الكمبيوتر يعالج القلق والاضراب الزهني
أعلن «معهد العلوم النفسية الملكي» في لندن أخيراً عن انشاء عيادات نفسية الكترونية منزلية، بالاستناد إلى ما توفره التكنولوجيا الرقمية الحديثة للمرضى المصابين باضطرابات وتوترات عصبية واجتماعية ومهنية. وبيّن أن هذه العيادات لا تتطلب سوى جهاز كومبيوتر مجهز ببرنامج «فير فايتر» Fearfighter، يمكن الحصول عليه
على نفقة الحكومة البريطانية. واعترفت وزارة الصحة بهذا البرنامج وفوائده في العلاج النفسي بصورة رسمية. وأوضحت أن في المستطاع استخدام «فير فايتر» في مساعدة الاشخاص الذين يشكون من أزمات نفسية غير حادة كتلك التي تنجم غالباً عن أشياء مثل الخوف والقلق والخجل والرُهاب الاجتماعي والشك والوسواس والاكتئاب واليأس والاخفاق والتشاؤم وغيرها من التوترات النفسية. وبفضل هذا الانجاز الالكتروني الجديد اصبح في إمكان المريض ان يختار أحد سبيلين: إما الاستعانة بالطبيب النفسي أو اللجوء إلى الكومبيوتر للمعالجة عن بعد. وقد يحصل على نتائج متقاربة في الحالتين كليهما.
اما آلية العبور الى الكومبيوتر المذكور فهي بسيطة للغاية ولا تحتاج من المريض سوى ادخال كلمة المرور، ثم الجلوس أمام واجهة البرنامج والتحدث اليه وجهاً لوجه بغرض شرح مشكلته بكل تفاصيلها وبوضوح تام. ويعمل البرنامج على تحليل المعلومات تحليلاً علمياً دقيقاً، ويعطي ما يتوصل إليه من نتائج وحلول، قد تظهر على شكل ارشادات أو معلومات وقاية أو علاجات طبية. واذا لم يطرأ تحسن ملموس على حال المريض يمكنه معاودة الكرّة ليعطى علاجاً آخر. وهكذا كلما كانت المعلومات التي يعطيها المريض دقيقة وصادقة، كان العلاج أسرع وأنفع. أما في حال توقف البرنامج عن الاجابة عن اسئلة المريض، فهذا يعني «أن مرضه ليس مُدرجاً في خانة العلاجات النفسية البسيطة. وفي هذه الحال يوجه برنامج «فير فايتر» إليه انذاراً بوجوب استشارة أحد الاطباء الاختصاصيين»، كما يوضح جيمي راين الطبيب النفسي في جامعة «لويزفيل» الأميركية.
وعن التجارب في «عيادة الكومبيوتر»، يوضح الدكتور اسحاق ماركس (استاذ في معهد العلوم النفسية في لندن وأحد المساهمين بوضع برنامج «فير فايتر» أنه «بعد سلسلة من الاختبارات على هذا الاخير شملت آلاف المصابين بتوترات نفسية مختلفة، حققنا نتائج مذهلة لدرجة أن كثراً منهم وصلوا الى قناعة مفادها أن الكومبيوتر سيسحب البساط، إن عاجلا أم آجلاً، من تحت أقدام الأطباء النفسانيين... وبدل أن يذهب المرضى الى العيادات النفسية، اصبحت هذه الاخيرة تأتي الى منازلهم». وأشار ماركس الى ان المعالجة على الطريقة الالكترونية المبتكرة باتت شائعة الى حد بعيد في الولايات المتحدة الاميركية وكندا. وقد استُخدمت على نحو لافت بخاصة في معالجة الجنود العائدين من جبهتي العراق وأفغانستان الذين يشكون من اضطرابات نفسية متعددة. وفي المقابل، يتحفظ عن تعميم العلاج بواسطة الكومبيوتر، كما يستثني منه الحالات الصعبة والمعقدة والمزمنة، مثل الميل الى الانتحار الذي يتطلب معالجات مكثفة وطويلة في عيادات نفسية متخصصة.
ويعطي ماركس مثلاً عن إحدى النساء التي استشارت عبثاً أكثر من طبيب نفسي لمعالجة عقدة الخوف من ركوب الطائرة والسيارة والمترو، ولم تتحسن حالتها المرضية إلا بعدما عالجت نفسها بطريقة الكومبيوتر.
مزايا العلاج الالكتروني
يرى بعض الاختصاصيين في الطب النفسي أن العلاج بالكومبيوتر يتمتع بكثير من المزايا وأهمها:
> سهولة الاتصال بين المريض و «المعالج» الالكتروني، ما يغنيه عن تحديد موعد مع الطبيب النفسي الأمر الذي قد يستغرق شهوراً ويضاعف من توتر المريض ومعاناته.
> يوفر على المريض إضاعة الوقت، كما يحرره من التقيد بموعد محدد للعلاج، وكذلك يجنبه تحمل مشقات التنقل مرات عدة من وإلى العيادة النفسية ومنها.
> يتيح للمريض ان يعالج نفسه بنفسه مباشرة وهو في المنزل من دون عناء ولا مشقة. ويسمح للمريض بأن يفصح عما يدور في خلده بحرية مطلقة من دون أن يكون إلى جانبه شخص آخر قد يخشى البوح أمامه بتلك المكنونات، وكذلك من دون الخشية من كشف بعض أسراره الخاصة المتصلة بحالته المرضية.
* يغنيه عن ملء الملف الشخصي لدى الطبيب المعالج. والمعلوم أن ذلك الملف يشتمل على معلومات كاملة عن اسمه وعائلته وعمله وعنوانه وهاتفه، ما يعطيه مزيداً من الثقة والاطمئنان.
* يوفر المال الذي تتطلبه المعاينات المتكررة والذي قد يشكل عبئاً على بعض المرضى العاطلين من العمل، وكذلك ذوي الدخل المحدود وغير المنتسبين الى الضمان الصحي.
* يعتبر الكومبيوتر الخزانة الحافظة لأسرار المريض الذي يمكنه متابعة حالته المرضية وتطوراتها الايجابية والسلبية ومراجعة ملفه الطبي والاحتفاظ به واستنساخ المعلومات التي قد يعرضها على طبيب آخر.
* يمنح المريض ثقافة نفسية تمكنه من فك رموز الحال التي يعانيها، والإحاطة بأسرارها واشاراتها بطريقة علمية.
* أخيراً، يقدم العلاج النفسي بالكومبيوتر خدمات جلّى للانظمة الصحية الحكومية اذ يوفر عليها مبالغ كبيرة يمكن استخدامها لبناء عيادات نفسية وتجهيزها بالمعدّات والموظفين، كما يخفّف الضغط عن العيادات القائمة التي ستتمكن من تقديم خدمات افضل وأسرع للمرضى الذين يمكثون طويلاً على لوائح الانتظار.
يتبع