منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 6 من 6
  1. #1

    لا رجم للزاني في الإسلام.."دراسة أًصولية موثقة"

    تشريع الرجم في الميزان
    (دراسة أصولية نقدية موثقة)


    لقد ولد هذا التشريع وولدت معه معاول هدمه، شأنه في ذلك شأن أي باطل والذي من أهم خصائصه أنه لا يثبت طويلاً أمام الحق، وقد اعترض بعض العلماء الأفاضل علي تسلل هذه الفرية إلي الإسلام (ومنهم الإمام فخر الدين الرازي والإمام محمد أبو زهرة، وفضيلة الشيخ محمد الغزالي وأيضا الدكتور مصطفي محمود والدكتور أحمد حجازي السقا و ا.د/أحمد شلبي وغيرهم الكثير مما نحسبهم عند الله من الصفوة).

    وقد شهد هذا القرن عصر العولمة، وهو في رأيي ليس عصر التمرد علي كل كتب التراث وأئمتهم، وإنما هو تمرد علي الجمود والتمسك بكل ما هو قديم وما به من أخطاء، ولقد بات من المحال في هذا العصر أن نتمسك بهذا القديم ظناً منّا بأنه وحده هو الذي فيه الخير، كل الخير حتي ولو كان خطأ!!....إن هذا العصر هو عصر البحث في أكثر من ثلاثة آلاف كتاب في ثانية واحدة، وسوف تتهاوي فيه كل الكتب التي تحتوي نصوصا تعج بالخرافات والأساطير، وتسئ إلي الله ورسوله، ليبقي القرآن وحده إماماً ورائداً ونوراً، فلنبدأ البحث:

    أولا: مصدر الرجم وأساسه:

    1- في العهد القديم:

    ورد الرجم بالعهد القديم كعقوبة للزنا، ولانتقاص الملوك، وللشرك، ومن ذلك:
    الرجم كعقوبة للزنا عند اليهود:
    تكرر ذكر الرجم كعقوبة للزنا بأكثر من موقع بالعهد القديم، ففي سفر التثنية:
    (23 إذا كانت فتاة عذراء مخطوبة فوجدها رجل في المدينة واضطجع معها 24 فأخرجوهما كليهما إلي باب تلك المدينة وارجموهما بالحجارة حتى يموتا الفتاة من أجل أنها لم تصرخ في المدينة والرجل من أجل أنه أذل امرأة صاحبه فتنزع الشر من وسطك) (سفر التثنية، إصحاح 24،22 )
    الرجم كعقوبة لانتقاص الملوك عند اليهود:
    (13 وأتي رجلان من بني بليعال وجلسا تجاهه وشهد رجلا بليعال علي نابوت أمام الشعب قائلين قد جدف نابوت علي الله وعلي الملك، فأخرجوه خارج المدينة، ورجموه بحجارة فمات) (سفر الملوك، إصحاح 21/13).

    الرجم كعقوبة لليهود:
    (2 إذا وجد في وسطك في أحد أبوابك التي يعطيك الرب إلهك رجل أو امرأة يفعل شرا في عيني الرب إلهك بتجاوز عهده. 3 ويذهب ويعبد آلهة أخري ويسجد لها أو للشمس أو للقمر أو لكل من جند السماء. الشئ الذي لم أوص به. 4 وأخبرت وسمعت وفحصت جيدا وإذا الأمر صحيح أكيد قد عمل ذلك الرجس في إسرائيل 5 فاخرج ذلك أو تلك المرأة الذي فعل ذلك الأمر الشرير إلي أبوابك الرجل أو المرأة وارجمه بالحجارة حتى يموت) (سفر التثنية، إصحاح 17/2).

    2- في العهد الجديد:بمطالعة العهد الجديد نجد أن منحرفي اليهود يهددون عيسي صلي الله عليه وسلم بالرجم:
    (31 فتناول اليهود أيضا حجارة ليرجموه. 32 أجابهم يسوع أعمالا كثيرة حسنة أريتكم من عند أبي بسبب أي عمل منها ترجمونني)
    ولقد بات من المقطوع به أن العهدين القديم والجديد قد تم ترجمتهما إلي العربية قبل زمن البعثة وأثناءه بل وبعده أيضا (ولقد أوضحنا هذه الحقيقة في بحث آخر)..وسوف نورد بعض الأمثلة علي تطابق بعض نصوص أهل الكتاب بالأحاديث المنسوبة إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم ليعلم كل ذي لب مدي اختلاق ذلك التشريع، وإليك هذه الأمثلة:
    المثال الأول (الرجم في بيت الله):
    فنجد عند البخاري (مثلا):
    (فأمر به أن يُرْجم بالمصلٌي)
    بينما نجد في العهد القديم:
    (21 ففتنوا عليه ورجموه بحجارة بأمر الملك في دار بيت الرب)








    المثال الثاني: (المسامحة في العقوبة):

    فنجد عند أبي داود وأحمد بن حنبل:
    (فأمر النبي به "أي الزاني" أن يرجم، فأخرج به إلي الحرة فلما رجم فوجد مس الحجارة جزع فخرج يشتد فلقيه عبد الله بن أُنيْس وقد عجز أصحابه فنزع له بوظيف بعير فرماه به فقتله ثم أتي النبي ص فذكر ذلك لهُ فقال: هلا تركتموه لعله أن يتوب الله عليه؟) (سنن أبي داود: ح 4419، و مسند أحمد ح 21383).

    فنسبوا للنبي أنه يسامح الزاني برغم قول الله تعالي:

    (وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) (النور 2).

    وعلي الرغم من ذلك يقول الرواة: كانت ستأخذه بالزاني رأفة!!
    وكما جاء بالأحاديث أن النبي صلي الله عليه وسلم تمني أن يترك الزاني بدون عقاب فقد جاء في الإنجيل أيضا أن عيسي لم يرجم الزانية، والنص كالتالي:

    (3 وقدم إليه الكتبة و الفريسيون امرأة أمسكت في زنا، ولما أقاموها في الوسط 4 قالوا له يا معلم هذه المرأة أمسكت وهي تزني في ذات الفعل. 5 وموسي في الناموس أوصانا إن مثل هذه ترجم. فماذا تقول أنت. 6 قالوا هذا ليجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه. وأما يسوع فانحني إلي أسفل وكان يكتب بإصبعه علي الأرض. 7 ولما استمروا يسألونه انتصب وقال لهم من كان منكم بلا خطية فليرمها أولا بحجر. 8 ثم انحني أيضا إلي أسفل وكان يكتب علي الأرض. 9 وأما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم خرجوا واحدا فواحدا مبتدئين من الشيوخ إلي الآخرين، وبقي يسوع وحده والمرأة واقفة في الوسط، 10 فلما انتصب يسوع ولم ينظر أحدا سوي المرأة قال لها يا امرأة أين هم أولئك المشتكون عليك، أما دانك أحد. 11 قالت لا أحد يا سيد، قال لها يسوع ولا أنا أُدينك، إذ هبي ولا تخطئي أيضاً).

    ولعل القارئ قد لاحظ من خلال الأمثلة السابقة أن نصوص التوراة والإنجيل تكاد تتطابق ترجماتها العربية مع نصوص الروايات التي زعموا أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قد نطق بها بشأن الرجم (المفتري)، ومدي التناقض الصارخ بين ذلك وبين القرآن العظيم، الأمر الذي يؤكد استحالة وجود ذلك التشريع في الإسلام فالرسول لم يكن له علاقة بذلك التشريع من قريب أو بعيد.






    أدلة من الـقـرآن الـكريم

    لقد وردت مشتقات كلمة الرجم 14 مرة منها 5 مرات بمعني الرجم الفعلي كالتالي

    (إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا) (الكهف 20)

    (قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) (مريم 46)

    (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ) (هود 91)

    (قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ) (الشعراء 116)

    (قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) (يس 18)

    ونلاحظ أن الحق تبارك وتعالي لم يشر من قريب أو بعيد ولو في آية واحدة من الآيات السابقة إلي الرجم كعقوبة للزنا أو لأي جريمة أخري، ومما يدعو إلي التأمل أن الآيات الخمس السابقة قد أومأت إلي أن الكفار مثل قوم نوح وقوم شعيب....الخ هم الذين تصدر عنهم هذه الجريمة الشنعاء لما فيهم من قلوب قست وماتت لخلوها من الإيمان إذ كانوا يرهبون بها الذين يخرجون عن طاعتهم، فقد هدد أبو إبراهيم ابنه بالرجم لأنه قد رغب عن آلهته المزعومة، وكذلك فعل قوم شعيب وغيرهم، ولم يُذكر ولو مرة واحدة أن مؤمناً قام بتلك الفعلة أو حتي هم بالإقدام عليها، إذ أنني لا أتصور صدور ذلك الفعل عن مؤمن حتي ولو كان منوطاً بتنفيذ تلك العقوبة!! لأن هذه الجريمة منافية للإنسانية تماما وأن قطع يد السارق أو حتي حد القصاص لأهون من ذلك بكثير، إذ يصرخ المرجوم من الألم ويتضرع ويتطاير منه الدم تلو الدم، بل وشظايا جسده تتناثر قطعا دقيقة كعصف مأكول، لذا لا يصلح الرجم أن يكون حدا شرعه الله علي الإطلاق في الإسلام ولا فيما قبله من شرائع!!
    تأملات أخري في القرآن حول هذا التشريع المفتري:

    1- إنه ليس في القرآن (أو حتي أي رواية من الروايات التي يدعونها) أي تحذير المؤمنين ألا تأخذهم رأفة في إقامة حد الرجم علي الزناة كما فعل بشأن الجلد (وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر)ِ، ومن المقطوع به عقلا كما قلنا أن الرجم أشد عقوبة من أي شئ آخر، فلو كان هذا التشريع من عند الله لكان بالأحري يجب التحذير(المغلظ) للمؤمنين بعدم الرأفة في إقامة هذا الحد بصورة أشد من الجلد.

    2- إن عقوبة الجلد ليست بسيطة كما يتصورها الناس، إذ يكفي إيلامها المعنوي كان الله تعالي يعلم أنها غير كافية لردع الزاني عن سلوكه غير السوي لما شدد علي عدم استخدام الرأفة أثناء الجلد.

    3- إن القرآن جاء هدي ورحمة للعالمين، فيه تبيان لكل شئ، وهذه هي طبيعة الرسالة الخاتمة، يقول الله تعالي:

    (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (يوسف 111).

    وقال تعالي أيضا:

    (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل 89).

    فإذا قال سبحانه ذلك عن كتابة ولم يذكر شيئاً من أهم الأشياء والتي تتعلق بإزهاق روح إنسان لوقع التناقض بين قوله تعالي وفعله (حاشا لله ثم كلا ثم أستغفر الله العظيم)، إذ أن قضية إزهاق روح إنسان وخاصة إن كان مؤمنا لا تتوقف علي روايات ظنية مجهولة المصدر غير معروفة التاريخ تحديدا كما سوف نذكر ذلك بالتفصيل.

    4- لم يشهد كتاب الله عز وجل افتتاحية مثل افتتاحية سورة النور، فيقول تعالي

    (سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النور 1)

    أي فيها آيات واضحات لا لبس فيها، وأول الأحكام التي سأشرعها لكم فيها هو أن من يزنيان منكم فعذبوهما بالجلد لكل من المرأة والرجل، وليشهد هذا العذاب طائفة من المؤمنين، وليحذر المؤمنون أن يرأفوا بهما، وأكثر من ذلك قوله في نهاية الآية (لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، أي أنه يخبرنا تبارك وتعالي علي ما ستكون الأمة (إلا من رحم ربي) عليه من التلاعب بتلك الحكم مستقبلا وافتراء حكماً دخيلاً علي القرآن كي لا تقع في مغبة هذا الفعل العظيم.

    5- إن العذاب في القرآن شئ أما القتل والموت فشئ آخر، ولقد ورد في سورة النمل ما يوضح ذلك، يقول الله سبحانه عن القرار الذي اتخذه سليمان بشأن الهدهد لولا جاءه الهدهد بسلطان مبين: (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ) (النمل 21)، فعندما يقول الله تعالي بصدد الملاعنة بيانا بحكم من يتهمها زوجها بعلة الزنا وقد شهد عليها هذا الزوج أربع شهادات وأتمهن بالخامسة: (ويدرؤا عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (النور 8)، وهذا يعني أنها لو اعترفت بوقوعها في الزنا فسيكون العذاب، والجلد هنا هو المسمي بالعذاب كما جاء في الآية التي سبقتها (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) (النور 2).

    6- يقول الله تعالي: (وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) (النساء:25) .

    وقد وجد القائلون بالرجم أنفسهم في ورطة حقيقية بسبب تلك الآية، فالله تعالي يقول أن من تُحصن من ملك اليمين بالزواج ثم تأتي بالفاحشة تعاقب بنصف عقوبة المتزوجة الحرة.
    لكن الرجم لا ينتصف، وهذا سيؤدي لاستبعاده، وتقوية ما نص الله عليه من جلد الحرة المتزوجة الزانية مئة جلدة، وبالتالي ستئول عقوبة نظيرتها من ملك اليمين إلي خمسين جلدة.
    احتال الرواة علي المقاس أو المقاس عليه، فقالوا: إن الإحصان المذكور في الآية هو الإسلام، أو أن المحصنات هن الحرائر لا المزوجات!!

    ويقول بعضهم: وقال الله عز وجل في الإماء فيمن أحصن (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ)، قال الشافعي: فقال من أحفظ عنه من أهل العلم: "إحصانها إسلامها" (كتاب الإمام الشافعي: (6/167)، ويقول أيضا بالرسالة (ص: 136): (جماع الإحصان أن يكون دون التحصين مانع من تناول المحرم فالإسلام مانع وكذلك الحرية مانعة وكذلك الزوج والإصابة مانع وكذلك الحبس في البيوت مانع وكل ما منع أحصن قال الله (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ).

    (الأنبياء 80)، وقال (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ) (الحشر 14) يعني قري ممنوعة، قال وآخر الكلام وأوله يدلان علي أن معني الإحصان المذكور عاما في موضع دون غيره أن الإحصان ها هنا الإسلام دون النكاح والحرية والتحصين بالحبس والعفاف وهذه الأسماء التي يجمعها اسم الإحصان






    جاءت كلمة حصن في القرآن علي مستوي الجذر 34 مرة بمواضع شتي، ومعان مختلفة، وما يهمنا هنا معناها إذا تعلقت بالنساء.

    فنجد أنها تأتي للنساء بمعني العفة:

    (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا) (الأنبياء 91).

