المرأة في أعمال غسان كنفاني


علي ضاهر إبراهيم

نبذة عن حياته:

ولد غسان كنفاني في عكا عام 1936, وعاش في يافا واضطر إلى النزوح عنها كما نزح آلاف الفلسطينيين بعد نكبة 1948 تحت ضغط القمع الصهيوني, حيث أقام مع ذويه لفترة قصيرة في جنوبي لبنان, ثم انتقلت العائلة إلى دمشق.

عمل كنفاني منذ شبابه المبكر في النضال الوطني, وبدأ حياته العملية معلماً للتربية الفنية في مدارس وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) في دمشق ثم انتقل إلى الكويت عام 1965 حيث عمل مدرساً للرسم والرياضة في مدارسها الرسمية. وكان في هذه الأثناء يعمل في الصحافة كما بدأ إنتاجه الأدبي في الفترة نفسها.

انتقل إلى بيروت عام 1960 حيث عمل محرراً أدبياً لجريدة "الحرية"الأسبوعية, ثم أصبح عام 1963 رئيساً لتحرير جريدة "المحرر", كما عمل في "الأنوار" و "الحوادث" حتى عام 1969 حين أسس صحيفة "الهدف" الأسبوعية وبقي رئيساً لتحريرها حتى استشهاده في 8 تموز (يوليو) 1972.

يمثل كنفاني نموذجاً خاصاً للكاتب السياسي والروائي والقاص الناقد, فكان مبدعاً في كتاباته كما كان مبدعا في حياته ونضاله واستشهاده, وقد نال عام 1966 جائزة (( أصدقاء الكتاب في لبنان)) لأفضل رواية عن روايته "ما تبقى لكم", كما نال جائزة منظمة الصحافيين العالمية( I.o.j .) عام 1974 ونال جائزة ((اللوتس)) التي يمنحها اتحاد كتاب آسيا وإفريقيا عام 1975و غيرها.

قال عنه الشاعر محمود درويش: "كان الفلسطيني الوحيد الذي أعطى الجواب القاطع الساطع، وكانت الشهادة شهادة، وكأنه أحد النادرين الذين أعطوا الحبر زخم الدم، وفي وسعنا أن نقول أن غسان قد نقل الحبر إلى مرتبة الشرف وأعطاه قيمة الدم، كان غسان كنفاني يعرف لماذا يكتب ولمن يكتب ولكنه كان يعرف أيضا أن قيمة هاتين المسألتين مشروطة لإنتاج الفن بإتقان تطبيق المسألة الأخرى كيف يكتب"

إذا نظرنا إلى الظروف التي عاش فيها مناضلنا وأديبنا غسان كنفاني، نجد أنه واحد من أبناء النكبات المتكررة التي عاش فيها شعبه سواء أكان ذلك في داخل الوطن أو في خارجه. فقد ولد كنفاني في الإضراب الكبير وشهد (الرحيل الأول، وعاش بأس الرحيل الثاني وهزته مشاهد الترويع في جرش وعجلون وحضنته برائحة الحزن والغضب، جال كنفاني كل مدن الغربة، وتعلم وعلم فيها الكثير، بحث في الأرض والسماء والبنادق والأوراق وقال : ((كلها أشياء أدافع بها عن نفسي)) وعاش كنفاني الخيمة والمخيم، وعاش اللجوء والتشرد وارتبط بهذا الشعب بصغاره وكبار، بثواره ومناضليه ووصف الذين لم يحركوا ساكناً إزاء هذا الوضع السيئ، طارد المرتزقة والفارين بأنفسهم لأنفسهم.

وكان للمرأة وخاصة الأم سمة شخصية خاصة في العلاقة معه وعند البحث في الجوانب الشخصية من حياته نلتمس بوضوح شديد وجود الأم وخاصة الأم الفلسطينية وهذا بصورة خاصة وعامة. ويمكن لأي باحث أن يلتقط مجموعة من النساء لها أثرها الخاص في حياته. فقد التقط من واقعه تلك المرأة التي علمت المناضل والقائد والتي تمثل الشعب والمدرسة وهذه الأم هي (أم سعد) وتقول زوجته في كنفاني : عن أم سعد ( أم سعد صديقة قديمة لنا كانت رمزاً للأم الفلسطينية بل وللمرأة كذلك في المخيمات وتجسيداً للطبقة العاملة وقال فيها غسان كنفاني :

( أم سعد امرأة حقيقية أعرفها جيداً ومازلت أراها دائماً وأحادثها، وأتعلم منها وتربطني بها قرابة ما).

فكان لهذه المرأة التي عاش بجانبها سنوات كثيرة مما دفعه إلى التأثر بها وصياغتها في روايته كي تبقى للأجيال، وترفع كنبض شامخ ممثل أكثر من امرأة واحدة لتصبح برواية فنية واقعية تمثيلاً كاملاً وشاملاً لتلك الطبقة التي قال عنها ( الباسلة والمسحوقة والفقيرة والمرمية في مخيمات البؤس والتي عشت فيها ومعها ولست أدري كم عشت لها).

ولابد أنه كان لأم سعد أثر لا يوصف في بلورة رؤيته عن الثورة والطبقات، فمن خلال دراسة أم سعد نستطيع أن نلمس مدى الإعجاب والافتخار بهذه العلاقة الخاصة مع هذه الحالة الخاصة ولا أدل على ما نقوله، ما قاله هو بنفسه ( لقد علمتني أم سعد كثيراً وأكاد أقول إن كل حرف، جاء في السطور التالية إنما هو مقتنص من بين شفتيها اللتين ظلتا فلسطينيتين رغم كل شيء).

كذلك كان للسيدة الدنماركية دوراً أيضاً في ذات كنفاني فزوجته التي كانت سائحة في مخيمات لبنان والتي استطاع أن يص

و غ لها علاقة حميمة مع هذا الشعب فقد أصبحت فيما بعد صديقته الخاصة جداً. وبعد ذلك زوجته وأم ولديه فايز وليلى والتي شهدت لحظة انفجار بعدما كانت تشهد كل يوم لحظات ألمه من جراء مرض السكري اللئيم، وقد كان يقوم بترجمة رواياته وقصصه لها حيث تقول:

( كان غسان يترجم لي كل رواياته وقصصه أثناء كتابتها، كما كنت أطلع على كتاباته السياسية أيضاً وكتب رواية (رجال تحت الشمس) أهداها لي وبين لنا ذلك مدى الارتباط الوثيق بين غسان وزوجته، فلا نعتقد أن هذه المرأة التي شكلت نصفه الآخر لم يكن لها التأثر الكبير عليه بل نرى جازمين أنها ساهمت في صياغته كأديب انتقل من حدود وطنه العربي إلى حدود العالم.

وقد كان له ارتباط وثيق بأخته فايزة وأبنتها لميس حيث كتب لها يقول لقد احترت أيتها الصغيرة ألا أكون منفرجاً وهذا يعني أنني أخذت أن أعيش اللحظات الحاسمة من تاريخنا مهما كانت قصيرة). بهذه الكلمات كتب غسان إحدى رسائله للميس التي كانت مرتبطة به كارتباطه بها حتى في الموت فقد استشهدت معه وتمازج دمه بدمها. وكانت لميس بالذات صورة خاصة تمثل بالنسبة له هذا الجيل الذي يصعد، فقد أولاها اهتماماً خاصاً وأخذت من حياته جانباً مهماً فيقول في ذلك “وعندما أعطيك أملي، عندما اجعله وقفاً عليك وعليه، فمعنى ذلك أنني أعطيك حياتي نفسها، يا حياتي نفسها، ومعنى ذلك أنني أعطيك نفسي يا نفسي”.

إن لميس تمثل فيه الحالة الخاصة. والحالة العامة فهي ابنة أخته التي أحبها جداً وهي كذلك نموذج مباشر من الحياة الخاصة لأطفال اللجوء الذين لم يروا بيارات يافا، ولم يدخلوا القدس، وانحنى القدر على حياتهم بظله الثقيل وشرفهم لمعترك شرس لم يعدوا فيه أبسط مسميات الطفولة.

ووالدتها هي الأخت الأكبر له، كثيرا ما قال عنها : إنها بمثابة والدته سافرت معه للكويت للعمل معه هناك وقد أهدى لها بعض كتاباته. أحب غسان والديه حتى العبادة وكثيراً ما كتب عنهما، وقبل أسبوع واحد من حرب حزيران توفيت والدته اثر سكتة قلبية. وتصف لنا زوجته مدى ارتباطه بوالدته وحبه لها حيث يقول : "وعلى الرغم من شدة حبه لوالدته إلا انه لم يذرف عليها في جنازتها دمعة واحدة محاولاً بذلك أن يشد من عضد والده وأفراد العائلة".

هذه بعض النساء اللاتي أعجب بهن، وتأثر بهن. وعند قراءة الروايات المتصلة بهن نلمس مدى تأثيرهن في حياته وتكوينه كإنسان وأديب ومناضل.

الأم في روايات غسان كنفاني

لقد تطرق كثير من الكتاب إلى العنصر النسوي في روايات كنفاني فمنهم من قال بأن (غسان كان مسجلاً حياً ومنبراً استطاعت المرأة من خلال صفحاته التعبير عن مكنوناتها ومكوناتها.) ومن هؤلاء الدكتورة "ناديه باربرا" وهي أمريكية الجنسية وتحمل رسالة دكتوراه في الآداب المقارن حيث تقول : "أعطى غسان المرأة موقعاً متقدماً من منطلق إيمانه بالمساواة وعدم التمييز التقليدي بين الرجل والمرأة على اعتبار أن الأول صاحب الأمر والنهي وصاحب الإمكانات والفرص، والمرأة مجرد جسم تكميلي، وعندما تعرض غسان لموضوع المرأة من فهم تقدمي على خلاف الأعمال العربية التقليدية التي تحسن التعامل مع قضية المرأة.

هذا حسب فهمه ومبدأه الاشتراكي ولكن الإسلام أعطى المرأة حقوقها منذ خمسة عشر قرناً من الزمن تقريباً.

ومنهم من قال بأن غسان (لم يعط للمرأة حقها)، حيث تطرقت لذلك الدكتورة رضوى عاشور حيث تقول : "ولقد أخذنا كتابات غسان ككل فسوف نجد فيها صورة المرأة قليلة للغاية، انه يعرف الرجال أكثر وبالتالي فهو يكتب عنهم، ومن البديهي والمسلم به إن من حق كل كاتب أن يكتب عما يعرف أكثر، ومع هذا أقول انه ما دام غسان كنفاني قد اضطلع بمهمة الكتابة عن الوجود القومي لامه وماهيتها، فإن غياب المرأة كأم أو أخت أي كامتداد للرجل، مركز الوجود والصورة، يظل عيباً يؤخذ عليه".

ولا ندري على ماذا اعتمدت في فهمها لذلك فألام الفلسطينية وكذلك المرأة بشكل عام لها مكانة ملحوظة بموجب ما يحتمله الحدث من الناحية الواقعية والتاريخية وبالاقتران مع فعل الشعب الفلسطيني مصدر الإلهام التاريخي للأدب الكنفاني وبناء على قدرة الحدث المجرد في احتمال وجود المرأة كان غسان سجلاً ومنبراً استطاعت المرأة من خلاله التعبير عن نفسيتها، وقد عالج في مواقع مختلفة - وسنأتي عليها بالتفصيل - وهذه الصورة المجردة فعالج غسان المرأة كأم وترجم إحساساتها في ظل مجتمع شرقي، ونسج خيطاً من العلاقة الوثيقة بين ما تريد وبين ما تستطيع، بين ما تخفي وما تظهر لها من ممارسة اجتماعية محكومة بمجموعة من القيم، والتقاليد والعادات المنسجمة مع الفترة التاريخية والتي كان الحدث يجري فيها بغض النظر عن السنة التي سجل فيها غسان الحدث كرواية.

كذلك فتش في جنباتها عن المرأة وألام المناضلة التي تشتبك مع الفعل النضالي الموجه حين تكون الثورة في غربة البؤس، وتصاعدها المستوى الفعل الشامل والمؤثر الذي لم يكن باستطاعته تجاهل عنصر ألام بشكل خاص وعنصر المرأة بشكل عام مع أن مراحل الاشتباك بدأت بالتدرج حتى استطاعت الدمج الكلي والإشراك الشامل للمرأة.

ففي كل رواية من رواياته تجد صورة مختلفة من صور ألام في أدب غسان كنفاني وسنتناول هذه الصور للأم بشكل عام في كل روايات كنفاني.

الأم في رواية "رجال في الشمس"

وجدت المرأة في هذه الرواية وان كانت بعيدة عن ضوء محور الحدث مباشرة، وكانت سلبية في التأثير ولكن هذا لا يعني التغاضي عنها، نرى في سياق الحدث أن أبا قيس العجوز الذي يعيش في حالة كبيرة من الفقر والحاجة، ونجده يفكر في حل مشكلته عن طريق الذهاب إلى "خلف التقاء النهرين" وان كان أن نتأمل الفكر قليلاً في تقدير الواقع الاجتماعي في سنوات الحدث والذي يتجدد فيما بعد سنوات النكبة الأولى ففي هذا الوقت من التاريخ الاجتماعي الفلسطيني لا يمكن لأحد التجني على ألام وذلك بوصفها فاعلة مميزة وبارزة من الناحية الاجتماعية بل كانت في ظل تبعية مطلقة للرجل وهذا ما تحدث عنه غسان كنفاني عن "أم قيس" والتي سألها زوجها لكي تحسم تردده في الذهاب فقالت :" كما ترى أنت، قال : سيكون بوسعنا أن نعلم قيس، قالت : نعم قال : وقد نشتري عرق زيتون أو اثنين ... قالت : طبعا‍‍"...(.

ولكن غسان يستمر في البحث عن الجانب الإنساني في العلاقة ويصور إحساسها عن طريق نبش إحساس زوجها الذي أحس "أنها سوف تبكي، سترتجف شفتها السفلى قليلاً، ثم ستنساب دمعة واحدة تكبر رويداً رويدً ثم تنزلق فوق خدها المغضن الأسمر.."....

ويتضح مما سبق أن النزاع القائم في نفس الزوجة التي تعلم أن النقود التي ربما يجمعها إن نجح في الوصول ستحقق بعض أحلامها معاً لكنها في ذات الآن تخشى الفراق وتخاف أن لا يصل وصور غسان في هذه الفقرة سمة العلاقة الزوجية في تلك المرحلة من جهة وفتح نافذة زائفة على أحاسيسها كأنثى، وأم وزوجة.

وإننا لا نرى من المنطق أن تكون المرأة مسافرة في الخزان مع الرجال كي تصبح في موقع الحدث المباشر وهذا ما يعتبر لا منطقي لان المرأة ليست المسؤولة الأولى في مجتمع إقطاعي أو شبهه عن اقتصاديات المنزل ونجد غسان في نفس الرواية يتناول أماً أخرى بل أكثر من ذلك ومن النساء التي تناولها ندى : وهذه الفتاه لم يكن ذكرها مباشراً بل ورد على لسان والدها والتي اتفق والدها مع أخيها منذ صغرها على أن يزوجها من ابن أخيه ولذلك رفض والدها أن يزوجها لأحد آخر لنفس السبب.

وفي داخل الرواية يعطي والدها ابن أخيه خمسين ديناراً كقرض مشروط بعودته لزواجها حيث قال : "لا تتفاءل كثيراً قبلك ذهب العشرات ثم عادوا دون أن يحضروا قرشاً...، ورغم ذلك سأعطيك الخمسين ديناراً التي طلبتها، وعليك أن تعرف أنها جني عمر ...، إذن لماذا تعطيني النقود إذا كنت متأكداً من أنني لم أعيدها لك؟ أنت تعرف لماذا .... الست اعرف؟ أنني أريدك أن تبدأ.. ولو في الجحيم حتى يصير بوسعك أن تتزوج ندى... إنني لا أستطيع أن أتصور ابنتي المسكينة تنتظر أكثر"....

ويرسم لنا غسان في هذا النص لوناً من ألوان المرأة وألام في تلك الفترة بحيث أنها كانت منقادة لقرار والدها في أدق أمور الحياة وهي العلاقة الزوجية ويستمر غسان في تناول نماذج نسائية حيث يتناول "أم مروان" الصابرة المغلوب على أمرها والتي تركها زوجها بعدما انقطع عنه المصدر المحول المتمثل بـ (زكريا) الذي يعمل في الكويت.

ونجد غسان يعرض لشفيقة الكسيحة التي تزوجت من والد مروان بعدما سافر ويبين لنا السبب الذي دفع بوالد مروان إلى الزواج من هذه الشوهاء وهو في كل ذلك يلقي ضوءاً على تلك المرأة..

الأم في رواية "ما تبقى لكم"

إن هذه الرواية تكاد تختلف عن غيرها من الروايات فمحاولة البحث لأخذ بعض الصور التي شرحها كنفاني بأبعادها المتعددة تتعدى الأفق الذي جدده بذاته لشخوص رواياته فقد قدم هذه الرواية بتوضيح بحيث رسم لنا فيها صور الشخصيات فقال : (الأبطال الخمسة في هذه الرواية حامد، مريم، زكريا، الساعة والصحراء، لا يتحركون في خطوط متوازية أو متعاكسة كما سيبدو للوهلة الأولى ولكن في خطوط متقاطعة تلتحم أحياناً إلى حد تبدو وكأنها تكون في مجموعها خطين فحسب، وأقر أن الصعوبة الكامنة في ملاحقته عالم فتختلط بهذا الشكل هي صعوبة معترف بها.

فهذه الرواية لها أبطال خمسة حامد ومريم ... ولكن ما يتصل بحديثنا عن الأم فنجده بعيداً عن محور الحدث الرئيس في الظاهر فنجد الأم والدة حامد ومريم الضائعة بعد الهجرة والتي يتمنونها دوماً والأم تمثل هنا الوطن المفقود فلو كان هذا الوطن موجوداً لما نال العار من مريم وزكريا إلى الخيانة وكذلك فتحية شقيقة زكريا .

وتمثل الأم في هذه الرواية مريم أخت حامد والتي تمثل أماله حسب ما يراها هو ومريم : (هي شخصية خاصة جداً لا تشكل نمطاً يبرز ما هو جوهري في أناس الواقع الفلسطيني) ومصدر هذه الخصوصية يأتي من جانبين هما : -

الأول :- يتمثل في ذات الشخصية .

الثاني : ينطلق من نقاط التضاد والتلاقي مع الشخصيات الأخرى .

وهناك فيحاء عبد الهادي والتي عرضت تلخيصاً لمريم فقالت : ( إنها لا تشكل نمطاً يبرز ما هو جوهري في أناس الواقع الفلسطيني تتوازى شخصية مريم وزكريا وتتضاد في نفس الوقت وتتوازى الشخصيات في هروبها من واقعها إلى أسوأ كما فعلت مريم وهذا خط التلاقي فيما بينهما مم يدفعها إلى الإجهاز على كل هذا الجبن والنذالة والهروب بواسطة سكين حاد).هكذا ظهرت الأم في هذه الرواية ثم يستمر كنفاني في عرض رواياته بما ينسجم مع رؤيته للحياة كمناضل وأدب خلد نفسه في رواياته المنتشرة والتي تعبر عن تطلعه نحو مستقبل الحرية المرموق والنضال المستمر ضد العدو الغاشم.

الأم في رواية "أم سعد"

يقول غسان في هذه الرواية :- " ام سعد امرأة حقيقية أعرفها جيداً وما زالت أراها دائماً، وأتعلم منها وتربطني بها قرابة ما، ومع ذلك لم يكن هذا بالضبط ما جعلها مدرسة يومية فالقرابة التي تربطني بها واهية إذا ما قيست بالقرابة التي تربطها إلي تلك الطبقة الباسلة، المسحوقة والفقيرة، والمرمية في مخيمات البؤس"... .

ويقول :- “ لقد علمتني أم سعد كثيراً وأكاد أقول : إن كل حرف جاء في السطور التالية أنما هو مقتنص من شفتيها اللتين ظلتا فلسطينيتين رغم كل شيء، ومن كفيها الصلبتين، اللتين ظلتا رغم كل شيء تنظران للسلاح عشرين سنة. أم سعد ليست امرأة واحدة، ولولا أنها ظلت جسداً وعقلاً وكدحاً في قلب الجماهير وفي محور همومها وجزءاً لا ينسلخ عن يومياتها، لما كان بوسعها أن تكون ما هي، ولذلك فقط كان صوتها دائماً بالنسبة لي هو صوت تلك الطبقة الفلسطينية التي دفعت غالباً ثمن الهزيمة" ... .

هكذا وجدنا هذا الأديب الفارس يقدم لنا هذا النموذج العظيم ومميز للأم الفلسطينية والتي انطلقت من مخيمات البؤس والتشريد لتكون عاملاً نشيطاً في حركة الثورة الفلسطينية تقدم وتعطي بلا حدود، وتشارك في صياغة هذا العمل الثوري.

فأم سعد أم حقيقية، تتجلى في تسع لوحات مبنية بصورة فنية عميقة وهي تتجنب القولية اللغوية، والصناعة الفنية وتختار كلماتها برغبة في أحداث وقع الكلمة الأجل، وجاءت بجزالة ألفاظ وجرس عميق في كل لوحة سجل غسان في آخرها تذيلاً مثل موقف من الأمر المطروح وهي سمة خاصة لغسان تجسدت في كثير من رواياته وعلى سبيل المثال لا الحصر .

.( دقوا جدران الخزان ) (خيمة عن خيمة بتفرق) ( حين نسقي فولاذ الرشاشات تضحى له رائحة الخير).

تدور أحداث هذه الرواية في إطار عائلة واحدة من جهة ومن الجهة الأخرى الكاتب الروائي والمستمع وهو غسان .

أم سعد هي أم لولدين، الأكبر سعد، والأصغر سعيد كانت تساهم بمد الثورة المتوقدة ( هذه المرأة تلد الأولاد فبصيروا فدائيين وهي تخلف وفلسطين تأخذ) ...

أم سعد شخصية ثورية فمنذ البدء كان أول ما فعلته بعد الهزيمة أن حملت عرقاً يابساً قطعته من دالية صادفتها في الطريق وأخذته إلى بيت غسان وقالت بأنها ستزرعه أمام البيت وأنه حتماً سوف يثمر عنباً بعد أعوام قليلة وتحقق حسها المستقبلي بأن أنبت ذلك الغصن وتدرك أم سعد بالرغم من عفويتها بأن العود اليابس لن يبقى يابساً، وإن الهزيمة لن تبقى هزيمة، فمن رحم الهزيمة سيولد النصر ويكبر، والمستفاد من تلك الدروس التسعة هو أن أي انكسار يمكن أن يتبعه نهوض لو أن الناس أرادت واختارت وفعلت وفرع دالية حتى وإن بدا عرقها خشبياً جافاً يزرع في التربة الصحيحة ولو لحظة انكسار، لابد أن ينمو هذا ما كانت تعرفه أم سعد وكان على الراوي أن يتعلمه منها) .. ويقول غسان يصف لنا حادثة عرق الدالية وسميت من فتحتها عرقاً يابساً ورمته نحوي، قطعته من دالية صادفتني في الطريق سأزرعه لك على الباب وفي أعوام قليلة تأكل عنباً قد لا تعرف شيئاً عن الدالية، ولكنها شجرة عطارة، لا تحتاج إلى كثير من الماء، الماء الكثير يفسدها، أنا أقول لك، إنها تأخذ ماءها من رطوبة التراب ورطوبة الهواء ثم تعطي بدون حساب).

كمثل أم سعد نموذجها للأم والمرأة الفلسطينية التي ترفض التعامل مع رموز الخيانة والعمالة والتي تمثلت بالمختار وتفضل أن يبقى ولدها سعد بالسجن على أن تذهب للتوسط عند قوات الاحتلال للإفراج عنه عن طريق المختار حيث تقول : إن الحبس أفضل من ذلك حيث تقول لغسان(ألم أقل لك أن لا تفكر في المختار ؟أتعرف ماذا حدث؟ ذهب وأراد أن يأخذ من كل واحد منهم توقيعاً على ورقة يتعهدون فيها يكونوا فيها أولادهم ولكنهم رفضوا وطردوه).

كانت أم سعد تمثل نموذجاً للأم الكادحة والتي تعي بشكل عفوي أن الثورة هي حياتها وأنها رمز لتخليصها من كل أنواع العفن والذل لذا يجب على الجميع أن يشارك بشكل مباشر في الثورة وعدم البخل عليها حتى لو طلب الأمر أن يرسل الشخص أغلى ما يملك كما فعلت أم سعد عندما أرسلت ابنها (قلت لجاري هذا الصباح، أود لو عندي مثله عشرة، أنا صفية يا ابن عمي، اهترأ عمري في ذلك المخيم، كل مساء أقول يا رب، كل صباح أقول يا رب، وها قد مرت عشرون سنه، وإذا لم يذهب سعد فمن سيذهب).

وتستطيع أم سعد أن تعلم الراوي بأن هناك فرقاً بين ضحية وأخرى حيث تقول : بأن ضحية عن ضحية بتفرق، وتصل إلى حقيقته لا يختلف عليها اثنان بأن خيمة اللجوء والبؤس والتشرد تختلف عن ضحيته الثورة التي هي الكفيل الوحيد لإيصال الحق لأهله وتصف ذلك الدكتورة (رضوى عاشور) حيث تقول لا إن كلمة أم سعد العظيمة (خيمة عن خيمة بتفرق) فهي تكشف عن وعي عظيم بالفرق بين خيمة اللاجئ وخيمة الثوري بين خيمة الجحيم الفلسطيني وخيام الخلاص إنها تعرف بوعيها المتقدم أن خيمة المنفي حبس أما خيمة الفدائي فهي اختياره الحر لطريق مستقبله.

تستعيد أم سعد ذكريات ثورة 36 حين يأتيها طلب من والدها أن تذهب إلى أهل رفيقه ليث لتخبرهم بأنه قتل وأن لا يتوسطوا أحداً في أمره وتذكرت كيف صعد الرجال إلى الجبل وفضلوا القتال حتى دميت أقدامهم وحين نزلوا إلى بيوتهم بناءً على وعود من الملوك والوزراء العرب.

عملت إحدى القرى احتفالاً للرجال وبادر عبد المولى الذي لم يشارك في القتال ويمثل الطبقة الانتهازية التي تستغل نضال الطبقات المسحوقة وتجيرها لمصلحتها، فصعد إلى الطاولة وخطب خطبة حماسية وتريد أم سعد أن تعلمنا درساً بأن الثوار يجب أن لا يصدقوا كلام الملوك والزعماء حيث تقول : ( تذكرت فضل على الفور، أنت لا تستطيع أن تتذكر عبد المولى مفصولاً عن فضل، قلت: إن عبد المولى قتل فضل، ليس تماماً يعني أنه لم يحمل باروردة ويطخه، كيف إذن؟... ثم أخذ الناس يصفقون ونظرنا إلى الأمام فرأينا عبد المولى يصعد إلى الطاولة ويبدأ بالحكاية وهات يا تصفيق ... الصحيح يا ابن العم أن هذا كل شيء أعرفه عن فضل/ وماذا كان يقول؟ سمعته يقول: أنا الذي تمزقت قدماه، وهذا الذي تصفقون له)...

كانت تعمل في تنظيف أدراج البنايات ثلاث مرات أسبوعياً مقابل خمس ليرات وكانت تعيل أبناءها وتربط أم سعد مصيرها بمصير غيرها من (المشحدين) فهي كانت مستغلة مضطهدة، واللبنانية التي تعيش أوضاعها وترسم لنا أم سعد لوحة رائعة بأن ترفض أن تعمل مكان المرأة اللبنانية وترفض المس بمثيلتها اللبنانية مقابل بضعة ليرات وترسم لنا أم سعد صبغة إيثارية متعاطفة مع مثيلتها من الطبقة المسحوقة ، وهذا دليل على الشعور القومي بغيرها من العرب حيث يصف لنا غسان ذلك الحادث، فيقول :- (كلما أتذكر تلك القصة يهتز بدني كله وأكاد أبكي إنني أصاب بالارتجاف حين أرى ذلك الناطور يتعقبني من قرية إلى أخرى، يريدون ضربنا ببعضنا، نحن المشحدين كي يربحوا ليرتين ... تلك العمارة الكبيرة تسوى أكثر من ألف ليرة، أكثر بكثير).

هذا الجو الذي تعمل من خلاله ام سعد يؤثر على البيئة التي تحيط بها فيرى أبا سعد أن يكف عن الشجار، والفظاظة التي يتعامل بها مع زوجته ويفرح حين يرى ابنه الصغير سعيد يتدرب وسط حلقة تدريب بين أشبال المخيم، فالفقير أثر على تلك الأجواء، وساهم في تغيير نفسيات الكثير من أبناء المخيم الذي تعيش به أم سعد حيث يقول غسان على لسان أم سعد : (الفقر! يا ابن العم الفقر! الفقر يجعل الملاك شيطاناً، ويجعل الشيطان ملاكاً، ما كان بوسع أبو سعد أن يفعل غير أن يترك خلقه يطلع، ويفشه بالناس، وبي وبخياله، كان أبو سعد مدعوساً مدعوساً بالفقر، ومدعوساً بالمقاهرة، ومدعوساً بكرت الإغاثة، ومدعوساً تحت سقف الزينكو، ومدعوساً تحت بسطار الدولة، ذهاب سعد رد له شيئاً من روحه وتحسن يومها قليلاً، وحين رأى سعيدا تحسن أكثر، أكثر ، بكثير).

أم سعد كما تبدو في الإهداء وفي الرواية هي (الشعب والمدرسة) فبقدر ما هي امرأة فلسطينية بالذات تعيش في مخيم بعينه بقدر ما تمثل أيضاً الأم والمرأة الفلسطينية المعدمة عموماً في المنفى وفي داخل الوطن الحبيب.

ونجد فيحاء عبد الهادي تقول : (ام سعد تشكل ضمير الراوي الذي يقف مقابلة، يؤلمه بحقائق ينساها حينا ويتناساها حيناً أخر).

والانكى من ذلك أنها تستند لمقولة جاءت على لسان أم سعد حيث تقول فيها : (أنت تكتب رأيك، أنا لا أعرف الكتابة، ولكني أرسلت ابني إلى هناك قلت بذلك ما تقوله أنت أليس كذلك).

فهل تعتقد الكاتبة أن المرأة الحقيقية التي تحدثه بما استندت إليه هي لن تكون امرأة وأم حقيقية؟ وهي ليست إلا حواراً مع الضمير يتصل فيها غسان بين ذاته مرة وبين ضميره مرة، وبين لسان شخصيته مرة أخرى وأرى أن هذا الرأي لكاتبه يخالف ما قاله غسان في مقدمة رواياته وما ورد على لسان زوجته أني (بأن أم سعد هي صديقة لغسان وهي امرأة وأم حقيقية التقطها غسان من واقعه الفلسطيني.

ويستمر كنفاني بعرض الصور الجميلة لأم سعد فنجده يستخدم الطلقة الفارغة كحلية حول رقبة أم سعد وهو في ذلك يرمي إلى شيء وهو أن المرأة الفلسطينية التي تعيش في المخيم لا تتزين بالذهب لأنها لا تملكه وهي في ذلك تفتخر وترمز إلى تلك الطلقة بحيث تتزين بها لأنها رمز ثورتها وهذا دليل على دخول الأفكار المتقدمة الجديدة التي بدأت تدخل على الثورة الفلسطينية,

فإذا انتقلنا إلى ما تقوله الدكتورة رضوى عاشور : ((إن أم سعد ثوريتها تظل صورة للمرأة الأم وعطاؤها العظيم يعطيها مكانة كأم ثورية أكثر منها كثورية في ذاتها وبذاتها فيظل دورها هنا حتى في الثورة دور المساعد وليس دور الفاعل الأساسي".

واختلف مع هذا الرأي بحيث أن أم سعد اشتركت بمد الثورة بالقوت الأساسي لها وهو العنصر البشري وليس صائباً أن تشترك امرأة عجوز كأم سعد لحمل السلاح ومشاركة الفدائي في معركته على أرض المعركة ولكننا لمسنا مشاركتها الثورية في الصور التسع التي رسمها لنا غسان في روايته ويصور لنا غسان كيف استطاعت أم سعد أن تشارك في النضال مع الثوار وتمدهم بالطعام لكي تستمر الثورة وتحقق أهدافها ومشاركتها هذه كانت حاسمة بحيث أن المقاتلين الفلسطينيين كانوا أمام خيارين : إما أن يظلوا كامنين، أو يتركوا أحدهم يتسلل إلى القرية لكن مجيء أم سعد حسم الأمر بحيث قال غسان : "وصارت المرأة بمحاذاة مكمنهم. وباتوا يسمعون حفيف ثوبها الطويل، المطرز بالخيوط الحمراء، ونظر إليها سعد من خلال أشجار العليق التي تسد مكمنه وفجأة ناداها يمه، يمه" .

في مقدمة رواية أم سعد الصادرة عن دار الأسوار قال الناشر : "أنها الشخصية الضائعة في رواياته السابقة، المضمر الذي يختفي خلف السطور، ويتداخل في الشخصيات، ولا يعلن نفسه إلا حين يتكامل في الواقع التاريخي وأم سعد هي الممكنة دائما والتي لا تقبض على اللغة إلا حين تقبض على التاريخ؟ أم سعد بهذا المعنى النموذج، ونقيضه، البطل الواقعي والرؤيا المتحولة، أي أنها محاولة كنفاني الأكثر اكتمالاً للتعبير عن اللحظة الثورية في توهجها".

يقول انطون شلحت : "هكذا تشكل أم سعد أخط وثيقة فنية تحمل صورة تلك الطفرة التي نقلت الشعب الفلسطيني من دائرة الذل والخنوع والنكسات المتتالية إلى دنيا الثورة والتمرد والإرادة المخلصة في بناء مستقبل جديد مشرق للأمة وإعادة الاعتبار للذات الفلسطينية الممزقة" .

ونرى انه من الواجب علينا ونحن نتحدث عن أم سعد كأم فلسطينية ثائرة ان نعقد مقارنة سريعة بين صورة أخرى تشبه أم سعد إلى حد بعيد وهذه الصورة هي صورة المرأة "بيلاجيا فلاسوفا" والدة (بافل) في مسرحية "برشولت برشت" المأخوذة عن رواية مكسيم غوركي الأم فالأم في هذه الرواية تشابه أم سعد التي تسعى للوصول إلى هدفها فهي امرأة تنجب أبناء وتزج بها مع معان وساحة النضال لتحقق الهدف التي تسعى للوصول إليه الثورة وكذلك تساهم هذه المرأة في النضال إلى جانب الثوار كما فعلت ام سعد .

الأم في رواية عائد إلى حيفا

ناقش غسان هذه الرواية أكثر الأمور حساسية وعقلانية في نفس الوقت، واعتمد فكرته النيرة في اللعب مع الأحاسيس الإنسانية الساذجة، بمنطق البيضة والحجر، وقارع بضراوة، وحكم بصراحة لا محدودة ونبش عمق القضية بجدارة مستخدماً حوارية خلت من الجماليات، وكان الديالوج قاسياً وصاخباً، ليس منفرداً.

إنه الأمر الغريب والمستهجن ولكنه الحقيقي، الذي يقفز من خانة العاطفة غضباً وعنوة، ليستريح في مساحة واسعة من العقل الذي تجلس فيه القضية في نهاية الأمر براحة ضمير لا محدودة وكأنها بأربعة أرجل تجلس على ارض مستوية تماماً.

وكان كنفاني دقيقاً كعادته يعرف التفاصيل والأسماء ليتمكن وذاكرته بالنسبة للأماكن والأسماء لم يعلوها غباراً بل بقيت نقية ناصية كالذهب رغم طول المسافة من الزمن والفرق بين الأشياء، كان منذ البداية يعرف ماله وما عليه ووزع أدواره بصدق ولم يتجن على أحد.

سجل غسان في هذه الرواية نموذجين من النساء، يقعان في صفين متقابلين يلتقيان في الظاهر، مع أنه توجد وشائج في الباطن يلتقيان بها، يرتبطان بجانب محدود من المرأة، ألا وهي الأمومة، هذه الصفة التي لم تطفو في التقابل بين صفية ومريام، ولم تكن ذات بال يؤخذ بها، فالقضية أشمل من مجرد هذه العلاقة.

مريام هي نموذج للمرأة المهاجرة إلى الجنة المكتشفة التي كانت ضائعة منذ ألفي سنة، والتي شهدت في بولونيا مذابح النازلة ومات أقاربها في "اوشفتير" وشهدت بأم عينيها مقتل طفل أخيها حيفا حاول الهرب من النازيين والذي قدم إليها ليخبرها عن والده، فمزقه الرصاص وشهدت كذلك طفلاً عربياً أمام كنيسة المهد كيف يلقى مذبوحاً في سيارة عسكرية مثل كوم من الزبالة، وشهدت (لدوف) أب والديه عربيان ، ورأت حوار علاقته الدم بعد مسافة عشرين عام بين من كانا أبوين وبين من كان ابنهما، وكانت في هذا الحوار بعيدة عن المشاركة وانتقلت لدور المتفرج، وتركت الأمر للشاب (دوف) أن يقرر الأمر، وكل هذه المسائل تكشف لنا مشاعرها الخفية اتجاه الصهاينة بأنها لم تكن منفية للفكرة الصهيونية والتي تعمل دائماً على إفراغ الأرض من أصحابها الحقيقيين والاستيلاء على أي شيء، فهي كانت امرأة ديمقراطية ودليلنا على ذلك أنها جعلته الأمر لخلدون أن يختار بين أمه الحقيقية التي تناسبه فترة من الزمن، وبين مريام التي تبنته حتى أصبح ولداً لها يقول غسان في هذه المسائلة على لسان مرياماسمع يا سيد سعيد أن أقول لك شيئاً مهماً، ولذلك أرتك أن تنظر إلى دوف أو خلدون إن شئت كي تتحدثا وكي ننهي الأمر كما تريد له الطبيعة أن ينتهي).

ولن تتناسى أنها عاقر، لم تنجب، وهذا ما كان سبباً ظاهراً لتبني) (افرات كوشن) وزوجها لهذا الطفل العربي الذي كاد أن يموت من البكاء لولا (نوراز ونشتاين) المرأة التي كانت تسكن مع ابنها الصغير في الطابق الثالث فوق بيت سعيد، والتي اضطرت لتحطيم الباب لإنفاذ الطفل الباكي وبقيت في انتظار والديه لأيام لكن نهاية الأمر سلمته للوكالة اليهودية التي قدمته لمريام وزوجها، حيث يقول غسان : (ولم يكن هذا العرض إلا مفاجأة مدهشة لإيفرات الذي كان يحترق لتبني طفل بعد أن تأكد كلياً من أن مريام غير قادرة على الإنجاب، إذ لاشك أن طفلاً يعطي لمريام سيجعلها تتغير تماماً).

تقول فيحاء عبد الهادي : (مريام امرأة يهودية حقيقية تبكي لأمها في إيطاليا في مكان سكنها المؤقت بعد نكبة أوشفيتز) تعيش شعور (السبت الحقيقي) حيث لا حركة ولا مواصلات، ولاشيء يخل بتقاليد السبوت اليهودية وقد كانت في عقدة الحدث على هامشه غير إلهام فلم تلعب فيه دور بطلة مميزة، وتركت الأمر ليتساوى بين أطرافه الرئيسية، إنها ليست شخصية أحادية الجانب تتصرف بشكل أعمى، هي تكتشف من خلال هذا الموقفوغيرة، زيف ادعاء الصهاينة بحقهم وزيف ادعائهم بإنسانية مواقفهم مما يجعلنا نلممن أبعاد الشخصية هام وأساس)).

أما الشخصية الأخرى وهي صفية وكانت زوجة صغيرة لا تستطيع أن تدبر أمرها، وهي ريفية تتعود أن تعيش المدنية الكبيرة، وكانت ترى في المدينة تعقيدا كبيرا فتقول : ((ذلك التعقيد الذي كان راعيا لها وغير قابل للحل)).

تزوجت صفية من سعيد قبل الحرب بقليل، وحين حدثت الحرب كان لها ابنا يسمى خلدون ويوم الحرب بالذات بلغ الشهر الخامس من عمرة ، تبدأ الحرب وتبقى بانتظار زوجها الذي لم يعد، وتنطلق بين الناس والسيارات، حيث يصف لنا غسان ذلك المشهد بأنها لم نر ما تريدهوهذا دليل أخر على أنها أم بسيطة لا تستطيع أن تدبر أمرها بل تنتظر مجيء زوجها هي حيث يقول غسان كنفاني : "كانت تفكر به عندما جاءت أصوات الحرب من وسط المدينة حيث تعرف أنه هناك، وكانت تشعر أنها أكثر أمناً فالتزمت البيت فترة وحين طال غيابه، هرعت إلى الطريق دون ان تدري على وجه التحديد ما الذي كانت تريده".

في ظل التزاحم تجد نفسها تتذكر طفلها الموجود في السرير وتستمر ولم تعد، لكنها رددت كلمة خلدون ألف مرة، وكأنها تودعه مرغمة هذه الأم التي بعد عشرين عاماً تكشف عن أساريرها وتجرؤ من جديد على استعادة حيفا إلى ذهنها بكل ما تعني حيفا البيت وحيفا الابن وتحاول مقاومة رفض زوجها، وتخفي دموعها العزيزة خجلاً وشعوراً بالذنب عن ذلك الابن الذي ضاع، والذي كان يحمل اسم (هو) بعدما اتفق الجميع انه قد مات وتتثبت بوهمها الذي قتلته سنوات طويلة من السؤال والتفتيش عن هذا الضائع، وترجو من زوجها ،أن يأخذها إلى حيفا معه إذا أراد الذهاب . " خلدون " واكتشف على التو أن ذلك الاسم لم يلفظ فقط في تلك الغرفة منذ زمنطويل ، وإنهما في المرات القليلة التي تحدث عنه، كانا يقولان (هو) وعندما تصل (صفية) إلى حيفا تصل وترى بيتها، تبدى سذاجة مطلقة في معالجة عودة ابنها لها وتتحكم إلى مقولة اللحم والدم حيث تقول حين تعرض مريام فكرة قرار دوف : ( ذلك خيار عادل ...؛ وأنا واثقة أن خلدون سيختار والديه الحقيقيين لا يمكن أن يتنكر لنداء الدم واللحم).

وهنا تبدو إلى أي درجة كانت ساذجة هذه الأم المحكومة بشعورها الخاص كأم تفكر عن جريمتها بقدرية غبية، لن تجدِ نفعاً في هذا الأمر، ولا تملك دوماً إلا البكاء والانتصار (لقد شاخت هذه المرأة حقاً واستنزفت شبابها وهي تنتظر هذه اللحظة دون أن تعرف أنها لحظة مروعة).

وأخيراً وبعد نقاش حاسم تصل صفية لفقدان الأمل وتعود تخفي حنين وينكر أملها المخبوء مدة عشرين عاماً وذلك لأن غسان علمنا أن الإنسان وأن الإنسان هو ما ينشأ عليه ويتعلمه منذ الصغر حتى بلوغه فترة الوعي ويحطم الكاتب الاعتقاد الشائع عند الناس في موضوع اللحم والدم حيث يقول الإنسان في نهاية المطاف قضية وهكذا قلت وهذا هو الصحيح ولكن أية قضية؟ هذا هو السؤال).

في هذه الرواية أيضاً التقى غسان مع أدب عالمي متميز ينتمي للمدرسة الواقعية الاشتراكية، فقد تقابل كنفاني في هذه الرواية مع مسرحية (برتولت برشت) دائرة الطباشير القوقازية المبنية على القصة التاريخية التي حصلت مع سليمان الحكيم، وانسجم غسان مع برشت في تبني نفس الوقف الثوري من القصة المعروضة فبينما حكم (برشت) بأن يكون الابن لصالح الخادمة (جرشا) التي عانت من ويلات الحرب وصارت والدته التي ربته، فقد حكم غسان لمريام اليهودية، أن يكون لها ابناً عربياً في الأصل بعدما تركته والدته أيضاً بسبب الحرب وكأنهما أرادا أن يقولا بوضوح شديد: أن الأم هي التي تربي وليست الأم التي تلد وكان من الواجب أن تدافع المرأتان عن ابنيهما ولا تسلم بالأمر الواقع هكذا ...

الأم في رواية الأعمى والأطرش

(إن المعجزة ليست أكثر من الحنين الذي ينمو في رحم اليأس ثم يولد على غير توقع من أحد ليمضي جزءاً من الأشياء تبدو ثمة ناقصة بدونه).

هكذا أثر غسان أن يقدم روايته والتي لم يمهله القدر لكي يكملها وليكون نبوءة حقيقية ومعجزة أدبية مميزة وتكون أفضل ما أنتج غسان وأعمق وأنضج في البناء الفني والحوار الفكري المبني على أسس مادية في تفسير الأشياء،ويفك طلمسها بقدرة عجيبة تقاوم موروثات الجهل والتخلف وإلغاء متاعب الإنسان وشجونه على شجب القدر بفعل موروثات جاهلة تعجز عن إعمال الفكر في تفسير الأشياء ولا تستند لمنحى فكري ممنهج بأيديولوجية علمية تستطيع تفسير كل العالم.

ويجد غسان مرة أخرى ينجح في التقاط جزء من الواقع الفلسطيني في مخيمات البؤس ومخيمات التشرد واللجوء، ويضيء مساحات كبيرة لأناس هذا الواقع واستطاع أن يقول( أن الإنسان يمكنه فعل كل شيء إن كان فاعلاً في واقعه، حتى وإن كان يعاني من إعاقة ما، فكل له دوره في النضال ولا استغناء عن أحد فالحقيقة التي لم يستطيع أن يبصرها ويكشفها آلاف المبصرين استطاع أعمى وأطرش أن يلتقطانها، وتمكنا من فضح الخرافة والاستغلال والفساد، وتجارة اليائسون الذين يباعون كل يوم ألف مرة ولمتابعة موضوعنا المتخصص في ملاحقة نماذج الأم فإننا في هذه الرواية سنناقش نموذجين كان لهما دوران في الرواية وإن كانا جانبين من حيث الأهمية في الرواية.

الأم هي أم فلسطينية يائسة من الطب والعلم في معالجة ابنها الأعمى وتلجأ كباقي الناس إلى الأولياء والصلاح والطلاسم لعلها تفك عنه هذا الحجاب ويروي من جديد، تحمل ابنها على رأسها. وتدور في كل الطرقات التي تظهر لها بأنها طرقات أمل، ولكن لا جدوى وقد تناول غسان هذه الشخصية على لسان ابنها الذي يسميها دوماً المرحومة ولم يعط تفصيلاً أكثر عنها وإنما أعطى انطباعاً عنها لم يكن معرفة بالقياس والتنبؤ عنه وإن كان لنا أن نتخيلها فهي امرأة فلسطينية فلاحة، غير متعلمة، تحمل موروثات أجيال قديمة من الإيمان بالأولياء والصالحين، تتمنى بعاطفة الأم البسيطة بأن يشفى ابنها من الحجاب الموجود على عينيه وإن أمعنا في الخيال فنرى فيها امرأة تحمل ولداً صغيراً يوماً بعد يوم على كتفيها، تبكي ترجو الله وتتمنى أن يستطيع الوالي القادم الذي أخبرتها عنه امرأة ما في مكان ما قد يكون الشارع أو السيارة أو الفرن أو الدكان، قد يستطيع أن يعيد لولدها بصره- تدور - تبكي- تترجى- وتدفع لهذا مبلغاً من المال ولذاك دجاجتها البياضة ولغيره رطل قمح أو شعير أو بعضاً من مستحقات الإغاثة كما هو مألوف في مجتمعنا، وتظن أن السير على الأقدام أكثر بركة وأوفى حقاً وأقوى رجاء وهي مثال على الأم الحريصة على مستقبل ابنها وقد أشار غسان على لسان ولدها في نقاشه مع حمدان حيث يقول :- (اسمع يا حمدان، أتعرف لماذا تمتليء راحتا يدي بالعرق، كما جاءت سيرة ولي؟ الآن عرفت وكنت أجهل ذلك من قبل وسأقول لك الآن هذا العرق هو العرق الذي سقاهما من جبهته أمي سنة وراء سنة وميلا وراء ميل من طريق لانهاية لها، كلما كانوا يقولون لها هناك ولي كانت تحملني وكنت أتعلق بالعرق المنساح على وجهها ذهاباً وبالدموع اليائسة الكسيحة ونحن في الطريق الإياب هاهما كفاي ذلك العرق كلما سمعت اسم ولي وذلك هو كل ما أورثته لي أمي المرحومة).

أما زينه فهي شابة سمراء خطف القدر منها زوجها وجعل منها عرضة لطمح شخص ما، يتقن الخيانة ويمارسها رغم رفض من حوله له وتعتمد في معيشتها على عملها اليومي كخادمة وعلى صدقات الإعاشة التي تتسلمها كل شهر فتفاجأ بأن المسؤولين قد أوقفوا لها ( نفراً) وهو الاسم المعروف لدى اللاجئين لحصة شخص واحد فيصف غسان كنفاني ذلك فيقول جاءت المسكينة تبكي وتقول أنها تعمل خادمة وتحصل على مئة ليرة كل شهر، أرملة مشحرة مات زوجها تحت حمولة شاحنة حصى حين أفرغها فوقه دون أن ينتبه).

تلجأ إلى العاملين بحقل التوزيع وهنا ينصب لها مصطفى شركاً يمكنه فيه أن يسقطها بين أحضانه لا لرغبة أنوثية بقدر ما هي ضحية رجاء على المساعدة في إعادة الحصة المقطوعة، ويا لهول المسألة حين تكشف أنها لم تبق على شرفها ولم تستطيع بما فقدته كثمن أن تسترد حقاً لها والمهزلة أن مصطفى يتحول فيما بعد لفدائي بمسدس وخارطة مدرجة بالدم فيقول غسان : (وبعد أسبوع عادت زينة تبكي وتولول، وعدت أنك ستعيد الإعاشتين فأعدت إعاشة واحدة فقط لقد أقسمت يومها وأخذت تبكي وتضرب رأسها على الحائط وقالت :إنها خدعت، وأخذت تردد كلمات باكية أولادي تعبي، عرضي ... عرضي ... عرضي ‍‍‍تعلقت هذه الكلمة في سقف المخزن مثل الضوء (اللوكس) وأخذت تمطر علينا هياماً وعاراً في آن واحد ولاشك أنها ما تزال معلقة هناك وقد خف إشعاعها مثلما يخف ضوء اللوكس مع الوقت ... عرضي).

وهكذا نرى ان زينة مثالاً للأم والمرأة الفلسطينية التي لا تملك شيئاً لتعيد من خلاله حقوقها المسلوبة ويلجأ من في واقع المسؤولية إلى خداع تلك المرأة لتحقق أهداف شخصية فإذا ما فقدت المرأة شرفها فإنها لا تستطيع أن تعيده وبين لنا غسان أن الفقر يؤدي إلى الجحيم وخاصة إذا كان يتحكم بمصير الشعب أناس لا يملكون الضمير فيحولون الخبر إلى فراش.

ويختم غسان كنفاني روايته بحديث مر وقاس عن موضوع زينة حيث عادت من جديد تطالب بإعاشتها المقطوعة ولكن هذه المرة ترفض أن تتوجه لمصطفى الذي خدعها أول مرة حيث تعلمت من الخطأ الأول الذي وقعت به حيث يقول غسان : (فأشرت لها أن تذهب إليه، ولكنها دون أن تنظر إلى حيث أشرت أخذت تهز رأسها رافضة وهي تصرح، وشرع طفلها يبكي ويتمسك بها، ودون توقع مني بدأت دموعها تنهمر وكان أبواباً موصدة أمام عينيها قد فتحت فجأة على مصاريعها).

الأم في رواية الشيء الأخر

أما بالنسبة للرواية الأخيرة وهي الشيء الأخر (من قتل ليلى الحايك) فيبدو ان هذه الرواية قد تركت سواء بقصد أو بدون قصد ونتيجة لذلك وجدنا هذه الرواية بمثابة جوهرة ثمينة محفوظة لم تعبث بها يد النقاد.

وهذه الرواية بعيدة عن واقع الشعب الفلسطيني وتتخذ طابع بوليسي بصورة خاصة لكنها تناولت أحاسيساً إنسانية وناقشتها كالحب والخيانة والزواج والجمال وأخرى تتعلق بالجريمة والعقاب وبالقانون والجريمة وتدور في إطار الثالوث، الزواج والزوجة والعشيقة وتدور الرواية في إطار علاقة زواج ناجحة من قبل ريما وزوجها تقابلها علاقة غير متكافئة لليلى وزوجها والذي يهمنا في هذا البحث هو أن نتناول مواقع الأم والأمومة بحيث نكون بعيدين عن التفصيل في من القاتل والبحث عنه.

فنلاحظ أن كنفاني يتناول هذه الرواية ويصبغها بصبغة فلسطينية عميقة فيتناول القانون والجريمة والعقاب والعدالة وهنا تلاحظ تأثر أديبنا برواية الجريمة والعقاب ل (رتيسوفسكي) وإن كان يختلف عنه بعض الاختلاف .

ليلى الحايك هي أنثى سوية عادلة لها مجال المرأة ترتبط بزوجها الذي يحاول أن يكتشف أنوثتها " كانت نصف جميلة ولكنها تتوقد باهتياج منير وليس بوسع الرجل العاقل أن يمنع من التفكير بها كعشيقة ممتلئة، ذات بشرة صافية شديدة النعومة، تفتح فمها على وسعه حين تضحك".

وهي وحيدة لأب أرمل كان مغترباً في الأرجنتين ماتت والدتها في وقت مبكر لكنه لم يتزوج، لم يشر غسان أية إشارة يمكن من النظر لها بس وء رغم أنها تستسلم لذراعي رجل آخر غير زوجها، وتقيم علاقة مع محامي زوج صديقها، تتطور بالطور بالتدريج إلى فراش ولحظات نشوة في ذاتها فقط لا تخرج من نطاق تلك المشاركة الحسية في حبها لموت في ظروف غامضة بشكل جريمة، ويتهم فيها المحامي صالح غسان :- وتفرجت هناك طراز من النساء تثيرهن الكلمة العارية وتحطم كل مقاومتهن أكثر ما تستطيع اللمسة ان تفعل أنهن حين يستمعن إلى الكلمة العادية معتبرين أن أصعب حواجز العلاقة قد تحطم" .

أما ديمة فهي زوجة صالح المحامي امرأة تعيش علاقتها بزوجها بحب ولها أشياءها الخاصة، تقتحم حياتها صديقة قديمة تتحول لعشيقة ومن ثم تصبح صحبة يتهم بها الزوج تبقى ديما واثقة ان زوجها بريء وفقط تعمل بأحاسيسها على حث زوجها بالخروج من الصمت ويترك لها مع محامية أخيراً رسالة هي الرواية جميعها لتأكيد أن زوجها ليس بقاتل وتقتنع أنه لا زال يحبها حيث يقول غسان : على لسان المحامي : "أنا لم أقتل ليلى الحايك أقولها لك أنت، يا دي الحبيبة الرائعة، وأقولها لكم جميعاً أيضاً، أقولها لكم جميعاً للمرة الأخيرة، دون أن أتوقع مردوداً لا بالجزاء ولا بالعقاب لذلك لا بد أن تكون صادقة فليس ثمة أصدق من حكم يطلقه على نفسه، رجل حيث أنا لم اقتل ليلى الحايك".

قد يبدو ذلك سطحياً في تفاصيل الرواية لأن عمق القضية يتم من خلال مناقشة فلسطينية عامة لموضوع الجريمة والقانون والعقاب وهذا بعيد عن موضوع البحث الرئيسي والذي يدور حول الأم والأمومة في الرواية الكنفانية.

ملحق

مؤلفات غسان كنفاني

الروايات:

- رجال في الشمس

- ما تبقى لكم

- عائد إلى حيفا

- ام سعد

- الشيء الآخر : من قتل ليلى الحايك ؟

- العاشق ؛ برقوق نيسان ؛ الأعمى والأطرش

القصص:

- القميص المسروق وقصص اخرى

- عالم ليس لنا

- عن الرجال والبنادق

- موت سرير رقم 12

- أرض البرتقال الحزين

المسرحيات:

- المسرحيات

- الباب

- القبعة والنبي

- جسر إلى الأبد

كتابات ساخرة:

مقالات فارس فارس

للأطفال:

أطفال غسان كنفاني والقنديل الصغير

مراسلات:

رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان

دراسات أدبية:

- الادب الفلسطينى المقاوم تحت الاحتلال 48 - 68

- أدب المقاومة في فلسطين المحتلة

- فى الادب الصهيونى

- المقاومة و معضلاتها

- ثورة 36 - 39 في فلسطين

بالإضافة إلى العديد من الكتابات الأدبية (الوجدانية) و السياسية و الفكرية و التاريخية و النقدية و اللوحات الفنية لم تنشر بعد مثل: اللوتس الأحمر الميت( رواية), ثم أشرقت آسيا( كتاب عن رحلة إلى الصين), صيف و دخان (ترجمة) لتنسي ويليامز و تقارير سياسية صادرة عن الجبهة الشعبية و غيرها مما نشر في الصحافة التي عمل بها في الكويت و بيروت و دمشق.

أفلام منه وعنه:

«البرتقال الحزين» مأخوذ عن قصة «أرض البرتقال الحزين» من إخراج كوركيس عواد، ومن إنتاج المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون – العراق – في عام 1969، والفيلم روائي قصير ومدته 20 دقيقة 35 ميلمتراً اسود وابيض. والقصة منشورة من ضمن مجموعة قصص «أرض البرتقال الحزين» الصادرة في عام 1963، في حين أن القصة نفسها مكتوبة في عام 1958 عندما كانه غسان يدرس ويكتب في صحافة الكويت.

«لماذا المقاومة» فيلم تسجيلي من اخراج كريستيان غازي، ومن انتاج عام 1970 في لبنان، 16 ميلمتراً أسود وأبيض ومدته 40 دقيقة، ويحتوي على حوارات مع قيادات فلسطينية، وبينها: غسان كنفاني وابراهيم العابد.

«الكلمة البندقية» فيلم عن حياة غسان كنفاني ونضاله للمخرج العراقي قاسم حول وانتاج عام 1972 في لبنان، وهو تسجيلي 16 مليمتراً، أسود وأبيض، ومدته 20 دقيقة، من انتاج الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

«المخدوعون» روائي طويل من إخراج توفيق صالح، عن رواية «رجال في الشمس» انتاج المؤسسة العامة للسينما – دمشق – في عام 1972، مدته 110 دقائق 35 ميلمتراً، أسود وأبيض، والرواية هي أولى الروايات المنشورة لغسان في عام 1963.

«السكين» روائي طويل مأخوذ عن رواية «ما تبقى لكم» الصادرة في عام 1966، والفيلم من اخراج خالد حمادة، وانتاج مؤسسة السينما – دمشق في عام 1972، ومدته 87 دقيقة، على شريط 35 ميلمتراً، أسود وأبيض.

· «زهرة البرقوق» روائي قصير، مأخوذ عن رواية غسان «برقوق نيسان» غير المكتملة. والفيلم من اخراج ياسين البكري، ومن انتاج المؤسسة العامة للسينما والمسرح – بغداد في عام 1973، ومدته 22 دقيقة، أسود وأبيض، 35 مليمتراً، والرواية مع غيرها من نصوص أخرى وجدت وتم نشرها بعد اغتيال غسان في عام 1972.

· «كعك على الرصيف» روائي قصير، ومدته 52 دقيقة، 35 مليمتراً، أسود وأبيض، ومن اخراج عماد بهجت، ومن انتاج المؤسسة العامة للاذاعة والتلفزيون، بغداد في عام 1976، والفيلم مأخوذ عن قصة تحمل اسم الفيلم نفسه، وهي منشورة من ضمن مجموعة قصص «موت سرير رقم 12» أول مجموعة قصصية صدرت لغسان في عام 1961، أي انها ليست رواية كما تم التعريف بها في الكتاب.

· «أوراق سوداء» تسجيلي، ومن اخراج فؤاد زنتوت، وانتاج الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في عام 1979، ومدته 20 دقيقة أسود وأبيض، 16 مليمتراً وهو يسجل لبعض المجازر التي ارتكبها الصهاينة ضد الفلسطينيين – دير ياسين على سبيل المثال – واغتيال بعض المثقفين الفلسطينيين، كغسان كنفاني.

· «عائد الى حيفا» روائي طويل مدته 74 دقيقة، 35 ميلمتراً ملون، من اخراج قاسم حول، مأخوذ عن رواية لغسان تحمل الاسم نفسه، انتاج مؤسسة الارض للانتاج السينمائي في عام 1981. والرواية منشورة في كتاب عام 1969. والفيلم اقرب الى الالتزام بمجريات الرواية وحوادثها.

· «المتبقي» روائي، من اخراج سيف الله داد – مخرج ايراني – ومن انتاج سينا فيلم – ايران. والفيلم مأخوذ عن رواية «عائد الى حيفا» لغسان، مع تعديلات وتحويرات في بعض جوانبها، أنجز الفيلم في عام 1995 ومدته 147 دقيقة، 35 ميلمتراً ملون.

· «ما زال كعك على الرصيف» روائي قصير، مدته 27 دقيقة، بيتاكام، ملون، من اخراج احمد حبش، انتاج مشروع بيت لحم 2000، مأخوذ عن قصة «كعك على الرصيف» لغسان وهي قصة قصيرة وليست رواية كما ذكرنا من قبل.

· «صورة شمسية» تسجيلي، من اخراج فجر يعقوب عام 2003، بيتاكام، ملون، مدته 16 دقيقة، انتاج تلفزيون المنار – لبنان ومؤسسة الهدف – فلسطين. وهو مقاربة بين رواية «رجال في الشمس» لغسان ومجرزة صبرا وشاتيلا، لأن السؤال المؤرق الحارق المرموز له «لماذا لم تدقوا جدران الخزان» في الرواية، ما هو إلا السؤال الذي أخذ يقرع مصير الفلسطينيين منذ زمن النكبة، في حين أن الصورة الشمسية في الفيلم لم يعد ولم يكن في امكانها التقاط رائحة الموت الذي تكاثر وازداد في حياة الفلسطينيين وشخوصهم