضى رب العباد العرش قا***ل تكلمي فتكلمت ببيان
قد أفلح العبد الذي هو مؤمن*** ماذا ادّخرت له من الاحسان
ولقد روى حقا أبو الدرداء ذا***ك عويمر أثرا عظيم الشان
يهتز قلب العبد عند سماعه*** طربا بقدر حلاوة الايمان
ما مثله أبدا يقال برأيه*** أو كان يا أهلا بذا العرفان
فيه النزول ثلاث ساعات فاحـ***ـداهن ينظر في الكتاب الثاني
يمحو ويثبت ما يشاء بحكمة*** وبعزة وبرحمة وحنان
فترى الفتى يمسي على حال ويصـ***ـبح في سواها ما هما مثلان
هو نائم واموره قد دبرت*** ليلا ولا يدري بذاك الشان
والساعة الأخرى الى عدن مسا*** كن أهله هم صفوة الرحمن
الرسل ثم الأنبياء ومعهم الصـ***ـديق حسب فلا تكن بجبان
فيها الذي والله لا عين رأت*** كلا ولا سمعت به الأذنان
كلا ولا قلب به خطر المثا***ل له تعالى الله ذو السلطان
والساعة الأخرى الى هذي السما***ء يقول هل من تائب ندمان
أو داع أو مستغفر أو سائل*** أعطيه اني واسع الاحسان
حتى يصلي الفجر يشهدها مع الـ***أملاك تلك شهادة القرآن
هذا الحديث بطوله وسياقه*** وتمامه في سنة الطبراني


فصل
في بناء الجنة

وبناؤها اللبنات من ذهب*** وأخرى فضة نوعان محتلفان
وقصورها من لؤلؤ وزبرجد*** أو فضة أو خالص العيقان
وكذاك من در وياقوت به*** نظم الناء بغاية الاتقان
والطين مسك خالص أو زعفرا***ن جابذا أثران مقبولان
ليسا بمختلفين لا تنكرهما*** فهما الملاط لذلك البنيان


فصل
في أرضها وحصبائها وتربها


والأرض مرمرة مخالص فضة*** مثل المرات تناله العينان
في مسلم تشبيهها بالدرمك الصـ***ـافي وبالمسك العظيم الشان
هذا لحسن اللون لكن ذا لطيـ**ـب الريح صار هناك تشبيهان
حصباؤها در وياقوت كذا***ك لآلىء نثرت كنثر جمان
وترابها من زعفران أو من المـ***ـسك الذي ما استلّ من غزلان


فصل
في صفة غرفاتها

غرفاتها في الجو ينظر بطنها *** من ظهرها والظهر من بطنان
سكانها أهل القيام مع الصيا***م وطيب الكلمات والاحسان
ثنتان خالص حقه سبحانه***وعبيده أيضا لهم ثنتان


فصل
في خيام اهل الجنة

للعبد فيها خيمة من لؤلؤ*** قد جوفت هي صنعة الرحمن
ستون ميلا طولها في الجو في*** كل الزوايا أجمل النسوان
يغشى الجميع فلا يشاهد بعضهم*** بعضا وهذا لاتساع مكان
فيها مقاصير بها الأبواب من*** ذهب ودر زين بالمرجان
وخيامها منصوبة برياضها*** وشواطئ الأنهار ذي الجريان
ما في الخيام سوى التي لو قابلت*** للنيرين لقلت منكسفان
له هاتيك الخيام فكم بها*** للقلب من علق ومن أشجان
فيهن حور قاصرات الطرف خيـ***ـرات حسان من خير حسان
خيرات أخلاق حسان أوجها*** فالحسن والاحسان متفقان


فصل
في أرائكها وسررها

فيها الأرائك وهي من سرر عليـ***ـهن الحجال كثيرة الألوان
لا تستحق اسم الأرائك دون ها***تيك الحجال وذاك وضع لسان
بشخنانة يدعونها بلسان فا***رس وهو ظهر البيت ذي الأركان


فصل
في أشجارها وثمارها وظلالها


أشجارها نوعان منها ما له *** في هذه الدنيا مثال ذان
كالسدر أصل النبق مخضود مكا***ن الشوك من ثمر ذوي ألوان
هذا وظل السدر من خير الظلا***ل ونفعه الترويح للأبدان
وثماره أيضا ذوات منافع*** من بعضها تفريح ذي الأحزان
والطلح وهو الموز منضود كما*** نضدت يد باصابع وبنان
أو أنه شجر البوادي موقرا*** حملا مكان الشوك في الأغصان
وكذلك الرمان والأعناب التي منها القطوف دوان


هذا ونوع ما له في هذه الد***نيا نظير كي يرى بعيان
يكفي من التعجاج قول الهنا*** من كل فاكهة بها زوجان
وأتوا به متشابها في اللون مخـ***ـتلف الطعوم فذاك ذو ألوان
أو أنه متشابه في الاسم مخـ***ـتلف الجعوم فذاك قول ثان
أو انه وسط خيار كله*** فالفحل منه ليس ذا ثنيان
أو أنه لثمارنا ذي مشبه*** في اسم ولون ليس يختلفان
لكن لبهجتها ولذة طعمها*** أمر سوى هذا الذي تجدان
فيلذها في الأكل عند منالها*** وتلذها من قبله العينان
قال ابن عباس وما بالجنة الـ***ـعليا سوى أسماء ما تريان
يعني الحقائق لا تماثل هذه*** وكلاهما في الاسم متفقان


يا طيب هاتيك الثمار وغرسها*** في المسك ذاب الترب للبستان
وكذلك الماء الذي يسقى به*** ياطيب ذاك الورد للظوآن
وإذا تناولت المار أتت نظيـ***ـرتها فحلت دونها بمكان
لم تنقطع أبدا ولم ترقب نزو***ل الشمس من حمل الى ميزان
وكذاك لم تمنع ولم تحنج الى*** أن ترتقي للقنو في العيدان
بل ذللت القطوف فكيف ما***شئت انتزعت بأسهل الامكان
ولقد أتى أثر بأن الساق من*** ذهب رواه الترمذي ببيان
قال ابن عباس وهاتيك الجذو***ع زمرد من أحسن الألوان
ومقطعاتهم من الكرم الذي***فيها ومن سعة من العقيان
وثمارها ما فيه من عجم كأمـ***ـثال القلال فجلّ ذو الاحسان
وظلالها معدودة ليست تقي*** حرا ولا شمسا وأنى ذان
أو ما سمعت بظل أصل واحد*** فيه يسير الراكب العجلان
مائة سنين قدرت لا تنقضي*** هذا العظيم الأصل والأفنان
ولقد روى الخدري أيضا أن طو***بى قدريها مائة بلا نقصان
تتفتح الأكمام فيها عن لبا***سهم بما شاءوا من الألوان


فصل
في سماع أهل الجنة

قال ابن عباس ويرسل ربنا*** ريحا تهز ذوائب الأغصان
فتثير أصواتا تلذ لمسمع الا***نسان كالنغمات بالأوزان
يا لذة الأسماع لا تتعوضي*** بلذاذة الأوتار والعيدان
أو ما سمعت سماعهم فيها غنا***ء الحور بالأصوات والألحان
واها لذيّاك السماع فإنه*** ملئت به الأذنان بالاحسان
واها لذيّاك السماع وطيبه*** من مثل أقمار على أغصان
واها لذيّاك السماع فكم به*** للقلب من طرب ومن أشجان
واها لذيّاك السماع ولم أقل*** ذيّاك تصغيرا له بلسان
ما ظن سامعه بصوت أطيب الـ*** أصوات من حور الجنان حسان
نحن النواعم والخوالد خيرا***ت كاملات الحسن والاحسان
لسنا نموت ولا نخاف وما لنا*** سخط ولا ضغن من الأضغان
طوبى لمن كنا له وكذاك طو***بى للذي هو حظنا لفظان
في ذاك آثار روين وذكرها*** في الترمذي ومعجم الطبراني
ورواه يحيى شيخ الأوزاعي تفـ***ـسيرا للفظة يحبرون أغان


نزه سماعك إن أردت سماع ذيـ***ـاك الغناء عن هذه الألحان
لا تؤثر الأدنى على الأعلى فتحـ***ـرم ذا وذا يا ذلة الحرمان
إن اختيارك للسماع النازل الـ***أدنى على الأعلى من النقصان
والله أن سماعهم في القلب والـ***إيمان مثل السم في الأبدان
والله ما انفك الذي هو دأبه*** أبدا من الاشراك بالرحمن
فلقلب بيت الرب جل جلاله*** حبا واخلاصا مع الاحسان
فإذا تعلق بالسماع اصاره*** عبدا لكل فلانة وفلان
حب الكتاب وحب ألحان الغنا*** في قلب عبد ليس يجتمعان
ثقل الكتاب عليهملما رأوا*** تقييده بشرائع الايمان
واللهو خف عليهم ولما رأوا*** ما فيه من طرب ومن ألحان
قوت النفوس وانما القرآن قو***ت القلب أنى يستوي القوتان
ولذا تراه حظ ذي النقصان كالـ***ـجهال والصبيان والنسوان
وألذهم فيه أقلهم من العقل*** الصحيح فسل أخا العرفان
يا لذة الفساق لست كلذة الـ***أبرار في عقل ولا قرآن


فصل
في انهار الجنة

أنهارها في غير أخدود جرت*** سبحان ممسكها عن الفيضان
من تحتهم تجري كما شاءوا مفجـ***ـرة وما للنهر من نقصان
عسل مصفى ثم ماء ثم خمـ***ـر ثم أنهار من الألبان
والله ما تلك المواد كهذه*** لكن هما في اللفظ مجتمعان
هذا وبينهما يسير تشابه*** وهو اشتراك قام بالأذهان

....

لسماع بعض مقاطعها على شكل أنشودة بالفلاش هذا رابطها
في قسم الصوتيات والمرئيات
http://www.soutalhaq.net/forum/viewtopic.php?t=2586

لتنزيل نونية أبن القيم الجوزية في ملف word هذا رابط
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=26&book=186

والسلام عليكم
_________________
www.khayma.com/nabilbenka
عن

أخوكم نبيل بنقدور