    أي التي عفت فرجها فلم يمسسها بشر.

    (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا) (النور 33).
    أي إن أردن تعففا.

    (أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ).

    أي ينكح العفيفات المؤمنات، وهكذا.

    والزواج يحصن المرأة ويعفها، خاصة لطبيعتها وظروفها، وفي الأمر تفصيل لاحق، وما يهمنا هنا هو أن الزواج يُحصن المرأة:

    (أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ) (النساء 24)

    فالرجل يحصن المرأة

    (فَإِذَا أُحْصِنَّ) (النساء 25)، أي إذا عففن بالزواج.

    (ِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ) (المائدة 5).

    والسياق مستمر في بيان أن الرجل بزواجه من المرأة يحصنها وهكذا...
    ولم تأت كلمة المحصنات ولو مرة واحدة بمعني المسلمات كما يقول الإمام الشافعي!!
    وهنا في سورة النساء نجد أن الآية (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ..) جاءت كتعضيد للنص القرآني بسورة النور علي أن عقوبة الزنا هي الجلد مئة للمرأة والرجل، وكتعضيد للنص القرآني بنفس السورة علي كون العقوبة ذاتها للمتزوجة إذا اعترفت.

    فقد اشتملت الآية (محل البحث) علي عقوبة المحصنات (المتزوجات) من ملك اليمين، وعلي عقوبة المحصنات (الحرائر)، فإذا هو الجلد لكليهما مع اختلاف العدد.

    ونلاحظ أن قول الله تعالي (الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ)، يبين أن الإيمان هو المطلب الأول فيمن يُتزوج بها، ولذا ندبت الآيات المؤمن غير القادر ماديا علي الارتباط بالحرة المؤمنة أن يجعل توجيهه للمؤمنة أيضا ولكن هذة المرة ستكون للمؤمنة التي توافق مقدرته من ملك اليمين الفقيرة ماديا ولكنها الغنية إيمانا:

    (فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ)
    وهو يتوافق مع قوله تعالي:

    (وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ)

    ثم يبين سبحانه أن العلاقة هنا شأنها شأن أية علاقة جنسية بين أي ذكر وأية أنثي تكون ضمن إطار الزواج الشرعي (لا أن يتسرى بها كما يزعم جل الروائيين) فيقول سبحانه: (فانكحوهن)، وهو يتوافق مع كون العلاقة المذكورة في إطار النكاح.

    ثم بين سبحانه أن مقومات هذا الزواج بعد الإيمان هي

    أولا: موافقة الأهل، حيث إنها فتاة ليست بالمستغنية عمراً أو مالاً عن أهلها فيقول تعالي: (ِبإِذْنِ أَهْلِهِنَّ)

    ثم ثانيا إتيانها بحقها المادي المتفق عليه: (وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ).
    فإذا تم ذلك وأُحصنت بالزواج ثم أتت بفاحشة الزنا فعليها نصف ما علي الحرة المحصنة بالزواج من العذاب:

    (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ).

    إذن فالسياق كله متسق ومنتظم مع مسألة النكاح وأنه يكون للمؤمنات سواء من الحرائر أو ملك اليمين. والإحصان المذكور مترتب علي الزواج، والإسلام سابق الزواج تماما لأنه شرط للزواج وليس نتيجة له.




    وبعضهم (بعد ما ذكرناه من وضوح هذه الآيات) يقول:

    إن الفتيات من ملك اليمين "المؤمنات" إذا أحصن بالزواج صرن مسلمات!!!!

    ولتجسيم هذا القول أكثر فلنحولها لمعادلة رياضية بسيطة كالتالي:

    يقول الإمام الشافعي رحمه الله:

    مؤمنة + إحصان بالزواج = مسلمة.

    أو: مؤمنة + زواج = مسلمة.

    أو: مؤمنة _ زواج = غير مسلمة.

    إذ إن الإسلام عند الإمام ترتب علي الزواج!!

    ولنراجع قوله مرة أخري وهو يعلق علي الآية:

    (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ..)

    وقد أخذ البعض قول من يحفظون عنهم دون التفكير في هذا القول، فقال أحدهم: "فقال من أحفظ عنه من أهل العلم:

    "إحصانها إسلامها"

    وهو لا يخرج عما بسطناه في المعادلتين السابقتين

    ولو وضعنا كلام الشافعي كشرح للآية فسيصير معناها:

    إذن فملك اليمين (بعد إهمال مثل هذه الأقوال التي لا زمام لها)، إن أحصنت بالنكاح ثم أتت بفاحشة فعليها نصف ما علي من مثلها من محصنات الحرائر من العذاب!!

    1- ومعلوم بداهة أن الرجم لا نصف له!!

    2- ومعلوم أيضا أن الرجم موت وليس عذابا فحسب.

    ولا يقال إن الرجم فيه عذاب، إذ إن أنواع القتل المختلفة فيها العذاب مقترن بالقتل، فالشنق فيه عذاب، والخنق بالغاز فيه عذاب...الخ!!!

    3- ومعلوم للغلمان والصبايا أن نصف المئة، خمسون!!

    وقد قال بعض العلماء الذين ذكرتهم دون أسماء قبل ذلك بهذا القول اضطراراً، فقال:

    "قال الله تبارك وتعالي في المملوكات (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ)، والنصف لا يكون إلا من الجلد الذي يتبعض فأما الرجم الذي هو قتل فلا نصف له"، حتي يقول: "ولا نصف للرجم معروف" (الرسالة للشافعي ص:133)

    وقد جسد ابن كثير هذه المسألة بتفسيره، ولإلقاء الضوء علي خطورة ما ذهب إليه الإمام وأتباعه رحمهم الله وغفر لهم ولنا في الآية فلنسق كلام ابن كثير أولا الذي يقول:

    "قوله تعالي: فإذا أُحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما علي المحصنات من العذاب" اختلف القراء في (أحصن) فقرأه بعضهم بضم الهمزة وكسر الصاد مبني لما لم يسم فاعله، وقرئ بفتح الهمزة والصاد فعل لازم، ثم قيل:

    معني القراءتين واحد، واختلفوا فيه علي قولين: أحدهما أن المراد بالإحصان ها هنا الإسلام، روي ذلك عن عبد الله بن مسعود وابن عمر وأنس والأسود بن يزيد وزر بن حبيش وسعيد بن جبير وعطاء وإبراهيم النخعي والشعبي والسدي وروي نحوه الزهري عن عمر بن الخطاب وهو منقطع، وهذا هو القول الذي نص عليه الشافعي في رواية الربيع قال:

    وإنما قلنا ذلك استدلالا بالسنة وإجماع أكثر أهل العلم.

    وقد روي ابن أبي حاتم في ذلك حديثا مرفوعا قال: حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله حدثنا أبي عن أبيه عن أبي حمزة عن جابر عن رجل عن أبي عبد الرحمن عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله ص: فإذا أحصن، قال: إحصانها إسلامها وعفافها، وقال: المراد به هاهنا التزويج قال: وقال علي اجلدوهن ثم قال ابن أبي حاتم: وهو حديث منكر



    إن هذا الحديث في إسناده ضعف وفيه من لم يسم ومثله لا تقوم به حجة، وقال القاسم وسالم:

    إحصانها إسلامها وعفافها، وقيل: المراد به ها هنا التزويج، وهو قول ابن عباس ومجاهد وعكرمة وطاووس وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وغيرهم. ونقله أبو علي الطبري في كتابه الإيضاح عن الشافعي فيما رواه أبو الحكم بن عبد الحكم عنه.

    وقد روي ليث بن أبي سليم عن مجاهد أنه قال: إحصان الأمة أن ينكحها الحر وإحصان العبد أن ينكح الحرة وكذا روي أبي طلحة عن ابن عباس رواهما ابن جرير في تفسيره، وذكره ابن أبي حاتم عن الشعبي و النخعي.

    وقيل: معني القراءتين متباين، فمن قرأ أحصن بضم الهمزة فمراده التزويج ومن قرأ بفتحها فمراده الإسلام اختاره أبو جعفر ابن جرير في تفسيره وقرره ونصره،

    والأظهر والله أعلم أن المراد بالإحصان ها هنا التزويج لأن سياق الآية يدل عليه حيث يقول سبحانه وتعالي (وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) (تفسير ابن كثير : 1/487).

    وواضح بكل أسف أن ما قاله ابن كثير هذا يعني أن الشافعي كان يقول ما قاله انتصاراً للقراءة المذكورة بخلاف القرآن (المحفوظ بالله) والتي قال ابن كثير عنها:

    "وقرئ بفتح الهمزة والصاد فعل لازم"، وهذا بالطبع مخالف للقرآن الكريم.

    هذا هو مكمن الخطورة الذي أحببت أن أشير إليه دون تزيد علي الرجل، فكلنا سنلقي الله ونحاسب
    أما الروايات القائلة بهذا الفساد فنذكر منها ما رواه عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه:

    "عن الثوري عن حماد عن إبراهيم أن معقل ابن مقرن المزني جاء إلي عبد الله، فقال: إن جارية لي زنت، فقال: اجلدها خمسين، قال: ليس لها زوج، قال: إسلامها إحصانها" (مصنف عبد الرزاق 8/394)، ولها شواهد عدة بكتب الدرجة الثالثة والرابعة من كتب الرواة منها ما رواه البيهقي بكبراه (8/243):"...عن عمرو بن شرحبيل أن معقل بن مقرن أتي عبد الله بن مسعود...قال أظنه ذكر: أمتي زنت قال اجلدها قال إنها لم تحصن قال إسلامها إحصانها".

    أما الذين حاولوا الاحتيال علي المقاس عليه وهي المرأة المتزوجة فقد قالوا: الإحصان ليس المقصود به الزواج ولا الإسلام، وإنما معني المحصنات أي الحرائر، وقاسوها علي البقر والغنم والماعز الذي يُضحٌي به!

    يقول النحاس:

    "ويعني بالمحصنات ها هنا الأبكار الحرائر، لأن الثيب عليها الرجم، والرجم لا يتبعض، وإنما قيل للبكر محصنة وإن لم تكن متزوجة لأن الإحصان يكون بها، كما يقال: أضحية قبل أن يضحي بها، وكما يقال للبقرة: مثيرة قبل أن تُثير" (انظر معاني القرآن للنحاس: 2/66)، ونقل عنه القرطبي الفقرة بقضها وقضيضها دون إحالة أو ذكر (إنظر فتح القدير للشوكاني: 5/145).

    وبالطبع فأن هذا هو خطأ شائع مترتب علي عدم تدبر القرآن، فالبكر لا تُحصِن وإنما تُحْصَن بفتح الصاد، و سيأتي تفصيل لذلك بعد قليل.

    كما يلاحظ الحصيف الأريب أن الرجل قدم بالعلة في اضطراره لصرف اللفظ عن معناه، وجعله موافقا لهواهم المذهبي عندما قال: "لأن الثيب عليها الرجم"، وعندما قال: "والرجم لا يتبعض"، فثبوت هذا الهراء عنده جعله يتحايل علي المعني ولو بقياس الأبكار علي الأبقار!.....وقريب من كلامهما كلام الشوكاني (انظر فتح التقدير للشوكاني 1/452).

    والطريف أن الشافعي يقول في سياق كلامه الفائت عن نفي العبد و الأمة:
    "واختلف أصحابنا في نفيهما فمنهم من قال لا ينفيان كما لا يرجمان ولو نفيا نفياً نصف سنة وهذا مما أستخير الله عز وجل فيه" (انظر كتاب الأم للإمام الشافعي 6/167)







    فبين لأتباعه أن هناك أحكاما تأتي بالاستخارة كما تأتي أحكام أخري عمن يرضي!

    7- أن الآية الكريمة التي وردت بشأن عقوبة الزنا وهي (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي....) ( النور 2)، نلاحظ فيها أن الألف واللام تدل علي العموم أي أن الزاني أو الزانية علي السواء يجب أن يجلدا سواء كان قبل الإحصان أو بعده.

    8- يقول الله تبارك وتعالي في كتابه العزيز (يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (النساء 26) ونلاحظ أن هذة الآية قد جاءت بعد الآية التي تتكلم عن عقوبة الأمة إذا زنت وهو أن يكون عليها نصف ما علي المحصنات من العذاب، فجاءت الآية رقم (26) تعقيبا علي الآية التي قبلها مباشرة وهي الآية رقم (25)، والتعقيب هنا معناه (يريد الله أن يبين لكم أن تشريع الرجم أكذوبة كبري بدليل أن عقوبة الرجم لا تنتصف!!، ويهديكم سنن الذين من قبلكم من الرعيل الأول من المسلمين وهو الذي يتمثل في الصحابة الذين كانوا لا يعلمون عن ذلك الرجم المزعوم شيئا!..، ثم إنه يريد بذلك أن يتوب عليكم بعد إقامة حد الزنا وهو الجلد حتى تتوبوا ولا تعودوا لهذه الفاحشة مرة أخري والله عليم حكيم)...أبعد هذة الآية البينة الواضحة أكثر من نور الشمس نحتاج دليلا آخر علي فساد قول البعض بوجود ذلك التشريع في الإسلام؟....اللهم سبحانك!!!

    9- و يقول الله أيضا (وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا) (النساء 27)، فلو تأملنا الآية ولو بشئ يسير من الفهم لأتضح لنا أن الله يخبرنا بأنه بينما أنه يريد أن يتوب علينا فإن الذين في قلوبهم زيغ من غير المسلمين يريدون أن نميل عما في كتابنا من حق ونرضي بما دخل علي شريعتة من أكاذيب مفتراة، وهذا ما يفعله اليوم الكثير من أعداء الإسلام، فإنهم لم يعودوا يستطيعون أن يهاجموا قرآننا لأنهم قد أقروا بإعجازاته المختلفة ودقته واستحالة تغيير أي حرف فيه، فبدأوا يهاجموننا من خلال الروايات التي لا وزن لها اللهم إلا الكثير من الضرر الذي يسئ للإسلام ولصاحب الرسالة، ثم يقول بعد ذلك جل شأنه (يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا) (النساء 28)، يريد أن يخفف عنكم عقوبة حد الزنا فلا تصل إلي درجة البشاعة، إذ أن الجلد إيلام معنوي من الدرجة الأولي وجسدي من الدرجة الثانية، أما الرجم فهو تصفية جسدية بشعة لا يستطيع الإنسان تحملها لأنه قد خُلِق ضعيفا0

    10- إن الله تعالي قد ذكر حد القذف في القرآن الكريم إذ يقول (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور 4).
    أي أن حد القذف المذكور هو ثمانين جلدة بعد ذكره حد الجلد وهو المائة، وهو يريد سبحانه أن يقول: إن للفعل حدا ولشاهد الزور حدا، وانتقاله من حد إلي حد يدل علي كمال الحد الأول وتمامه، وذكره الحد الخفيف وهو الثمانون جلدة وعدم ذكر الحد الثقيل وهو الرجم. يدل علي أن الرجم غير مشروع: لأنه لو كان مشروعا لكان أولي بالذكر في القرآن من حد القذف







    أما الإمام فخر الدين الرازي فيقول في تفسيره: (أن ثبوت الزنا مخصوص بالشهود الأربعة، فمع المبالغة في استقصاء أحكام الزنا، قليلا وكثيرا، لا يجوز إهمال ما هو أَجَلَ أحكامها، وأعظم آثارها، ومعلوم أن الرجم لو كان مشروعا لكان أعظم الآثار، فحيث لم يذكره الله تعالي في كتابة، دل علي أنه غير واجب).

    وواضح أن هذة شهادة من أحد جهابذة علماء الإسلام تدل علي أن تشريع الرجم أسطورة كبيرة.

    11- يقول الله تعالي (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) (النساء 15)، و إذا ثبتت الفاحشة وثبتت الشهادة: فإنه يلزم إيقاع الحد علي الحرة أو علي الأمة، والمترتب علي إيقاع الحد:

    1- إما الحياة

    2- وإما الموت

    فالسارق يترتب علي حده حياة، والقاتل يترتب علي حده موت، والسؤال الآن: ما هو المترتب علي إيقاع الحد علي الزانية الحرة أو الأمة؟ هل هو الحياة أو الموت؟ إن المترتب علي حد الزناة والزانيات هو الحياة وليس الموت، وذلك من قوله تعالي (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً)، والإمساك في البيوت لا يكون بعد الرجم، ولكن الإمساك في القبور هو الذي يكون بعد الرجم!! ويترتب علي ذلك نفي الرجم كتشريع إسلامي.

    12- يقول الله تعالي (يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) (الأحزاب 30)، فقد جعل لأية امرأة من نساء النبي إن زنت، مع أنهن مبرآت ومعصومات ومن أطهر نساء العالمين وهم أمهات المؤمنين (أمهاتنا)، عقوبة مضاعفة عن عقوبة أية امرأة من نساء المسلمين. فلو فرضنا أن امرأة من المسلمين قد قدر لها الله مائة جلدة، فان أم المؤمنين قد قدر لها مائتين، (حاشى لله تعالي)، وهل للرجم من ضِعْفٍ؟
    هذا وقد بينا بفضل الله تعالي في القرآن الكريم ما علمني به من أدلة دامغة وحجج واضحة تدحض هذا الإفك المتوارث كابرا عن كابر.






    المصدر
    لا رجم للزاني في الإسلام.."دراسة أًصولية موثقة" - منتديات مجلة أقلام
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2
    أضطراب تفاصيل أشهر قصتين للرجم في كتب الصحاح


    هناك قاعدة أصولية هامة جدا تقول:

    الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال


    فهيا بنا أيها القارئ معا لنتابع الأدلة التي وردت في هذا الموضوع:

    القصة الأولي: رجم رجل اسمه ماعز:

    فقد روي البخاري ومسلم وأصحاب السنن وغيرهم أن رجلا اسمه ماعز بن مال الأسلمي زنا بعد إحصان، فاعترف، فرجمه النبي صلي الله عليه وسلم، وتفاصيل هذه الحادثة (المفتراة) تمتلئ بالتناقض والاضطراب، نذكر من ذلك:

    الجزئية الأولي: علم النبي بماعز:

    تفصيل الرواية:

    فقد روي البخاري (صحيح البخاري ح6815،6825) ومسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/276- ح1691/16)، وأبو داود (سنن أبي داود 4/143-
    ح4419).

    "أتي رجل رسول الله وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله إني زنيت"
    وتكرر اعتراف ماعز (أربع مرات)، وفي كل مرة يعرض عنه النبي!
    إذن فماعز هو الذي بادر النبي صلي الله عليه وسلم باعترافه!!

    تفاصيل التناقص:

    وروي مسلم بصحيحه أيضا (صحيح مسلم بشرح النووي 11/281- ح1693/19) هو وأبو داود (سنن أبي داود 4/145- ح4425)، وأحمد (مسند أحمد 1/245، 328-ح2203،3020)، وغيرهم، كلهم من طريق سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم لقي ماعزاً، فقال النبي لماعز:

    "أحق ما بلغني عنك؟"، قال ماعز: وما بلغك عني؟ قال بلغني أنك وقعت بجارية ال فلان، قال فشهد أربع شهادات ثم أمر به فرجم.

    إذن النبي صلي الله عليه وسلم هو الذي بادر ماعز بسؤاله.

    والتناقض هنا هو: كيف سيبدأ النبي ص بسؤال ماعز بينما ماعز هو الذي بدأ بالاعتراف؟

    تعليق الأئمة:

    النووي: الذي قال (قال العلماء: لا تناقض بين الروايات......)!
    ثم راح يتخيل كيف يمكن الجمع بين المتضاد، فقال:

    "...فيكون قد جئ به إلي النبي صلي الله عليه وسلم من غير استدعاء من النبي وقد جاء في غير مسلم (أن قومه أرسلوه إلي النبي، فقال النبي صلي الله عليه وسلم للذي أرسله: لو سترته بثوبك يا هزال لكان خيراً لك، وكان ماعز عند هزال، فقال النبي بعد أن ذكر له الذين حضروا معه ما جري له: أحق ما بلغني عنك) إلي آخره" (انظر صحيح مسلم بشرح النووي: 11/282)
    الاستدراك في التعليق:

    تغافل النووي عن الروايات بالصحيح الذي يشرحه (وسيأتي بعضها)، وفيها أن ماعزا ذهب للنبي، واعترف علي نفسه أربع مرات والنبي صلي الله عليه وسلم يُعرض عنه في كل ذلك!

    فلو كان ماعزاً اعترف علي نفسه لما قال له النبي صلي الله عليه وسلم:

    أحق ما بلغني عنك؟

    إذ إن هذا السؤال يظهر منه (بداهة):

    • مبادرة النبي صلي الله عليه وسلم لماعز، لا بالعكس

    • انتفاء اعتراف ماعز للنبي صلي الله عليه وسلم!!

    ثم لو كان كلام الرواة حقا لكان معني ذلك هو أن الستر علي الزاني عبادة، وهو ضد نص القرآن.
    وكلام النووي فيه أن النبي يعلم هزال الستر علي الزاني يثوبه مع أن واقعة زنا ماعز (بفرض صحتها) هي واقعة اعتراف، ولم يُذكر في أيها أن ماعز ضبطه هزال، أو حتي صحبه عند النبي







    الجزئية الثانية: مكان و كيفية الاعتراف

    تفصيل الرواية:

    فقد روي البخاري (صحيح البخاري ح6815،6825)، ومسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/276- ح1691/16)، وغيرهما:

    "أن ماعزاً ذهب إلي النبي صلي الله عليه وسلم بالمسجد، فناداه...."الرواية!
    إذن فماعز هو الذي ذهب إلي النبي صلي الله عليه وسلم بالمسجد.

    تفصيل التناقض:

    وروي أحمد بن حنبل في مسنده (1/245،328- ح 2203،3020) ومسلم (انظر صحيح مسلم بشرح النووي: (11/281- ح1693/19) وأبو داود (انظر سنن أبي داود 4/145- ح4425) والترمذي (سنن الترمذي 4/27- ح1427) والنسائي، وأبو يعلي، والطبراني وغيرهم:

    أن النبي صلي الله عليه وسلم لقي ماعز بن مالك فقال:

    "أحق ما بلغني عنك؟"

    إذن فالنبي صلي الله عليه وسلم هو الذي سأل ما عزا عندما لقيه!

    والتناقض هنا هو:

    هل ذهب ماعز إلي النبي صلي الله عليه وسلم بالمسجد، أم أن النبي ص هو الذي سأل ماعزا عندما لقيه؟!

    تعليق أهل الحديث: لا يوجد!!!!






    الجزئية الثالثة: شخصية المرأة المزني بها:

    تفصيل الرواية:

    فقد روي مسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/281- ح1693/19)، وأبو داود (سنن أبي داود 4/145- ح4425)، وأحمد (مسند أحمد 5/216- ح21383)، وغيرهم: أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يعلم بشخص المرأة التي زنا بها ماعز، ولذا قال صلي الله عليه وسلم (كما زعموا):
    "بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان"!

    *فالمرأة المزني بها معروفة هنا للنبي صلي الله عليه وسلم.

    تفصيل التناقض:بينما روي مسلم (صحيح مسلم ح 1693)، وأبو داود (سنن أبي داود 4/143- ح4419)، وأحمد (مسند أحمد 5/216- ح21383)، وغيرهم (كما صححه الألباني) أن النبي ص كان يجهل شخص المرأة التي زنا بها ماعز، ولذا قال له بعد أن شهد علي نفسه بالزنا أربعا:

    "إنك قد قلتها أربع مرات، فبمن؟

    قال: بفلانة"

    *فالمرأة المزني بها غير معروفة هنا للنبي صلي الله عليه وسلم!!

    والتناقض هنا هو:لو كان النبي صلي الله عليه وسلم صرح لماعز باسم المرأة لما قال له: بمن؟!!
    ولو كان النبي سأل ماعزاً عن شخصية المرأة لما قال لماعز

    "بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان"!

    وهذا يعمق حقيقة كذب الرواة علي النبي صلي الله عليه وسلم ويكشف كيف أنهم قد ألصقوا له صلي الله عليه وسلم قيامه بالرجم المفتري!

    الجزئية الرابعة: اعتراف ماعز بالزنا:

    تفصيل الرواية:

    فقد روي البخاري (صحيح البخاري ح6815،6825)، ومسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/276- ح1691/16)، وأبو داود (سنن أبي داود 4/143- ح4419)، وغيرهم أن ماعزاً قد اعترف بالزنا من المرة الأولي:

    "فناداه، فقال: يا رسول الله إني زنيت، فاعرض عنه حتي ردد عليه أربع مرات......"الرواية!
    • إذن فالنبي صلي الله عليه وسلم يعرف جريمة ماعز من أول مرة!

    تفصيل التناقض:

    بينما روي مسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/284- ح1695/22)، وأحمد وغيرهم:
    أن ماعزا جاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم أربع مرات كل مرة يقول للنبي: أنه زني!
    وفي المرة الرابعة قال له النبي ص : فيم أطهرك؟
    فقال: من الزنا
    • إذن فالنبي ص لم يعرف بجريمة ماعز إلا بعد المرة الرابعة!!

    والتناقض هنا هو:

    هل عرف النبي ص بجريمة ماعز من أول مرة، أم أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يعرف بجريمة ماعز إلا بعد المرة الرابعة!!

    ولو قال ماعز من المرة الأولي بوقوع الزنا منه لما قال له النبي صلي الله عليه وسلم بعد المرة الرابعة: "فيم أطهرك؟.






    الجزئية الخامسة: مجئ ماعز للنبي:

    تفصيل الرواية:

    فقد روي البخاري (صحيح البخاري ح 6814،6815،6820،6823،6824،6825)، ومسلم (شرح النووي(11/284- 281- 276- ح1691/1694- 16/1695-20/22)، وغيرهما أن ماعزاً هو الذي أتي النبي ص: "أتي رجل من المسلمين رسول الله صلي الله عليه وسلم"

    "جاء ماعز بن مالك إلي النبي صلوات ربي وسلامه عليه"

    "أن ماعز بن مالك الأسلمي أتي رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه"

    تفصيل التناقض:
    بينما روي البخاري، ومسلم (انظر صحيح مسلم بشرح النووي 11/280- 279- ح1692)، وغيرهما أن ماعزا جئ به وأتي به:

    "جئ به إلي النبي صلي الله عليه وسلم" ، "أتي رسول الله صلي الله عليه وسلم برجل قصير"!
    وواضح أن هناك من أتي بماعز إلي النبي صلي الله عليه وسلم كما جاء عند النووي مصرحاً به.

    والتناقض هو:
    أنه لو جاء ماعز لما قيل جئ به، ولو جئ به لما قيل جاء وأتي وقد مر آنفاً أنه لا جاء، ولا جئ به!!!!

    الجزئية السادسة: رد النبي لماعز:
    فقد روي مسلم (علي سبيل المثال) في صحيحه (صحيح مسلم بشرح النووي 11/280- ح1692/18):

    أن النبي صلي الله عليه وسلم رد ماعزاً مرتين ثم أمر به فرجم

    تفصيل التناقض الأول:
    بينما روي مسلم (أيضا علي سبيل المثال):
    أن ماعزا اعترف بالزنا، وأن النبي صلي الله عليه وسلم رده ثلاث مرات (صحيح مسلم بشرح النووي 11/288- ح1695/23)

    تفصيل التناقض الثاني:وبينما روي مسلم في صحيحه (صحيح مسلم بشرح النووي 11/275- ح1691/15)
    أن النبي صلي الله عليه وسلم ردٌ ماعزاً أربع مرات! وفي رواية أنه رده مراراً.

    والتناقض هو:هل كان الرد مرتين أم ثلاثاً أم أربعاً؟






    الجزئية السابعة: اعتراف ماعز:

    تفصيل الرواية:

    فقد روي البخاري (صحيح البخاري ح 6815،6825)، ومسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/276 – ح1691/16)، وغيرهما،

    أن ماعزاً اعترف علي نفسه بالزنا أربع مرات في يوم واحد، يُعرض عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم فيتنحي ماعز تلقاء وجهه ويعترف بالمرة التالية وهكذا.

    تفصيل التناقض:بينما روي مسلم في صحيحه (صحيح مسلم بشرح النووي 11/288 – ح1695/23)، وغيره أن كل اعتراف كان في يوم بخلاف اليوم الآخر:

    "...فرده، فلما كان من الغد أتاه فقال: يا رسول الله إني قد زنيت، فرده الثانية"، ثم: "فأتاه الثالثة"، وهكذا

    والتناقض هنا هو:
    هل كان الاعتراف مجزءاً علي أربعة أيام أم كان في يوم واحد؟!

    الجزئية الثامنة: ماذا قال ماعز للنبي:

    تفصيل الرواية:

    فقد روي مسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/284 – ح1695/22)، وأحمد والدارقطني، وغيرهم أن بعض الصحابة قالوا:

    "ما توبة أفضل من توبة ماعز، أنه جاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم فوضع يده ثم قال: اقتلني بالحجارة....."

    تفصيل التناقض:وروي أبو داود (سنن أبي داود 4/144 – ح4420)، وأحمد والدارقطني، وغيرهم أن ماعزاً لما وجد مس الحجارة صرخ براجميه قائلا:

    يا قوم ردوني ألي رسول الله فإن قومي قتلوني، وغروني من نفسي، وأخبروني أن رسول الله صلي الله عليه وسلم غير قاتلي"!

    والتناقض هنا هو:لو كان ماعز قال: "اقتلني بالحجارة "لما قال إن قومه غروه، ولو كان قومه غروه لما كان قال للنبي صلي الله عليه وسلم "اقتلني بالحجارة"!

    وقد حسن الألباني رواية صراخ ماعز براجميه





    الجزئية التاسعة: حفروا لماعز أم لم يحفروا له:

    تفصيل الرواية
    فقد روي مسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/281 – ح1694/20) وغيره عن أبي سعيد الخدري قوله:

    "فما أوثقناه ولا حفرنا له"

    وروي البخاري، ومسلم، وغيرهما هرب ماعز أثناء الرجم، وإدراك راجميه له!

    تفصيل التناقض:
    وروي مسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/288 – ح 1695/23)، وغيره:
    "فلما كان الرابعة حفر لهُ ثم أمر به فرُجِم"!!

    والتناقض هنا هو:
    هل حفروا لماعز وأوثقوه أم لم يحفروا له ولم يوثقوه؟!

    وواضح هنا التناقض الرهيب بين الروايات الصحيحة بالصحيحين، والتي ترتب عليها تفرق الخلف:
    • فقال مالك وأبو حنيفة وأحمد في المشهور عنهم: لا يحفر للمرجوم والمرجومة
    • وقال أبو حنيفة في رواية أخري (والظاهر أنه بعد أن بلغه الحديث الآخر) هو قتادة وأبو يوسف، وأبو ثور: يحفر لهما!..فعلي المذهب الحنفي: يُحفر للمرجوم، ولا يُحفر للمرجوم!!
    • وقال بعض المالكية "يحفر لمن يرجم بالبينة ولا يحفر لمن يرجم بالإقرار".
    • وقال الشافعية: لا يحفر للرجل سواء أقر أم أقيمت عليه البينة!

    أما المرأة فقد صاروا فيها ثلاثة مذاهب:

    الأول: "يستحب الحفر لها إلي صدرها"

    الثاني: "متروك الحفر وعدمه لاختيار الإمام"

    الثالث: إن ثبت زناها بالبينة استحب الحفر لها، وإن ثبت بالإقرار فلا يستحب الحفر لها"

    "فمن قال بالحفر لهما احتج بأنه حفر للغامدية وكذا لماعز في رواية...،ثم:

    "وأما من قال لا يحفر فاحتج برواية من روي(فما أوثقناه ولا حفرنا له)"

    وعقب النووي بقوله: "وهذا المذهب ضعيف"، ونقله عنه ابن حجر دون إعلان!

    تعليق مؤلف البحث: بل مذاهبكم (في قبول الرواية مع إغفال آيات القرآن) هي الضعيفة، بل والباطلة، فإن شرط الأول والأخير لقبول الرواية هو موافقتها لكتاب الله تعالي.

    الجزئية العاشرة: كيف مات ماعز:

    تفصيل الرواية:
    فقد روي مسلم بصحيحه (صحيح مسلم بشرح النووي 11/281 – ح 1694/20)، وأبو داود، وأحمد، وغيرهم:
    أن رجمة ماعز رجموه بجلاميد الحجارة حتي سكت، وذلك بعد أن جري واشتد في الجري وأدركوه!

    تفاصيل التناقض:
    بينما روي أبو داود (سنن أبي داود 4/143 – ح 4419)، وأحمد (مسند أحمد 5/721 – 21383)، وابن أبي شيبة، وغيرهم:
    أن ماعزا جري واشتد حتي أعجز أصحابه، فلقيه عبد الله بن أنيس فنزع له بوظيف بعير، فرماه به فقتله.

    والتناقض هو:
    لو كان كما جاء في صحيح مسلم، ماعز حُفر له فكيف جري؟!............
    وبمعني أوضح: حفر له أم جري؟!!....أم ماذا جري يا هل تري؟!







    الجزئية الحادية عشرة: موقف النبي من التنفيذ

    تفصيل الرواية:فقد روي البخاري ومسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/279 -281 –ح 1692/17 – 1694/21)، وغيرهما أن النبي قال بعد أن رجم ماعز:

    "إن الله لا يمكنني من أحد منهم (الزناة) إلا جعلته نكالاً"

    تفصيل التناقض:
    بينما روي أبو داود (سنن أبي داود 4/143 – ح 4419)، وأحمد (مسند أحمد 5/721 – ح 21383)، وغيرهما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال بعد أن علم بمحاولة ماعز الهرب من الرجم:
    "هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه"

    والتناقض هنا هو:
    واقع بين ما نُسِبَ للنبي ص (بزعم الرواة)، علما بأن رواة رواية تمني النبي ص ترك ماعز هم رجال مسلم علي قول الألباني وغيره!!

    عزيزي القارئ:
    هذه (جملة) من المتناقضات، وتركت الكثير غيرها مما هو علي نفس الشكل والنمط حتي لا تصاب بالملل، وأعلم أن من يصدق روايات معاذ فهو يصدق بالشئ وعكسه، ويصدق وهماً وخيالاً، واشتري من الرواية بضاعة مزجاة!!!

    وقد يدرك اللبيب علي الفور أثر ما قلناه، ما تركه لنا بعض الخلف من تزوير وتحريف في شرائع الله وفي أقوال رسوله صلي الله عليه وسلم، فكانت كل الأقوال المتضاربة التي سبقت ما هي إلا نتيجة طبيعية للباطل الذي تركه بعضهم وليس جميعهم لنا، والذي ألصقوه ظلما وبهتانا لرسوله الكريم.
    واعلم أن هؤلاء في هذه الحادثة فقط قالوا:

    * اعترف ماعز بالزنا ابتداءً، واستدرجه النبي ابتداءً!!
    * وأتي ماعز النبي بالمسجد فاعترف له، واعترف عندما لقيه في الطريق!!
    * وكان النبي يعلم المرأة المزني بها وكان لا يعلمها!!
    * واعترف بماعز بعد المرة الرابعة، واعترف من المرة الأولي!!!
    * وأتي به، ورده النبي مرتين، ورده ثلاثاً، ورده أربعاً!!!
    * واعترف ماعز أربع مرات متتالية في يوم واحد، واعترف أربع مرات كل يوم
    مرة
    • وكان ماعز يعلم أن عقوبته بجلاميد الحجارة، ولم يكن يعلم!!
    • ومات بصخور الرجمة، ومات بعظمة بعير ضربه بها عبد الله بن أنيس!!
    • وتمني النبي هرب ماعز، ولم يتمن!

    هذا وقد قام الشُراح بتلفيق جل هذه البلايا!!

    عزيزي القارئ: نعود إلي القاعدة الأصولية التي أوردناها من قبل، فكم عدد الإحتمالات التي تقوم علي فساد تلك الروايات وبطلانها؟؟....ألم يسقط بها الإستدلال ألف مرة ومرة علي أن كون هذا التشريع المفتري من عند الله؟... ..بلي وحاشي لله.

    ولو اقتصر الخلف علي الروايات التي لا تخالف الكتاب، ولا تشرع، ولا تأتي بها عقائد مع عدم إلزام الرسول بها.

    ولو أنهم قد اقتصروا علي المعاني الطيبة في بعض الروايات، والتي هي من جنس الحكم، وفضائل الأعمال مثل قول:

    النطافة من الإيمان

    وقول: المسلم أخو المسلم

    وقول: إن المرء يكذب ويكذب ويتعمد الكذب حتي يُكتب عند الله كذاباً.

    وقول: النساء شقائق الرجال....

    وما إلي ذلك من أقوال تُساهم في جمع شمل فئات المواطنين، ولا تخالف آيات الله، وتندرج تحتها، وتكون الهيمنة في جيمع الأحوال لكلام الله. فلو كان ذلك قد حدث لما حدث تناقض أبدا، ولا تضاد مع كتاب الله.

    إلا أن القوم أبوا سلفاً وسيأبون إلا الإيمان بكل ما يصح سنده بحسب مذاهبهم في القبول والرفض، وسيؤمنون بها مع نهي الله لهم، ثم سيلصقونها للنبي ص، وهي كما يبدو وبدا وسيبدو مما زاده اليهود، والشيعه والبدو، والمنافقون، وأرباب السياسة....الخ.

    وسيفرح بها أعداء الإسلام ليشنأوا بها علي الإسلام، وبعداً لهم.

    هذا وقد جاء بالروايات كما عند البخاري ومسلم أن النبي ص قال:

    "أو كلما انطلقنا غزاة في سبيل الله تخلف رجل في عيالنا له نبيب كنبيب التيس"
    وهكذا من أفسد من قبل، فهو يصور الزنا علي أنه كان فاشياً في كل غزوة، وهذا غير صحيح، ويصور النساء المؤمنات (عيالنا) بصورة تليق بعقلية الرواة، فهن جاهزات دوماً للانحراف..حاشى لله ثم كلا ثم نستغفر الله ثم حسبنا الله ونعم الوكيل!

    وقد يقول لنا بعض قراء هذه المقالة (إسكُتْ هُسْ!)، يبدو أنك تنكر سنة حبيبك الرسول صلي الله عليه وسلم!!!.....

    حسنا فليتهمونا!!..فلن نأبه بكلامهم ولن نسكت ولن نهُسْ، ولسوف نري من فينا هو المنكر الحقيقي لسنة الرسول صلي الله عليه وسلم، فإن قرآننا فوق كل الكتب وسنة نبينا الحقيقية فوق كل السنن الزائفة، والحق فوق كل إعتبار.







    القصة الثانية: رجم امرأة يطلق عليها الغامدية:

    لقد سردت مثالب قصة ماعز بالتفصيل ولكنني سوف أذكر علي عجالة بعضا من قصة ما يطلق عليها بالغامدية!! وللقارئ أن يجتهد ويبحث إذا طلب المزيد من التفاصيل، فهذا يعتبر من حقه بل من واجبه أيضا.

    1- هل ماتت الغامدية قبل فطام الصبي أم بعده؟

    تفصيل الرواية:
    فقد روي مسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/288 – ح 1695/23)، وغيره أن النبي ص قال للغامدية:

    "إذهبي فأرضعيه حتي تفطميه فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز فقالت هذا يا نبي الله قد فطمته وقد أكل الطعام فدفع الصبي إلي رجل من المسلمين،...."!

    إذن فالنبي ص ترك الغامدية حتي كبر ابنها وفطمته!!

    تفصيل التناقض:
    بينما روي مسلم بصحيحه (صحيح مسلم بشرح النووي 11/291 – ح 1696/24)، هو وغيره أن النبي ص لم يهمل الغامدية حتي تفطم طفلها:
    "لا نرجمها وندع ولدها صغيراً ليس له من يرضعه فقام رجل من الأنصار فقال إلي رضاعة يا نبي فرجمها"

    والتناقض هنا هو:
    هل ترك النبي الغامدية حتي أرضعت ابنها وكبر وفطمته؟!
    أم ان النبي لم يُمهل الغامدية حتي ترضع طفلها وتفطمه وأسلمه للأنصاري ليكفل رضاعته؟!

    وباختصار: من الذي أرضع الصبي؟!!

    تلفيق الشراح:

    النووي
    "فهاتان الروايتان ظاهرهما الإختلاف فإن الثانية صريحة في أن رجمها كان بعد فطامه وأكله الخبز والأولي ظاهرها أنه رجمها عقب الولادة ويجب تأويل الأولي وحملها علي وفق الثانية لأنها قضية واحدة والروايتان صحيحتان والثانية منهما صريحة لا يمكن تأويلها والأولي ليست صريحه فيتعين تأويل الأولي ويكون قوله في الرواية الأولي قام رجل من الأنصار فقال إلي رضاعه إنما قاله بعد الفطام وأراد بالرضاعة كفالته وتربيته وسماه رضاعا مجازا"
    وليس بعد هذا أيها القارئ من ظهور لمذهب التبرير الذي حدا بالنووي إلي وجوب التأويل، ويتعين التأويل، وَلي أعناق الكلمات والجمل للوصول إلي حل للإشكال القائم بتضاد الروايات....فتأمل!

    2- هل حفروا للغامدية أم لا..؟!

    تفصيل الرواية:
    فقد روي مسلم بصحيحه (صحيح مسلم بشرح النووي 11/288- ح 1695/23)، وغيره أن النبي ص قد حفر للغامدية إلي صدرها وأمر الناس فرجموها:
    "ثم أمر بها فحفر لها إلي صدرها وأمر الناس فرجموها!

    تفصيل التناقض:بينما روي مسلم بصحيحه (صحيح مسلم بشرح النووي 11/291- ح 1696/24) هو وغيره أن النبي ص لم يحفر لها إلي صدرها وإنما أمر بشك ثيابها عليها ثم أمر الناس فرجموها!

    "ثم أمر نبي الله ص فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرُجمت"
    والتناقض هنا هو:

    هل حفر النبي ص للمرجومة إلي صدرها وأمر الناس فرجموها، أم أن النبي لم يحفر للمرجومة وإنما اكتفي بشك ثيابها عليها؟

    هذا وقد تباينت أقوال أهل الرواية في الحفر من عدمه، فنجد مثلا:
    • تبيين الحقائق للزيلعي الحنفي: "يحفر للمرأة لا للرجل، إلي أن قال: "...ولأنهما ربما تضطرب إذا أصابتها الحجارة فتبدو أعضاؤها وهي كلها عورة فكان الحفر أستر لها بخلاف الرجل ولا بأس بترك الحفر لها لأنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر بذلك...".

    • نسب الرواية للزيلعي الحنفي: "قوله: وإن ترك الحفر لا يضره، لأنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر بذلك قلت: هذا ذهول من المصنف وتناقض، فإنه تقدم في كلامه أنه عليه الصلاة والسلام حفر للغامدية، وهو في مسلم".

    • العناية شرح الهداية للبابرتي الحنفي: وإن حفر لها في الرجم جاز، لأنه عليه الصلاة والسلام حفر للغامدية إلي ثندوتها، وحفر علي رضي الله عنه لشراحة الهمدانية وإن ترك لا يضره لأنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر بذلك وهي مستورة بثيابها، والحفر أحسن، لأنه أستر ويحفر إلي الصدر لما روينا"

    • الجوهرة النيرة للعبادي الحنفي: "وأما المرأة فإن شاء الإمام حفر لها، لأنه عليه الصلاة و السلام حفر للغامدية إلي ثندوتها، وحفر علي رضي الله عنه لشراحة الهمدانية وإن ترك لا يضره لأنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر بذلك وهي مستورة بثيابها، والحفر أحسن، لأنه أستر ويحفر إلي الصدر لما روينا".

    • الجوهرة النيرة للعبادي الحنفي: "وأما المرأة فإن شاء الإمام حفر لها لأن النبي ص حفر للغامدية لأن الحفر استر لها مخافة أن تنكشف وإن شاء لم يحفر لها لأنه يتوقع منها الرجوع بالهرب".

    • فتح القدير لأبن الهمام الحنفي: "وإن حفر لها في الرجم جاز، لهذا ولذلك حفر عليه الصلاة والسلام للغامدية..." إلي أن قال: "...وإن ترك الحفر لم يضره...إلي أن قال: "...وذكر الطحاوي صفة الرجم أن يصفوا ثلاثة صفوف كصفوف الصلاة كلما رجمه صف تنحوا...."

    أرأيت عزيزي القارئ ما مدي التباين والإختلاف، وإلي أي حد وصل؟ ألم يكف كل هذا لدحض هذه الفرية العظيمة؟..ولكن سوف نستمر حتي نكون قد أرحنا ضمائرنا وبلغنا هذه الرسالة حق تبليغها.....







    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    شبهات الاعتراف:

    من الملاحظات القوية التي لاحظتها في حوادث الرجم المفتراة والمؤلفة بغير دقة في دين الخلف أن العقوبة قد أقيمت (خيالا) بناء علي اعتراف وإقرار الفاعل بالزنا كأمر مساو للشهود الأربعة والرامي المذكور بقول الله تعالي: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور 4).

    وبالتالي فهو عدول عن العقوبة الربانية بالجلد، وعدول أيضا عن ضوابط تكييف واعتماد الجريمة من الشهود الأربعة إلي مجرد الإقرار، بل وامتد الإقرار ليشمل كون المعترف محصناً!

    فقد مر بنا اعتراف ماعز علي نفسه، واعتراف الغامدية علي نفسها، وإقرار ماعز بإحصانه، برغم خطأ إطلاق اسم المحصن علي الرجل ما سيأتي:

    يقول ابن حجر:
    "لأن ماعزاً كان متمكنا من الرجوع عن إقراره بخلافها فكأنها قالت أنا غير متمكنة من الانكار بعد الإقرار لظهور الحمل بها بخلافه".

    وهكذا صار الرجل متمكناً من الرجوع عن إقراره، والمرأة عكسه عاجزة، وبالتالي فالتي لم تحبل يمكنها التراجع عن الإقرار متي شاءت قبل الرجم، ولا شئ عليهما، وكلها أوجه جديدة مخترعة ومتفرعة من اعتماد الرواية!

    وقال النووي (معلقا علي حديث الغامدية):

    "وهذا الحديث محمول علي أنها كانت محصنة، لأن الأحاديث الصحيحة والإجماع متطابقان علي أنه لا يرجم غير المحصن"

    وهكذا صار زوجها مجرد تخمين (عند من يؤمنون بالرواية)!

    يقول ابن حجر:
    "وأجاب شيخنا في شرح الترمذي بأن الغامدية كان ظهر بها الحبل مع كونها غير ذات زوج فتعذر الاستتار للإطلاع علي ما يشعر بالفاحشة (مسند أحمد 1/245 – ح 2203-3020)
    وهكذا استطرد التخمين، وصار الزوج ليس في الجوار!

    ولم يأت في روايتي ماعز والغامدية أنه تم التأكد من إحصانهما، وإنما آل الأمر أيضا إلي الإقرار، وبالتالي فيكون قول المرء بزناه، وقوله بإحصانه كاف لقتله، وهو يعني أن المعترف فقيه بمعني الإحصان، مع أن القوم لم يتفقوا إلي اليوم علي تعريف محدد للإحصان، كما يغني الصدق المطلق للمعترف، مع أن القوم قالوا بوقوع إعترافات كاذبة!

    وقال النووي:
    "ومن ذلك حديث الرجل الذي ادعت المرأة أنه وقع عليها برجمه، ثم قام آخر فاعترف أنه الفاعل فرجمه، وفي رواية أنه عفا عنه" (المجموع النووي 20/305)
    ولم يأت في روايتي ماعز والغامدية ما يدل علي أن المعترف قد تم عقاب شريكه في الزنا، مع أن الأمر يتطلب تغطية إعلامية من الرواه.

    وجاء برواية العسيف عقابه علي الزنا بإقراره، مع ترك شريكته حرة في أن تعترف أم لا، وأيضا تم التعتيم الإعلامي علي مصيرها برغم ذكر الحكاية لأنه تم إرسال من يقررها.
    ونعود لنقرر القاعدة الأصولية التي قد قررناها من قبل علي سبيل التأكيد:

    الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال




    بيان زيف آية الرجم من خلال فرية إثباتها

    فقد روي البخاري (صحيح البخاري ح 6830)، ومسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 11/274 – ح 1691/15)، وغيرهما أن عمر بن الخطاب قال:

    • "إن الله قد بعث محمداً ص بالحقِ، وأنزلَ عليه الكتاب، فكان مما أُنزِلَ عليه آية الرجم، قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله ص ورجمنا بعده، فأخشي إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجدُ الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق"......وهذا يعني أن الرجم نزل كآية في كتاب الله، معرفة بإضافتها له: (آية الرجم).

    • ووصل الأمر (كما ذكرت قبلا) إلي درجة أن البخاري قد بوب في صحيحه بابا قال فيه:
    (باب الشهادة تكون عند الحاكم..)، إلي أن قال:
    "قال عمر لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي"!

    أي أن الوضع الصحيح هو تضمين آية الرجم بالكتاب، ولولا خوف عمر من أن يُقال : زاد عمر في كتاب الله لأدرجها فيه.

    وهو يعني أن الكتاب علي وضعه الحالي ينقصه آية الرجم، ولبيان فرية إثبات الآية المزعومة نقول وبالله التوفيق:

    سلمنا بنقل البخاري، فتكون الآية طبقا للرواية: محفوظة، ومعروفة لشيوعها المذكور بالنص: (قرأناها ووعيناها وعقلناها)، فأين هي من كتاب الله؟!

    والجواب: لا يوجد فقد أُلغيت من كتاب الله!

    إذن فما الذي يدرينا بها وبهذه الفرية عموما؟!

    والجواب: الروايات!

    فأين هي عند الخلف؟!

    والجواب: يوجد بالطبع!

    ولكن كم نصا تريد؟!!

    فالحقيقة أن هناك وفرة جداً في نصوصها (نشك فيها كلها) وتبلغ (بدون نصوص الشيعة) ثلاثة عشر نصا كالتالي:

    • النص الأول: من عند الراوي أبي عوانة: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) (مسند أبي عوانة 4/122).

    • النص الثاني: من الرواة أحمد بن حنبل، والدارمي، والبيهقي، ومالك (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) (مسند أحمد ح 21086).

    • النص الثالث: من عند الروائيين النسائي، والبيهقي: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة) (كبري البيهقي 4/270- كبري النسائي ح 7146).

    • النص الرابع: من عند الرواة النسائي، وابن حبان، وعبد الرزاق. (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) (صحيح بن حبان 10/274).

    • النص الخامس: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) (الأحاديث المختارة 3/370).

    • (النص السادس: من عند الرواة النسائي، البيهقي، وأحمد بن حنبل، والشافعي، وبن ماجة، والحاكم، وابن حبان (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) (المستدرك 2/4- 415/401- 400)، وصححه الإمام الألباني بصحيح بن ماجة (صحيح بن ماجة ح 2067).

    • النص السابع: من عند الرواة الطبراني، وابن أبي عاصم، والنسائي، والحاكم (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة).

    • النص الثامن: من عند الراوي الطبراني: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) (المعجم الأوسط للطبراني 4/332).

    • النص التاسع: من عند الرواة البيهقي، وعبد الرزاق، والبزار، والحاكم: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) (الكبري للبيهقي 8/211- ومصنف عبد الرزاق 3/365)، وصححه الألباني بإرواء غليله (إرواء الغليل للألباني 8/3- ح 2338).

    • النص العاشر: من عند الراوي أحمد بن حنبل: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) (مسند الإمام أحمد 20702).

    • النص الحادي عشر: من عند الرواة: عبد الرزاق، والبيهقي، والطيالسي: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) (سنن البيهقي الكبري 8/211- والطيالسي 540).

    • النص الثاني عشر: من عند الراوي عبد الرزاق: (إذا زنيا الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) (مصنف عبد الرزاق 7/329).

    • النص الثالث عشر: من عند الرواة: الإصبهاني، وابن الجوزي، والسيوطي: (إذا زني الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) (الاتقان للسيوطي 2/66- ونواسخ القرآن لابن الجوزي 1/36).







    فهل يصح أن يقال بهذه النصوص الثلاثة عشر لآية واحدة في آن واحد؟!!! وأي هذه النصوص تقبل؟...ولماذا!!

    هل ستحكمون قواعدكم المستحدثة في الجرح والتعديل في ما تزعمونه قرآنا؟!!

    سلمنا أن كل الروايات ضعيفة، وسنطرحها كلها، فتبقي مشكلتان لا حل لهما عندكم إلي أن يرث الله الأرض وما عليها.....

    أما الأولي: فأين الآية الصحيحة في نظركم؟

    وأما الثانية: إن الفكرة الفاسدة بوجود آيات تحذف من القرآن مع بقاء حكمها ستظل قائمة (كما هو ثابت عند الفريقين بكتبهما)، ودون شاهد لها من الكتاب، اللهم إلا علي فسادها وفساد عقول وفطرة أصحابها.

    ثم إن كل الآيات (الصناعة البشرية) السابق عرضها امتلأت بالعيوب العظيمة فضلا عن الركاكة اللغوية المخزية، كما سيأتي، فلو سلمنا أن هذه الروايات ضعيفة عدا واحدة (مثلاً)، فما الفرق بينها وبين الباقيات إذا كانت العيوب تشمل الكل!!.....وللبيان:

    بيان أوجه جهل واضعي آية الرجم:
    كلام الله هو كلام محكم ومعجِز وفوق طاقة البشر، وعندما يحاول البشر محاكاته وتقليده وتزييفه يجعلون من أنفسهم أضحوكة أمام العقلاء من كثرة تعثرهم، وظهور جهلهم، وكان هذا لا يظهر للسطحيين من أمثال زكريا بطرس وأشياعه.

    وقد كان من هذا في محاولاتهم الفاشلة لتأليف آية الرجم ما يلي:

    1- جهلهم بأسلوب القرآن وبلاغته:

    *تقديمهم للذكر علي الأنثى بعكس أسلوب القرآن:

    لما كانت المرأة هي المزينة للرجل لطبيعة خلقتها فقد كلفت بستر مفاتنها دونا عن الرجل الذي ليس له تلك المفاتن، وعليه فهي مرغوبة بطبعها علي العموم وتمنُعِها هو الحائل بين وقوع الزنا علي الأغلب

    ولذا فإن المولي سبحانه (وعظمت حكمته عندما ذكر الزانية قدم الأنثي علي الذكر فقال (الزانية والزاني)!!

    ولم يحدث هذا في السرقة لغلبة حدوثها من الرجال، ولذا قال تعالي: (والسارق والسارقة)!
    إلا أن الرواة الذين يضعون هذه الروايات يلصقوها بالنبي ص غالبا ما يحط عليهم الغباء فلا يلتفتون إلي مثل هذه اللطائف، ولذا فعندما وضعوا الآية المفتراة التي سموها بآية الرجم، وقد كتبوا هذه الروايات الثلاث عشرة ببشريتهم التي تفتقر لمثل هذه اللطائف!، فقدموا الرجل علي المرأة وقالوا......(الشيخ و الشيخة)!!

    وزيادة في لطف الله قد فعلوا ذلك في كل الآيات المخترعة الثلاث عشرة.

    وفعل الشيعة مثلهم في الزيادات المؤلفة عندهم علي النصوص السالف ذكرها وقالوا مثلا: (ورد في صحيحة عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الرجم في القرآن قول الله عز وجل:

    (إذا زني الشيخ والشيخة فارجموهما البتة فإنهما قضيا الشهوة) !

    فتأمل لسطحية من ينتقدون الإسلام بمثل هذه الروايات المنحطة.

    2- جهلهم بمعاني الألفاظ:
    فقد جَهِل الوضاعون هم وخلفهم معاني الألفاظ، فقالوا كلاماً يدل علي مدي جهلهم المطبق، كما يكشف زيف سرائرهم وحجم افترائهم، ومن ذلك:






    الجهل الأول: جهل بلفظ الشيخ:

    فقد جاء الرواة الوضاعون بلفظ عجيب لم يُستخدم في القرآن مطلقا للمتزوجين والمتزوجات (المحصنين و المحصنات)، وهو لفظ "شيخ"

    فالشيخ هو الرجل المسن الذي بلغ من الكبر عتيا، ألا تسمع لقول ابنتي الرجل الصالح وهما يعتذران عن أبيهما لعدم استطاعته سقي أنعامه، فقالتا: (وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)، فالشيخ هنا عاجز عن أن يقوم بما يقوم بما يقوم به الرجال.

    ثم ألم تسمع لقول زوج إبراهيم عندما بُشّرت بالولد بعد أن صارت عجوزا وكذلك زوجها إبراهيم عليه السلام الذي صار شيخا: (َقالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا) (هود 72)، وقال الراغب بالمفردات "يقال لمن طعن في السن بالشيخ" ثم استشهد بالآيات.

    وقد قال رب العزة سبحانه وتعالي (ُثمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) وهي الرجولة، (ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا) وثم هنا للتراخي، وقد جاء بقواميسهم أيضا أن الشيخ هو المسن.

    فقد جاء في تعريف الشيخ بلسان العرب كالتالي: "الشيخ": الذي استبانت فيه السَّنُ وظهر عليه الشيبُ وقيل: هو شيخ من خسين إلي آخره، وقيل: هو من إحدي وخمسين إلي آخر عمره، وقيل: هو من الخمسين إلي الثمانين، والجمع أشياخ وشيخان وشيوخ وشيخة ومشيخة ومشيوخاء ومشايخ، وأنكره ابن دريد، وفي الحديث ذكر شيخانِ قريش، وجمع شيخ كضيف وضيفان والأنثي شيخة، راجع لسان العرب (3/31- 32).

    إلا أن الرواة برغم وضوح شذوذ اللفظ فقد أتوا به لما أورثهم الله الغباء، وجاء خلفهم الطيبون ليرددوا مزاعم أجدادهم، وإلي الله المشتكي!!

    ونخلص إلي أن إطلاق لفظ "الشيخ" علي الزاني المتزوج هو افتراء علي الله تعالي وعلي كتابه الكريم!






    الجهل الثاني: جهلهم بلفظ "الشيخة"
    لفظ الشيخة يُطلق عرفا علي المرأة المسنة، كما أن لفظ الشيخ يقترن به لفظ "عجوز"، وهو مساو له في تبيين الحال مع اختلاف الجنس ولا يُطلق علي المتزوجة أبداً!!

    ويكون المعني الفاسد (إلي هنا) بناءً علي ألفاظهم المفتراة كالتالي:

    الشيخ (الطاعن في السن)، والشيخة (العجوز) فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة (المنعدمة عندهما)!!!

    وهذا يقودنا للجهل الثالث:

    الجهل الثالث: جهلهم بلفظ اللذة

    فلو سلمنا بما جاء في الآية المضطربة (المفتراة) وأخذنا بما جاء فيها من قول الرواة فسنجد "بما قضيا من اللذة"، وهذا كالعلة للحكم وهو أيضا فاسد من وجوه.

    1- فمن المعلوم ضرورة أن اللذة عند الشباب والرجال أكثر منها عند الشيوخ، والرغبة أشد، والقدرة أعلي!

    2- ولو سلمنا بما جاء برواية "اللذة" عند البيهقي والنسائي فلن نجد فيها أي ذكر للزنا...! "الشيخ و الشيخ فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة"، وعلي ذلك فيتوجب الرجم بناءً علي أية لذة، ولا يتوجب علي من زنا ولم يجد اللذة!!.....ثم ما مقاس اللذة هنا؟!

    3- ولم ينتبه أذكياء الرواية إلي أنه من الممكن أن يكون الشيخ والشيخة من العُزّاب!!!....فليس كل شيخ متزوجاً، وكذلك الشيخة.

    4- ثم هب أن شاباً دون العشرين من العمر، تزوج ثم زني فالحكم الخاص بآية الرجم المفتراة لو سلمنا به افتراضاً- لن يطبق عليه، إذ إن حكم الآية المفتراة جاء خاصاً بالشيوخ من المحصنين فقط، وسيخرج منه المحصنون من الشباب مع أنهم قضوا من اللذة أكثر من الشيوخ!

    فيلزمهم أن يضع الرواة رواية أخري يكذبون فيها علي أبي بكر الصديق مثلا ويقولون فيها برجم الشباب والشابات المحصنين والمحصنات بما قضوا من اللذة والملذات!!.....اضحك أيها الحزين، فشر البلية ما يضحك!!

    ولا ينسي هؤلاء أن ينوهوا علي خوف أبي بكر (مثلا) من إنكار آية الرجم، وعقوبة الرجم، وأنه سيظهر في آخر الزمان من يُنكرون رجم الشباب، كما أنكروا رجم الشيوخ.







    3- جهلهم بالطب، و الواقع، و طبائع الأبدان:

    قد جاء بالرواية المختلقة والقابعة بصحيح البخاري:

    "أو كان الحبل أو الاعتراف"

    وهذا فاسد جداً، ومن علامات اضطراب الرواة الذين وضعوا هذا الإفك.

    فالحبلي قد تحبل بدون زني (إيلاج)، وقد يجامعها الرجل بين فخذيها فيسري ماءُه إلي رحمها بيدها أو غيرها فتحبل دون إيلاج!!

    والحبلي قد تحبل استكراها، وقد تحبل بشبهة.

    ولذا قال ابن حجر (معقباً علي كلام ابن العربي):
    "ويعكر عليه احتمال أن يكون الوطء من شبهة"

    وقال الشافعي:
    "لا حد عليها (أي الحبلي) إلا ببينة أو إقرار"

    وبمثل ما قال الشافعي قال الكوفيون، وأبو حنيفة، وجمهور العلماء، وذكره النووي بشرحه لمسلم (صحيح مسلم ح 1691).

    وقال عبد الرحمن ابن قدامة:

    "ولنا أنه يحتمل من غير واطئ إكراه أو شبهة والحد يسقط بالشبهات وقد قيل أن المرأة تحمل من غير واطئ بأن يدخل ماء الرجل في فرجها إما بفعلها أو فعل غيرها ولهذا تصور حمل البكر وقد وجد ذلك" (الشرح الكبير10/208).

    والسؤال: لماذا لم يأخذ هؤلاء بما جاء في الرواية؟!

    أيُقبل بعض الخبر ويُترك بعضه ويُسمي هذا دين؟!

    وما السبب في ترك هذا البعض....أليس فساده؟!!




    إن لم يكن تشريع الإسلام مصدرا لحد الرجم فإذن من أين جاء؟؟


    هذا السؤال تجيبنا عنه رواية وردت في البخاري رقم (3560)، ولنستعد جميعا

    للقنبلة

    "حدثنا نعيم بن حماد حدثنا هشيم عن حصين عن عمرو بن ميمون قال : رأيت في الجاهلية قردة إجتمع عليها قردة زنت فرجموها فرجمتها معهم"

    ولكن ما معني ذلك الحديث؟

    هذا بالطبع يعني أن مجتمع القردة في الجاهلية قد سبق المسلمين في تطبيق حد الرجم!!!

    أرأيت البلاهة......والذي وضع الحديث نسي أن يخبرنا كيف للقردة أن تزني مع أنها غير مكلفة!! وهل لها أن تعف نفسها وتتزوج بدلا من أن تزني..

    إنني أترك بقية التعليق للقارئ العزيز!!

    اضطراب الرواية التي نسبوها لعمر افتراء

    فقد جاء في الرواية : "ما نجد الرجم في كتاب الله"!!!

    وجاء أيضا : "وإن الرجم في كتاب الله حق"!!!

    فكيف يكون الرجم في كتاب الله بينما هو ليس في كتاب الله.....

    وهل يجوز عاقل أن يصدق علي صحابي مؤمن بالله وبكتابه العزيز أن يقول:

    " إن الرجم في كتاب الله حق"، بينما هو يعلم يقيناً أنه ليس في كتاب الله؟!!

    سلمنا أن الرجم كان في القرآن ثم (جدلاً) تم إلغاؤه وحُذِفَ، فتكون الحوادث المزعومة كرجم ماعز، ورجم الغامدية، ورجم اليهودي، ورجم التي زني بها العسيف قد وقعت بعد نزول آية الرجم، وهي مدة تكفي لحفظ نص الآية حفظاً جيداً، إذ إن الحوادث المذكورة مما تعم به البلوي، ولكن هذا لم يحدث، واضطربت الروايات كما رأينا!

    سلمنا (جدلا) أن الرجم كان في القرآن ثم تم إلغاؤه وحُذِفَ مع بقاء حكمه، فما هي الحكمة في حذف آية مع إبقاء حكمها بالرواية!!!!

    سلمنا (جدلا) أن الرجم كان في القرآن الكريم ثم تم إلغاؤه وحُذِفَ، فسيكون المعاصرون لِعُمَر كلهم علي بينة من هذه الحقيقة، فلِمَ يقول لهم عمر ذلك؟!..هل سيعيشون مئات السنين ليخبروا الناس بالخبر؟!

    و حينئذ فسيخبرونهم بما يحفظونه من الآية، لا بقول عمر.

    سلمنا أن الرجم كان في القرآن ثم (جدلا) تم إلغاؤه وحُذِفَ، أفلا يعرف عمر بالحذف المذكور حتي يقول بعزمه علي كتابة الآية في القرآن لولا خوفه من الناس؟!

    سلمنا أن عمر كان يجهل بحذف الآية المفتراة، ويري أنها من القرآن، أفيقيم وزنا لكلام الناس، في مقابل الحق، وطاعة العلي القوي؟!!

    سلمنا أن عمر قال ما قال، ولنفرض أنه كتب الآية المزعومة، فهل كان في وسع الناس القول بأنه زاد في كتاب الله ما ليس منه وهم يتلون قول الله تعالي:

    (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت 42)
    وغير ذلك من الآيات الدالة علي حفظ القرآن بالله؟!

    تخبط الخلف في تبرير الحديث:ونظرا لغرق القوم في الفوضي التشريعية التي تخولهم توجيه النصوص كيفما شاءوا فقد قالوا هنا: بصحة قول عمر (المفتري عليه)، وإن الرجم حق في كتاب الله، وإلي اليوم:

    فقال إبن حجر في الفتح:

    "وقوله (والرجم في كتاب الله حق) أي في قوله تعالي:

    "أو يجعل الله لهن سبيلاً"، فجعل السبيل هو القتل رجماً!!

    البغوي في شرح السنة إن الرجم ذُكِرَ مجملا في قوله تعالي: (َاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا)، فجعل الإيذاء هنا الرجم!!!

    وهكذا اضطرب علماء القوم، وراحوا في كل وادٍ يهيمون، دون أن يصلوا إلي الحقيقة الصارخة، وهي:

    1- إنتفاء ما نسبوه إلي عمر من قوله: "وإن الرجم في كتاب الله حق"

    2- زيغهم (المتسننة) عن سنة نبيهم الحقيقية، إذ إن سنته صلي الله عليه وسلم لا تخالف الكتاب.

    وكان يصح أن يقال "وإن الرجم في كتاب الله باطل"

    تعليق مؤلف البحث: إن متن الحديث فيه بخلاف ما فندناه:

    "فرجم رسول الله صلي الله عليه وسلم ورجمنا بعده"

    فهل رجم رسول الله حقا؟

    لا والله الذي لا إله إلا هو، منزل القرآن، ومعلم البرهان، ومبين الفرقان....

    ما رجم رسول الله قط، وما ينبغي له......

    سيدي يا رسول الله:لقد جئت بالحق المبين الواضح الذي لا لبس فيه ولا غموض، لقد اتبعته كما اتبعه الأوائل من المسلمين وكنتَ إماما لهم فكانت سنتك الحقيقية هي التي جاءت بالقرآن الكريم، أما السنة المزيفة فهي التي جاءت بها الروايات الظنية (والمفتراة) فأنت برئ منها ومن أصحابها الذين فرقوا دينهم شعياً (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) (الأنعام 159).

    سيدي يا رسول الله: إن الذين اتبعوا النور الذي جئت به قد إتبعه القليل من الناس، ودائما فإن القليل هم علي الخير كما أخبرنا الله تعالي، فندعوا الله أن نكون من هؤلاء القليل الذين ذكرهم الله تعالي في كتابه (وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ) (الواقعة 14).

    وإلي لقاء يرتجي في ظل من وسعت رحمته وعلمه كل شئ... لقاء.....( عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا) (الإسراء 51).






    ملحوظة هامة

    هذا البحث منقول من كتاب (استحالة وجود النسخ بالقرآن الكريم) للكاتب الإسلامي إيهاب حسن عبده وهو قرآني، ومن هنا نختلف معه في الكثير من الأشياء ، ولكن ليس معني ذلك أن نضرب بكلامه عرض الحائط في كل ما يقول....!!... لقد تأكدت من تلك الدراسة بنفسي من خلال زياراتي المتكررة للمكتبات فيما يربو عن شهر كامل وراجعت كل ما يقول فوجدت الرجل قد نقل كل ما كتب بأمانة شديدة.

    وهذا للتنويه...منقول بتصرف

    سامح عسكر

    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    السلام عليكم

    حقيقة البحث طال كثيرا حتى صعب الإحاطة بكل ماورد فيه رغم انه مرت حجج لافتة بحال, لكن حتى نختصر الشبهات نقول:
    هل مر وأثبتت حالات كثيرة وجد فيها 4 شهادات حقيقة بحالة الزنى؟من هنا نبدأ لأن الأمر كما سلف ولنا عودة غن وجدنا الوقت
    ( ربما هو امر هام في زمن اختلطت اوراق الحق بالباطل)

    تحيتي لك
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #5
    Senior Member
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    الدولة
    البصرة-العراق
    المشاركات
    1,840
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    حين نتكلم عن الأحكام ونحاول استنتاجها من القرآن فقط سنجد انفسنا أمام مشاكل صعبة الحل فمثلاً ما هو الحد الشرعي لشارب الخمر ؟ هل ورد نص قرآني حول ذلك ؟ الجواب هو كلا . فما هو قصاصه ؟ وهنا نلجأ لما ورد من السنة وما نقله التابعين والذين اجمعوا على جلده ثمانين جلدة . وهنا فلنتمعن شارب الخمر الذي نال رجزا من عمل الشيطان ولم يجتنبه يجلد ثمانين جلدة والزاني مائة جلدة ؟ والعلة في ذلك جلد جسد الزاني ليحس بألم العذاب بعدما ذاق حلاوة المعصية وزيدت عليه عشرين جلدة لأنه أنزل منيه في غير مورده .
    وما يخص الرجم فهو حد يقام على الزاني المحصن وقد وجدت في بعض المصادر ان الرسول الأكرم محمد صلوات الله وسلامه عليه قد أقام هذا الحد وإن سيدنا عمر بن الخطاب قد أقام هذا الحد وسيدنا علي ابن ابي طالب .
    ويقام حد الرجم على الزاني غير المحصن الذي يقوم بالفعل المشين ثلاث مرات حيث يجلد في الأولى مائة وعند قيامه بالفعل ثانية يجلد مائة جلدة وعند الثالثة يجلد مائة جلدة وفي الرابعة يرجم بحجارة متوسطة وهو موضوع في حفيرة حتى الموت والعلة من ذلك انه حاد الله وتجاوز حدود محرماته وأصر على المحرم فيكون جزاءه القتل فهو جزاء الذين يحادون الله كان ذلك لغير المحصن إما المحصن والمحصنة فهنا تسكب العبرات فالزنا للمحصنين هي طامة كبرى فتتبعها مشاكل خلط الانساب والإرث وهنا جعل الموت حدا شرعيا على من يقوم بهذا الفعل والسبب في ذلك انه خالف حدا من حدود الله وتجاوز عن حلاله الى حرامه وجزاء المحاد ان يقتل . تلك هي الحجج . (( ولاتقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا ))
    كذلك من الاحكام غير المذكورة بنص قرآني هو حد اللواط والعياذ بالله فهل تجدونه في الكتاب ؟ كذلك من يحلم انه يفعل اللواط مع شخص في المنام ماحكمه ؟ نحن بحاجة الى فهم العلة من الحكم قبل ان نجادل بالحكم وبرأيي لو فتحت المذاهب الاسلامية على بعضها لكان اسلم للدين نعم نحن بحاجة لدراسة علمية ثقافية انسانية لديننا وهذا الأمر مطلوب من الجميع فالدين ديننا والله تبارك وتعالى قال في محكم كتابه (اليوم اكملت لكم دينكم ) أكملت لكم وليس لعلماءكم ولا مثقفيكم يجب على كل صغير وكبير الاحاطة بأحكام دينه ولا يأخذ الحكم إلا بعد التفكر فطوبى للذين يتفكرون ربنا ماخلقت هذا باطلا وشكرا لك أ. ريمه موضوع يستحق الكثير مودتي

  6. #6
    هذا الرد منقول عن احد المواقع المتخصصه فى الرد على الشبهات

    دعوى رد أحاديث الرجم والتغريب في حد الزنا(*)
    مضمون الشبهة:

    يدعي بعض منكري السنة النبوية أن الأحاديث الواردة في حد الزنا مضطربة، وأن ذلك يوجب ردها جميعا؛ ولذلك فهم يرون أنها غير صحيحة، وأنها لا يمكن أن تخرج من مشكاة النبوة. مستدلين على زعمهم هذا بأن: حد الرجم للزانية المحصنة يتعارض مع قوله -عز وجل-: )واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا (15)(
    (النساء)؛ إذ أخبر القرآن بأن عقوبتهن هي الحبس في البيوت لا الرجم، و قد قال -سبحانه وتعالى- عن حد الأمة إذا زنت: )فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب( (النساء: 25)، والمعروف أن الرجم لا يقبل التنصيف حتى يقام عليهن نصفه؛ فدل ذلك على أن حد الثيب لا يكون رجما.
    وأما قوله -صلى الله عليه وسلم- للزاني والزانية: «لأقضين بينكما بكتاب الله...»، وذكر فيه أن المحصنة عليها الرجم، فهذا لا يصح أيضا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه لا يكون بذلك قد قضى بكتاب الله كما قال، وإلا فأين الرجم في كتاب الله تعالى؟!
    ثم يقولون بأن آية الرجم: " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة، نكالا من الله والله عليم حكيم"، قد نسخت مطلقا: تلاوة وحكما؛ إذ لا معنى لنسخ التلاوة وبقاء الحكم والألفاظ أوعية المعاني، كما أن آيات سورة النور نزلت لتبين الحكم الناسخ، وهو الجلد لكل الزناة.
    وأما عن رجم النبي -صلى الله عليه وسلم- ماعز والغامدية، فيرون أنه صحيح، لكنه كان في بداية الإسلام عندما كان يسطو المنافقون على زوجات المجاهدين في أثناء خروجهم للجهاد، وأما بعد استقرار الإسلام فلا يجوز الرجم.
    ثم يضيفون زعما آخر، وهو أن هذه الأحاديث يعارض بعضها بعضا؛ إذ إن رواية الإمام مسلم تقول عن حد الثيب: «والثيب بالثيب جلد مائة والرجم»، وقد جلد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة، وهذا يتعارض مع ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- من رجم الثيب فقط دون الجلد.
    ويضيفون إلى ذلك أن أحاديث تغريب الزاني البكر منسوخة، وأن الحد الباقي هو الجلد فقط دون التغريب، وأن الناسخ هو قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها». ويرون أن إقامة مثل حد الرجم جريمة بشعة في حق الإنسانية، لا يمكن أن يقر المولى تبارك وتعالى مثلها. رامين من وراء ذلك كله إلى إسقاط حد الزنا بكل تفاصيله بعد إسقاط الأحاديث المتعددة في إثباته، وصولا إلى إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا.
    وجوه إبطال الشبهة:
    1) إن حد الرجم على الزاني المحصن، والجلد والتغريب لمدة عام على الزاني البكر ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، فإن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- واجبة الاتباع بنصوص القرآن، وقد فعل ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأكده عمل الصحابة من بعده.
    2) إن نص القرآن على أن عقوبة الزانيات هي الحبس في البيوت لا يتعارض مع حد الرجم الذي قرره النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ إن الحبس كان في بداية الإسلام، ثم نسخ بالرجم، وهذا من التدرج في الأحكام، "والمحصنات" في قوله عز وجل: )فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب( (النساء: 25)، هن الحرائر ولسن المتزوجات، وحدهن هو الجلد لا الرجم، والجلد يقبل التنصيف، فلا تعارض بين آيات القرآن وحد الرجم.
    إن المقصود بكتاب الله في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لأقضين بينكما بكتاب الله»، هو فرض الله وحكمه، سواء كان في القرآن أم في غيره من الوحي، ويحتمل أن يكون المراد هو ما تضمنه قوله عز وجل: )أو يجعل الله لهن سبيلا (15)(
    3) ، والسبيل هو قضاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرجم.
    4) إن آية: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة» منسوخة تلاوة، وليست منسوخة حكما؛ إذ ظل حد الرجم قائما، وعمل به النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة من بعده، وأكد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في خطبته الشهيرة على عدم نسخه.
    5) إن الأحاديث التي قالت: «الثيب بالثيب جلد مائة والرجم» كانت مرحلة من مراحل التدرج في تشريع حد الزنا، ثم نسخت بعد ذلك على قول جماهير أهل العلم بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وقوله برجم الزاني المحصن دون جلده، وهو عمل أصحابه من بعده.
    6) إن قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها»، ليس ناسخا لحد التغريب مع الجلد للزاني غير المحصن، وإنما أحال النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الخبر المجمل على غيره من الأحاديث السابقة المفصلة؛ لذلك كان آخر الأمر هو وجوب التغريب على الرجل دون المرأة.
    7) إن حد الزنا الذي أنزله الله تعالى هو الرادع الأقوم لهذه الشهوة العارمة، وقد عدل المجتمع عن القوانين الوضعية لهذه الجريمة إلى تطبيق حد القتل على الزاني، فكان ما يقرب من نصف جرائم القتل بسبب الزنا، وهذا دليل على أن ما شرعه الله تعالى لعباده هو الحل، لا ما وضعوه لأنفسهم من قوانين.
    التفصيل:
    أولا. الرجم والتغريب ثابتان بالكتاب والسنة وإجماع الأمة:
    عرف القرطبي الزنا بأنه: إدخال فرج في فرج مشتهى طبعا محرم شرعا([1])، أو هو وطء الرجل المرأة في القبل، في غير الملك وشبهته بتعمد وتشهي([2]).
    وهو حرام ويعد من أعظم الكبائر؛ لقوله -عز وجل-: )ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا (32)((الإسراء)، وقوله في صفات عباد الرحمن: )والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما (68) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا (69)( (الفرقان).
    ولذلك جعل الإسلام حد الزنا حدا عظيما، ذكره ربنا في القرآن الكريم مجملا وتولى نبينا تفصيله وبيانه؛ فقال -عز وجل-: )الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين (2)((النور).
    ثم جاءت السنة النبوية مبينة ذلك، فجعلت على الزاني المحصن الرجم، وعلى البكر الحر الجلد، والتغريب لمدة عام.
    ومن هذه الأحاديث الصحيحة التي بينت حد الزنا ما رواه البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله الأنصاري: «أن رجلا من أسلم أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحدثه أنه قد زنى، فشهد على نفسه أربع شهادات، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجم، وكان قد أحصن»([3])، وترجم الإمام البخاري للباب بقوله: "رجم المحصن " وهذا فيه دلالة على وجوب الحد.
    وروى الإمام مسلم في صحيحه عدة أحاديث تؤيد ثبوت حكم الرجم أيضا، ومنها قصة ماعز والغامدية اللذين رجمهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه، قال: «جاء ماعز بن مالك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله طهرني، فقال: ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه، قال: فرجع غير بعيد، ثم جاء فقال: يا رسول الله طهرني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه، قال: فرجع غير بعيد، ثم جاء فقال: يا رسول الله طهرني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه، قال: فرجع غير بعيد، ثم جاء فقال: يا رسول الله طهرني، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك، حتى إذا كانت الرابعة، قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فيم أطهرك؟ فقال: من الزنا. فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: أشرب خمرا؟ فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أزنيت؟ فقال: نعم. فأمر به فرجم، فكان الناس فيه فرقتين: قائل يقول: لقد هلك، لقد أحاطت به خطيئته، وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز؛ أنه جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فوضع يده في يده، ثم قال: اقتلني بالحجارة، قال: فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة: ثم جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم جلوس، فسلم ثم جلس فقال: استغفروا لماعز بن مالك، قال: فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم، قال: ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد، فقالت: يا رسول الله طهرني، فقال: ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إلي، فقالت: أراك تريد أن ترددني كما رددت ماعز بن مالك، قال: وما ذاك؟ قالت: إنها حبلى من الزنا، فقال: آنت؟ قالت: نعم. فقال لها: حتى تضعي ما في بطنك، قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت، قال: فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: قد وضعت الغامدية، فقال: إذن لا نرجمها وندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه، فقام رجل من الأنصار فقال: إلي رضاعه يا نبي الله، قال: فرجمها»([4]).
    وروى مسلم أيضا من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: «قال عمر بن الخطاب وهو جالس على منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله قد بعث محمدا -صلى الله عليه وسلم- بالحق، وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم، قرأناها ووعيناها وعقلناها، فرجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف»([5]).
    فدلت هذه الأحاديث التي ذكرنا بعضها على ثبوت حكم الرجم على الزاني المحصن عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ووجوب العمل به كما عمل به النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكما عمل أصحابه الكرام من بعده.
    الجلد والتغريب للزاني البكر:
    أما عن جلد الزاني البكر وتغريبه عاما، فهو ثابت - أيضا - دون شك في ذلك فقد رواه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحهما وأصحاب السنن كذلك.
    فقد روى البخاري من حديث زيد بن خالد الجهني قال: «سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر فيمن زنى ولم يحصن جلد مائة وتغريب عام»([6]).
    وروى أيضا عن ابن شهاب قال: «أخبرني عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب غرب، ثم لم تزل تلك السنة»([7]).
    وأما مسلم فقد روى في صحيحه عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني خذوا عني؛ قد جعل الله لهن سبيلا: البكر بالبكر، جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم»([8]).
    وروى عن عبادة بن الصامت أيضا قال: «كان نبي الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أنزل عليه كرب لذلك، وتربد له وجهه، قال: فأنزل عليه ذات يوم فلقي كذلك، فلما سري عنه قال: خذوا عني؛ فقد جعل الله لهن سبيلا؛ الثيب بالثيب والبكر بالبكر، الثيب جلد مائة ثم رجم بالحجارة، والبكر جلد مائة ثم نفي سنة»([9]).
    ولو أردنا أن نجمع كل الأحاديث الصحيحة التي وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، والتي تبين ثبوت حكمي الرجم والتغريب لطال بنا المقام، لكنا ذكرنا بعضا منها لبيان الحكم واتفاق الأمة خلفا وسلفا على صحة الأحاديث.
    إجماع الأمة على وجوب حد الرجم:
    وكان من نتيجة ذلك أن أجمعت الأمة على وجوب حد الرجم، فقد قال الإمام النووي: "أجمع العلماء على وجوب جلد الزاني البكر مائة، ورجم المحصن وهو الثيب، ولم يخالف في هذا أحد من أهل القبلة، إلا ما حكى القاضي عياض وغيره عن الخوارج"([10]).
    وخطب عمر -رضي الله عنه- بذلك على رؤوس المنابر، وعمل به الخلفاء الراشدون، ولم ينكره أحد فكان إجماعا، وقد حكى القول بذلك صاحب «البحر» عن الخلفاء الراشدين ولم ينكره أحد فكان إجماعا([11]).
    قال الألوسي: وقد أجمع الصحابة -رضي الله عنهم- ومن تقدم من السلف وعلماء الأمة وأئمة المسلمين على أن المحصن يرجم بالحجارة حتى يموت([12]).
    وأما دعوى المشككين برد حد الرجم والتغريب؛ لأنهما لم يردا في القرآن الكريم، فهي دعوى مردودة؛ لأنه لا يمكن للمسلم الاعتماد على القرآن وحده دون السنة، كما لا يمكن الجمع بين دعوى الالتزام بما جاء في القرآن الكريم وإنكار هذه السنة الصحيحة، فقد فرض الله على الناس اتباع وحيه؛ كتابا وسنة، فقال في كتابه العزيز: )هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين (2)( (الجمعة). فقد بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقرآن والحكمة، وهي السنة كما أجمع على ذلك المفسرون.
    وقال تعالى مخاطبا نساء النبي -صلى الله عليه وسلم-: )واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة((الأحزاب: 34)، وقال - أيضا -: )وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة((النساء: 113). أي: أنزل على رسوله شيئين؛ هما: الكتاب، وهو القرآن، والحكمة وهي سنته صلى الله عليه وسلم.
    وبهذا تكون هذه الآيات دليلا على حجية السنة عموما، وحجية الأحاديث التي جاءت بحكم الرجم للثيب الزاني، والجلد والتغريب للبكر، ولهذا وجب العمل بها، وسقطت دعواهم إلى إسقاط حكمي الرجم والتغريب؛ بحجة عدم ذكر القرآن لها.
    ولو أننا تركنا كل ما في السنة بحجة أنه لم يأت في القرآن، فمن أين لنا عدد الصلوات، وعدد الركعات، ومواقيتها، ومقدار الزكاة وغيرها، وهذا ما حاج به عمر بن عبد العزير حين عابوا عليه الرجم، وقالوا: ليس في كتاب الله إلا الجلد، وقالوا: الحائض أوجبتم عليها الصوم دون الصلاة، والصلاة أوكد.
    فقال لهم عمر: وأنتم لا تأخذون إلا بما في كتاب الله؟ قالوا: نعم. قال: أخبروني عن عدد الصلوات المفروضات، وعدد أركانها، وركعاتها، ومواقيتها، أين تجدونه في كتاب الله تعالى؟ وأخبروني عما تجب الزكاة فيه، ومقاديرها ونصبها؟ فقالوا: أنظرنا، فرجعوا يومهم ذلك، فلم يجدوا شيئا مما سألهم عنه في القرآن، فقالوا: لم نجده في القرآن، قال: فكيف ذهبتم إليه؟ قالوا: لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعله، وفعله المسلمون بعده، فقال: فكذلك الرجم، وقضاء الصوم، فإنه رجم، ورجم خلفاؤه بعده، والمسلمون، وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقضاء الصوم دون الصلاة، وفعل ذلك نساؤه ونساء أصحابه([13]).
    وهذا إفحام بالأدلة النقلية والعقلية لكل من حاول أن يترك حكما في السنة النبوية بحجة أنه لم يأت في القرآن، وعلى رأسها حكم الرجم للزاني المحصن، والنفي مع الجلد للزاني البكر.
    ثانيا. عقوبة حبس المحصنات في البيوت منسوخة بحد الرجم، "والمحصنات" في قوله عز وجل: )فعليهن نصف ما على المحصنات( (النساء: 25) هن الحرائر، ولسن المتزوجات:
    إن دعوى إبطال حد الرجم بحجة أن عقوبة الزنا الثابتة في القرآن الكريم تقضي بحبس النساء وإيذاء الرجال والنساء؛ وذلك في قوله -عز وجل-: )واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا (15) واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما (16)( (النساء)، لهي دعوى مردودة؛ لأن هذه العقوبة هي أولى عقوبات الزناة، وكانت في بداية الإسلام، ثم نسخت بحد الرجم والجلد كما بينا، وهذا من باب التدرج في الحكم.
    ومما يؤكد ذلك ما قاله القرطبي في تفسير قوله عز وجل: )فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت((النساء: 15)، هذه أولى عقوبات الزناة، وكان هذا في ابتداء الإسلام، قاله عبادة بن الصامت، والحسن، ومجاهد حتى نسخ بالأذى الذي بعده، ثم نسخ ذلك بآية "النور" وبالرجم في الثيب...، وهذا الإمساك والحبس في البيوت كان في صدر الإسلام قبل أن يكثر الجناة، فلما كثروا وخشي قوتهم اتخذ لهن سجن. قاله ابن العربي.
    واختلف العلماء: هل كان هذا السجن حدا، أو توعدا بالحد على قولين:
    أحدهما:أنه توعد بالحد.
    الثاني:أنه حد؛ قاله ابن عباس والحسن، زاد ابن زيد: وأنهم منعوا من النكاح حتى يموتوا عقوبة لهم حين طلبوا النكاح من غير وجهه، وهذا يدل على أنه كان حدا بل أشد، غير أن ذلك الحكم كان ممدودا إلى غاية، وهو الغاية في الآية الأخرى، على اختلاف التأويلين في أيهما قبل، وكلاهما ممدود إلى غاية، وهي قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث عبادة بن الصامت: «خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم»([14])، وهذا نحو قوله -عز وجل-: )ثم أتموا الصيام إلى الليل((البقرة: 187)، فإذا جاء الليل ارتفع حكم الصيام لانتهاء غايته لا لنسخه.
    هذا قول المحققين المتأخرين من الأصوليين، فإن النسخ إنما يكون في القولين المتعارضين من كل وجه ولا يمكن الجمع بينهما، والجمع ممكن بين الحبس والتعزير، والجلد والرجم، وقد قال بعض العلماء: إن الأذى والتعزير باق مع الجلد؛ لأنهما لا يتعارضان، بل يحملان على شخص واحد، وأما الحبس فمنسوخ بالإجماع([15]).
    فالذي ذهب إليه القرطبي هو أن الحبس كان في بداية الإسلام، ثم نسخ؛ إذ لا يجتمع الرجم مع الحبس، أما الإيذاء؛ وهو التأديب بالتوبيخ فهو غير منسوخ، بل هو باق مع الجلد؛ لأنهما لا يتعارضان بل يحملان على شخص واحد.
    وقال الطيبي: تكرير: «خذوا عني، خذوا عني...»يدل على ظهور أمر قد خفي شأنه واهتم به، وذلك السبيل المذكور في الآية، فإنه مبهم حتى فسر بالحد([16]).
    وقال الشيخ محمد رشيد رضا: فسر الجمهور السبيل في قوله: )أو يجعل الله لهن سبيلا (15)((النساء)، بما يشرعه الله تعالى بعد نزول هذه الآية من حد الزنا؛ لأنه هو المراد بالفاحشة هنا عندهم، فجعلوا الإمساك في البيوت عقابا مؤقتا مقرونا بما يدل على التوقيت، ورووا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال بعد ذلك: «قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم»([17])([18]).
    يقول الطاهر ابن عاشور: ثم فرض حد الزنا بما في هذه السورة، ففرض حد الزنا جلد مائة فعم المحصن وغيره، وخصصته السنة بغير المحصن من الرجال والنساء. فأما من أحصن منهما؛ أي: تزوج بعقد صحيح ووقع الدخول - فإن الزاني المحصن حده الرجم بالحجارة حتى يموت. وكان ذلك سنة متواترة في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- ورجم ماعز بن مالك. وأجمع على ذلك العلماء، وكان ذلك الإجماع أثرا من آثار تواترها.
    وقد روي عن عمر أن الرجم كان في القرآن: " الثيب والثيبة إذا زنيا فارجموهما ألبتة"، وفي رواية: "الشيخ والشيخة"، وأنه كان يقرأ ونسخت تلاوته، وفي أحكام ابن الفرس في سورة النساء: "وقد أنكر هذا قوم. ولم أر من عين الذي أنكروا. وذكر في سورة النور أن الخوارج بأجمعهم يرون هذه الآية على عمومها في المحصن وغيره، ولا يرون الرجم، ويقولون: ليس في كتاب الله الرجم، فلا رجم.
    ولا شك في أن القضاء بالرجم وقع بعد نزول سورة النور. وقد سئل عبد الله بن أبي أوفى عن الرجم: "أكان قبل سورة النور أو بعدها؟" يريد السائل بذلك أن تكون آية سورة النور منسوخة بحديث الرجم أو العكس، أي أن الرجم منسوخ بالجلد "فقال ابن أبي أوفى: لا أدري، وفي رواية أبي هريرة أنه شهد الرجم، وهذا يقتضي أنه كان معمولا به بعد سورة النور؛ لأن أبا هريرة أسلم سنة سبع، وسورة النور نزلت سنة أربع أو خمس - كما علمت - وأجمع العلماء على أن حد الزاني المحصن الرجم.
    وقد ثبت بالسنة أيضا تغريب الزاني بعد جلده تغريب سنة كاملة، ولا تغريب على المرأة([19]).
    قضية تنصيف الحد على الأمة:
    أما الآية الثانية التي يدعى أنها تتعارض مع حالهم مع حد الرجم، وتثبت عدم صحته، فهي قوله تعالى عن حد الأمة إذا زنت: )فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب(؛ إذ قالوا بأن حد الرجم لا يقبل التنصيف؛ حتى يقام على الإماء نصفه، وهذا لا يتعارض مع الآية؛ إذ إن معنى الإحصان هنا ليس الزواج، وإنما معناه الحرية، فالمراد بهن في الآية الحرائر، بدليل قوله -عز وجل-: )ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات( (النساء: 25)، وليس المراد هنا إلا الحرائر؛ لأن ذوات الأزواج لا تنكح([20]).
    فالمقصود من الآية أن حد الأمة إذا زنت نصف حد المحصنات - وهن الحرائر غير المتزوجات - بالجلد دون الرجم، حتى ولو كانت محصنة بالتزويج.
    وقد أجمع العلماء على أنها - أي: الأمة - لا ترجم، وهذا الإجماع قائم على الآية السابقة، وما ورد في صحيح السنة النبوية الشريفة في تأكيدها وبيانها من أحاديث مطلقة في حكم الأمة إذا زنت بالجلد([21]).
    ويؤكد الشيخ الشعراوي في تفسيره أن المقصود بالمحصنات هنا هن الحرائر لا المتزوجات، فيقول: قال الحق: )فعليهن نصف ما على المحصنات(، لو أن الحكم على إطلاقه لما قال الله تعالى: )من العذاب(؛ فكأن الذي عليها فيه النصف هو العذاب، وما هو العذاب؟ العذاب هو إيلام من يتألم، والرجم ليس فيه عذاب؛ لأنه عملية إنهاء حياة، والآية تبين المناصفة فيما يكون عذابا، أما ما لا يكون عذابا فهو لا ينصف، والحكم غير متعلق به، فالعذاب إنما يأتي لمن يتألم، والألم فرع الحياة، والرجم مزيل للحياة، إذن فالرجم لا يعتبر من العذاب، والدليل على أن العذاب مقابل للموت أن الحق سبحانه وتعالى حينما حكى عن سيدنا سليمان وتفقده الطير قال: )ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين (20) لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه((النمل)، فالذبح وإزهاق الحياة مقابل للعذاب، فقوله: )نصف ما على المحصنات(، فالمتكلم فيه الآن العذاب وليس الرجم، وليس إزهاق الحياة، وبهذا يسقط الاستدلال([22]).
    فكأن الله عزوجل أراد أن يفرق بين الجلد والرجم بأن الجلد هو عذاب، أما الرجم فلا يعد عذابا، فكان نصه: "من العذاب" دليل على وجود الجلد الذي هو عذاب.
    وقال القرطبي: ويعني بالمحصنات ها هنا الأبكار الحرائر؛ لأن الثيب عليها الرجم، والرجم لا يتبعض، وإنما قيل للبكر: محصنة، وإن لم تكن متزوجة؛ لأن الإحصان يكون بها، كما يقال: أضحية قبل أن يضحى بها، وكما يقال للبقرة: مثيرة قبل أن تثير([23]).
    وقال ابن منظور: "والمرأة تكون محصنة بالإسلام والعفاف والحرية والتزويج"([24]).
    فدل ذلك على أن المفسرين وعلماء اللغة أجمعوا على أن المحصنات هنا هن الحرائر على عكس الإماء، ولهذا فلا تعارض بين حد الرجم وبين هذه الآية؛ لأن المقصود بنصف العذاب: هو نصف الجلد كما بينا، وليس نصف الرجم كما يدعون.
    ثالثا. المراد بكتاب الله في قوله صلى الله عليه وسلم: «لأقضين بينكما بكتاب الله»، هو فرض الله وحكمه سواء في القرآن أو غيره من الوحي:
    يطعن هؤلاء المغرضون في حدي الرجم والتغريب بطريق أخرى، وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال عندما جاءه زان بكر وزانية محصنة: «لأقضين بينكما بكتاب الله»، ثم قضى على المحصنة بالرجم، والرجم ليس موجودا في كتاب الله، وقضى على البكر بالتغريب مع الجلد، والتغريب ليس موجودا في كتاب الله.
    وهذا بفضل الله مردود عليه بأن معنى "كتاب الله" ليس القرآن وحده، وإنما معناه: حكم الله([25])؛ أي: ما حكم الله به وكتب على عباده([26])، وحكم الله يشمل ما هو موجود في القرآن أو في غيره مما أوحاه إلى نبيه.
    قال الإمام الشاطبي - رحمه الله - رادا هذا الإشكال: "إن الذي أوجب الإشكال في المسألة اللفظ المشترك (في كتاب الله)، فكما يطلق على القرآن يطلق على ما كتب الله تعالى عنده مما هو حكمه، وفرضه على العباد، كان مسطورا في القرآن أولا، كما قال -عز وجل-: )كتاب الله عليكم((النساء: 24). أي: حكم الله وفرضه، وكل ما جاء في القرآن من قوله: )كتاب الله عليكم( فمعناه فرضه وحكم به، ولا يلزم أن يوجد هذا الحكم في القرآن([27])، وبذلك فالرجم من حكم الله الذي ليس في القرآن، وكذلك التغريب.
    وقال الإمام النووي - رحمه الله -: "وقيل: هو إشارة إلى قوله -عز وجل-: )أو يجعل الله لهن سبيلا(،وقد فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- السبيل بالرجم في حق المحصن، كما سبق في حديث عبادة بن الصامت، وقيل: هو إشارة إلى آية: " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما"، وقد سبق أنه مما نسخت تلاوته وبقي حكمه، فعلى هذا يكون الجلد قد أخذه من قوله عز وجل: )الزانية والزاني( (النور: 2)([28]).
    وقد نقل ابن حجر عن ابن دقيق العيد أنه قال: "يحتمل أن يكون المراد - أي من قول النبي -صلى الله عليه وسلم«لأقضين بينكما بكتاب الله» ما تضمنه قوله عز وجل: )أو يجعل الله لهن سبيلا( فبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن السبيل جلد البكر ونفيه ورجم الثيب"، ويعلق ابن حجر على ذلك فيقول: "وهذا أيضا بواسطة التبيين يحتمل أن يراد بكتاب الله الآية التي نسخت تلاوتها، وهي(الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة)، وبهذا أجاب البيضاوي، ويبقى عليه التغريب"([29]).
    ومن هذه الآراء يتبين أن الرجم هو حكم الله في كتابه الذي عبر عنه بالسبيل في قوله: )أو يجعل الله لهن سبيلا( أو آية الرجم المنسوخة تلاوة الباقية حكما.
    ثم ينقل ابن حجر احتمالا آخر للمقصود من كتاب الله في الحديث الشريف فيقول: "وقيل: المراد بكتاب الله ما فيه من النهي عن أكل المال بالباطل؛ لأن خصمه كان أخذ منه الغنم والوليدة بغير حق، فلذلك قال: «أما الغنيمة والوليدة فرد عليك»([30])، والذي يترجح أن المراد بكتاب الله ما يتعلق بجميع أفراد القصة([31]).
    ونخلص من هذا كله إلى أن حدي الرجم والتغريب موجود


المواضيع المتشابهه

  1. "فرنسا 24" و"الحرة" … أو حين تتنكر "الدبابة" في ثوب "الميديا" كتبه شامة درشول‎
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-18-2015, 09:36 AM
  2. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-13-2012, 07:03 AM
  3. دراسة نقدية " بلا غة الجسد وإ بدالات الخطاب في ديوان" حياة صغيرة"
    بواسطة خالد عبد اللطيف في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-29-2008, 04:04 PM
  4. دراسة نقدية " دلا لة الحريم في رواية" نساء علىأجنحة الحلم" لفاطمة المرنيسي
    بواسطة خالد عبد اللطيف في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-27-2007, 10:02 AM
  5. دراسة نقدية " دلا لة "السفر" في ديوان" رأس المسا فـر" للشاعرسيف الرحبي"
    بواسطة خالد عبد اللطيف في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 05-20-2007, 07:27 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •