منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1

    شروط الإقامة في بلاد الغرب

    محمد :
    شروط الإقامة في بلاد الغرب
    في كل يوم يشتد الظلم في العالم العربي من قبل الحكومات، فهل يجوز للمسلم أن يهاجر إلى بلد آخر يتوفر فيه العدل بين الناس؟ مع العلم بأن غالبية سكان هذا البلد من غير المسلمين السؤال
    05/06/2005 التاريخ
    الدكتور عبد الله بن بيه المفتي
    الحل
    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:-
    إذا وقع على الإنسان ظلم في بلده المسلم فله أن يتحول إلى أي بلد شاء حتى لو كانت دولة كافرة بشرطين:-
    1- أن يتمكن من إقامة شعائر دينه في تلك البلدة.
    2- أن يتمكن من تربيةأولاده تربية إسلامية.
    وهذا هو خلاصة ما أفتى به الدكتور عبد الله بن بيه وزير العدل في موريتانيا سابقا، وإليك نص فتواه في ذلك:-
    الأصل ألا يترك الإنسان بلداً إسلامياً، من أجل ظلم لا يتعلق بالدين، أو من أجل ظلم غير كبير جداً، لكن إذا كان الإنسان يخاف على نفسه أو دينه أو ماله؛ فلينتقل إلى بلد، ولو كان هذا البلد غير إسلامي، بشرط أن يكون قادراً على إقامة شعائر دينه، وبذلك ينطبق عليه الحديث الذي ذكره ابن حبان في صحيحه وهو حديث فديك – رضي الله عنه – وكان قد أسلم، وأراد أن يهاجر فطلب منه قومه وهم كفار أن يبقى معهم، واشترطوا له أنهم لن يتعرضوا لدينه، ففر فديك بعد ذلك إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله إنهم يزعمون أنه من لم يهاجر، هلَكَ فقال النبي – عليه الصلاة والسلام – حسب الحديث الذي يرويه ابن حبان: "يا فديك أقم الصلاة، واهجر السوء، واسكن من أرض قومك حيث شئت"، وظن الراوي أنه قال: "يكن مهاجراً".
    إذاً يجب أن نعي هذه الألفاظ كاملة: (أقم الصلاة)، فمن يريد أن يقيم في دار الكفر فعليه أن يجعل من هذا الحديث دستوراً لحياته.
    "أقم الصلاة واهجر السوء"، اترك الأعمال السيئة، لا ترتكب الفواحش، ولا تشرب خمراً، وأقم من دار قومك حيث شئت، وحديث ابن حبان رجاله ثقات.
    والحديث الذي يرويه الإمام أحمد في مسنده (1420) وفيه: "البلاد بلاد الله، والعباد عباد الله، وحيثما أصبت خيراً فأقم"، فهذا الحديث أصل في الإقامة في بلاد الكفر لمن يستطيع أن يظهر شعائره، وبصفة عامة فإن ثلاثة من المذاهب تميل إلى جواز هذه الإقامة، وهي: الشافعية، والحنابلة والأحناف، مع خلاف داخل هذه المذاهب، أما مالك – رحمه الله تعالى – والظاهرية فهؤلاء لا يجيزون الإقامة في دار الكفر، ويعملون بأحاديث أخرى منها: " أنا بريء من كل مسلم أقام مع المشركين لا تراءى ناراهما"، رواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث جرير بن عبد الله مع اختلاف صحة هذه الأحاديث، وفي تأويلها أيضاً.
    فحاصل الجواب: أنه إذا كان في بلاد العرب أو بلاد الإسلام يلقى عنتاً وظلماً فإنه يجوز له أن يقيم في ديار غير المسلمين، بشرط أن يكون قادراً على إقامة شعائره، ولعلنا أن نضيف شرطاً آخر، هو: أن يستطيع أن يربي أولاده تربية إسلامية.
    والله أعلم .
    انتهى نقلا عن موقع الإسلام اليوم.
    وللمزيد طالع الآتي:-
    عادل الاسم
    الهجرة إلى بلاد الإسلام أم إلى بلاد الأمان ؟ العنوان
    أعيش في إحدى الدول الغربية ، وأستطيع بحمد الله أداء شعائر ديني دون مضايقة ، وقد اطلعت على بعض الأحاديث النبوية التي تمنع الإقامة في بلاد الكفر والسكن بين الكفار ، وأصبحت الآن في حيرة هل أرجع إلى بلدي أم أبقى في هذه البلاد ، علماً بأني إذا رجعت إلى بلدي تعرضت لمضايقات وأذى بسبب التزامي بأحكام الله ، ولن أستطيع أن أجد من الحرية في عبادتي ما أجده في البلد الذي أقيم فيه .
    فأرجو منكم الإجابة على سؤالي وبيان حكم إقامتي في هذا البلد ، لاسيما أن بلاد المسلمين أصبحت لا تختلف كثيراً عن غيرها من ناحية الالتزام بشعائر الإسلام . السؤال
    29/01/2006 التاريخ
    الشيخ محمد صالح المنجد المفتي
    الحل
    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:-
    المسلم ممنوع من الإقامة في بلاد الكفر؛ لعدم تمكنه من إقامة شعائر دينه، فيجب عليه أن يهاجر إلى دولة مسلمة يأمن فيها على دينه، لكن الأمور قد تبدلت وأصبحت البلاد الإسلامية كالبلاد غير الإسلامية كلها لا تعد بيئات معينة على الالتزام بالدين، وربما أصبحت بعض البلاد غير الإسلامية أقل فتنة في الدين من غيرها، وعلى ذلك فالقاعدة الآن أنه حيث تمكن المسلم من إقامة شعائر دينه أقام سواء أكانت بلادا إسلامية ، أو غيرها، وعلى المسلم أن يتجه إلى الدولة الأكثر إعانة على أداء شعائر الدين إذا كان يستطيع ذلك.
    يقول الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة العربية السعودية:-
    الأصل أنه لا يجوز للمسلم أن يقيم بين المشركين ، وعلى هذا دلت الأدلة من الكتاب والسنة والنظر الصحيح .
    أما الكتاب ؛ فقد قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) النساء / 97 .
    وأما السنة ؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ ) . رواه أبو داود،. وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
    وأما النظر الصحيح ؛ فإن المسلم المقيم بين المشركين لا يستطيع أن يقيم كثيراً من شعائر الإسلام وعباداته الظاهرة ، مع ما في ذلك من تعريضه نفسَه للفتن ، لما في تلك البلاد من الإباحية الظاهرة التي تحميها قوانينهم ، وليس للمسلم أن يعرض نفسه للفتن والابتلاءات .
    هذا إذا نظرنا إلى أدلة الكتاب والسنة نظرةً مجردةً عن واقع الدول الإسلامية ودول الكفر . وأما إذا نظرنا إلى واقع الدول الإسلامية فإننا لا نوافق السائل على قوله ( وخصوصا أن بلاد المسلمين أصبحت لا تختلف كثيراً عن غيرها من ناحية الالتزام بشرائع الإسلام ) فهذا التعميم غير صحيح ، فليست الدول الإسلامية على درجة واحدة من البعد أو القرب من الالتزام بشرائع الإسلام ، بل هي متفاوتة في ذلك ، بل البلد الواحد يتفاوت باختلاف مناطقه ومدنه .
    ثم دول الكفر أيضاً ليست على درجة واحدة من الإباحية والتحلل الخلقي ، بل هي متفاوتة في ذلك أيضاً .
    فنظراً لهذا التفاوت بين الدول الإسلامية بعضها البعض ، وبين دول الكفر بعضها البعض .
    ونظراً لأن المسلم لا يستطيع أن يذهب إلى أي دولة إسلامية ويقيم بها - لوجود قوانين التأشيرات والإقامة الصارمة وما أشبه ذلك -
    ونظراً لأن المسلم قد لا يتمكن من إقامة دينه في بعض الدول الإسلامية ، في حين أنه قد يتمكن من ذلك أو من بعضه على الأقل في بعض دول الكفر .
    فلكل ما سبق لا يمكن الآن أن يصدر حكم عام يعم جميع البلاد وجميع الأشخاص ، بل يقال : لكل مسلم حالته الخاصة به ، وحكمه الخاص به ، وكل امرئ حسيب نفسه ، فإن كانت إقامته لدينه في الدول الإسلامية التي يمكنه أن يسكن بها أكثر من إقامته لدينه في بلاد الكفر لم يجز له الإقامة في دول الكفر ، وإن كان الأمر بالعكس جازت إقامته في دول الكفر بشرط أن يأمن على نفسه من الشهوات والفتن التي بها بأن يحصن نفسه منها بالوسائل المشروعة .
    وهذه أقوال لأهل العلم تؤيد ما سبق : -
    سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن هذه المسألة فقال :
    إن هذه المسألة من أشكل المسائل الآن نظراً لاختلاف البلدان كما سبق بيانه ، ولأن بعض المسلمين المقيمين في دول الكفر إذا رجعوا إلى بلدهم اضطهدوا وعذبوا وفتنوا عن دينهم في حين أنهم يأمنون من ذلك في دول الكفر ، ثم إذا قلنا : لهم يحرم عليكم الإقامة بين الكفار . فأين الدولة الإسلامية التي تستقبلهم وتسمح لهم بالإقامة فيها ؟! هذا معنى كلامه رحمه الله .
    وقال زكريا الأنصاري الشافعي في كتابه "أسنى المطالب" : -
    تَجِبُ الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ إلَى دَارِ الإِسْلامِ عَلَى مُسْتَطِيعٍ لَهَا إنْ عَجَزَ عَنْ إظْهَارِ دِينِهِ اهـ .
    وقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ المالكي : - الْهِجْرَةُ هِيَ الْخُرُوجُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الإِسْلامِ , وَكَانَتْ فَرْضًا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَمَرَّتْ بَعْدَهُ لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ اهـ . من "نيل الأوطار" للشوكاني.
    وقال الحافظ ابن حجر عن قوله صلى الله عليه وسلم : ( أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ ) :-
    وَهَذَا مَحْمُول عَلَى مَنْ لَمْ يَأْمَن عَلَى دِينه اهـ .
    وفي "الموسوعة الفقهية" :- :دَارُ الْحَرْبِ : هِيَ كُلُّ بُقْعَةٍ تَكُونُ أَحْكَامُ الْكُفْرِ فِيهَا ظَاهِرَةً . (من) الأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِدَارِ الْحَرْبِ : الْهِجْرَةُ. قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ النَّاسَ فِي شَأْنِ الْهِجْرَةِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى ثَلاثَةِ أَضْرُبٍ :-
    أ - مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ , وَهُوَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهَا , وَلا يُمْكِنُهُ إظْهَارُ دِينِهِ مَعَ الْمُقَامِ فِي دَارِ الْحَرْبِ , وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى لا تَجِدُ مَحْرَمًا , إنْ كَانَتْ تَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهَا فِي الطَّرِيقِ , أَوْ كَانَ خَوْفُ الطَّرِيقِ أَقَلَّ مِنْ خَوْفِ الْمُقَامِ فِي دَارِ الْحَرْبِ . . .
    ب- مَنْ لا هِجْرَةَ عَلَيْهِ : وَهُوَ مَنْ يَعْجِزُ عَنْهَا , إمَّا لِمَرَضٍ , أَوْ إكْرَاهٍ عَلَى الإِقَامَةِ فِي دَارِ الْكُفْرِ , أَوْ ضَعْفٍ كَالنِّسَاءِ , وَالْوِلْدَانِ . لقوله تعالى : ( إلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا ) .
    ج - مَنْ تُسْتَحَبُّ لَهُ الْهِجْرَةُ , وَلا تَجِبُ عَلَيْهِ , وَهُوَ : مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْهِجْرَةِ وَيَتَمَكَّنُ مِنْ إظْهَارِ دِينِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ , فَهَذَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْهِجْرَةُ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْجِهَادِ , وَتَكْثِيرِ الْمُسْلِمِينَ اهـ . باختصار .
    وفي فتاوى اللجنة الدائمة :- وتكون الهجرة أيضاً من بلاد شرك إلى بلاد شرك أخف شراً ، وأقل خطراً على المسلم ، كما هاجر بعض المسلمين من مكة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إلى بلاد الحبشة . أ.هـ
    والله أعلم .
    نقلا عن موقع الإسلام سؤال وجواب.

  2. #2
    ونص مهم ومشروع
    شكرا فراس
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    السفر للعمل في بلاد الكفار
    بعض الناس يريد أن يسافر إلى بلاد الكفار للعمل وبدعوى أن لديهم نظاما ومعاملة راقية إلخ من مزايا . فهل هذا يجوز؟


    الحمد لله
    أولا :
    ينبغي أن تعلم أولا أن السفر والإقامة في بلاد الكفار لا تجوز إلا بشروط بينها أهل العلم ، وملخصها :
    1- أن يأمن الإنسان على دينه ، بحيث يكون عنده من العلم والإيمان ما يبعده عن الانحراف.
    2- أن يكون مضمرا لعداوة الكافرين وبغضهم ، مبتعدا عن موالاتهم ومحبتهم.
    3- أن يتمكن من إظهار دينه ، من الصلاة وغيرها.
    4- أن يكون بقاؤه هناك لضرورة أو مصلحة كالدعوة إلى الله تعالى ، أو تعلم علم لا يوجد في بلده .
    انظر : "فتاوى علماء البلد الحرام" (ص 92-95) .
    هذا على سبيل الإجمال ، وأما على سبيل التفصيل فيقال :
    الإقامة في بلاد الكفر ، تارة تكون جائزة ، وتارة تكون مستحبة ، وتارة تكون محرمة ، وذلك بحسب حال المقيم ، وغرض إقامته ، ومدى قدرته على إظهار دينه . وقد أجبنا على ذلك مرات ، لكن سنضع هنا بين يديك كلاما دقيقا للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ، يجمع شتات هذه المسألة :
    قال الشيخ رحمه الله :
    " وأما الإقامة في بلاد الكفار فإن خطرها عظيم على دين المسلم ، وأخلاقه ، وسلوكه ، وآدابه وقد شاهدنا وغيرنا انحراف كثير ممن أقاموا هناك فرجعوا بغير ما ذهبوا به ، رجعوا فساقا ، وبعضهم رجع مرتدا عن دينه وكافرا به وبسائر الأديان والعياذ بالله حتى صاروا إلى الجحود المطلق والاستهزاء بالدين وأهله السابقين منهم واللاحقين ، ولهذا كان ينبغي بل يتعين التحفظ من ذلك ووضع الشروط التي تمنع من الهوي في تلك المهالك .
    فالإقامة في بلاد الكفر لا بد فيها من شرطين أساسين :
    الأول : أمنُ المقيم على دينه ، بحيث يكون عنده من العلم والإيمان وقوة العزيمة ما يطمئنه على الثبات على دينه والحذر من الانحراف والزيغ ، وأن يكون مضمرا لعداوة الكافرين وبغضهم ، مبتعدا عن موالاتهم ومحبتهم ، فإن موالاتهم ومحبتهم مما ينافي الإيمان ، قال الله تعالى : ( لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) الآية المجادلة/22. وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ) المائدة/ 51، 52 ، وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : (أن من أحب قوما فهو منهم) ، (وأن المرء مع من أحب) .
    ومحبة أعداء الله من أعظم ما يكون خطرا على المسلم ، لأن محبتهم تستلزم موافقتهم واتباعهم ، أو على الأقل عدم الإنكار عليهم ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من أحب قوما فهو منهم) .
    الشرط الثاني : أن يتمكن من إظهار دينه ، بحيث يقوم بشعائر الإسلام بدون ممانع ، فلا يمنع من إقامة الصلاة والجمعة والجماعات إن كان معه من يصلي جماعة ومن يقيم الجمعة ، ولا يمنع من الزكاة والصيام والحج وغيرها من شعائر الدين ، فإن كان لا يتمكن من ذلك لم تجز الإقامة لوجوب الهجرة حينئذ .
    قال في المغني (8/457) في الكلام على أقسام الناس في الهجرة : أحدها من تجب عليه وهو من يقدر عليها ولا يمكنه إظهار دينه ، ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار فهذا تجب عليه الهجرة ، لقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) النساء /97 . وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب ، ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه ، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . انتهى .
    وبعد تمام هذين الشرطين الأساسيين تنقسم الإقامة في دار الكفر إلى أقسام :
    القسم الأول : أن يقيم للدعوة إلى الإسلام والترغيب فيه ، فهذا نوع من الجهاد ، فهي فرض كفاية على من قدر عليها ، بشرط أن تتحقق الدعوة ، وأن لا يوجد من يمنع منها ، أو من الاستجابة إليها ؛ لأن الدعوة إلى الإسلام من واجبات الدين ، وهي طريقة المرسلين ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، بالتبليغ عنه في كل زمان ومكان ، فقال صلى الله عليه وسلم : (بلغوا عني ولو آية) .
    القسم الثاني : أن يقيم لدراسة أحوال الكافرين والتعرف على ما هم عليه من فساد العقيدة ، وبطلان التعبد ، وانحلال الأخلاق ، وفوضوية السلوك ؛ ليحذر الناس من الاغترار بهم ، ويبين للمعجبين بهم حقيقة حالهم ، وهذه الإقامة نوع من الجهاد أيضا لما يترتب عليها من التحذير من الكفر وأهله المتضمن للترغيب في الإسلام وهديه ، لأن فساد الكفر دليل على صلاح الإسلام ، كما قيل : وبضدها تتبين الأشياء . لكن لا بد من شرط أن يتحقق مراده بدون مفسدة أعظم منه ، فإن لم يتحقق مراده بأن منع من نشر ما هم عليه والتحذير منه فلا فائدة من إقامته ، وإن تحقق مراده مع مفسدة أعظم مثل أن يقابلوا فعله بسب الإسلام ورسول الإسلام وأئمة الإسلام وجب الكف ، لقوله تعالى : (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأنعام/ 108 .
    ويشبه هذا أن يقيم في بلاد الكفر ليكون عينا للمسلمين ؛ ليعرف ما يدبرونه للمسلمين من المكايد فيحذرهم المسلمون ، كما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان إلى المشركين في غزوة الخندق ليعرف خبرهم .
    القسم الثالث : أن يقيم لحاجة الدولة المسلمة وتنظيم علاقاتها مع دولة الكفر كموظفي السفارات فحكمها حكم ما أقام من أجله . فالملحق الثقافي مثلا يقيم ليرعى شؤون الطلبة ويراقبهم ويحملهم على التزام دين الإسلام وأخلاقه وآدابه ، فيحصل بإقامته مصلحة كبيرة ، ويندرئ بها شر كبير .
    القسم الرابع : أن يقيم لحاجة خاصة مباحة كالتجارة والعلاج فتباح الإقامة بقدر الحاجة ، وقد نص أهل العلم رحمهم الله على جواز دخول بلاد الكفار للتجارة ، وأثروا ذلك عن بعض الصحابة رضي الله عنهم .
    القسم الخامس : أن يقيم للدراسة وهي من جنس ما قبلها إقامة لحاجة ، لكنها أخطر منها وأشد فتكا بدين المقيم وأخلاقه ، فإن الطالب يشعر بدنو مرتبته وعلو مرتبة معلميه ، فيحصل من ذلك تعظيمهم والاقتناع بآرائهم وأفكارهم وسلوكهم فيقلدهم إلا من شاء الله عصمته وهم قليل ، ثم إن الطالب يشعر بحاجته إلى معلمه فيؤدي ذلك إلى التودد إليه ومداهنته فيما هو عليه من الانحراف والضلال . والطالب في مقر تعلمه له زملاء يتخذ منهم أصدقاء يحبهم ويتولاهم ويكتسب منهم ، ومن أجل خطر هذا القسم وجب التحفظ فيه أكثر مما قبله فيشترط فيه بالإضافة إلى الشرطين الأساسيين شروط :
    الشرط الأول : أن يكون الطالب على مستوى كبير من النضوج العقلي الذي يميز به بين النافع والضار وينظر به إلى المستقبل البعيد ، فأما بعث الأحداث " الصغار السن " وذوي العقول الصغيرة فهو خطر عظيم على دينهم ، وخلقهم ، وسلوكهم ، ثم هو خطر على أمتهم التي سيرجعون إليها وينفثون فيها من السموم التي نهلوها من أولئك الكفار كما شهد ويشهد به الواقع ، فإن كثيرا من أولئكم المبعوثين رجعوا بغير ما ذهبوا به ، رجعوا منحرفين في دياناتهم ، وأخلاقهم ، وسلوكهم ، وحصل عليهم وعلى مجتمعهم من الضرر في هذه الأمور ما هو معلوم مشاهد ، وما مثل بعث هؤلاء إلا كمثل تقديم النعاج للكلاب الضارية .
    الشرط الثاني : أن يكون عند الطالب من علم الشريعة ما يتمكن به من التمييز بين الحق والباطل ، ومقارعة الباطل بالحق لئلا ينخدع بما هم عليه من الباطل فيظنه حقا أو يلتبس عليه أو يعجز عن دفعه فيبقى حيران أو يتبع الباطل . وفي الدعاء المأثور : (اللهم أرني الحق حقا وارزقني اتباعه ، وأرني الباطل باطلا وارزقني اجتنابه ، ولا تجعله ملتبسا علي فأضل) .
    الشرط الثالث : أن يكون عند الطالب دين يحميه ويتحصن به من الكفر والفسوق ، فضعيف الدين لا يسلم مع الإقامة هناك إلا أن يشاء الله وذلك لقوة المهاجم وضعف المقاوم ، فأسباب الكفر والفسوق هناك قوية وكثيرة متنوعة فإذا صادفت محلا ضعيف المقاومة عملت عملها .
    الشرط الرابع : أن تدعو الحاجة إلى العلم الذي أقام من أجله بأن يكون في تعلمه مصلحة للمسلمين ولا يوجد له نظير في المدارس في بلادهم ، فإن كان من فضول العلم الذي لا مصلحة فيه للمسلمين أو كان في البلاد الإسلامية من المدارس نظيره لم يجز أن يقيم في بلاد الكفر من أجله ، لما في الإقامة من الخطر على الدين والأخلاق ، وإضاعة الأموال الكثيرة بدون فائدة .
    القسم السادس : أن يقيم للسكن وهذا أخطر مما قبله وأعظم ، لما يترتب عليه من المفاسد بالاختلاط التام بأهل الكفر وشعوره بأنه مواطن ملتزم بما تقتضيه الوطنية من مودة ، وموالاة ، وتكثير لسواد الكفار ، ويتربى أهله بين أهل الكفر فيأخذون من أخلاقهم وعاداتهم ، وربما قلدوهم في العقيدة والتعبد ، ولذلك جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : (من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله) . وهذا الحديث وإن كان ضعيف السند لكن له وجهة من النظر ، فإن المساكنة تدعو إلى المشاكلة ، وعن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ، قالوا : يا رسول الله ولم ؟ قال : لا تراءى نارهما) . رواه أبو داود والترمذي ، وأكثر الرواة رووه مرسلا عن قيس بن أبي حازم عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال الترمذي : سمعت محمدا - يعني البخاري - يقول : الصحيح حديث قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مرسل . ا هـ .
    وكيف تطيب نفس مؤمن أن يسكن في بلاد كفار تعلن فيها شعائر الكفر ، ويكون الحكم فيها لغير الله ورسوله ، وهو يشاهد ذلك بعينه ، ويسمعه بأذنيه ، ويرضى به ، بل ينتسب إلى تلك البلاد ويسكن فيها بأهله وأولاده ، ويطمئن إليها كما يطمئن إلى بلاد المسلمين ، مع ما في ذلك من الخطر العظيم عليه وعلى أهله وأولاده في دينهم وأخلاقهم .
    هذا ما توصلنا إليه في حكم الإقامة في بلاد الكفر نسأل الله أن يكون موافقا للحق والصواب " انتهى من "شرح الأصول الثلاثة" للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، ضمن مجموع الفتاوى له (6/132).
    ثانيا :
    بناء على ما سبق ، فالذي يظهر أن السفر لأجل العمل في بلاد الكفار ، يلحق بما ذكره الشيخ رحمه الله في القسم الخامس والسادس ، وهو السفر للدراسة ، وللسكن والإقامة ؛ ففي هذه الحالات ، تطول المدة ، ويعظم الخطر ، لا سيما إذا كان الإنسان محتاجا إليهم ، وقد ذهب منبهرا بما عندهم من حضارة ورقي ، فإن كان العامل هناك : يتمكن من إظهار دينه ، ولديه نضج يميز به بين النافع والضار والصالح والطالح ، وعلم يدفع به الشبهات ، وإيمان يقف في وجه الشهوات ، ولم يجد فرصة للعمل في بلاد المسلمين ، واقتصر بقاؤه هناك على قدر حاجته ، فهذا يجوز له السفر . والسلامة في ترك ذلك ؛ لأنه إن أمن على نفسه ، فلا يكاد يأمن على أولاده ، وقد تلهيه الحياة وتطغيه ، ويركن إلى البقاء هناك ، فيضيع دينه ، أو ينحرف أبناؤه ، نسأل الله العافية .
    وعلى من ابتلي بالسفر إلى هذه البلاد أن يظهر ولاءه لأهل الإسلام هناك ، وأن يعتصم بالأخوة الإيمانية ، وأن يكون عضوا فاعلا في المراكز الإسلامية ، لأن الذئب إنما يأكل من الغنم القاصية ، والشيطان من الفرد قريب ، ومن الاثنين أبعد .
    وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
    والله أعلم .


المواضيع المتشابهه

  1. الانقسام في بلاد العرب
    بواسطة د. فايز أبو شمالة في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-21-2014, 06:39 PM
  2. بلاد العرب أوطاني
    بواسطة محمد إقبال بلو في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-22-2013, 08:21 AM
  3. بلاد العرب أوطاني
    بواسطة محمد إقبال بلو في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 12-23-2012, 03:07 PM
  4. التربية الإسلامية في بلاد الغرب
    بواسطة السعيد شيخ في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 11-16-2009, 06:14 AM
  5. حدث في بلاد الغرب.
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-18-2008, 03:46 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •